حال أهل النّار:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
سبب النّزول سورة مریم / الآیة 71 ـ 72

مرّت فی الآیات السابقة بحوث عدیدة حول القیامة والجنّة والجحیم، وتتحدّث هذه الآیات التی نبحثها حول نفس الموضوع، فتعید الآیة الاُولى أقوال منکری المعاد، فتقول: (ویقول الإنسان أإذا ما مت لسوف اُخرج حیاً).

هذا الإستفهام استفهام إنکاری طبعاً، أی إنّ هذا الشیء غیر ممکن. أمّا التعبیر بالإنسان (وخاصّة مع ألف ولام الجنس) ـ مع أنّه کان من المناسب أن یذکر الکافر محلّه ـ فربّما کان من جهة أنّ هذا السؤال مخفی فی طبع کلّ إنسان فی البدایة بزیادة ونقیصة، وبسماع مسألة الحیاة بعد الموت سترتسم فی ذهنه علامة الإستفهام فوراً.

ثمّ یجیبهم مباشرة بنفس التعبیر (أو لا یذکر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم یک شیئاً). ویمکن أن یکون التعبیر بـ «الإنسان» هنا أیضاً إشارة إلى أنّ الإنسان مع ذلک الإستعداد والذکاء الذی منحه الله إیّاه، یجب أن لا یجلس ساکتاً أمام هذا السؤال، بل یجب أن یجیب علیه بتذکّر الخلق الأوّل، وإلاّ فإنّه لم یستعمل حقیقة إنسانیّته.

إنّ هذه الآیات ـ ککثیر من الآیات المرتبطة بالمعاد ـ تؤکّد على المعنى الجسمانی، وإلاّ فإذا کان القرار أن تبقى الروح فقط، ولا وجود لرجوع الجسم إلى الحیاة، فلا مکان ولا معنى لذلک السؤال، ولا لهذا الجواب.

على کل حال، فقد استعمل القرآن هذا المنطق لإثبات المعاد هنا، وقد جاء فی مواضع اُخرى من القرآن أیضاً، ومن جملتها فی الآیات 77 ـ 79 من سورة یس، حیث طرح الأمر بنفس تعبیر الإنسان: (أو لم یر الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصیم مبین * وضرب لنا مثلا ونسی خلقه قال من یحیی العظام وهی رمیم * قل یحییها الذی أنشأها أول مرّة وهو بکل خلق علیم)(1).

سؤال: بعض المفسّرین طرح هنا سؤالا، وهو أنّ هذا الدلیل إذا کان صحیحاً، بأنّ کلّ شخص إذا ما عمل عملا فإنّه قادر على إعادته، فلماذا نقوم بأعمال ثمّ نعجز عن تکرارها أحیاناً؟ فمثلا قد ننشد قطعة شعریة رائعة جدّاً، أو نکتب بخط جمیل جدّاً، غیر أنّنا بعد ذلک نجتهد فی الإتیان بمثله ولکن دون جدوى.

الجواب هو: صحیح أنّنا نقوم بأعمالنا بإرادة واختیار، إلاّ أنّ هناک سلسلة من الاُمور غیر الإرادیة تؤثّر فی أفعالنا الخاصّة أحیاناً، فإنّ حرکة واهتزاز یدنا غیر المحسوس یؤثّر أحیاناً فی دقّة شکل الحروف، إضافة إلى أنّ قدرتنا وإستعدادنا لیسا متساویین دائماً، فقد تعرض أحیاناً عوامل تعبّىء کلّ قوانا الداخلیة، ونستطیع أن نبدع فی الأعمال ونأتی بأعلاها، إلاّ أنّ هذه الدوافع تکون ضعیفة أحیاناً، فلا تستجمع کلّ الطاقات، ولذلک فإنّ العمل الثّانی لا ینفذ بدقّة وجودة العمل الأوّل.

إلاّ أنّ الله الذی لا تنتهی قدرته، لا تثار حوله هذه المسائل، ولا تقاس قدرته على أعمالنا وقدراتنا، فإنّه إذا عمل عملا فإنّه یستطیع إعادته بعینه بدون زیادة أو نقصان.

ثمّ تهدد الآیة التالیة منکری المعاد، والمجرمین الکافرین: (فوربّک لنحشرنّهم والشیاطین ثمّ لنحضرنّهم حول جهنم جثیاً).

إنّ هذه الآیة توحی بأنّ محکمة الأفراد الکافرین والمجرمین قریبة من جهنم! والتعبیر بـ «جثیا» ـ مع العلم أنّ جثی جمع جاثی، وهو الذی یجثو على رکبتیه ـ ربّما کان إشارة إلى ضعف وعجز وذلّة هؤلاء، حتى أنّهم لا قدرة لهم على الوقوف أحیاناً.

ولهذه الکلمة معانی اُخرى أیضاً، فمن جملتها أنّهم فسّروا «جثیاً» بمعنى جماعة جماعة، وبعضهم فسّرها بمعنى الکثرة وازدحام بعضهم على بعض کتراکم التراب والحجارة، إلاّ أنّ التّفسیر الأوّل هو الأنسب والأشهر.

ولمّا کانت الأولویات تلاحظ فی تلک المحکمة العادلة، فإنّ الآیة التالیة تقول: (ثمّ لننزعن من کل شیعة أیّهم أشد على الرحمن عتیاً)(2) ونبدأ بحسابهم أوّلا، فإنّهم عتوا عتواً نسوا معه کلّ مواهب الله الرحمان، وجنحوا إلى التمرّد والعصیان وإظهار الوقاحة أمام ولی نعمتهم! أجل، إنّ هؤلاء أحق من الجمیع بالجحیم.

ثمّ تؤکّد على هذا المعنى مرّة اُخرى فتقول: (ثمّ لنحن أعلم بالذین هم أولى بها صلیاً)فسنختار هؤلاء بدقّة، وسوف لا یقع أىّ اشتباه فی هذا الإختیار.

(صلی) مصدر یعطی معنى إشعال النار وإیقادها، کما یعنی حرق الشیء بالنّار.


1. لقد بحثنا حول هذا الدلیل فی ذیل الآیة 29 من سورة الأعراف تحت عنوان (أقصر دلیل لإثبات المعاد).
2. «الشیعة» فی الأصل بمعنى الجماعة التی یتعاون أفرادها للقیام بعمل ما، وانتخاب هذا التعبیر فی الآیة یمکن أن یکون إشارة إلى أنّ العتاة المردة والضالین الکافرین کانوا یتعاونون فی طریق الطغیان، ونحن سنحاسب هؤلاء أوّلا، لأنّهم أکثر تمرّداً وعصیاناً من الجمیع.
سبب النّزول سورة مریم / الآیة 71 ـ 72
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma