لا شکّ أنّ هارون(علیه السلام) لم یأل جهداً فی أداء رسالته عند غیاب موسى(علیه السلام)، إلاّ أنّ جهل الناس من جهة، وترسّبات مرحلة العبودیة والرقّ وعبادة الأصنام من جهة اُخرى، قد أفشلت جهوده، فهو قد نفّذ واجبه ـ حسب الآیات محل البحث ـ على أربع مراحل:
الاُولى: إنّه نبّه هؤلاء وأعلمهم أنّ هذا العمل یشکّل تیّار إنحرافی، وهو موضع إختبار خطیر للجمیع لتصحو العقول الغافلة، ولیعی الناس ویفکّروا لئلاّ یُغلبوا على أمرهم، إذ قال لهم: (یاقوم إنّما فتنتم به).
الثّانیة: إنّه ذکّرهم بنعم الله المختلفة علیهم منذ بدء ثورة موسى(علیه السلام) إلى زمان نجاتهم من قبضة الفراعنة، خاصّةً وإنّه وصف الله بصفة رحمته العامّة، لیکون الأثر أعمق، ولیؤمل هؤلاء فی غفران هذا الذنب الکبیر: (وإنّ ربّکم الرحمن).
الثّالثة: إنّه نبّههم على مقام نبوّته وخلافته لأخیه موسى (فاتّبعونی).
وأخیراً فإنّه عرّفهم بواجباتهم الإلهیّة (وأطیعوا أمری).