الأمر الثانی: فی دلالة المادّة على الوجوب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الأوّل: فی اعتبار العلوّ أو الاستعلاء فی هذا المعنىالأمر الثالث: فی اتّحاد الطلب والإرادة

واستدلّ لها بوجوه:

الوجه الأوّل: التبادر والظهور العرفی، فإنّ المتبادر عرفاً من لفظ الأمر فیما إذا کان مجرّداً عن قرینة على الاستحباب هو الطلب الإلزامی.

وإن شئت قلت: أنّ مفاده البعث کما عرفت، والبعث یستدعی الانبعاث کما هو الحال فی البعث الفعلی بأن یأخذ بیده ویبعثه نحو العمل، فکما أنّ البعث الفعلی ظاهر فی الوجوب، فکذا البعث القولی یتبادر منه الوجوب، بل سیأتی إن شاء الله تبادر الفوریّة منه أیضاً.

لا نقول إنّ استعماله فی المستحبّ مجاز کما سیأتی، بل نقول: المتبادر من الإطلاق هو الوجوب، والانصراف إلى بعض أفراد المطلق لیس بمعنى کونه مجازاً فی غیره.

الوجه الثانی: قوله تعالى: (فَلْیَحْذَرْ الَّذِینَ یُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِیبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ یُصِیبَهُمْ عَذَابٌ أَلِیمٌ)(1) من باب إنّه مشتمل على مذمّة من یخالف الأمر وتهدیده بالعذاب.

الوجه الثالث: قوله (صلى الله علیه وآله): «لولا أن أشقّ على اُمّتی لأمرتهم بالسواک عند وضوء کلّ صلاة»(2) حیث إنّه (صلى الله علیه وآله) نفى الأمر مع ثبوت الاستحباب.

الوجه الرابع: ما نقل «أنّ بریرة لمّا طلب النبی (صلى الله علیه وآله) منها الرجوع إلى زوجها قالت: تأمرنی یارسول الله؟ فقال: لا بل إنّما أنا شافع»(3) فنفی الأمر أیضاً مع ثبوت استحباب إصلاح أمر الزوجة.

الوجه الخامس: قوله تعالى: (مَا مَنَعَکَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُکَ)(4) لشموله على التوبیخ والمذمّة لمن خالف أمره تعالى بالسجدة (وهو ابلیس).

ولکن یمکن نقض جمیع هذه الموارد للأمر غیر الأمر الأوّل بموارد استعمال الأمر فی القدر الجامع بین الوجوب والاستحباب:

منها: قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ)(5) لثبوت استحباب الاحسان.

ومنها: قوله تعالى: (لاَ خَیْرَ فِی کَثِیر مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَة أَوْ مَعْرُوف أَوْ إِصْلاَح بَیْنَ النَّاسِ)(6) فإنّه لا ریب أیضاً فی استحباب هذه الموارد الثلاثة.

ومنها: قوله (علیه السلام) فی کتابه لمالک: «هذا ما أمر به عبدالله علی أمیر المؤمنین ... ثمّ قال: أمره بتقوى الله ... أمره أن یکسر نفسه عند الشهوات» فلا إشکال فی استعماله أیضاً فی خصوص الاستحباب أو فی القدر الجامع بین الوجوب والاستحباب.

إلى غیر ذلک من الأمثلة التی تبلغ حدّ الاطّراد، والاطّراد دلیل الحقیقة کما مرّ فی محلّه، وأمّا استعماله فی خصوص أحدهما فإنّما هو من باب تطبیق الکلّی على الفرد، وهذا لا ینافی انصراف الإطلاق إلى خصوص الوجوب، فظهر أنّ الدلیل الوحید على دلالة مادّة الأمر على الوجوب إنّما هو الوجه الأوّل، أی التبادر والظهور العرفی، وأمّا سائر الوجوه فهی على حدّ التأیید للمدّعى لا أکثر، لأنّها استعمالات لهذه المادّة فی خصوص الوجوب، ومجرّد الاستعمال غیر دالّ على الحقیقة ما لم یبلغ حدّ الاطّراد.

وعلى أیّ حال: لا کلام فی ظهوره فی الوجوب، إنّما الکلام فی منشأ هذا الظهور، فهل هو الوضع بحیث یکون الأمر بمادّته موضوعاً للطلب الوجوبی، أو منشأه غلبة استعماله فی الوجوب، أو أنّه قضیّة الإطلاق ومقدّمات الحکمة کما ذهب إلیه المحقّق العراقی(رحمه الله)، أو المنشأ إنّما هو حکم العقل بوجوب طاعة المولى الآمر قضاءً لحقّ المولویّة والعبودیّة کما ذهب إلیه بعض المعاصرین(7)؟

قال المحقّق العراقی(رحمه الله) بعد أن نفى الوجه الأوّل (لصحّة التقسیم وصحّة الإطلاق على الطلب غیر الإلزامی) والوجه الثانی (بدعوى وضوح کثرة استعماله فی الاستحباب أیضاً مع نقله کلام صاحب المعالم(رحمه الله) وأنّه بعد أن اختار کون الأمر حقیقة فی خصوص الوجوب
قال: «إنّه یستفاد من تضاعیف أحادیثنا المرویّة عن الأئمّة (علیهم السلام) أنّ استعمال الأمر فی الندب کان شائعاً فی عرفهم بحیث صار من المجازات الراجحة المساوی احتمالها من اللفظ لاحتمال الحقیقة عند انتفاء المرجّح الخارجی» مع أنّ کلامه (رحمه الله) هذا مرتبط بصیغة الأمر لا بمادّته فراجع): «وحینئذ فلابدّ وأن یکون الوجه فی ذلک هو قضیّة الإطلاق ومقدّمات الحکمة، ثمّ قرّبه بوجهین:

الأوّل: أنّ الطلب الوجوبی لمّا کان أکمل بالنسبة إلى الطلب الاستحبابی لما فی الثانی من جهة نقص لا یقتضی المنع من الترک، فلا جرم عند الدوران یکون مقتضى الإطلاق هو الحمل على الطلب الوجوبی، إذ الطلب الاستحبابی باعتبار ما فیه من النقص یحتاج إلى نحو تحدید وتقیید، بخلاف الطلب الوجوبی، فإنّه لا تحدید فیه حتّى یحتاج إلى التقیید، وحینئذ فکان مقتضى الإطلاق بعد کون الآمر بصدد البیان هو کون طلبه طلباً وجوبیاً لا استحبابیاً.

الثانی: أنّ الأمر بعد أن کان فیه اقتضاء لوجود متعلّقه فی مرحلة الخارج (ولو باعتبار منشئیته لحکم العقل بلزوم الإطاعة والامتثال) یکون اقتضائه ـ تارةً ـ بنحو یوجب مجرّد خروج العمل عن اللااقتضائیّة، بحیث کان حکم العقل بالإیجاد من جهة الرغبة لما یترتّب علیه من الأجر والثواب فحسب، واُخرى یکون اقتضاؤه لتحریک العبد بالإیجاد بنحو أتمّ بحیث یوجب سدّ باب عدمه حتّى من طرف العقوبة على المخالفة علاوة عمّا یترتّب على إیجاده من المثوبة الموعودة، وفی مثل ذلک نقول: بأنّ قضیّة إطلاق الأمر یقتضی کونه على النحو الثانی لعدم تقیّده بشیء (انتهى ملخّصاً)(8).

أقول: الأولى فی المقام أن یقال: إنّ منشأ الانصراف أنّ طبیعة الطلب لیس فیها عدم الطلب وإذن فی الترک، فإنّ الطلب بعث إلى الشیء، والبعث یقتضی الانبعاث فلا سبیل لعدم الانبعاث فی ماهیته، فالإلزام والوجوب لازم لطبیعة الطلب وماهیته، فما لم یصرّح المولى بالترخیص ولم یأذن بالترک ینصرف الطلب إلى الوجوب ویتبادر منه اللزوم، والشاهد على ذلک أنّه إذا لم یمتثل العبد أمر المولى اعتذاراً بأنّی کنت أحتمل الندب لم یقبل عذره ویقال له «إذا قیل لک افعل فأفعل».

نعم، إذا قامت قرینة على الاستحباب والترخیص لم یکن مجازاً لأنّ الموضوع له عامّ یشمل الوجوب والاستحباب وإن کان إطلاقه منصرفاً إلى الوجوب.

نعم أُورد على المحقّق العراقی(رحمه الله) فی تهذیب الاُصول بأنّ «ما ذکره صاحب المعالم إنّما هو فی صیغة الأمر دون مادّته کما أنّ مورد التمسّک بالاطلاق هو صیغة الأمر دون مادّته»(9).

لکن الإنصاف عدم ورود اشکاله بالنسبة إلى التمسّک بالاطلاق (وإن کان وارداً بالنسبة إلى نقل کلام صاحب المعالم کما أشرنا إلیه ضمن نقل کلام هذا العلم) وذلک لأنّه لا فرق فی هذه الجهة بین صیغة الأمر ومادّته، فکما تجری مقدّمات الحکمة ویمکن التمسّک بالاطلاق فی صیغة الأمر، تجری أیضاً فی مادّته من دون فرق بین ما یکون المولى فیه فی مقام الإنشاء کما فی قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) وقوله (علیه السلام): هذا ما أمر به عبدالله ... (فی کتاب علی (علیه السلام) لمالک) وما یکون المولى فیه فی مقام الإخبار کقوله (علیه السلام): «أمر رسول الله بالزکاة فی تسعة أشیاء» فإنّه یمکن أن یقال فیها أیضاً (کما یمکن أن یقال فی صیغة الأمر) أنّ المولى کان فی مقام البیان فأمر بشیء من دون تقیید وبیان زائد یستفاد منه الاستحباب، فیستفاد منه الوجوب من باب وجود نقیصة فی الطلب الاستحبابی یحتاج رفعها إلى مؤونة زائدة من البیان.

إن قلت: یتمسّک بالاطلاق غالباً لادخال جمیع الأفراد وشمول اللفظ لها جمیعاً بینما التمسّک به هنا یکون لأجل تعیین أحد الفردین.

قلنا: المطلوب فی التمسّک بالاطلاق إنّما هو نفی القید لا تکثیر الفرد وتجمیع الأفراد، نعم نفی القید یلازم غالباً فی الخارج شمول الأفراد، کما أنّ التقیید یلازم غالباً إخراج الفرد وإلاّ قد یستلزم من نفی القید تعیین أحد الفردین کما إذا کان لعنوان کلّی فردان: أحدهما مع القید، والآخر بدون القید، فینفى باجراء أصالة الإطلاق القید ویثبت تعیین الفرد المطلق کما فعله المحقّق الخراسانی(رحمه الله) (وتبعه الآخرون) فی دوران الأمر بین الواجب التعیینی والواجب التخییری، فإذا شککنا فی أنّ التسبیحات الأربعة فی الرکعتین الأخیرتین مثلا واجب تعیینی أو یکون المکلّف مخیّراً بینها وبین قراءة الحمد، نتمسّک بإطلاق أدلّة التسبیحات ونقول: أمر الشارع بها وطلبها من المکلّف مطلقاً سواء قرأ سورة الحمد أو لم یقرأها.

ولکن التمسّک بالاطلاق لا یخلو عن إشکال، لأنّ الوجوب والاستحباب هما من مراتب الطلب لیس وأحدهما مطلقاً، والآخر مقیّداً، کما لا یخفى على الخبیر.

فقد تلخّص من جمیع ما ذکرنا:

أوّلا: أنّ مادّة الأمر مشترک معنوی بین الوجوب والندب فی اللّغة، والدلیل هو ما مرّ من الاطّراد وعدم صحّة السلب عن مورد الاستحباب.

وثانیاً: أنّها مع اشتراکها معنویّاً بحسب اللّغة تنصرف إلى الوجوب بمقتضى طبیعة الوجوب.


1. سورة النور: الآیة 63.
2. وسائل الشیعة: ج1 أبواب السواک، الباب3، ح4.
3. الکافی: ج5، ص485; والتهذیب: ج7، ص341; الخصال: ج1، ص190 (نقلا من کفایة الاُصول طبع آل البیت ص63).
4. سورة الأعراف: الآیة 12.
5. سورة النحل: الآیة 90.
6. سورة النساء: الآیة 114.
7. وهو المحقّق العلاّمة الشّیخ محمّد رضا المظفّر(رحمه الله) فی اُصول الفقه: ج1، ص61، طبع دار النعمان بالنجف.
8. نهایة الأفکار: ج1، ص161 ـ 163، طبع جماعة المدرّسین.
9. تهذیب الاُصول: ج1، ص101، طبع مهر.

 

الأمر الأوّل: فی اعتبار العلوّ أو الاستعلاء فی هذا المعنىالأمر الثالث: فی اتّحاد الطلب والإرادة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma