مراحل تکامل الجنین فی الرحم:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 12 ـ 16 1ـ إثبات المبدأ والمعاد بدلیل واحد

إنّ ذکر الآیات السابقة أوصاف المؤمنین الحقیقیین، وما یمنحهم الله من جزاء عظیم یبعث فی القلوب الشوق للإلتحاق بصفوفهم، لکن بأىّ طریق؟

تبیّن الآیات موضع البحث ـ وقسم من الآیات التالیة لها ـ السبیل لکسب الإیمان والمعرفة، حیث یمسک القرآن بید الإنسان لیأخذه إلى «عالم النفس» ولیکشف له أسرار باطنه وهو «السیر الأنفسی»، وتثیر الآیات التالیة لها إنتباه الإنسان إلى عالم الظاهر والمخلوقات المدهشة فی عالم الوجود وسبر عالم الآفاق، وهو «السیر الآفاقی».

تقول الآیات أوّلا: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طین)(1).

أجل، إنّ هذه الخطوة الاُولى التی خلق الله فیها الإنسان بکلّ عظمته واستعداده وجدارته والذی یعتبر أفضل مخلوقاته من تراب مهین لا قدر ولا قیمة له، وهکذا تجلّت قدرته سبحانه وتعالى فی هذا الخلق البدیع.

وتضیف الآیة التالیة (ثمّ جعلناه نطفة فی قرار مکین).

وفی الواقع فانّ الآیة الاُولى تشیر إلى بدایة وجود جمع البشر من آدم وأبنائه وأنّهم خلقوا جمیعاً من التراب، إلاّ أنّ الآیة التالیة تشیر إلى تداوم واستمراریة نسل الإنسان بواسطة ترکیب نطفة الذکر ببویضة الاُنثى فی الرحم، وهذا البحث یشبه ما جاء فی الآیتین 7 و8 من سورة السجدة (وبدأ خلق الإنسان من طین * ثمّ جعل نسله من سلالة من ماء مهین).

والتعبیر عن الرحم بـ«قرار مکین»، أی القرار الآمن، إشارة إلى أهمیّة الرحم فی الجسم، حیث یقع فی مکان أمین محفوظ من جمیع الجهات، یحفظه العمود الفقری من جهة، وعظم الحوض القوی من جهة اُخرى، وأغشیة البطن العدیدة من جهة ثالثة، ودفاع الیدین یشکّل حرزاً رابعاً له، وکلّ ذلک شواهد على موضع الرحم الآمن.

ثمّ تشیر الآیة الثّالثة إلى المراحل المدهشة والمثیرة لتدرّج النطفة فی مراحلها المختلفة، واتّخاذها شکلا معیّناً فی کلّ منها فی ذلک القرار المکین، حیث تقول: إنّنا جعلنا من تلک النطفة على شکل قطعة دم متخثّر (علقة) ثمّ بدّلناها على شکل قطعة لحم ممضوغ (مضغة)، ثمّ جعلنا من هذه المضغة عظاماً، وأخیراً ألبسنا هذه العظام لحماً: (ثمّ خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فکسونا العظام لحم).

هذه المراحل الأربعة المختلفة مضافاً إلى مرحلة النطفة تشکّل خمس مراحل، کلّ منها عالم عجیب بذاته ملیء بالعجائب بحثت بدقّة فی علم الجنین، واُلّفت بصددها کتب وبحوث عمیقة فی عصرنا، إلاّ أنّ القرآن تکلّم عن هذه المراحل المختلفة لجنین الإنسان، وبیّن عجائبه یوم لم یولد هذا العلم ولم یکن له أثر.

وفی الختام أشارت الآیة إلى آخر مرحلة والتی تعتبر ـ فی الحقیقة ـ أهمّ مرحلة فی خلق البشر، بعبارة عمیقة وذات معنى کبیر (ثمّ أنشأناه خلقاً آخر فتبارک الله أحسن الخالقین).

مرحباً بهذه القدرة الفریدة، التی خلقت فی ظلمات الرحم هذه الصورة البدیعة، وصاغت من قطرة ماء کلّ هذه الاُمور المدهشة.

طوبى لهذا العلم والحکمة والتدبیر، الذی خلق فی هذا الموجود البسیط کلّ هذه القابلیات والجدارة، تعالى الله فقد تجلّت قدرته فیما خلق.

وجدیر بالذکر أنّ کلمة «الخالق» مشتقّة من «الخلق» وتعنی بالأصل التقدیر(2)، حیث تطلق هذه الکلمة عندما یراد تقطیع قطعة من الجلد فینبغی على الشخص أن یقیس أبعاد القطعة المطلوبة ثمّ یقطعها، فیستخدم لفظ «الخلق» بمعنى التقدیر، لأهمیّة تقدیر أبعاد الشیء، قبل قطعه.

أمّا عبارة (أحسن الخالقین) فتثیر هذا التساؤل: هل یوجد خالق غیر الله؟!

وضع بعض المفسّرین تبریرات لهذه الآیة فی وقت لا حاجة فیه لهذه التبریرات، لأنّ کلمة «الخلق» بمعنى التقدیر والصنع، ویصحّ ذلک بالنسبة لغیر الله، إلاّ أنّ هناک اختلافاً جوهریاً بین الخلقین...

یخلق الله المواد وصورها، بینما یصنع الإنسان أشیاءه ممّا خلق الله، فهو یغیّر صورها،کمن یبنی داراً حیث یستخدم مواداً أوّلیة کالجصّ والآجر، أو یصنع من الحدید سیارة أو ماکنة.

ومن جهة اُخرى لا حدود لخلق الله (الله خالق کلّ شیء) ـ سورة الرعد الآیة 16 ـ فی وقت نجد ما صنعه الإنسان محدوداً جدّاً، وفی کثیر من الأحیان یجد الإنسان فیما خلقه هو نقصاً یجب سدّه فیما بعد، إلاّ أنّ الله یبدع الخلق دون أىّ نقص أو عیب.

ثمّ إنّ قدرة الإنسان على صنع الأشیاء جاءت بإذن من الله، حیث کلّ شیء فی العالم یتحرّک بإذن الله، حتى الورق على الشجر، کما نقرأ فی سورة المائدة الآیة 110 عن المسیح(علیه السلام) (وإذ تخلق من الطین کهیئة الطیر بإذنی).

وتنتقل الآیة التالیة من تناول مسألة التوحید ومعرفة المبدأ ـ بشکل دقیق وجمیل ـ إلى مسألة المعاد حیث تقول: (ثمّ إنّکم بعد ذلک لمیّتون).

ومن أجل أن لا یعتقد المرء بأنّ الموت نهایة کلّ شیء، تقول الآیة: (ثمّ إنّکم یوم القیامة تبعثون) أی إنّ خلقکم بهذه الصورة المدهشة لم یکن عبثاً أو لتعیشوا أیّاماً معدودات، فتضیف الآیة أنّکم ستبعثون یوم القیامة فی مستوى أعلى وفی عالم أوسع.


1.«السلالة» على وزن «عصارة» تعنی الشیء الذی یستخلص من شیء آخر، وهی فی الحقیقة خلاصة ونتیجة منه (تفسیر مجمع البیان ذیل الآیة مورد البحث).
2. مختار الصحاح.
سورة المؤمنون / الآیة 12 ـ 16 1ـ إثبات المبدأ والمعاد بدلیل واحد
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma