دلائل الله فی ساحة الوجود:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الحجّ / الآیة 63 ـ 66 1ـ الصفات الخاصّة بالله

تحدّثت الآیات السابقة عن قدرة الله غیر المحدودة وأنّه الحقّ المطلق، وبیّنت هذه الآیات الأدلّة المختلفة على هذه القدرة الواسعة والحقّ المطلق وتقول أوّلا: (ألم تر أنّ الله أنزل من السّماء ماءً فتصبح الأرض مخضّرة).

لقد اخضّرت الأرض المرتدیة رداء الحزن ـ من أثر الجفاف ـ بعد ما نزل المطر علیها، فأصبحت تسرّ الناظرین. أجل (إنّ الله لطیف خبیر). وکلمة «لطیف» مشتقّة من «اللطف» بمعنى العمل الجمیل الذی یمتاز برقّته، ولهذا یطلق على الرحمة الإلهیّة الخاصّة لفظ «اللطف». وکلمة «الخبیر» تعنی المطّلع على الاُمور الدقیقة.

وبلطف الله تنمو البذرة تحت الأرض، ثمّ ترتفع خلافاً لقانون جاذبیة الأرض، وترى الشمس وتشمّ نسیم الهواء حتى تصبح نباتاً مثمراً أو شجرة باسقة.

وهو الذی أنزل المطر فمنح التربة الجافّة لطفاً ورقّة لتسمح للبذرة بالحرکة والنمو. وهو خبیر بجمیع الإحتیاجات والمراحل التی تمرّ بها هذه البذرة حتى ترتفع نحو السّماء، یرسل الله المطر بقدرة وبخبرة منه، فإن زاده صار سیلا، وإن نقصه کثیراً ساد الجفاف فی الأرض،

وتقول الآیة 18 من سورة المؤمنین: (وأنزلنا من السّماء ماء بقدر فأسکناه فی الأرض)(1).

الآیة التالیة تعرض علامة اُخرى على قدرة الله غیر المتناهیة، وهو قوله سبحانه وتعالى: (له ما فی السّماوات وما فی الأرض).

فهو سبحانه خالق الجمیع ومالکهم، وبهذا الدلیل یکون قادراً علیهم، لذا فهم یحتاجون إلیه جمیعاً، ولا یحتاج هو إلى شیء أو إلى أحد.

ویزداد هذا المعنى إشراقاً فی قوله سبحانه: (وإنّ الله لهو الغنی الحمید) والتحام صفتی الغنی والحمید جاء فی غایة الإحکام:

أوّلا: لأنّ عدداً کبیراً من الناس أغنیاء، إلاّ أنّهم بخلاء یستغلّون الآخرین ویعملون لذاتهم فقط، وقد غرقوا فی الغفلة والغرور، وتغلب على أصحاب الثروة الطائلة هذه الصفات، أمّا غنى الله سبحانه فهو مزیج من اللطف والسماح والجود والکرم، لذا استحقّ الحمد والثناء من عباده.

ثانیاً: إنّ الأغنیاء غیّر الله تعالى غناهم ظاهری، وإذا کانوا کرماء فإنّ کرمهم فی الواقع لیس منهم، بل من لطف الله سبحانه وقدیم إحسانه، فکلّ إمکاناتهم إنّما هی من أنعم الله. فالله وحده هو الغنی بذاته والجدیر بکلّ حمد وثناء.

ثالثاً: لأنّ الأغنیاء یعملون ما یفیدهم أو یتوخّون فائدته، أمّا ربّ العالمین سبحانه وتعالى، فیجود ویرحم ویعفو دون حساب، ولا إبتغاء فائدة، ولا سدّ حاجة، وإنّما یفعل ذلک کرماً منه ورحمة، فهو أهل الحمد والثناء بلا شریک.

وتشیر الآیة التالیة إلى نموذج آخر من تسخیر الله تعالى الوجود للإنسان (ألم تر أنّ الله سخّر لکم ما فی الأرض) وجعل تحت اختیارکم جمیع المواهب والإمکانات فیها لتستفیدوا منها بأىّ صورة تریدون، وکذلک جعل السفن والبواخر التی تتحرّک وتمخر عباب البحار بأمره نحو مقاصدها. (والفلک تجری فی البحر بأمره) إضافةً إلى (ویمسک السّماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه) فالکواکب والنجوم تسیر فی مدارات محدّدة بأمر الله سبحانه وتعالى، کلّ ذلک لتسیر فی فاصلة محدّدة لها عن الکواکب الاُخرى، وتمنع إصطدام بعضها ببعض.

وخلق الله طبقات جویّة حول الأرض لتحول دون وصول الأحجار السائبة فی الفضاء إلى الأرض وإلحاق الضرر بالبشر.

وذلک من رحمة الله لعباده ولطفه بهم، فقد خلق الأرض آمنة لعباده، فلا تصل إلیهم الأحجار السائبة فی الفضاء، ولا تصطدم الأجرام الاُخرى بالأرض، وهذا ما نلمسه فی ختام الآیة المبارکة (إنّ الله بالناس لرؤوف رحیم).

وتتناول الآیة الأخیرة أهمّ قضیّة فی الوجود، أی قضیّة الحیاة والموت فتقول: (وهو الذی أحیاکم) أی کنتم تراباً لا حیاة فیه فألبسکم لباس الحیاة (ثمّ یمیتکم) وبعد إنقضاء دورة حیاتکم یمیتکم (ثمّ یحییکم) أی یمنحکم حیاة جدیدة یوم البعث.

وتبیّن الآیة میل الإنسان إلى نکران نِعم الله علیه قائلة: (إنّ الإنسان لکفور) فرغم کلّ ما أغدق الله على الإنسان من أنعم فی الأرض والسّماء، فی الجسم والروح، لا یحمده ولا یشکره علیها، بل یکفر بکلّ هذه النعم. ومع أنّه یرى کلّ الدلائل الواضحة والبراهین المؤکّدة لوجود الله تبارک وتعالى، والشاهدة بفضله علیه وإحسانه إلیه ینکر ذلک. فما أظلمه وأجهله!


1. بحثنا فی تفسیر الآیة 103 من سورة الأنعام حول لطف الله. فعلى الراغب مراجعته.
سورة الحجّ / الآیة 63 ـ 66 1ـ الصفات الخاصّة بالله
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma