2ـ اُسطورة الغرانیق المختلقة!

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
3ـ الفرق بین الرّسول والنّبی! سورة الحجّ / الآیة 55 ـ 59

جاء فی بعض کتب السنّة روایة عجیبة تنسب إلى ابن عبّاس، مفادها أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) کان مشغولا بتلاوة سورة «النجم» فی مکّة المکرّمة، وعندما بلغ الآیات التی جاء فیها ذکر أسماء أصنام المشرکین (أفرأیتم اللات والعزّى * ومناة الثّالثة الاُخرى)(1) ألقى الشیطان على النّبی هاتین الجملتین وجعلهما على لسانه: (تلک الغرانیق العلى وإنّ شفاعتهنّ لترتجى!) أی إنّهنّ طیور جمیلة ذات منزلة رفیعة ومنها ترتجى الشفاعة(2)!

وقد فرح المشرکون بذلک، وقالوا: إنّ محمّداً لم یذکر آلهتنا بخیر حتى الآن. فسجد محمّد(صلى الله علیه وآله) وسجدوا هم أیضاً، فنزل جبرائیل(علیه السلام) على الرّسول(صلى الله علیه وآله) محذّراً من أنّه لم ینزل هاتین الآیتین وأنّهما من إلقاءات الشیطان، وهنا أنزل علیه الآیات موضع البحث (وما أرسلنا من قبلک من رسول...) محذّراً الرّسول(صلى الله علیه وآله) والمؤمنین(3)، ورغم أنّ عدداً من أعداء الإسلام نقلوا هذا الحدیث وأضافوا علیه ما یحلو لهم للمساس برسالة النّبی(صلى الله علیه وآله) والقرآن، إلاّ أنّه مختلق یبغی النیل من القرآن وأحادیث الرّسول(صلى الله علیه وآله).

وهناک أدلّة دامغة عدیدة تؤکّد إختلاق شیاطین الإنس لهذا الحدیث:

أوّلا: ذکر الباحثون ضعف رواته وعدم الثقة بهم، ولا دلیل على أنّه من روایة ابن عبّاس. وقد صنّف محمّد بن إسحاق کتاباً أکّد فیه إختلاق الزنادقة لهذا الحدیث(4).

ثانیاً: ذکرت الکتب الإسلامیة أحادیث عدیدة عن نزول سورة النجم وسجود النّبی(صلى الله علیه وآله) والمسلمین، ولم تذکر شیئاً عن هذا الحدیث المختلق، وهذا یدلّ على إضافة هذه الجملة إلیه فیما بعد(5).

ثالثاً: تنفی آیات 3 و4 من سورة النجم بصراحة هذه الخرافة (وما ینطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحی یوحى).

کیف تنسجم هذه الاُسطورة مع هذه الآیة التی نزّهت وعصمت الرّسول(صلى الله علیه وآله)؟

رابعاً: استنکرت الآیات التالیة للآیة التی سمّت أوثان المشرکین والأصنام، وبیّنت قبحها وسخفها، فقد ذکرت بصراحة (إن هی إلاّ أسماء سمّیتموها أنتم وآبائکم ما أنزل الله بها من سلطان إن یتّبعون إلاّ الظنّ وما تهوی الأنفس)(6) وقد جاءهم من ربّهم الهدى، ومع کلّ هذا الذمّ للأصنام، کیف یمکن مدحها؟! إضافةً إلى أنّ القرآن المجید ذکر بصراحة أنّ الله یحفظه من کلّ تحریف (إنّا نحن نزّلنا الذکر وإنّا له لحافظون)(7).

خامساً: إنّ جهاد النّبی (صلى الله علیه وآله) للأصنام جهاد مستمر طوال حیاته ولم یقبل المساومة قطّ.

وقد رفض الرّسول (صلى الله علیه وآله) الأوثان، وبرهنت سیرته المطهّرة على إستنکارها والتصدّی لها، حتى فی أصعب الظروف، فکیف ینطق بمثل هذه الکلمات؟!

سادساً: إنّ الکثیر من غیر المسلمین الذین لا یعتقدون بأنّ النّبی محمّد(صلى الله علیه وآله) مرسل من الله، یعترفون بأنّه إنسان مفکّر واع حقّق أعظم الإنتصارات، فهل یمکن لمن شعاره الأساس «لا إله إلاّ الله»، وجهاده الرافض لأیّ نوع من أنواع الشرک والوثنیّة، وحیاته برهان على الإباء ورفض الأصنام، یترک فجأةً سیرته تلک لیشید بالأوثان؟!.

ومن کلّ هذا نستنتج أنّ اُسطورة الغرانیق من وضع أعداء سذّج ومخالفین لا یخافون الله، اختلقوا هذا الحدیث لإضعاف منزلة القرآن والرّسول(صلى الله علیه وآله)، لهذا نفى جمیع الباحثین الإسلامیین من السنّة والشیعة هذا الحدیث بقوّة واعتبروه مختلق(8).

وذکر بعض المفسّرین تبریراً لهذه الإضافة بالقول: على فرض صحّة الحدیث، إلاّ أنّ النّبی(صلى الله علیه وآله) کان یتلو سورة النجم وبلغ (أفرأیتم اللات والعزّى * ومناة الثّالثة الاُخرى) استغلّ بعض المشرکین المعاندین هذه الفرصة، فنادى بلحن خاص «تلک الغرانیق العلى وإنّ شفاعتهن لترتجى» فأشکلوا على الناس بالتشویش على کلام الرّسول (صلى الله علیه وآله). إلاّ أنّ الآیات اللاحقة ردّتهم بإدانتها الشدیدة لعبادة الأصنام(9).

ویتّضح أنّ بعضهم وجد فی اُسطورة الغرانیق نوعاً من الرغبة لدى الرّسول(صلى الله علیه وآله) فی کسب الوثنیین إلى صفوف المسلمین، إلاّ أنّ هذا القول یعنی إرتکاب هؤلاء المفسّرین خطأً کبیراً، ویدلّ على أنّ هؤلاء المسوّغین للوثنیة لم یدرکوا موقف الرّسول(صلى الله علیه وآله) إزاءها، رغم أنّ المشهود تاریخیّاً هو رفض الرّسول(صلى الله علیه وآله) العطاء السخیّ من المشرکین مقابل العدول عن رسالته الإسلامیة... أو أنّ هؤلاء المبرّرین یتجاهلون ذلک متعمّدین.


1. النجم، 19 و20.
2.«الغرانیق» جمع «غرنوق»، على وزن بُهلول، طائر یعیش فی الماء أبیض أو أسود اللون، کما جاء بمعان اُخرى «قاموس اللغة».
3. جاء ذکر هذا الحدیث نقلا عن جماعة من حفّاظ أهل السنّة فی تفسیر المیزان.
4. التّفسیر الکبیر، ج 23، ص 50.
5. المصدر السابق.
6. النجم، 23.
7. الحجر، 9.
8. راجع إلى تفاسیر مجمع البیان، الکبیر، القرطبی، فی ظلال القرآن، الصافی، روح المعانی، والمیزان، وتفاسیر اُخرى للآیات موضع البحث. 9. تفسیر القرطبی، ج 7، ص 4447 ـ والمرحوم الطبرسی فی مجمع البیان ذکره أیضاً کأمر محتمل. 
3ـ الفرق بین الرّسول والنّبی! سورة الحجّ / الآیة 55 ـ 59
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma