خلق السّماء والأرض لیس لهواً:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة الأنبیاء / الآیة 16 ـ 18 الهدف من الخلق:

لمّا کانت الآیات السابقة قد عکست هذه الحقیقة وهی: إنّ الظالمین الذین  لا إیمان لهم لا یعتقدون بوجود هدف وغایة من خلقهم إلاّ الأکل والشرب والملذّات، ویظنّون أنّ العالم بلا هدف، القرآن الکریم یقول فی الآیات التی نبحثها من أجل إبطال هذا النوع من التفکیر، وإثبات وجود هدف عال وسام من وراء خلق کلّ العالم، وخاصّة البشر: (وما خلقنا السّماء والأرض وما بینهما لاعبین).

إنّ هذه الأرض الواسعة، وهذه السّماء المترامیة الأطراف، وکلّ هذه الموجودات المتنوعة البدیعة التی توجد فی ساحتها تبیّن أنّ هدفاً مهمّاً فی خلقها... نعم، إنّ الهدف هو بیان قدرة الخالق الجلیل، وإبراز جانب من عظمته من جهة، ومن جهة اُخرى لیکون دلیلا على المعاد، وإلاّ فإنّ کلّ هذه الضجّة والغوغاء إن کانت لبضعة أیّام فلا معنى لها.

هل یمکن أن یبنی الإنسان قصراً فی وسط صحراء، ویجهّزه بکلّ الوسائل، وذلک من أجل أن یستریح فیه ساعة واحدة ـ طول عمره ـ عند مروره علیه؟

بعبارة موجزة: إذا نظرنا إلى هذا العالم العظیم من منظار الکفّار، فسنراه  لا فائدة فیه ولا هدف منه، والإیمان بالمبدأ والمعاد هو الذی یجعل له معنىً وغایة.

ثمّ تقول الآیة التالیة: الآن وقد ثبت أنّ العالم له هدف فإنّه لا ریب فی أنّ الهدف من هذا الخلق لم یکن أن یلهو الله سبحانه وتعالى عن ذلک، فإنّ هذا اللهو غیر معقول، ف(لو أردنا أن نتّخذ لهواً لأتّخذناه من لدنا إن کنّا غافلین).

«اللعب» یعنی العمل غیر الهادف، و«اللهو» إشارة إلى الأهداف غیر المعقولة والملاهی.

هذه الآیة تبیّن حقیقتین:

الاُولى: أنّه بملاحظة کلمة (لو)، وهی فی لغة العرب للإمتناع، فهی تشیر إلى أنّ من المحال أن یکون هدف الله هو اللهو.

والاُخرى: إنّه على فرض أنّ الهدف هو اللهو، فیجب أن یکون لهواً مناسباً لذاته، کأن یکون من عالم المجردات وأمثال ذلک، لا من عالم المادّة المحدود(1).

ثمّ تقول بلهجة قاطعة من أجل إبطال أوهام الجاهلین الذین یظنّون عدم هدفیّة الدنیا، بل هی للّهو واللعب فقط: إنّ هذا العالم مجموعة من الحقّ والواقع، ولم یقم أساسه على الباطل (بل نقذف بالحقّ على الباطل فیدمغه فإذا هو زاهق). وتقول فی النهایة: (ولکم الویل ممّا تصفون) وتتحدّثون عن عدم هدفیّة الخلق.

أی إنّنا نجعل الأدلّة العقلیّة والإستدلالات الواضحة والمعجزات البیّنة إلى جانب ظنون وأوهام اللاهدفیین، لتتبخّر وتتلاشى هذه الأوهام فی نظر العلماء وأصحاب الفکر والرأی.

إنّ أدلّة معرفة الله واضحة، وأدلّة وجود المعاد بیّنة، وبراهین أحقّیة الأنبیاء جلیّة، والحقّ یمکن تمییزه عن الباطل تماماً إذا لم یکن الشخص من المعاندین.

وممّا یستحقّ الإنتباه أنّ جملة «نقذف» من مادّة (قذف) بمعنى الإلقاء، وخاصّةً الإلقاء من طریق بعید، ولمّا کان للقذف من بعید سرعة وقوّة أکثر، فإنّ هذا التعبیر یبیّن قدرة إنتصار الحقّ على الباطل. وکلمة «على» أیضاً مؤیّدة لهذا المعنى.

وجملة «یدمغه» على قول الراغب کسر «الجمجمة والدماغ»، وتعتبر أکثر نقطة فی بدن الإنسان حساسّیة، وهو تعبیر بلیغ عن غلبة جند الحقّ غلبة واضحة قاطعة.

والتعبیر بـ (إذا) توحی بأنّا حتى فی الموارد التی لا یُنتظر ولا یُتوقّع انتصار الحقّ فیها، فإنّنا سنجری هذه السنّة. والتعبیر بـ «زاهق» والذی یعنی الشیء المضمحل، تأکید على هذا المقصود.

وأمّا أنّ جملتی (نقذف) و(یدمغ) قد جاءتا بصیغة الفعل المضارع، فهو دلیل على استمرار هذه السنّة.


1. اعتبر بعض المفسّرین الآیات أعلاه إشارة إلى نفی عقائد المسیحیین، أی اعتقدوا أنّ اللهو بمعنى الزوج والزوجة والولد. وقالوا: إنّ الآیة تجیب هؤلاء وتقول: إنّنا إذا کنّا نرید أن نختار الصاحبة والولد فلم نکن ننتخبهما من جنس البشر.
إلاّ أنّ هذا التّفسیر لا یبدو مناسباً من عدّة جهات، ومن جملتها أنّ إرتباط الآیات أعلاه بالآیات السابقة سینقطع. والاُخرى أنّ کلمة «اللهو» وخاصة إذا کانت بعد کلمة اللعب، تعنی التسلّی لا المرأة والولد.
سورة الأنبیاء / الآیة 16 ـ 18 الهدف من الخلق:
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma