طریق النجاة الوحید:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة طه / الآیة 80 ـ 82 سورة طه / الآیة 83 ـ 91

تعقیباً على البحث السابق فی نجاة بنی إسرائیل بصورة إعجازیة من قبضة الفراعنة، خاطبت هذه الآیات الثلاث بنی إسرائیل بصورة عامّة، وفی کلّ عصر وزمان، وذکرتهم بالنعم الکبیرة التی منحها الله إیّاهم، وأوضحت طریق نجاتهم. فقالت أوّلا: (یابنی إسرائیل قد أنجیناکم من عدوّکم). ومن البدیهی أنّ أساس کلّ نشاط ومجهود إیجابی هو التخلّص من قبضة المتسلّطین، والحصول على الحریة والاستقلال، ولذلک اُشیر إلى هذه المسألة قبل کلّ شیء.

ثمّ تشیر إلى واحدة من النعم المعنویة المهمّة، فتقول: (وواعدناکم جانب الطور الأیمن)، وهذه إشارة إلى حادثة ذهاب موسى (علیه السلام) مع جماعة من بنی إسرائیل إلى مکان میعادهم فی الطور، ففی ذلک المکان أنزل الله سبحانه ألواح التوراة على موسى وکلّمه، وشاهدوا جمیعاً تجلّی الله سبحانه(1).

وأخیراً أشارت إلى نعمة مادیّة مهمّة من نعم الله الخاصّة ببنی إسرائیل، فتقول: (ونزّلنا علیکم المنّ والسلوى) ففی تلک الصحراء کنتم حیارى، ولم یکن عندکم شیء من الطعام المناسب، فأدرککم لطف الله، ورزقکم من الطعام الطیّب اللذیذ ما کنتم بأمسّ الحاجة إلیه.

وللمفسّرین بحوث کثیرة فی المراد من (المنّ والسلوى)، بیّناها فی ذیل الآیة 57 من سورة البقرة، بعد ذکر آراء المفسّرین الآخرین وقلنا: إنّه لیس من البعید أن یکون «المنّ» نوعاً من العسل الطبیعی کان موجوداً فی الجبال المجاورة لتلک الصحراء، أو نوعاً من السکریات المولدة للطاقة من نباتات خاصّة کانت تنمو فی أطراف تلک الصحراء. والسلوى نوع من الطیور المحلّلة اللحم شبیهاً بالحمام. ولمزید التوضیح راجع تفسیر الآیة 57 من سورة البقرة.

ثمّ تخاطبهم الآیة التالیة بعد ذکر هذه النعم الثلاث العظیمة، فتقول (کلوا من طیّبات ما رزقناکم ولا تطغوا فیه).

الطغیان فی النعمة هو أن یتّخذ الإنسان هذه النعم وسیلة للذنب والجحود والکفران والتمرّد والعصیان، بدل أن یستغلّها فی طاعة الله وسعادته، تماماً کما فعل بنو إسرائیل حیث تمتّعوا بکلّ هذه النعم ثمّ ساروا فی طریق الکفر والطغیان والمعصیة. ولذلک حذّرتهم الآیة بعد ذلک فقالت: (فیحلّ علیکم غضبی ومن یحلل علیه غضبی فقد هوى).

«هوى» فی الأصل بمعنى السقوط من المکان المرتفع، والذی تکون نتیجته الهلاک عادةً، إضافة إلى أنّه هنا إشارة إلى السقوط الرتبی والبعد عن قرب الله، والطرد من رحمته.

ولمّا کان من الضروری أن یقترن التحذیر والتهدید بالترغیب والبشارة دائماً، لتتساوى کفّتا الخوف والرجاء، حیث تشکّلان العامل الأساسی فی تکامل الإنسان، ولتفتح أبواب التوبة والرجوع بوجه التائبین، فقد قالت الآیة التالیة: (وانّی لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى).

کلمة (غفّار)، صیغة مبالغة، وتوحی أنّ الله سبحانه لا یقبل هؤلاء التائبین ویشملهم برحمته مرّة واحدة فقط، بل سیعمّهم عفوه ومغفرته مرّات ومرّات.

وممّا یستحقّ الإنتباه أنّ أوّل شرط للتوبة هو ترک المعصیة، وبعد أن تتطهّر روح الإنسان من هذا التلوّث، فإنّ الشرط الثّانی هو أن یغمرها نور الإیمان بالله والتوحید، وفی المرحلة الثّالثة یجب أن تظهر براعم الإیمان والتوحید ـ والتی هی الأعمال الصالحة والمناسبة ـ على أغصان وجود الإنسان.

وبخلاف سائر آیات القرآن التی تتحدّث عن التوبة والإیمان والعمل الصالح فقط فقد

أضافت هذه الآیة شرط رابع، وهو قوله: (ثمّ إهتدى). وقد ذکر المفسّرون لهذه الجملة تفسیرات عدیدة، یبدو أنّ اثنین منها هما الأوفق والأدقّ:

الأوّل: إنّها إشارة إلى الإستمرار فی طریق الإیمان والتقوى والعمل الصالح، یعنی أنّ التوبة تمحو ما مضى وتکون سبباً للنجاة، وهی مشروطة بأن لا یسقط التائب مرّة اُخرى فی هاویة الشرک والمعصیة، وأن یراقب نفسه دائماً کی لاتعیده الوساوس الشیطانیّة وأهواؤه إلى مسلکه السابق.

والثّانی: هذه الجملة إشارة إلى لزوم قبول الولایة، والالتزام بقیادة القادة الربّانیین، أی أنّ التوبة والإیمان والعمل الصالح کلّ ذلک سیکون سبباً للنجاة والفلاح إذا کان فی ظلّ هدایة القادة الربّانیین، ففی زمان تحت قیادة موسى(علیه السلام)، وفی زمن آخر تحت لواء نبی الإسلام(صلى الله علیه وآله)، ومرّة تحت لواء أمیر المؤمنین علی(علیه السلام)، أمّا الیوم فینبغی أن ننضوی تحت لواء الإمام المهدی(علیه السلام) لأنّ أحد أرکان الدین قبول دعوة النّبی والإنضواء تحت قیادته ثمّ قبول قیادة خلیفته ونائبه.

ینقل العلاّمة الطبرسی فی ذیل هذه الآیة عن الإمام الباقر أنّه قال: «ثمّ إهتدى إلى ولایتنا أهل البیت» ثمّ أضاف: «فوالله لو أنّ رجلا عبد الله عمره ما بین الرکن والمقام، ثمّ مات ولم یجیء بولایتنا لأکبّه الله فی النّار على وجهه». وقد نقلها العلاّمة الحاکم «أبو القاسم الحسکانی» ـ من کبار محدّثی أهل السنّة(2) وقد رویت روایات عدیدة فی هذا الباب عن رسول الله(صلى الله علیه وآله) وعن الإمام زین العابدین(علیه السلام)، والإمام الصادق(علیه السلام).

ولکی نعلم أنّ ترک هذا الأصل ـ إلى أىّ حدّ هو ـ مهلک لتارکیه، یکفی أن نبحث الآیات التالیة، وکیف أنّ بنی إسرائیل قد ابتلوا بعبادة العجل والشرک والکفر نتیجة ترکهم ولایة موسى(علیه السلام) وخروجهم عن نهجه ونهج خلیفته هارون(علیه السلام).

ومن هنا یتّضح أنّ ما قاله العلاّمة الآلوسی فی تفسیر روح المعانی بعد ذکر جملة من هذه الرّوایات:

«لا شکّ عندنا فی وجوب محبّة أهل البیت، ولکن هذا لا یرتبط ببنی إسرائیل وعصر موسى» کلام واه، لأنّ البحث أوّلا لیس حول المحبّة، بل حول قبول الولایة والقیادة وثانیاً:

لیس المراد من إنحصار الولایة بأهل البیت(علیهم السلام)، فی جمیع العصور، بل فی عصر موسى کان هو وأخوه قائدین، فکان یلزم قبول ولایتهما، أمّا فی عصر النّبی فتلزم قبول ولایته، وفی عصر أئمّة أهل البیت یلزم قبول ولایتهم(علیهم السلام).

ویتّضح أیضاً أنّ المخاطب فی هذه الآیة وإن کانوا بنی إسرائیل، إلاّ أنّه لا ینحصر فیهم ولا یختّص بهم، فإنّ کلّ فرد أو جماعة تطوی هذه المراحل الأربعة فستشملها مغفرة الله سبحانه وعفوه.


1. الشرح المفصّل لهذه الحادثة فی هذا التفسیر من سورة الأعراف ذیل الآیتین 155 ـ 156.
2. تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث.
سورة طه / الآیة 80 ـ 82 سورة طه / الآیة 83 ـ 91
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma