الأمر التاسع: فی أقسام تعلّق النهی بالعبادة وتعیین محلّ النزاع فیها

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
بقی هنا شیءبقی هنا شیء

 

إنّ متعلّق النهی تارةً: یکون نفس العبادة کالنهی عن الصّلاة فی أیّام الحیض أو النهی عن الصّوم فی یوم العیدین، واُخرى: یکون متعلّق النهی جزء من أجزاء العبادة کما إذا نهى عن سور العزائم فی الصّلاة الواجبة، وثالثة: یتعلّق النهی بشرط العبادة کالنهی المتعلّق بلبس الحریر إذا کان هو الساتر لعورة المصلّی، ورابعة: یتعلّق النهی بوصف من أوصاف العبادة الملازمة لها کما إذا نهى عن الجهر بالقراءة، وخامسة: یتعلّق بوصفها غیر الملازم کالنهی عن الصّلاة فی المکان المغصوب، فهیهنا خمس صور.

لا إشکال فی أنّ القسم الأوّل داخل فی محلّ النزاع، وهکذا القسم الثانی لأنّ جزء العبادة عبادة، نعم لا بدّ من البحث فیه عن أنّ الفساد هل یسری من الجزء إلى الکلّ أو لا؟ فقال المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بعدم السرایة إلاّ فی صورتین:

الصورة الاُولى: ما إذا اکتفى بإتیان المنهی عنه ولم یأت بالجزء فی ضمن فرد آخر کما إذا أتى بسورة من سور العزائم واکتفى بها.

الصورة الثانیّة: ما إذا لم یکتف بالمأتی به ولکن کان المبنی بطلان الصّلاة بالزیادة مطلقاً سواءً کانت من کلام الآدمی أو لم یکن.

ولکن قد أورد علیه المحقّق النائینی(رحمه الله) بأنّ «فساد الجزء یسری إلى الکلّ مطلقاً ببیان أنّ جزء العبادة إمّا أن یؤخذ فیه عدد خاصّ کالوحدة المعتبره فی السورة بناءً على حرمة القرآن، وإمّا أن لا یؤخذ فیه ذلک، أمّا الأوّل فالنهی المتعلّق به یقتضی فساد العبادة لا محالة لأنّ الآتی به فی ضمن العبادة إمّا أن یقتصر علیه فیها أو یأتی بعده بما هو غیر منهی عنه، وعلى کلا التقدیرین لا ینبغی الإشکال فی بطلان العبادة المشتملة علیه، فإنّ الجزء المنهی عنه لا محالة یکون خارجاً عن إطلاق دلیل الجزئیّة أو عمومه، فیکون وجوده کعدمه، فإن اقتصر المکلّف علیه فی مقام الامتثال بطلت العبادة لفقدها جزئها، وإن لم یقتصر علیه بطلت من جهة الاخلال بالوحدة المعتبرة فی الجزء کما هو الفرض، ومن هنا تبطل صلاة من قرأ إحدى العزائم فی الفریضة سواء اقتصر علیها أم لم یقتصر، بل لو بنینا على جواز القرآن لفسدت الصّلاة فی الفرض أیضاً، لأنّ دلیل الحرمة قد خصّص الجواز بغیر الفرد المنهی عنه، فیحرم القرآن بالإضافة إلیه لا محالة، هذا مضافاً إلى أنّ تحریم الجزء یستلزم أخذ العبادة بالنسبة إلیه بشرط لا.

ومن هنا (أی هذا الوجه الأخیر) تبطل الصّلاة فی الفرض الثانی أیضاً وهو ما إذا لم یؤخذ فی الجزء عدد خاصّ، فإنّ تحریم الجزء یستلزم أخذ العبادة بالإضافة إلیه بشرط لا، فإن لم یقتصر بالجزء الحرام یخلّ بهذا الشرط، وإن اقتصر به بطلت العبادة لفقدها جزئها»(1) (انتهى ملخّصاً).

أقول: یرد علیه:

أوّلا: أنّ ظاهر أدلّة حرمة القرآن أنّ الحرمة مستندة إلى نفس القرآن لا إلى ذات السورة، ولازمه أن تکون قراءة هذه السورة وحدها جائزة وتلک السورة أیضاً وحدها جائزة، والحرام إنّما هو إیجاد المقارنة بینهما.

وبعبارة اُخرى: إنّ تلک الأدلّة منصرفة عن ما إذا کانت إحدى السورتین محرّمة بذاتها.

ثانیاً: إنّ تحریم جزء لیس معناه أخذ العبادة بشرط لا بالنسبة إلى ذلک الجزء بل لعلّ معناه عدم جواز الاکتفاء به ولزوم الإتیان بجزء آخر معه فیکون نظیر رمی الجمرة فی مناسک الحجّ بالحجر المغصوب الذی یکون المراد منه عدم جواز الاکتفاء به، فلو أتى بعده بما هو مباح کفاه.

فظهر أنّ ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فی القسم الثانی من التفصیل یکون فی محلّه.

أمّا القسم الثالث: وهو ما إذا تعلّق النهی بالشرط ـ فحاصل کلام المحقّق الخراسانی(رحمه الله)أنّ حرمة الشرط کما لا تستلزم فساده لا تستلزم فساد العبادة المشروطة به أیضاً إلاّ إذا کان الشرط عبادة، فإنّه قد فصّل بین ما إذا کان الشرط توصّلیاً کالستر وغیره فیکون خارجاً عن محلّ البحث أی لا یضرّ لبس الحریر المنهی عنه مثلا بصحّة الصّلاة مع قطع النظر عن الأدلّة الخاصّة، وبین ما إذا کان الشرط تعبّدیّاً فیوجب النهی عنه فساد نفسه ثمّ فساد العبادة المشروطة به.

وذهب المحقّق النائینی(رحمه الله) إلى خروج الشرط عن محلّ النزاع، أی عدم إیجاب النهی عنه بطلان المشروط به مطلقاً سواء کان تعبّدیّاً أو توصّلیاً، وذلک ببیان أنّ شرط العبادة الذی تعلّق به النهی إنّما هو المعنى المعبّر عنه باسم المصدر، فشرط الصّلاة إنّما هی الطهارة المراد بها معنى اسم المصدر المقارنة معها زماناً، وأمّا الأفعال الخاصّة من الوضوء والتیمّم والغسل فهی بنفسها لیست شرطاً للصّلاة وإنّما هی محصّلة لما هو شرطها، فما هو عبادة ـ أعنی بها نفس الأفعال ـ لیس شرطاً للصّلاة وما هو شرط لها ـ أعنی به نفس الطهارة ـ فهو لیس بعبادة بل حاله حال بقیّة الشرائط فی عدم اعتبار قصد القربة فیها، ولذلک یحکم بصحّة صلاة من صلّى غافلا عن الطهارة فإنکشف کونها مقترنة بها، ولا إشکال فی أنّ النهی إنّما تعلّق بالمعنى المصدری لا اسم المصدری، فلا یوجب بطلان المشروط إلاّ إذا کان النهی عنه نهیاً عن نفس الصّلاة المشروط به حیث لا إشکال حینئذ فی فساد العبادة(2).

أقول: الصحیح هو قول ثالث، وهو دخول الشرط فی محلّ البحث مطلقاً من دون فرق بین التعبّدی والتوصّلی، أمّا ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله). ففیه:

أوّلا: إنّ الشرط وإن کانت ذاته خارجة عن المشروط لکن التقیّد به جزء له ویوجب تکیّف العبادة وتلوّنها، به وحینئذ إذا کان الشرط مقارناً للعبادة کعدم التستّر بالحریر یوجب النهی عنه فساد العبادة المشروطة به لأنّه إذا تستّر بالحریر، أی لم یأت بالشرط، فقد أتى بفعل محرّم وصارت عبادته مقیّدة به، والتقیّد بالحرام یوجب فسادها، وهو نظیر ما إذا أمر الطبیب بشرب الدواء فی الغداء قبل الغذاء حیث إنّ تقیّد الشرب بهذا الزمان یوجب حدوث حالة وکیفیة جدیدة فی الدواء التی یستلزم عدمها عدم تأثیر الدواء فی المعالجة.

وثانیاً: أنّه قد مرّ سابقاً أنّه ربّما لا یکون شیء جزءً للصّلاة ولکن یسری قبحه إلى الصّلاة عرفاً ویوجب عدم إمکان التقرّب بها، وقد مرّ أیضاً أنّ عبادیّة شیء ومقرّبیته أمر عقلائی عرفی وأنّه لا یمکن التقرّب بشیء ما لم یکن مقرّباً عند العرف والعقلاء.

وأمّا ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) ففیه: أنّ کون الشرط فی التعبّدیات المعنى اسم المصدری لا المصدری لا أثر له فی المقام، لأنّ المعنى المصدری الذی یکون متعلّقاً للنهی وإن لم یکن شرطاً للعبادة بل یکون محصّلا لشرط العبادة ولکن النهی الذی تعلّق به یوجب فساد نفسه، ثمّ عدم تأثیره فی حصول الشرط، وهو المعنى اسم المصدری، وتصیر العبادة بالنتیجة باطلة وإن کان موجب بطلانها عدم تحقّق شرطها رأساً لا بطلان شرطها.


1. أجود التقریرات: ج1، ص397 ـ 399.
2. أجود التقریرات: ج 1، ص399 ـ 400.

 

بقی هنا شیءبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma