وهو أنّه لو کنّا مختارین فی أعمالنا لوجب القدرة على تکرار الأعمال بعینها، فإذا ألقینا حجراً فی موضع خاصّ وکان هو معلولا لاختیارنا وإرادتنا فلنکن قادرین على إلقائه فی نفس ذلک الموضع فی المرّة الثانیّة مع أنّه نتخلّف عنه غالباً، بل قد یقع على نفس الموضع السابق صدفة.
وأجاب عنه المحقّق الطوسی(رحمه الله): بوجهین ولنا جواب ثالث لعلّه أدقّ منهما:
الأوّل: فهو النقض بأنّه قد یصدر عنّا أعمال تکراریّة متشابهة کحرکة الید والأصابع.
الثانی: (هو جواب حلّی منه (رحمه الله)) فهو إنّا غیر عالمین بتفاصیل العمل وإلاّ لو علمنا به تفصیلا لکنّا قادرین على تکراره بعینه، فمثلا لو علمنا بمقدار الماء فی الاغتراف الأوّل لأستطعنا أن نغترف منه بنفس ذلک المقدار فی المرّة اللاّحقة.
وأمّا الجواب الثالث فهو أن نقول: إنّ الاختیاری من العمل فی المثال المزبور إنّما هو أصل إلقاء الحجر فحسب، وهو ممّا یمکن تکراره بعینه بلا إشکال، وأمّا خصوصّیاته وجزئیاته فلا بأس بکونها خارجة عن الاختیار.
وبعبارة اُخرى: ههنا عدّة من العوامل الجبریّة تکون دخیلة فی عمل الإلقاء کبعض ارتعاشات الید ومقدار القوّة الموجودة فی الید فی کلّ مرّة ولکنّها لا تنافی اختیاریّة أصل العمل کما لا یخفى.