المصیر المؤلم لقوم ثمود:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سورة المؤمنون / الآیة 31 ـ 41 1ـ الحیاة المترفة وأثرها المشؤوم

تحدّثت هذه الآیات عن أقوام آخرین جاؤوا بعد قوم نوح(علیه السلام). ومنطقهم یتناغم ومنطق الکفّار السابقین، کما شرحت مصیرهم الألیم، فأکملت بذلک ما بحثته الآیات السابقة.

فهی تقول أوّلا: (ثمّ أنشأنا من بعدهم قرناً آخرین).

«القرن» مشتقّ من الإقتران، بمعنى القرب، لهذا یطلق على الجماعة التی تعیش فی عصر واحد، کما تطلق هذه الکلمة على عصر هؤلاء، وقیاس زمن القرن بثلاثین أو مائة سنة یتّبع ما تعارفته الأقوام المختلفة.

وبما أنّ البشر لا یمکن أن یعیشوا دون قائد ربّانی، فقد بعث الله أنبیاءه یدعون إلى

توحیده ویقیمون عدالته بین الناس، حیث تقول الآیة التالیة: (فأرسلنا فیهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لکم من إله غیره).

وهذه هی الرکیزة الأساسیّة لدعوة الأنبیاء، إنّها نداء التوحید، اُسُّ جمیع الإصلاحات الفردیة والاجتماعیة، وبعدها أکّد رسول الله لهم القول: إنّکم وبعد هذه الدعوة الصریحة ألا تترکون الشرک وعبادة الأوثان: (أفلا تتّقون).

أمّا أیّ قوم کان هؤلاء؟ ومن هو نبیّهم؟

قال المفسّرون بعد دراسة الآیات المشابهة لهذه الآیة: هناک إحتمالان:

الأوّل: أنّهم قوم ثمود الذین عاشوا شمال الحجاز، وبعث الله النّبی «صالح»(علیه السلام) لهدایتهم، إلاّ أنّهم کفروا وطغوا فأهلکهم الله بالصیحة السماویة (الصاعقة القاتلة) وشاهد هذا التّفسیر ودلیله هو الصیحة التی ذکرت فی ختام الآیات موضع البحث، والتی جاءت فی سورة هود الآیة 67 حیث خصّت قوم صالح(علیه السلام).

والاحتمال الثّانی: خصّها بقوم «عاد» الذین کان نبیّهم «هود» (علیه السلام)، وقد ذکرتهم آیات قرآنیة مباشرة بعد سرد قصّة نوح(علیه السلام)، وهذا دلیل على صحّة هذا التّفسیر(1)، إلاّ أنّ عقاب قوم عاد کما جاء فی الآیتین السادسة والسابعة من سورة «الحاقة»، کان ریحاً شدیداً استمرّ سبعة أیّام فدمّرهم عن بکرة أبیهم، إذن فالتّفسیر الأوّل هو الأصحّ.

ولننظر الآن ماذا کان ردّ فعل هؤلاء القوم المعاندین إزاء التوحید الذی أعلنه هذا النّبی الکبیر؟

یقول القرآن فی الآیة التالیة: (وقال الملأ من قومه الذین کفروا وکذّبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم فی الحیاة الدنیا ما هذا إلاّ بشر مثلکم یأکل ممّا تأکلون منه ویشرب ممّا تشربون).

أجل إنّ القوم الذین عاشوا فی رفاه مطلق دعاهم القرآن باسم الملأ (ترى ظاهرهم یملأ العین، إلاّ أنّ باطنهم خاو من النور).

وبما أنّهم کانوا یرون فی دعوة نبی الله خلافاً لأهوائهم ومنافسةً لمصالحهم العدوانیة وتسلّطهم الذی لا مبرّر له، وقد أترفوا فبعدوا عن ذکر الله، وأنکروا الآخرة، فجادلوا نبیّهم بنفس منطق المعاندین من قوم نوح، فقد رأوا فی بشریة القادة الربانیّین وتناولهم الطعام کباقی الناس دلیلا على بطلان نبوّة هؤلاء، فی حین أنّ هذا الأمر بحدّ ذاته مؤیّد على کون هؤلاء الرجال العظام حملة رسالة من الله إلى الناس، ولأنّهم نهضوا من بین جماهیر الناس بعد أن شعروا بآلامهم وعملوا بما یحتاجونه بشکل جیّد.

ثمّ قال بعضهم للبعض الآخر: (ولئن أطعتم بشراً مثلکم إنّکم إذاً لخاسرون).

هؤلاء الحمقى لم یلتفتوا إلى هذه الحقیقة، وهی انّهم یریدون من الناس بهذه الوساوس الشیطانیة أن ینقادوا له فی محاربة الأنبیاء، فی الوقت الذی یعیبون فیه على الذین یتّبعون من کان یستمدّ العون من مرکز الوحی وقد ملیء قلبه نوراً وعلماً إلهیّاً، ویرون فی هذا العمل تقیید لحریّة الإنسان.

ومن ثمّ أنکروا المعاد، الذی کان دوماً سدّاً منیعاً لاتّباع الشهوات وأرباب اللذّات، وقالوا: (أیعدکم أنّکم إذا متّم وکنتم تراباً وعظاماً أنّکم مخرجون) لتعیشون حیاة جدیدة (هیهات هیهات لما توعدون) فقد تساءل الکفّار: هل یمکن البعث والناس قد أصبحوا تراباً وتبعثرت ذرّاتهم هنا وهناک؟ إنّ ذلک مستحیل!!

وبهذا الکلام ازدادوا إصراراً على إنکار المعاد قائلین: إنّنا نشاهد باستمرار موت مجموعة وولادة مجموعة اُخرى لتحلّ محلّهم، ولا حیاة بعد الموت (إن هی إلاّ حیاتنا الدنیا نموت ونحیا وما نحن بمبعوثین).

وأخیراً لخّصوا التّهم التی وجّهوها إلى نبیّهم فقالوا: (إن هو إلاّ رجل افترى على الله کذباً وما نحن بمؤمنین) فلا رسالة إلهیّة، ولا بعث، ولا برنامج سماوی، وعلیه لا یتسنّى لعاقل الإیمان به.

وعندما طغى عناد الکفّار، وزالت آخر قطرة من الحیاء منهم، تجاسروا على الله، وأنکروا رسالته إلیهم، وأنکروا معاجز أنبیائه بکلّ صلافة، وقد أتمّ الله حجّته علیهم، عندها توجّه هذا النّبی الکبیر إلى الله سبحانه وتعالى و(قال ربّ انصرنی بما کذّبون) ربّاه: انصرنی فقد هتکوا الحرمات، واتّهمونی بما شاؤوا وکذّبوا دعوتی.

فأجابه الله عزّوجلّ کما ذکرت الآیة (قال عمّا قلیل لیصبحنّ نادمین) ألا إنّهم سیندمون یوم لا ینفع الندم.

وهکذا جرى (فأخذتهم الصیحة بالحقّ) حیث نزلت علیهم صاعقة الموت برعبها الهائل ودمارها الماحق، وقلبت مساکنهم ونثرتها حطاماً، وکانت سریعة خاطفة إلى درجة

لم تسمح لهم بالفرار، فدفنوا فی منازلهم کما بیّنت الآیة الکریمة (فجعلناهم غثاءً) أی جعلناهم کهشیم النبات یحمله السیل (فبعداً للقوم الظالمین).


1. یراجع فی ذلک سورة هود، الآیة 50; وسورة الأعراف، الآیة 65; وسورة الشعراء، الآیة 123.
سورة المؤمنون / الآیة 31 ـ 41 1ـ الحیاة المترفة وأثرها المشؤوم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma