الملائکة عباد مُکْرَمُون مطیعون:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 26 ـ 29 سورة الأنبیاء / الآیة 30 ـ 33

لمّا کان الکلام فی آخر آیة عن الأنبیاء، ونفی کلّ أنواع الشرک، ونفی کون المسیح (علیه السلام)ولداً، فإنّ کلّ الآیات محلّ البحث تتحدّث حول نفی کون الملائکة أولاداً.

وتوضیح ذلک أنّ کثیراً من مشرکی العرب کانوا یعتقدون أنّ الملائکة بنات الله سبحانه، ولهذا السبب کانوا یعبدونها أحیاناً، والقرآن الکریم إنتقد هذه العقیدة الخرافیة التی لا أساس لها، وبیّن بطلانها بالأدلّة المختلفة.

یقول أوّلا: (وقالوا اتّخذ الرحمن ولداً) فإن کان مرادهم الولد الحقیقی، فإنّه یلزم من هذا الجسمیّة، وإن کان المراد التبنّی ـ والذی کان إعتیادیاً ومتداولا بین العرب ـ فإنّ ذلک أیضاً دلیل على الضعف والإحتیاج، وفوق کلّ ذلک فإنّ الذی یحتاج إلى الولد هو الذی یفنى، ویجب أن یدیم إبنه حیاته على المدى البعید، وکذلک لیبقى نسله وکیانه وآثاره، أو لإبعاد الإحساس بالوحدة والحاجة إلى المؤنس، أو لیکتسب القدرة والقوّة، إلاّ أنّ الوجود الأزلی الأبدی وغیر الجسمانی، وغیر المحتاج من جمیع الجهات، لا معنى لوجود الولد له، ولذلک فإنّ القرآن یقول مباشرةً: (سبحانه).

ثمّ تُبیّن أوصاف الملائکة فی ستّة أقسام تشکّل بمجموعها دلیلا واضحاً على نفی کونهم أولاداً:

(بل عباد)

(مکرمون)

فلیس هؤلاء عباداً هاربین خضعوا للخدمة تحت ضغط المولى، بل هم عباد لائقون یعرفون طریق العبودیة واُصولها ویفتخرون بها، ولذلک فإنّ الله سبحانه قد أحبّهم، وأفاض علیهم من مواهبه نتیجة لإخلاصهم فی العبودیة.

إنّ هؤلاء على درجة من الأدب والخضوع والطاعة لله بحیث (لا یسبقونه بالقول).

وکذلک من ناحیة العمل أیضاً فهم مطیعون (وهم بأمره یعملون).

فهل هذه صفات الأولاد، أم صفات العبید؟

ثمّ أشارت إلى إحاطة علم الله بهؤلاء فتقول: إنّ الله تعالى یعلم أعمالهم الحاضرة والمستقبلیة، وکذلک أعمالهم السالفة، وأیضاً یعلم ما فی دنیاهم وآخرتهم، وقبل وجودهم وبعده: (یعلم ما بین أیدیهم وما خلفهم)(1) ومن المسلّم أنّ الملائکة مطّلعون على هذا الموضوع، وهو أنّ لله إحاطة علمیة بهم، وهذا العرفان هو السبب فی أنّهم لا یسبقونه بالقول، ولا یعصون أمره، ولهذا فإنّ هذه الجملة یمکن أن تکون بمثابة تعلیل للآیة السابقة.

ولا شکّ أنّ هؤلاء الذین هم عباد الله المکرمون المحترمون یشفعون للمحتاجین، لکن ینبغی الإلتفات إلى أنّ هؤلاء (ولا یشفعون إلاّ لمن إ رتضى) ومن المسلّم أنّ رضى الله وإذنه فی الشفاعة لا یمکن أن یکون أىّ منهما إعتباطیاً، بل لابدّ أن یکون من أجل الإیمان الحقیقی، أو الأعمال التی تحفظ علاقة الإنسان بالله.

وبتعبیر آخر، فإنّ من الممکن أن یتلوّث الإنسان بالمعصیة، إلاّ أنّه إذا لم یقطع علاقته بالله وأولیائه تماماً، فإنّ الشفاعة تؤمّل فی حقّه، أمّا إذا قطع علاقته تماماً من ناحیة الإتّجاه الفکری والعقائدی، أو أنّه غرق فی المعاصی والانحراف من الناحیة العملیة، إلى الحدّ الذی یفقد معه لیاقة الشفاعة أو إستحقاقها، ففی هذه الحال سوف لا یشفع له أىّ نبی مرسل أو ملک مقرّب.

إنّ هذا هو نفس المطلب الذی أوردناه فی بحث فلسفة الشفاعة ضمن البحوث السابقة، بأنّ الشفاعة هی طریق لتهذیب الإنسان، ووسیلة لإرجاع المذنبین إلى الصراط المستقیم، والمنع من الیأس أو القنوط، والذی هو بنفسه عامل للإنزلاق والغرق فی الإنحراف والمعصیة.

إنّ الإیمان بمثل هذه الشفاعة یبعث على بقاء إرتباط المذنبین بالله ورسله والأئمّة، ولا یهدموا کلّ الجسور خلفهم، ویحفظوا خطّ الرجعة(2).

ثمّ إنّ هذه الجملة تجیب ضمناً اُولئک الذین یقولون: إنّنا نعبد الملائکة لتشفع لنا عند الله، فیقول القرآن لهم: إنّ هؤلاء لا یقدرون على فعل شیء من تلقاء أنفسهم، وکلّ ما تریدونه یجب أن تطلبوه من الله مباشرةً، وحتى إذن شفاعة الشافعین.

ونتیجة لهذه المعرفة والوعی (وهم من خشیته مشفقون) فهم لا یخشون من أن یکونوا قد أذنبوا، بل یخافون من التقصیر فی العبادة أو ترک الأَولى.

ومن بدیع اللغة العربیة، أنّ «الخشیة» من ناحیة الأصل اللغوی لا تعنی کلّ خوف، بل الخوف المقترن بالتعظیم والإحترام.

وکلمة «مشفق» من مادّة الإشفاق، بمعنى التوجّه الممتزج بالخوف، لأنّها فی الأصل مأخوذة من الشفق، وهو الضیاء الممتزج بالظلمة.

فبناءً على هذا، فإنّ خوف الملائکة لیس کخوف الإنسان من حادثة مرعبة مخیفة، وکذلک إشفاقهم فإنّه لا یشبه خوف الإنسان من موجود خطر، بل إنّ خوفهم وإشفاقهم ممزوجان بالإحترام، والعنایة والتوجّه، والمعرفة والإحساس بالمسؤولیة(3).

من الواضح أنّ الملائکة مع هذه الصفات البارزة والممتازة، ومقام العبودیة الخالصة لا یدّعون الاُلوهیة مطلقاً، أمّا إذا فرضنا ذلک (ومن یقل منهم إنّی إله من دونه فذلک نجزیه جهنّم).

إنّ إدّعاء الاُلوهیة فی الحقیقة مصداق واضح على ظلم النفس والمجتمع، ویندرج فی القانون العامّ (کذلک نجزی الظالمین).


1. للمفسّرین فی هذه الجملة ثلاثة تفاسیر أوردناها معاً فی العبارات أعلاه لعدم المنافاة فیما بینها.
2. بحثنا فی مجال الشفاعة بصورة مفصّلة فی ذیل الآیتین 48 و254 من سورة البقرة، فراجع.
3. مفردات الراغب مادّة (خشیة) و(شفق)، وتفسیر الصافی ذیل الآیات مورد البحث.
سورة الأنبیاء / الآیة 26 ـ 29 سورة الأنبیاء / الآیة 30 ـ 33
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma