أدلّة القائلین بالاختیار

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
المختار فی حلّ مشکلة الإرادة على مذهب الاختیارالأدلّة النقلیّة على القول بالاختیار

وأمّا القائلون بالاختیار فاستدلّوا لمقالتهم بوجوه أیضاً:

الوجه الأوّل: ما هو مشترک بین الإلهیین والمادّیین وهو الرجوع إلى الوجدان، فإنّ الضرورة قاضیة باستناد أفعالنا إلینا على تعبیر المحقّق الطوسی (رحمه الله)(والمراد من الضرورة فی کلامه ضرورة الوجدان لا ضرورة دلیل العقل).

وتوضیحه: أنّ الوجدان على نوعین: الوجدان الفردی والوجدان العمومی، أمّا الوجدان الفردی فهو قاض بوجود الفرق الواضح بین أفعالنا نظیر ضربان القلب وجریان الدم فی العروق وحرکة ید المرتعش، وبین أفعال اُخرى لا تصدر من الإنسان إلاّ بعد التصوّر والتصدیق والإرادة سواء صدرت من الإنسان بلا تأمّل ومشقّة وبمجرّد تعلّق الإرادة والمشیّة علیه کحرکة الید غیر المرتعش فإنّها تتحقّق بمجرّد الإرادة، أو لا تتحقّق بمجرّد الإرادة بل تحتاج إلى حصول مقدّمات ومباد کسیلان الدموع، فلا إشکال فی أنّ الوجدان حاکم على عدم اختیاریّة القسم الأوّل کما لا إشکال فی أنّه یقضی باختیاریّة القسم الثانی والثالث، بل لو اُقیمت صورة الف برهان على العکس نعلم إجمالا بوجود اختلال فی بعض مقدّماته، لأنّه لا یقاوم الوجدان.

وأمّا الوجدان العمومی فلا إشکال أیضاً فی أنّ جمیع العقلاء من الإلهی والمادّی حتّى القائلین بمذهب الجبر یحکمون بأنّ المسؤول فی الجرائم والتخلّفات والجنایات إنّما هو الإنسان نفسه، فیذمّونه ویجعلون لشخص المتخلّف غرامة معیّنة، والقول بالجبر یستلزم کون جمیع المحاکم القضائیّة ظالمة ویستلزم أن یکون جمیع المجازات ظلماً.

وبعبارة اُخرى: أنّ أصل المجازاة واستحقاق الظالم لها وجدانی وإن کانت کیفیتها وخصوصّیاتها اعتباریّة ومجعولة من قبل المقنّن المشرّع.

وهذا ممّا یقضی به الجبریون أیضاً بوجدانهم، والمنکر إنّما ینکره باللسان وقلبه مطمئن بالایمان، نظیر إنکار السوفسطائی لأصل الوجود والمثالی للوجود الخارجی، فلا إشکال فی أنّ القائلین بهذه المقالات یعترفون فی مقام العمل بوجود الأعیان الخارجیّة کالنار والماء والهواء والسیارات والطیّارات فیطلبونها ویرکبونها کسائر الناس من دون أی فرق.

کذلک العالم الجبری إذا قام فی میدان العمل ورأى نفسه فی المجتمع البشری یلوم من غصبه حقّه ویشکو منه ویرى تعزیره وسجنه عدلا بینما تکون جمیع هذه الاُمور على اعتقاده ظلماً وجوراً.

ویؤیّد ما ذکرنا من قضاء الوجدان بالاختیار ما رواه فی اُصول الکافی عن أمیر المؤمنین(علیه السلام) أنّه کان جالساً بالکوفة منصرفة من صفّین إذ أقبل شیخ فجثا بین یدیه، ثمّ قال له: یاأمیر المؤمنین أخبرنا عن مسیرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟ فقال أمیر المؤمنین (علیه السلام): «أجل یاشیخ، ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلاّ بقضاء من الله وقدر» فقال له الشّیخ: عند الله أحتسب عنائی یاأمیر المؤمنین؟ فقال له: «مه یاشیخ فوالله لقد عظّم الله الأجر فی مسیرکم وأنتم سائرون وفی مقامکم وأنتم مقیمون وفی منصرفکم وأنتم منصرفون ولم تکونوا فی شیء من حالاتکم مکرهین ولا إلیه مضطرّین» فقال له الشّیخ: وکیف لم نکن فی شیء من حالاتنا مکرهین ولا إلیه مضطرّین وکان بالقضاء والقدر مسیرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له: «وتظنّ أنّه کان قضاء حتماً وقدراً لازماً؟ إنّه لو کان کذلک لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهی والزجر من الله وسقط معنى الوعد والوعید فلم تکن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن ولکان المذنب أولى بالاحسان من المحسن ولکان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلک مقالة اُخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشیطان، وقدریّة هذه الاُمّة مجوسها، إنّ الله تبارک وتعالى کلّف تخییراً ونهى تحذیراً وأعطى على القلیل کثیراً ولم یُعص مغلوباً ولم یطع مکرهاً ولم یملّک مفوّضاً ولم یخلق السماوات والأرض وما بینهما باطلا، ولم یبعث النبیین مبشّرین ومنذرین عبثاً، ذلک ظنّ الذین کفروا فویل للذین کفروا من النار».

فأنشأ الشّیخ یقول:

أنت الإمام الذی نرجو بطاعته *** یوم النجاة من الرحمن غفرانا

أوضحت من أمرنا ما کان ملتبساً *** جزاک ربّک بالاحسان احسان(1)

وفی نقل آخر(2) رواه العلاّمة المجلسی فی البحار بعد ذکر ما مرّ: ثمّ تلا علیهم (وَقَضَى رَبُّکَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِیَّاهُ) وفی نقل ثالث فی البحار(3) أیضاً بعد عدّه (علیه السلام)الموارد العشرة من قضاء الله تعالى وقدره قال: «کلّ ذلک قضاء الله فی أفعالنا وقدره لأعمالنا».

وهذا الحدیث الذی هو من غرر الأحادیث ومحکمات الأخبار المأثورة عن المعصومین (علیهم السلام) الذی تلوح علیه آثار الصدق ناظر إلى تفسیر القضاء والقدر بالقضاء والقدر التشریعیین (کما ورد فی ذیله) ثمّ تمسّک لإثبات بطلان مقالة الجبریین والقدریین بالوجدان الصریح من عشرة وجوه: أحدها: الثواب والآخر: العقاب والثالث: الأمر الرابع: النهی ... إلى آخر ما ذکره (علیه السلام) فإنّه لا یجتمع الثواب مع الجبر على الطاعة ولا العقاب مع الجبر على المعصیة کما أنّه لا معنى للأمر على فرض الجبر على الطاعة لأنّه تحصیل للحاصل، ولا فی فرض الجبر على المعصیة فإنّه تکلیف بما لا یطاق، وهکذا مسألة اللائمة والمحمدة والسؤال والعتاب کلّ ذلک لغو أو ظلم على القول بالجبر، وهو أمر واضح لکلّ أحد.

الوجه الثانی: ما یختصّ بالالهیین وهو «دلیل العدالة» وهو أنّ الجبر ینافی عدله تعالى کما أنّ القول بالتفویض ینافی التوحید ویلزم منه خروجه تعالى عن سلطنته، وقد نصّ على هذا المعنى أبو الحسن الرضا فی عبارة وجیزة لطیفة وقد سأل عنه الراوی وقال: الله فوّض الأمر إلى العباد؟ قال: الله أعزّ من ذلک. قلت: فجبرهم على المعاصی؟ قال: «الله أعدل وأحکم من ذلک»(4).

وقد أجاب عنه الأشاعرة بوجهین:

أحدهما: من طریق إنکار الحسن والقبح العقلیین وإنّ الظلم لیس قبیحاً على الباری تعالى.

ثانیهما: أنّه لو سلّمنا وقبلنا الحسن والقبح عند العقل إلاّ أنّه لا یصدق الظلم على أفعاله تعالى حتّى یحکم العقل بقبحه لأنّها تصرّفات فی ملک نفسه وله أن یتصرّف فی ملکه بما یشاء کیف یشاء لا یسأل عمّا یفعل.

ویجاب عن الوجه الأوّل: بأنّه سفسطة مخالفة للوجدان، مضافاً إلى أنّه مستلزم لانهدام أساس المذهب وهو معرفة الباری لأنّها مبنیة على قبول وجوب التحقیق عن وجوده تعالى، وهو مبنی على وجوب شکر المنعم ووجوب دفع الضرر المحتمل وقبح ترکهما، وکذلک معرفة النبی(صلى الله علیه وآله) لأنّها أیضاً متوقّفة على قبح اعطاء الله تعالى المعجزة بغیر النبی الصادق الصالح لمقام النبوّة وإلاّ لو لم یکن اعطائه بالشیطان مثلا قبیحاً لم تثبت النبوّة والرسالة ولم یحکم العقل بوجوب النظر إلى دعوى من یدّعی النبوّة ومعجزته.

وعن الوجه الثانی: بأنّه لا دلیل على جواز تصرّف الإنسان مثلا فی مملوکاته مطلقاً بما شاء وکیف یشاء، فلا یجوز له مثلا إحراق أمواله بل العقل یحکم بخلافه وبجواز التصرّفات غیر القبیحة، کذلک بالنسبة إلى أفعال الباری تعالى فإنّ تصرّفاته لا تکون إلاّ عن مصلحة، ومن المعلوم أنّ ما ذکر قبیح مخالف للمصلحة.

الوجه الثالث: «دلیل الحکمة» فإنّ القول بالجبر یلازم کون بعث الرسل وانزال الکتب لغواً، لأنّه أمّا أن الله تعالى أراد طاعة عبده وأنّ ذات العبد مقتضیة للطاعة فبعثه وزجره تحصیل للحاصل، وإمّا أن لا تکون ذاته مقتضیة للطاعة بل لها اقتضاء العصیان فیکون بعثه أو زجره تکلیفاً بما لا یطاق وکلاهما ینافیان حکمة الباری تعالى.

وهذا الوجه تامّ حتّى بناءً على إنکار الحسن والقبح العقلیین، لأنّ کونه تعالى حکیماً ثابت بالنقل.

نعم أنّه وارد على مقالة من یقول: بأنّ الجبر فی أفعال الإنسان ینشأ من إرادة الله تعالى ومشیّته الأزلیّة، ولا تدفع قول من یرى أنّه ناش من عوامل اُخرى أمّا نفسانیّة ذاتیّة للإنسان کعامل الوراثة، أو خارجیّة عن ذاته کعامل الطبیعة والمجتمع إذا کانت قابلة للتغییر ولو جبراً.

ثمّ إنّ المحقّق الخراسانی(رحمه الله) أورد مسألة الجبر والاختیار فی مبحث التجرّی أیضاً، ثمّ ذکر هذا الوجه تحت عنوان «إن قلت» وأنّه ما فائدة انزال الکتب وإرسال الرسل؟ وأجاب عنه بأنّ فائدة انزال الکتب وإرسال الرسل هو انتفاع من حسنت سریرته منها وتکامله بها، وإتمام الحجّة بالنسبة إلى من خبثت سریرته.

أقول: هذا البیان مثله من مثله بعید جدّاً لأنّه لا معنى للانتفاع أو إتمام الحجّة بناءً على العلّیة التامّة فی مقام الذات، اللهمّ إلاّ أن یقال إنّ مقصوده من العلّیة إنّما هو الاقتضاء لا العلّیة التامّة، ولکن هذا عدول عن ظاهر کلامه ومن یقول بمقالته ویحذو حذوه. هذا تمام الکلام فی الأدلّة العقلیّة لمذهبی الجبر والاختیار.


1. اُصول الکافی: ج1، ص155.
2. بحار الأنوار: ج5، ص95 طبع بیروت.
3. بحار الأنوار: ج5، ص125 طبع بیروت.
4. اُصول الکافی: ج1، ص157.

 

المختار فی حلّ مشکلة الإرادة على مذهب الاختیارالأدلّة النقلیّة على القول بالاختیار
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma