نجاة بنی إسرائیل وغرق الفراعنة:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة طه / الآیة 77 ـ 79 سورة طه / الآیة 80 ـ 82

بعد حادثة المجابهة بین موسى والسّحرة، وإنتصاره الباهر علیهم، وإیمان جمع عظیم منهم، فقد غزا موسى (علیه السلام) ودینه أفکار الناس فی مصر، بالرغم من أنّ أکثر الأقباط لم یؤمنوا به، إلاّ أنّ هذا کان دیدنهم دائماً، وکان بنو إسرائیل تحت قیادة موسى مع قلّة من المصریین فی حالة صراع دائم مع الفراعنة، ومرّت أعوام على هذا المنوال، وحدثت حوادث مرّة موحشة وحوادث جمیلة مؤنسة، أورد بعضها القرآن الکریم فی الآیة 127 وما بعدها من سورة الأعراف.

وتشیر الآیات التی نبحثها إلى آخر فصل من هذه القصّة، أی خروج بنی إسرائیل من مصر، فتقول: (ولقد أوحینا إلى موسى أن أسر بعبادی) فتهیّأ بنو إسرائیل للتوجّه إلى الوطن الموعود (فلسطین)، إلاّ أنّهم لمّا وصلوا إلى سواحل النیل علم الفراعنة بهم، فتعقّبهم فرعون فی جیش عظیم، فرأى بنو إسرائیل أنفسهم محاصرین بین البحر والعدو، فمن جهة نهر النیل العظیم، ومن جهة اُخرى العدوّ القوی والسفّاک الغاضب.

إلاّ أنّ الله الذی کان یرید إنقاذ هذه الاُمّة المظلومة المحرومة المؤمنة من قبضة الظالمین، وأن یهلک الظالمین فی البحر، أمر موسى أن امض بقومک (فاضرب لهم طریقاً فی البحر یبساً)طریقاً متى ما مضیت فیه فـ:(لا تخاف درکاً ولا تخشى).

الطریف هنا أنّ الطریق لم یُفتح وحسب، بل کان طریقاً یابساً صلباً بأمر الله، مع أنّ میاه

النهر أو البحر إذا ما إنحسرت جانباً فإنّ قیعانها تبقى عادةً غیر قابلة للعبور علیها.

یقول الراغب فی مفرداته: «الدَّرک» أقصى عمق البحر، ویقال للحبل الذی یوصل به حبل آخر لیدرک به الماء «درک»، وکذلک یقال للخسارة التی تصیب الإنسان «درک» ویقال «درکات النّار» ـ فی مقابل درجات الجنّة ـ أی حدودها وطبقاتها السفلى.

ولکن مع ملاحظة أنّ بنی إسرائیل ـ وطبقاً للآیة 61 من سورة الشعراء ـ لمّا علموا بخبر مجیء جیش فرعون، قالوا لموسى: (إنّا لمدرکون)، وهذا یعنی أنّ المراد من الدرک فی الآیة هنا، أنّ جیش فرعون سوف لن یصل إلیکم، والمراد من (لا تخشى) أنّ أی خطر لا یهدّدکم من ناحیة البحر.

وبذلک فإنّ موسى وبنی إسرائیل قد ساروا فی تلک الطرق التی فتحت فی أعماق البحر بعد إنحسار المیاه عنها، فی هذه الأثناء وصل فرعون وجنوده إلى ساحل البحر فدُهشوا لهذا المشهد المذهل المثیر غیر المتوقّع، ولذلک أعطى فرعون أمراً لجنوده باتّباعهم، وسار هو أیضاً فی نفس الطریق: (فاتبعهم فرعون بجنوده)(1).

ممّا لا ریب أنّ جیش فرعون کان مکرهاً فی البدایة على أن یسیر فی هذا المکان الخطیر المجهول، ویتعقّب بنی إسرائیل، وکانت مشاهدة مثل هذه المعجزة العجیبة کافیة على الأقل أن یمتنعوا عن الاستمرار فی السیر فی هذا الطریق، إلاّ أنّ فرعون الذی رکب الغرور والعصبیة رأسه، وغرق فی بحر العناد والحماقة، لم یهتمّ لهذه المعجزة الکبیرة، وأمر جیشه فی المسیر فی هذه الطرق البحریة المریبة حتى دخل من هذه الجهة آخر جندی فرعونی، فی وقت خرج من الجانب الآخر آخر فرد من بنی إسرائیل.

فی هذه الأثناء صدر الأمر لأمواج المیاه أن ترجع إلى حالتها الاُولى، فوقعت علیهم الأمواج کما تسقط البنایة الشامخة إذا هدّمت قواعدها (فغشیهم من الیمّ ما غشیهم)(2). وبذلک فقد غاص ملک جبّار ظالم مع جنوده وجیشه القهّار فی وسط أمواج الماء، وأصبحوا طعمة جاهزة لسمک البحر!

أجل، (وأضلّ فرعون قومه وما هدى).

صحیح أنّ جملة (أضلّ) وجملة (ما هدى) تعطی معنى واحداً تقریباً، وربّما کان هذا هو السبب فی أن یعتبرها بعض المفسّرین تأکیداً، إلاّ أنّ الظاهر أنّ هناک تفاوتاً فیما بینهما، وهو أنّ (أضلّ) إشارة إلى الإضلال، و(ما هدى) إشارة إلى عدم الهدایة بعد وضوح الضلالة.

وتوضیح ذلک: إنّ القائد قد یخطیء أحیاناً، ویجرّ أتباعه إلى طریق منحرف، إلاّ أنّه بمجرّد أن ینتبه إلى خطئه یعیدهم إلى طریق الصواب. إلاّ أنّ فرعون کان عنیداً إلى الحدّ الذی لم یبیّن لقومه الحقیقة حتى بعد وضوح الضلال ومشاهدته، واستمرّ فی توجیه هؤلاء إلى المتاهات حتى هلک وإیّاهم.

وعلى کلّ حال، فإنّ هذه الجملة تنفی کلام فرعون الوارد فی الآیة 29 من سورة غافر حیث یقول: (وما أهدیکم إلاّ سبیل الرشاد)، فإنّ هذه الحوادث بیّنت أنّ هذه الجملة کذبة کبیرة کأکاذبیه الاُخرى.


1. وهناک احتمال آخر فی تفسیر الجملة آنفة الذکر، وهو أنّ «الباء» فی «بجنوده» قد تکون بمعنى (مع)، ویصبح مجموع الجملة بهذا المعنى: إنّ فرعون قد عقّب بنی إسرائیل مع جنوده، مع أنّه لا یوجد إختلاف بین هذین التّفسیرین.
2. «الیمّ» یعنی البحر والنهر العظیم. ویعتقد بعض المحقّقین أنّ هذه لغة مصریة قدیمة ولیست عربیة. ولمزید الإیضاح راجع هامش ذیل الآیة 136 من سورة الأعراف.
سورة طه / الآیة 77 ـ 79 سورة طه / الآیة 80 ـ 82
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma