رجوع القید إلى الهیئة أو المادّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الرابع: تقسیمها إلى المتقدّم والمقارن والمتأخّرالمختار فی مسألة الواجب المشروط

 

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ هیهنا بحثاً له أهمیة خاصّة، وهو أنّ القیود المأخوذة فی لسان الأدلّة بعنوان الشرط أو غیره هل هی حقیقة راجعة إلى الهیئة أو المادّة؟ مع تسالم الکلّ على أنّ ظاهر القضیّة الشرعیّة رجوعها إلى الهیئة بل هو معنى الاشتراط وتعلیق الجزاء على الشرط، فمعنى «إن جاءک زید فأکرمه» مثلا أنّ وجوب الإکرام مقیّد بمجیء زید ومعلّق علیه بل قد اعترف بهذا الظهور العرفی من هو مخالف للمشهور فی المسألة وهو الشّیخ الأعظم الأنصاری (رحمه الله)، إلاّ أنّه یقول: لا بدّ من رفع الید عن هذا الظهور (لمحذور عقلی) وإرجاع القید إلى المادّة فیکون معنى قولک «إن استطعت یجب علیک الحجّ» حینئذ «أنّه یجب علیک من الآن إتیان الحجّ عند تحقّق الاستطاعة» فیکون القید وهو الاستطاعة فی المثال من قیود الواجب، مع أنّ ظاهر القضیّة أنّه من قیود الوجوب، نعم أنّه یقول: فرق بین قید الواجب الذی یستفاد من القضیّة الشرطیّة وسائر قیود الواجب، فیجب تحصیل القید وإیجاده فی الخارج فی الثانی دون الأوّل قضاء لحقّ القضیّة الشرطیّة.

واستدلّ لمقالة الشّیخ الأعظم(رحمه الله) أو یمکن أن یستدلّ لها باُمور:

الأمر الأوّل: أنّ مفاد الهیئة من المعانی الحرفیّة، وقد قرّر فی محلّه أنّ الوضع فیها عام والموضوع له خاصّ، أی المعنى الحرفی جزئی حقیقی، ومن البدیهی أنّ الجزئی لا یقبل التقیید والإطلاق.

وببیان آخر: أنّ المعانی الحرفیّة إیجادیّة بأسرها، ولو لم یکن الجمیع کذلک فلا أقلّ من خصوص مفاد هیئة الأمر، أی الطلب، فلا إشکال فی کونه إیجادیّاً، والمعنى الإیجادی جزئی حقیقی، فإنّ الإیجاد هو الوجود، ولا ریب فی أنّ الوجود الخارجی عین التشخّص والجزئیّة فلا یقبل التقیید والإطلاق.

ولکن یرد علیه: أنّه قد مرّ فی مبحث المعانی الحرفیّة أنّ کون الموضوع له خاصّاً لیس معناه کونه جزئیّاً حقیقیّاً بل أنّه بمعنى الجزئی الإضافی، فمعنى الابتداء فی قولنا: «سر من البصرة إلى الکوفة» مثلا کلّی تتصوّر له أفراد کثیرة بملاحظة وجود بوّابات کثیرة مثلا للبصره أو الکوفة وأمکنة متعدّدة لابتداء السیر، فالامتثال لهذا الاْمر له مصادیق کثیرة، وکلّ ما کان له مصادیق کثیرة کان کلّیاً.

وأمّا کونها إیجادیّة وأنّ الإیجاد جزئی حقیقی فیمکن الجواب عنه أیضاً بأنّه کذلک، أی یکون الإیجاد جزئیّاً حقیقیّاً، ولکن البحث هنا لیس بحثاً عن التقیید بمعنى التضییق والتخصیص بل أنّه بحث عن التقیید بمعنى التعلیق، وسیأتی فی الوجه الرابع أنّ أحدهما غیر الآخر حیث إنّ التعلیق إیجاد على فرض، فیمکن تعلیق الإیجاد أو الوجود على شیء مفروض الوجود وإن لم یمکن تقییده، فلا مانع مثلا من تعلیق وجود إکرام زید ولو بنحو خاصّ على مجیئه وإن کان جزئیّاً حقیقیاً.

الأمر الثانی: ما یستفاد من کلمات بعض الأعاظم من أنّ المعنى الحرفی وإن کان کلّیاً إلاّ أنّه ملحوظ باللحاظ الآلی ولا یلحظ استقلالا حتّى یمکن تقییده، حیث إنّ التقیید أو الإطلاق من شؤون المعانی الملحوظة باللحاظ الاستقلالی(1).

ویرد علیه: أیضاً إنّا لم نقبل فی محلّه کون المعانی الحرفیّة معانی مرآتیّة آلیّة بمعنى المغفول عنها، بل قد ذکرنا هناک أنّه ربّما یکون المعنى الحرفی أیضاً مستقلا فی اللحاظ بهذا المعنى ویکون تمام الالتفات والتوجّه إلیه کما إذا قلت: هل الطائر فی الدار أو على الدار؟ ومرادک السؤال عن «الظرفیّة» و «الاستعلاء» فی مثل الطائر الذی تعلم بوجود نسبة بینه وبین الدار، لکن لا تدری أنّ هذه النسبة هی الظرفیّة أو الاستعلاء.

نعم، إنّ المعانی الحرفیّة تابعة للمعانی الاسمیة فی الوجود الخارجی والذهنی، ولا إشکال فی أنّ التبعیّة فی الوجود لا تلازم کون المعنى الحرفی مغفولا عنه، فقد وقع الخلط هنا بین التبعیّة فی الوجود الذهنی وعدم قیام المفهوم بنفسه وبین الغفلة عنه مع أنّ بینهما بون بعید.

الأمر الثالث: لزوم اللغویّة حیث أنّه إذا کان الوجوب استقبالیاً فلا ثمرة للایجاب والإنشاء فی الحال، وبعبارة اُخرى: إذا لم یکن المنشأ طلباً فعلیّاً یکون الإنشاء لغواً.

والجواب عنه واضح: لأنّ المفروض أنّ أحکام الشارع أحکام کلّیة تصدر على نهج القضایا الحقیقیة وشاملة لجمیع المکلّفین الواجدین منهم للشرائط المذکورة فیها وغیرهم، فوجوب الحجّ مثلا یشمل المستطیع فعلا ومن سیستطیع، وعندئذ لا بدّ من صدور الخطاب بشکل القضیّة الشرطیّة حتّى یکون فعلیّاً بالنسبة إلى من کان الشرط محققاً له الآن، واستقبالیاً بالنسبة إلى من یحصل الشرط له فیما بعد، أی یکون الخطاب الواحد بالنسبه إلى بعض فعلیّاً وبالنسبة إلى آخر مشروطاً تقدیریّاً، والغفلة عن هذه الحقیقة أوجبت الإیراد باللغویّة.

أضف إلى ذلک أنّه ربّما یلزم تقدیم الإنشاء لمراعاة حال المکلّف ولو کان الإنشاء شخصیّاً لکی لا یواجه التکلیف فجأةً بل یکون على ذکر منه فیهیّء نفسه للامتثال، أو مراعاة حال نفسه فلا یکون بحاجة إلى خطاب جدید مثلا، فلعلّه لا یتمکّن فی ذلک الوقت من الإیجاب والإنشاء (وهذا ما یجری حتّى فی القضایا الشخصیّة فضلا عن الحقیقیة الکلّیة) إلى غیر ذلک من المصالح.

الأمر الرابع: أنّ الإنسان إذا توجّه إلى شیء وإلتفت إلیه فلا یخلو: إمّا أن یطلبه أم لا، ولا ثالث فی البین، لا کلام على الثانی، وعلى الأوّل لا یخلو من أنّ الفائدة إمّا أن تقوم بطبیعی ذلک الشیء من دون دخل خصوصیّة من الخصوصیّات فیها، أو تقوم بحصّة خاصّة منه، وعلى الأوّل فطبیعی أن یطلبه المولى على إطلاقه وسعته، وعلى الثانی یطلبه مقیّداً بقید خاص، وهذا القید، تارةً یکون اختیاریّاً واُخرى غیر اختیاری، وعلى الأوّل تارةً یکون مورداً للطلب والبعث، وذلک کالطهارة مثلا بالإضافة إلى الصّلاة، واُخرى لا یکون کذلک بل أخذ مفروض الوجود، وذلک کالإستطاعة بالإضافة إلى الحجّ، وعلى الثانی أی فرض کونه غیر اختیاری فهو لا محالة أخذ مفروض الوجود فی مقام الطلب والجعل لعدم صحّة تعلّق التکلیف به، وکزوال الشمس بالإضافة إلى وجوب الصّلاة، وعلى جمیع التقادیر فالطلب فعلی ومطلق، والمطلوب مقید من دون فرق بین کونه اختیاریّاً أو غیر اختیاری، ونتیجته رجوع القید بشتّى ألوانه إلى المادّة.

ویرد علیه: أیضاً أنّ الاحتمالات لا تنحصر فی ما ذکر، والحصر لیس بحاصر، بل هنا احتمال آخر لم یشر إلیه المستدلّ فی کلامه، حیث إنّ الإنسان إذا إلتفت إلى شیء فإمّا أن لا یطلبه مطلقاً فلا کلام فیه، وإمّا أن یطلبه مطلقاً أی لا یکون طلبه مشروطاً بشیء ومعلّقاً على شیء، (وإن کان مطلوبه مقیّداً بشیء أحیاناً) وإمّا أن یکون طلبه معلّقاً على شیء فهو لا یطلب ولا یبعث إلاّ بعد حصول ذلک الشیء کالإستطاعة، وما ذکره من الصور العدیدة إنّما هی من شقوق القسم الأوّل (أی ما إذا کان طلبه مطلقاً)، وأمّا القسم الأخیر فلم یأت به فی کلامه (وإن أتى بمثاله وهو الحجّ بالنسبة إلى الاستطاعة والصّلاة بالنسبة إلى دلوک الشمس) حیث إنّ کلامه فی تقسیمات الواجب والمطلوب لا فی تقسیمات الوجوب والطلب، والقسم الأخیر أی التعلیق فی الطلب هو المراد من الواجب المشروط عند المشهور، وسیأتی بیان ماهیته.

الأمر الخامس: أنّ رجوع الشرط إلى الهیئة دون المادّة یوجب تفکیک الإنشاء عن المنشأ، فالإنشاء یکون فعلیّاً والمنشأ وهو وجوب الإکرام فی مثال «إن جاءک زید فأکرمه» یکون استقبالیاً حاصلا بعد المجیء، وهذا غیر معقول بل هو أسوأ حالا من تفکیک العلّة عن المعلول حیث إنّ العلّة والمعلول أمران واقعیان، ویکون الواقع فیهما متعدّداً، بخلاف الإنشاء والمنشأ أو الإیجاد والوجود أو الإیجاب والوجوب فإن الواقع فیهما واحد یکون إنشاءً أو إیجاداً أو إیجاباً إذا نسب إلى الفاعل، ویکون منشأً أو وجوداً أو وجوباً إذا نسب إلى القابل.

وقد اُجیب عنه بوجوه:

الوجه الأوّل: ما أجاب به المحقّق الخراسانی(رحمه الله) وحاصله: أنّ الإنشاء حیث تعلّق بالطلب التقدیری، فلابدّ أن لا یکون الطلب حاصلا فعلا قبل حصول الشرط وإلاّ لزم تخلّف الإنشاء عن المنشأ.

وبعبارة اُخرى: أنّ الطلب فی الواجب المشروط تقدیری، ولازمه عدم فعلیة الطلب والإنشاء، فلو کان الطلب فعلیّاً یستلزم الخلف.

ولکن الإنصاف أنّه لا یندفع به الإشکال بل هو أشبه بالمصادرة، لأنّ الکلام فی إمکان هذا النحو من الإنشاء بالوجدان مع أنّ الإنشاء هو الإیجاد، والإیجاد أمره دائر بین الوجود والعدم، فإمّا وجد الإنشاء أو لم یوجد ولا ثالث له حتّى یسمّى بالإنشاء التقدیری.

الوجه الثانی: ما أفاده بعض الأعلام وهو مبنی على ما اختاره فی المعانی الحرفیّة (من أنّ الإنشاء عبارة عن إبراز الأمر الاعتباری النفسانی فی الخارج بمبرز من قول أو فعل)، فإنّه قال: «الصحیح أن یقال أنّه لا مدفع لهذا الإشکال بناءً على نظریة المشهور من أنّ الإنشاء عبارة عن إیجاد المعنى باللفظ ضرورة عدم إمکان تخلّف الوجود عن الإیجاد وأمّا بناءً على مختارنا (وهی ما مرّ آنفاً) فیندفع الإشکال المذکور من أصله»(2).

أقول: وقد بنی على هذا المبنى فی معنى الإنشاء نتائج کثیرة فی علم الاُصول:

أوّلا: أنّه خلاف الوجدان حیث إنّ الوجدان حاکم بأنّ البائع مثلا فی قوله «بعت» إنّما یکون فی مقام إیجاد شیء فی عالم الاعتبار لا الأخبار عن اعتبار موجود فی نفسه.

وثانیاً: أنّ لازمه تطرّق احتمال الصدق والکذب فی الإنشاء کالاخبار (حیث إنّ الإبراز المذکور فی کلامه لو کان مطابقاً لما فی ضمیر المبرز فهو صادق وإلاّ کان کاذباً) وهو ممّا لا یلتزم به أحد.

وثالثاً ـ وهو العمدة ـ أنّ الإنشاء إیجاد فی عالم اعتبار العقلاء والقوانین العقلائیّة (لا فی عالم الخارج ولا فی عالم الذهن) فتوجد بقول البائع «بعت» ملکیّة قانونیّة فی عالم الاعتبار فی مقابل الملکیّة الخارجیّة والسلطنة الخارجیّة على الأموال، وبعبارة اُخرى: کانت الملکیّة والسلطة فی أوّل الأمر منحصرة عند العقلاء فی السلطة الخارجیّة ثمّ أضافوا إلیها قسماً آخر من السلطة وهی السلطة القانونیّة واعتبروا لایجادها أسباباً لفظیّة وغیرها، فما ذکره من أنّ «الإیجاد فی عالم الخارج لا معنى له، وفی عالم النفس لا یحتاج إلى الإنشاء اللّفظی» مدفوع بأنّه إیجاد فی وعاء اعتبار العقلاء بالتوسّل بأسبابها.

أضف إلى ذلک کلّه أنّ ما ذکره لا یتصوّر بالنسبة إلى بعض أنواع الإنشاء مثل النداء والإشارة فإنّه لا معنى لوجود شیء فی نفس المنادی أو المشیر بإسم النداء والإشارة بل الموجود قبل التلفّظ بأداة النداء أو الإشارة إنّما هو إرادة النداء أو الإشارة فحسب، وأمّا نفس النداء أو الإشارة فإنّما توجد بأداتها مع نیّتها.

وبهذا یظهر أنّ الحقّ فی حقیقة الإنشاء إنّما هو مذهب المشهور من أنّه إیجاد لا إخبار.

الوجه الثالث: ما أفاده فی تهذیب الاُصول وإلیک نصّ کلامه: «إنّ الخلط نشأ من إسراء حکم الحقائق إلى الاعتبارات التی لم تشمّ ولن تشمّ رائحة الوجود حتّى یجری علیه أحکام الوجود، ولعمری أنّ ذلک هو المنشأ الوحید فی الاشتباهات الواقعة فی العلوم الاعتباریّة إذ الإیجاد الاعتباری لا مانع من تعلیقه، ومعنى تعلیقه أنّ المولى بعث عبده على تقدیر وإلزام، وحکم شیئاً علیه لو تحقّق شرطه، ویقابله العدم المطلق أی إذا لم ینشأ ذلک على هذا النحو»(3).

أقول: إنّا لا ننکر ما یقع کثیراً مّا من الخلط بین الاُمور التکوینیّة والاعتباریّة وما یترتّب علیه من الإشکالات الکثیرة، وما أکثرها فی الفقه والاُصول، ولکن هذا لیس بمعنى عدم حکومة ضابطة فی الاعتباریات مطلقاً، والسرّ فی ذلک والنکتة التی صارت مغفولا عنها فی المقام هی أنّه فرق بین المعتبر والاعتبار، وإنّ ما یکون من الاُمور الاعتباریّة إنّما هو المعتبر، وأمّا نفس الاعتبار فهو أمر تکوینی ومحکوم للقوانین الحاکمة على التکوینیات، فاعتبار الوجوب وإیجاده أمر تکوینی دائر أمره بین الوجود والعدم ولا یتصوّر شیء ثالث بینهما، ومجرّد تسمیة شیء باسم الوجود التقدیری أو المعلّق مصادرة إلى المطلوب ولا یرفع المحذور فی المسألة، ولذا لا یجتمع الاعتبار فی زمان معیّن مع عدمه لعدم جواز الجمع بین النقیضین، ومن هذا الباب ما نحن بصدده وهو أنّ الإیجاد الاعتباری لا معنى لکونه معلّقاً على شیء.

أضف إلى ذلک أنّ مسألة الوجود المعلّق والاشتراط بالقضیّة الشرطیّة لا تختصّ بالاعتباریات حتّى یکون مفتاح حلّ المشکل فی اعتباریّة المسألة، بل تتصوّر أیضاً فی الاُمور التکوینیّة کما فی قولک: «إن طلعت الشمس فالنهار موجود» فوجود النهار الذی صار معلّقاً على طلوع الشمس لیس من الاعتباریات کالملکیة، فهو إمّا موجود فی الخارج أو لیس بموجود ولا ثالث بینهما فیعود الإشکال.


1. راجع أجود التقریرات: ج1، ص131.
2. راجع المحاضرات: ج2، ص323.
3. تهذیب الاُصول: ج1، ص175 ـ 176، طبع مهر.

 

الرابع: تقسیمها إلى المتقدّم والمقارن والمتأخّرالمختار فی مسألة الواجب المشروط
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma