خاتمة حیاة قوم معاندین:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 26 ـ 30 سورة المؤمنون / الآیة 31 ـ 41

استعرضت الآیات السابقة التهم التی وجّهها أعداء نوح(علیه السلام) إلیه. إلاّ أنّه یستدلّ من آیات قرآنیة اُخرى ـ بشکل واضح ـ أن أذى القوم المعاندین لنوح(علیه السلام) لم یتحدّد بهذه الاُمور، بل شمل کلّ وسیلة یمکن بها إیذاؤه، فی حین بذل ـ سلام الله علیه ـ جمیع ما فی وسعه فی سبیل هدایتهم وإنقاذهم من براثن الشرک والکفر. وعندما یئس منهم حیث لم یؤمن بما جاء به إلاّ مجموعة صغیرة، دعا الله لیعینه، حیث نقرأ فی الآیة الاُولى (قال ربّ انصرنی بما کذّبون)(1).

هنا نزل الوحی الإلهی، من أجل التمهید لإنقاذ نوح(علیه السلام) وأصحابه القلّة وهلاک المشرکین المعاندین (فأوحینا إلیه أن اصنع الفلک بأعیننا ووحین).

إنّ عبارة «بأعیننا» إشارة إلى أنّ سعیک فی هذا السبیل سیکون تحت حمایتنا، فاعمل باطمئنان وراحة بال ولا تخف من أىّ شیء.

وإستعمال عبارة «وحینا» یکشف لنا أنّ نوح(علیه السلام) تعلّم صنع السفینة بالوحی الإلهی، لأنّ التاریخ لم یذکر أنّ الإنسان استطاع صنع مثل هذه الوسیلة حتى ذلک الوقت. ولهذا السبب صنع نوح(علیه السلام) السفینة بشکل یناسب غایته فی صنعها، ولتکون فی غایة الکمال!

ثمّ تواصل الآیة بأنّه إذا جاء أمر الله، وعلامة ذلک فوران الماء فی التنور، فاعلم أنّه قد اقترب وقت الطوفان، فاختر من کلّ نوع من الحیوانات زوجاً (ذکر واُنثى) واصعد به إلى السفینة: (فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلک فیها من کلّ زوجین إثنین وأهلک إلاّ من سبق علیه القول منهم) إشارة إلى زوجة نوح(علیه السلام) وأحد أبنائه، ثمّ أضافت الآیة:

(ولا تخاطبنی فی الذین ظلموا انّهم مغرقون) وهذا التحذیر جاء حتى لا یقع نوح (علیه السلام)تحت تأثیر العاطفة الإنسانیة، عاطفة الاُبوّة، أو عاطفته نحو زوجته لیشفع لهما، فی وقت إفتقدا فیه لحقّ الشفاعة.

وتقول الآیة التالیة: (فإذا ا ستویت أنت ومن معک على الفلک فقل الحمد لله الذی نجّانا من القوم الظالمین).

وبعد الحمد والثناء علیه تعالى على هذه النعمة العظیمة، نعمة النجاة من مخالب الظلمة، ادعوه هکذا (وقل ربّ أنزلنی منزلا مبارکاً وأنت خیر المنزلین).

کلمة «منزل» ربّما کانت اسم مکان، أی: بعد الطوفان ندعو الله لینزلنا فی أرض ذات خیرات واسعة، لنحیا فیها بسعادة وهدوء.

کما یمکن أن تکون مصدراً میمیّاً أی: أنزلنا بشکل لائق، لأنّ هناک أخطاراً تهدّد رکّاب هذه السفینة بعد رسوها فی ختام الطوفان، کعدم مکان للسکن، أو النقص فی الغذاء، أو التعرّض للأمراض، لهذا دعا نوح(علیه السلام) ربّه لینزله منزلا مبارکاً.

وقد أشارت الآیة الأخیرة ـ من الآیات موضع البحث ـ إلى مجمل هذه القصّة فقالت: (إنّ فی ذلک لآیات) ففی هذه الحوادث التی جرت على نوح(علیه السلام) وإنتصاره على أعدائه الظالمین، ونزول أشدّ أنواع العقاب علیهم، آیات ودلائل لأصحاب العقول السلیمة.

(وإن کنّا لمبتلین) أی إنّنا نمتحن الجمیع بشکل قاطع. وقد تکون هذه الجملة إشارة إلى امتحان الله لقوم نوح مراراً، وعندما أخفقوا فی الامتحان أهلکهم إلاّ المؤمنین.

کما قد تکون إشارة إلى امتحان الله لجمیع البشر فی کلّ زمان ومکان، وما جاء فی هذه الآیات لم یکن خاصّاً بالناس فی زمن نوح(علیه السلام)، بل یشمل الناس فی جمیع الدهور. فیهلک من کان عائقاً فی طریق تکامل البشریة ولیواصل الأخیار سیرهم الطبیعی.

واکتفت الآیات هنا بقضیّة بناء السفینة ودخول نوح(علیه السلام) وأصحابه إلیها، إلاّ أنّها لم تُشر إلى مصیر المذنبین، ولم تتحدّث عنهم بالتفصیل، وإنّما إکتفت بالقول بأنّهم لقوا ما وعدهم الله (إنّهم مغرقون) لأنّ هذا الوعد مؤکّد لا یقبل النقض.

ولابدّ من القول بأنّ هناک حدیثاً واسعاً عن قوم نوح وموقفهم إزاء هذا النّبی الکبیر، ومصیرهم المؤلم، وقصّة السفینة، وفوران الماء من التنور، وحدوث الطوفان، وغرق ابن نوح(علیه السلام). وقد بیّنا قسماً کبیراً منه فی تفسیر سورة هود، وسنذکر قسماً آخر فی تفسیر سورة نوح إن شاء الله.


1.«الباء» فی (بما کذّبون) ربّما کانت سببیّة أو للمقابلة. وأمّا «ما» فیمکن أن تکون مصدریة أو موصولة، ویختلف معنى کلّ منهما. إلاّ أنّ هذا الاختلاف لیس مهمّاً (فتأمّلوا جیّداً).
سورة المؤمنون / الآیة 26 ـ 30 سورة المؤمنون / الآیة 31 ـ 41
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma