الهدف من الخلق:

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأمثل 8
خلق السّماء والأرض لیس لهواً: سورة الأنبیاء / الآیة 19 ـ 25

فی الوقت الذی لا یعترف المادّیون بهدف للخلق، لأنّهم یعتقدون أنّ الطبیعة الفاقدة للعقل والشعور والهدف هی التی إبتدأت الخلق، ولهذا فإنّهم یؤیّدون اللغویة وعدم الفائدة فی مجموعة الوجود، فإنّ الفلاسفة الإلهیین وأتباع الأدیان جمیعاً یعتقدون بوجود هدف سام للمخلوقات، لأنّ المبدىء للخلق قادر وحکیم وعالم، فمن المستحیل أن یقوم بعمل لا فائدة فیه.

السؤال: وهنا ینقدح هذا السؤال: ما هو الهدف؟

قد نتوهّم أحیاناً نتیجة قیاس الله سبحانه على ذواتنا وأنفسنا ونتساءل: هل کان الله محتاجاً وینقصه شیء، وکان یرید بخلق الوجود، ومن جملته الإنسان، أن یسدّ ذلک النقص ویرفع تلک الحاجة؟

هل هو محتاج لعبادتنا ودعائنا ومناجاتنا؟ هل کان یرید أن یُعرف فخلق الخلق لیُعرف؟

إلاّ أنّ هذا کما قلنا خطأ کبیر ناشىء من المقارنة بین الله وخلقه، فی حین أنّ هذه المقارنة والقیاس غیر الصحیح هو أکبر سدّ ومانع فی بحث معرفة صفات الله، ولذلک فإنّ أوّل أصل فی هذا البحث هو أن نعلم أنّ الله سبحانه لا یشبهنا فی أىّ شیء.

والجواب: فالإنسان موجود محدود من کلّ النواحی، ولذلک فإنّ کلّ مساعینا هی من أجل رفع نواقصنا وإحتیاجاتنا، ندرس لنتعلّم فنمحو نقص جهلنا، ونسعى للعمل والکسب لدفع الفقر وکسب الثروة، نهیّىء الجیوش والقوى لنسدّ النقص فی قوانا أمام العدوّ، وحتى فی الاُمور المعنویة أو تهذیب النفس أو التکامل المعنوی والروحی، فإنّ السعی والجدّ فی کلّ ذلک من أجل رفع النواقص...

ولکن، هل من المعقول أن یقوم الوجود المطلق غیر المتناهی فی کلّ الجهات (فعلمه وقدرته وقوّته غیر محدودة، ولا یعانی أىّ نقص فی الوجود) بعمل لرفع حاجته؟

یتّضح من هذا التحلیل أنّ الخلق لیس عبثاً من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّ الهدف من الخلق لا یعود إلى الخالق، وهنا یمکن أن نصل ببساطة إلى نتیجة، وهی: أنّ الهدف، حتماً وبلا شکّ، أمرٌ یرتبط بنا.

ومع ملاحظة هذه المقدّمة یمکن التوصّل إلى أنّ هدف الخلقة هو تکاملنا وإرتقاؤنا ولا شیء سواه.

وبتعبیر آخر فإنّ عالم الوجود بمثابة مدرسة لتکاملنا فی مجال العلم.

ودار حضانة لتربیة وتهذیب نفوسنا.

ومتجر لکسب الموارد المعنویة، وأرض زراعیة غنیّة صالحة لإنتاج أنواع المحصولات الإنسانیة.

أجل «الدنیا مزرعة الآخرة(1)... الدنیا دار صدق لمن صدقها، ودار غنى لمن تزوّد منها، ودار موعظة لمن اتّعظ بها»(2).

إنّ هذه القافلة قد تحرّکت من عالم العدم، وهی تسیر دائماً إلى ما لا نهایة له.

ویشیر القرآن المجید إشارات قصیرة عمیقة المعنى جدّاً فی آیات مختلفة إلى وجود هدف معیّن من الخلق من جهة، ومن جهة اُخرى فإنّه یشخّص هذا الهدف ویوضّحه.

فیقول فی الجانب الأوّل: (أیحسب الإنسان أن یترک سدى).(3)

(أفحسبتم أنّما خلقناکم عبثاً وأنّکم إلینا لا ترجعون).(4)

(وما خلقنا السّماء والأرض وما بینهما باطلا ذلک ظنّ الذین کفروا).(5)

وفی الجانب الآخر، فإنّه جعل هدف الخلق فی بعض الآیات عبودیة الله وعبادته: (وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ لیعبدون)(6)، ومن البدیهی أنّ العبادة منهج لتربیة الإنسان فی الأبعاد المختلفة... العبادة بمعناها الشمولی التی هی التسلیم لأمر الله ستهب روح الإنسان تکاملا فی الأبعاد المختلفة، وقد بیّنا تفصیله فی ذیل الآیات المرتبطة بالعبادات المختلفة.

ویقول: أحیاناً إنّ الهدف من الخلقة هو إیقاظکم وتوعیتکم وتقویة إیمانکم وإعتقادکم: (الله الذی خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهنّ یتنزّل الأمر بینهن لتعلموا أنّ الله على کلّ شیء قدیر)(7).

ویقول تارةً: إنّ الهدف من الخلق هو اختبار حسن عملکم: (الذی خلق الموت والحیاة لیبلوکم أیّکم أحسن عملا).(8)

إنّ الآیات الثلاث آنفة الذکر والتی یشیر کلّ منها إلى بعد من أبعاد وجود الإنسان الثلاث ـ بُعد الوعی والإیمان، وبعد الأخلاق، وبعد العمل ـ تبیّن هدف الخلق التکاملی الذی یعود على الإنسان نفسه.

ویجدر أن نشیر إلى هذه «اللطیفة»، وهی أنّه لمّا کانت آیات القرآن غیر حاویة لکلمة التکامل، فإنّ بعضاً یتصوّر أنّها من الأفکار المستوردة; إلاّ أنّ الردّ على مثل هذا التصوّر أو الإشکال واضح، لأنّنا لسنا فی صدد الألفاظ الخاصّة، فمفهوم التکامل ومصادیقه جلیّة فی الآیات آنفة الذکر، تُرى ألم یکن العلم مصداقه الواضح... أم لم یکن الإرتقاء فی العبودیة وحسن العمل من مصادیقه!

فنحن نقرأ فی الآیة 17 من سورة محمّد قوله تعالى: (والذین اهتدوا زادهم هدى) فهل یدلّ التعبیر بالزیادة إلاّ على التکامل؟

سؤال: وهنا ینقدح سؤال، وهو: إذا کان الهدف هو التکامل، فلماذا لم یخلق الله الإنسان کاملا منذ البدایة حتى لا یکون محتاجاً إلى طیّ مراحل التکامل؟

والجواب: إنّ أساس هذا الإشکال هو الغفلة عن هذه النقطة، وهی أنّ العنصر الأصلی للتکامل هو التکامل الاختیاری، وبتعبیر آخر فإنّ التکامل یعنی أن یطوی الإنسان الطریق بنفسه وإرادته وتصمیمه، فإذا أخذوا بیده وأوصلوه بالقوّة والجبر فلیس هذا إفتخاراً ولا تکاملا.

فمثلا: لو أنفق الإنسان فلساً واحداً من ماله بإرادته وتصمیمه، فقد طوى من طریق الکمال الأخلاقی بتلک النسبة، فی حین أنّه لو اُجبر على إنفاق الملایین من ثروته، فإنّه لم یتقدّم خطوة واحدة فی ذلک الطریق، ولذلک صرّح القرآن بهذه الحقیقة فی الآیات المختلفة، وهی أنّ الله سبحانه لو شاء لأجبر الناس على أن یؤمنوا، إلاّ أنّ هذا الإیمان لا نفع فیه لهؤلاء: (ولو شاء ربّک لآمن من فی الأرض کلّهم جمیعاً).(9)


1. بحارالانوار، ج 67، ص 225.
2. نهج البلاغة، الکلمات القصار، الکلمة 131.
3. القیامة، 36.
4. المؤمنون، 115.
5. ص، 27.
6. الذاریات، 56.
7. الطلاق، 12.
8. الملک، 2.
9. یونس، 99.
خلق السّماء والأرض لیس لهواً: سورة الأنبیاء / الآیة 19 ـ 25
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma