الأمر الثامن: الصحیح والأعمّ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الرابع: فیما إذا شکّکنا فی تاریخ الاستعمال وتاریخ النقلالمختار فی الجامع الصحیحی

وهو من أهمّ المباحث الاُصولیّة لما فیها من آثار عملیّة، ولا بدّ فیه من تقدیم اُمور قبل الورود فی أصل البحث:

الأمر الأوّل: فی عنوان البحث فقد عنونه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) هکذا: «وقع الخلاف فی أنّ ألفاظ العبادات أسام لخصوص الصحیحة أو للأعمّ منها».

ولکن یرد علیه: أوّلا: أنّ موضوع الصحیح والأعمّ لا یختصّ بالعبادات بل یشمل ألفاظ المعاملات أیضاً مثل لفظ النکاح والطلاق والبیع، بل ویشمل غیرهما کالألفاظ الموضوعة لموضوعات الأحکام نظیر لفظ الدینار والحلّة فی باب الدیّة، فیقع النزاع فی أنّ الدینار مثلا هل وضع للصحیح منه أو للأعمّ؟

وثانیاً: یستشمّ من تعبیره بالأسامی من أنّ النزاع یدور مدار القول بالحقیقة الشرعیّة مع أنّ من المعلوم عدم اختصاصه به.

وعنونه بعض الأعلام بأنّ «ألفاظ العبادات والمعاملات هل تکون أسامى للصحیحة أو للأعمّ».

ویرد علیه: أیضاً الإشکال الثانی ممّا أُورد على المحقّق الخراسانی(رحمه الله)، وکذلک الأوّل بالنسبة إلى غیر العبادات والمعاملات کما لا یخفى.

وقال بعض الأعاظم فی مقام بیان عنوان البحث: «الأصل فی استعمالات الشارع لألفاظ العبادات ماذا؟».

ویرد علیه: 1 ـ بعض ما مرّ کما هو ظاهر، 2 ـ أنّ لازم قوله «استعمالات الشارع» تحدید دائرة النزاع بالألفاظ المستعملة فی لسان الشارع مع أنّ النزاع کلّی یجری بالنسبة إلى مطلق الألفاظ سواء کانت مستعملة فی لسان الشارع أم لا، وإن کان الغرض من هذا البحث الحصول على کیفیة استعمالات الشارع فحسب نظیر البحث فی سائر المباحث اللّفظیّة کمبحث الأوامر والنواهی فإنّ النزاع فیها یکون فی مطلق صیغة الأمر أو صیغة النهی مثلا، من أی مولى صدرت، ولکن الغرض منه هو الحصول على کیفیة دلالة صیغة الأوامر والنواهی الصادرة من ناحیة الشارع.

وثالثاً: إنّ قوله «ماذا؟» کلمة مبهمة لا تبیّن المراد من البحث وإنّه من جهة الصحیح والأعم أو الحقیقة والمجاز أو جهات اُخرى.

فالأولى أن یقال: «إنّ ألفاظ العبادات والمعاملات وغیرهما بمقتضى الوضع الشرعی أو اللغوی أو القرینة العامّة هل هی للصحیح أو للأعمّ منه؟» فإنّه لا یرد علیه شیء ممّا ذکر کما لا یخفى.

الأمر الثانی: فی أنّه لا فرق فی جریان النزاع بین القول بثبوت الحقیقة الشرعیّة وعدمه وبین أن تکون الألفاظ مجازات فی المعانی الشرعیّة أو حقائق لغویّة فیها (کما قال بعض بعض) أو حقائق لغویّة فی المعانی واللغویّة کما یحکى عن الباقلانی.

وذلک لأنّ المعنى الحقیقی أو المجازی هنا یشتمل على أجزاء وشرائط على کلّ حال ویتصوّر فیها الصحیح والفاسد فیجری النزاع فیها حتّى على القول بأنّ الصّلاة فی استعمالات الشرع مثلا یراد منها الدعاء فإنّه لا إشکال فی أنّ هذا الدعاء فی هذه الاستعمالات مقیّد بقیود خاصّة فیتصوّر فیها الصحیح والأعمّ، والجامع للشرائط والأجزاء أو الفاقد لبعضها.

الأمر الثالث: فی معنى الصحّة والفساد وإنّه ما هو المقصود منهما؟ ونکتفی ببیان معنى الصحّة حتّى یعرف معنى الفساد أیضاً فإنّ الأشیاء تعرف بأضدادها.

وقد ذکر لها معان مختلفة، فقال بعض أنّها بمعنى اسقاط الإعادة والقضاء، وهذا منسوب إلى الفقهاء، وقال بعض آخر أنّها بمعنى موافقة الأمر، وهو منسوب إلى المتکلّمین، ولا یخفى عدم تمامیّة شیء منهما بل کلّ من الفقیه والمتکلّم فسّر الصحّة وفقاً لمسلکه الخاصّ، فالفقیه حیث یبحث عن الإعادة والقضاء فی باب العبادات فسّرها بإسقاطها مع أنّه لا یصدق فی أبواب المعاملات، والمتکلّم حیث إنّه یبحث فی علم الکلام عن مسائل المعاد وعن الثواب والعقاب، وهما یترتّبان على موافقة الأمر ومخالفته، فقد فسّر الصحّة بالموافقة، وفی الواقع أنّهم أخذوا بلوازم الصحة المطلوبة لهم. والمحقّق الخراسانی(رحمه الله) فسّرها بالتمامیّة وهو أیضاً غیر تامّ لأنّه مبهم لم یعیّن فیه حیثیّة التمامیّة وجهتها، فهل المراد التمامیّة من ناحیة الأجزاء أو من جهة الأجزاء والشرائط، أو من جهات اُخرى؟

والتعریف الرابع ما هو المعروف بین من تأخّر عن المحقّق المذکور، وهو تعریفها بالجامعیة للأجزاء والشرائط.

ولنا تعریف خامس یکون أقرب إلى الواقع وهو أن یقال: إنّ الصحیح ما یترتّب علیه جمیع الآثار المطلوبة منه (أی الآثار الکاملة) وبتعبیر آخر الشیء الصحیح هو ما یکون واجداً للخاصّیة المترقّبة منه، والفاسد هو ما یکون فاقداً لها.

بیان ذلک: إنّ المرکّبات على قسمین: حقیقة واعتباریّة، فالمرکّب الحقیقی ما یکون بین أجزائه ربط خارجی حقیقی کبدن الإنسان وجسم الشجر، والمرکّب الاعتباری ما لا یکون کذلک بل اعتبر نحو ربط بین أجزائه المتشتّة فی الخارج کالصّلاة والعقود، وحیث إنّ مدار البحث فی الصحیح والأعمّ هو المرکّبات الاعتباریّة فی الغالب فلابدّ لنا من تعیین معیار الوحدة وسبب الارتباط فیها، ولا إشکال فی أنّ عامل الوحدة فی المرکّبات الاعتباریّة إنّما هو تأثیر الأجزاء المختلفة المتشتّة فی أثر واحد أو آثار معیّنة.

إذاً ینبغی لنا أن نأخذ هذا المعنى فی تفسیر الصحّة حتّى یکون التعریف تعریفاً مطابقاً لما فی الواقع ومساعداً للاعتبار وطبیعة الحال، ولذلک نقول: الصحیح ما یترتّب على ترکیب أجزائه وانسجامها الأثر المطلوب المترتّب منه فالصلاة المرکّبة من الرکوع والسجود والتکبیر والتسلیم مع الطهارة واستقبال القبلة أمر وحدانی فی نظر الشارع المقدّس یراد منه تحقیق أثر خاص عند اجتماعها سواء کان النهی عن الفحشاء والمنکر أو غیره، وهکذا الصّیام وغیره.

إن قلت: من أین نفهم أنّ هذا المرکّب یحقق الأثر المطلوب منه؟ فلا سبیل إلیه إلاّ من طریق جامعیّته للأجزاء والشرائط فمآل الأمر إلى ما جاء فی التعریف الرابع.

قلنا: محلّ البحث فی المقام إنّما هو مقام الثبوت، والمعیار فیه هو ترتّب الأثر المرغوب، نعم فی مقام الإثبات قد لا نعلم بذلک ولا طریق لنا إلیه إلاّ من ناحیة الجامعیة للأجزاء والشرائط. وهذا شیء آخر لا دخل له بأصل المعنى.

ثمّ إنّه ینبغی أن یعلم أنّ الصحّة والفساد أمران إضافیّان، فیختلف شیء واحد صحّة وفساداً بحسب الحالات المختلفة الطارئة علیه، فیکون تامّاً بحسب حالة وفاسداً بالنسبة إلى حالة اُخرى کالصّلاة الرباعیّة، فإنّها صحیحة بالنسبة إلى الحاضر وفاسدة للمسافر إلى غیر ذلک من الأمثلة.

الأمر الرابع: بناءً على تعریف الصحّة بالجامعیّة هل تکون الشرائط أیضاً داخلة فی المسمّى عند الصحیحی أو لا؟

لا إشکال فی دخول الأجزاء فی المسمّى عنده، وأمّا الشرائط فهی على ثلاثة أقسام:

أحدها: ما أخذ فی المأمور به کالطهارة والاستقبال.

ثانیها: ما لم یؤخذ فی المأمور به ولکن نفهمه من الخارج من دلیل العقل وإن کان أخذه فی المأمور به شرعاً أیضاً ممکناً ولکنّه لم یؤخذ، فلا یلزم من أخذه محذور، مثل شرط عدم ورود النهی وعدم الابتلاء بالضدّ.

ثالثها: ما لا یمکن أخذه فی المأمور به شرعاً نحو قصد القربة على قول المشهور من استلزام أخذه الدور المحال (وسیأتی فی مبحث التوصّلی والتعبّدی إن شاء الله أنّ المختار إمکان أخذه بلا محذور فانتظر) وقد ذهب شیخنا الأعظم الأنصاری(رحمه الله) (بناءً على ما حکی عن تقریراته) إلى عدم أخذ جمیع هذه الأقسام فی المأمور به عند الصحیحی، فصحیح هو ما کان تامّ الأجزاء، ولا یلاحظ الشرائط مطلقاً وذلک لتأخّرها عن الأجزاء رتبة فإنّ الأجزاء بمنزلة المقتضی للأثر، والشرائط معدّات لها فلا یمکن أخذها فی المسمّى فی عرض الأجزاء.

لکنّه ممّا لا یمکن المساعدة علیه، لأنّ تأخّر الشرائط عن الأجزاء بحسب الوجود لا ربط له بمقام التسمیة، فإنّه لا مانع فی هذا المقام من الجمع بین لحاظ المتقدّم فی الوجود ولحاظ المتأخّر فیه ثمّ وضع الاسم علیهما معاً کما لا یخفى.

وهذا بالنسبة إلى القسم الأوّل من الشرائط أمر واضح، أمّا القسم الثانی فقد یقال أنّه حیث لم یؤخذ فی المأمور به فی لسان الشارع فلا یصحّ أخذه فی المسمّى أیضاً، لأنّ أخذه فی المسمّى مع عدم کونه مأموراً به یستلزم تعلّق أمر الشارع بما لیس مأموراً به.

ولکن یرد علیه أنّ عدم الأخذ فی المأمور به وإطلاقه بحسب الظاهر لا یلازم عدم الأخذ فی المسمّى والمأمور به بحسب الواقع، لأنّ إطلاقه الظاهری مقیّد فی الواقع بدلیل العقل، فالمأمور به واقعاً مقیّد بعدم ورود النهی عنه مثلا، لعدم جواز اجتماع الأمر والنهی على الفرض بحکم العقل، فالقسم الثانی یرجع إلى القسم الأوّل بحسب الواقع، وعلیه فلا وجه لما ورد فی المحاضرات من أنّ دخل هذا القسم فی المسمّى واضح البطلان.

کما یظهر منه ضعف ما أفاده فی تهذیب الاُصول حیث قال: «بعد ما عرفت من أنّ الموضوع له لیس عنوانی الصحیح والأعمّ یمکن أن یقال إنّ الشرائط لیست على نسخ واحد بل بعضها من قیود المسمّى بحیث ینحلّ المسمّى إلى أجزاء وتقیّدات، وبعضها الآخر من شروط تحقّق المسمّى خارجاً، ولا دخالة له فی الماهیّة، أو من موانع تحقّقه فی الخارج من دون أن یکون عدمه دخیلا فی الماهیّة أیضاً، ولا یبعد أن یکون ما یأتی من قبل الأمر من شروط التحقّق، کما أنّ الشرائط العقلیّة مثل عدم ابتلائه بالضدّ وعدم کونه منهیّاً عنه من قبیل نفی موانع التحقّق فهما غیر داخلین فی الماهیّة وخارجان عن محلّ البحث والنزاع ... والمسألة بعد لا تخلو عن غموض وإشکال»(1).

أقول: الظاهر أنّه لا فرق بین هذه الأقسام أیضاً (قیود الماهیة وشروط تحقّقها فی الخارج) لا سیّما بعد ما عرفت من أنّ الموضوع له على القول بالصحیح هو المؤثّر للآثار المطلوبة، ومن الواضح أنّ انعدام کلّ واحد من هذه الشرائط یوجب نفی الأثر فلا یکون مصداقاً للصحیح، فالصلاة الفاقدة لقصد القربة أو المنهی عنها لبعض الجهات لا یترتّب علیها ما هو المقصود منها، فلا تسمّى صلاة شرعاً فلا یبقى وجه للفرق بین شروط الوجود والماهیّة، بل قصد القربة من مقدّمات العبادة، فأخذها فیها أظهر من کلّ شرط وجزء.

وإن شئت قلت: إنّ القسم الثانی والثالث فی الحقیقة یرجعان إلى القسم الأوّل، مثلا إن قصد القربة فی القسم الثالث وإن کان لا یمکن أخذه فی المأمور به شرعاً على مذاق القائلین به إلاّ أنّه لا إشکال فی أنّه متبادر من العبادة وبه قوامها، فکیف لا یکون داخلا فی مسمّاها؟ کما أنّ عدم الابتلاء بالمزاحم وعدم ورود النهی عنها (وبعنوان کلّی عدم المانع) فی القسم الثانی یرجعان إلى قصد القربة ومحکومان بحکمه.

نعم یمکن أن یقال إنّ الشرائط مختلفة بحسب دخلها فی التأثیر بالقوّة أو بالفعل، مثلا إذا صنع الطبیب معجوناً من عشرة أجزاء وسمّاها بالسقمونیا، فکان من شرائط تأثیره بالقوّة أن یکون مائعاً مثلا، فإذا یبس بطل تأثیره فیقال إنّه فاسد، فالأجزاء العشرة کلّها داخلة فی المسمّى على قول القائلین بالصحّة، کما أنّ اشتراط کونه بحال المیعان أیضاً داخل فی مسمّى الصحیح لعدم الأثر فی جامده.

ولکن هناک شرائط لفعلیّة تأثیره مثل لزوم شربه قبل الغذاء أو بعده، کما أنّ هناک موانع من تأثیره بالفعل مثل الاجتناب عن بعض الأغذیّة کالملح والدسوم واللحوم مثلا، ولا شکّ أنّ أمثال هذه الاُمور من الشرائط والموانع خارجة عن مسمّى ذاک المعجون وإن کانت دخلیة فی فعلیّة تأثیره.

ولکن الظاهر أنّ الطهارة والاستقبال وقصد القربة وعدم الابتلاء بالضدّ وأمثال ذلک کلّها من القسم الأوّل، ولا نجد فی العبادات مصداقاً للقسم الثانی، اللهمّ إلاّ أن یقال إنّ الإیمان شرط لصحّة العمل ولکن لیس دخیلا فی مسمّى الصّلاة والصّیام والحجّ، فتدبّر جیّداً.

الأمر الخامس: تصویر القدر الجامع من أهمّ المقدّمات وله دور رئیسی فی حلّ مشکلة مبحث الصحیح والأعمّ.

لا إشکال فی أنّ ألفاظ العبادات والمعاملات کالصّلاة والبیع لیست من المشترک اللّفظی بالنسبة إلى أفرادها ومصادیقها الکثیرة بل إنّها من قبیل المشترک المعنوی، وحینئذ لا یخفى لزوم تصوّر قدر جامع لافرادها ومصادیقها حتّى یوضع اللّفظ بإزائه، کما لا إشکال فی أنّ الصحیحی والأعمّی فیه سیّان، ولذلک وقع کلّ منهما فی حیص وبیص لوجود إشکالین فی بیان القدر الجامع:

الإشکال الأوّل: کثرة أفراد العبادات والمعاملات واختلافها من حیث أجزائها وشرائطها.

الإشکال الثانی: صحّة صدق کلّ واحد من أسامی العبادات والمعاملات على کلّ فرد منها، فیصحّ إطلاق اسم الصّلاة مثلا على فاقد کلّ جزء وعلى واجده، وهو یستلزم کون کلّ جزء جزءً عند وجوده، وعدم کونه جزءً عند فقدانه، فیستلزم کونه مقوّماً للصّلاة عند وجوده، غیر مقوّم لها عند عدمه، ولازم هذا تبدّل الماهیة، أی تفاوت الأفراد فی الماهیة، وهو مانع عن تصویر جامع بینها کما لا یخفى، وبعبارة اُخرى: الصّلاة التی یؤتى بها عن قیام أو مع الرکوع والسجود یکون القیام والرکوع والسجود أجزاءً لها، ولکن إذا أتى بها عن جلوس ومع الایماء أو بلا إیماء عند عدم القدرة علیه لا تکون هذه الاُمور جزءً لها، وهذا ممّا لا یقبله العقل ولا یمکن معه أخذ الجامع بین هذه الأفراد.

وسیوافیک إنّ کلّ واحد من الصحیحی والأعمى یتّهم صاحبه بعدم تصویره ووجدانه قدراً جامعاً مع أنّ له دوراً رئیسیّاً فی حلّ المسألة کما أشرنا إلیه.

إذا عرفت هذا.

فنقول: قد ذکر فی کلمات الصحیحیین عناوین مختلفة للقدر الجامع فنذکرها أوّلا ثمّ نبحث عمّا ذکره الأعمّی:

أحدها: ما ذهب إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) قال: «لا إشکال فی وجوده (القدر الجامع) بین الأفراد الصحیحة وإمکان الإشارة إلیه بخواصّه وآثاره، فإنّ الاشتراک فی الأثر کاشف عن الاشتراک فی جامع واحد یؤثّر الکلّ فیه بذاک الجامع، فیصحّ تصویر المسمّى بلفظ الصّلاة مثلا بالناهیة عن الفحشاء وما هو معراج المؤمن ونحوهما ـ ثمّ قال ـ فی جواب بعض الإشکالات إنّ الجامع إنّما هو مفهوم واحد (بسیط) منتزع عن هذه المرکّبات المختلفة زیادة ونقیصة بحسب اختلاف الحالات».

أقول: یرد علیه:

أوّلا: أنّ أساس کلامه فی المقام قاعدة الواحد، وفیها ما مرّ من اختصاصها عند القائلین بها بالواحد الحقیقی البسیط من جمیع الجهات، فلا تجری فی الماهیّات الاعتباریّة مثل الصّلاة والصّوم التی تکون وحدتها اعتباریّة.

ثانیاً: أنّه خلاف الوجدان والمتبادر العرفی، لأنّه إذا اُطلقت الصّلاة لا ینسبق إلى الذهن إلاّ تلک الأرکان أو الأعمال المخصوصة والمرکّب الخارجی من الأجزاء، لا الأمر البسیط المذکور فی کلامه.

ثانیها: ما ذکره المحقّق النائینی(رحمه الله) بعد اشکاله على جمیع ما ذکره الأعمّی والصحیحی وحاصله: إنّ القدر الجامع فی الصّلاة مثلا هو المرتبة العلیا من مراتبها، وأمّا إطلاقها على المراتب الدانیّة فإمّا أن یکون بنوع من الادّعاء والتنزیل، أی تنزیل الفاقد منزلة الواجد، فإطلاق الصّلاة على صلاة من یأتی بها جالساً یکون بتنزیلها منزلة صلاة القائم، أو لاکتفاء الشارع بها عن الصّلاة الکاملة کما فی صلاة الغریق، وهذا لا یختصّ بالصحیحی بل هو عند الأعمّی کذلک، فإنّ القدر الجامع عنده أیضاً هو المرتبة العلیا من الصّلاة وإطلاقها على الفاسد منها یکون بتنزیله منزلة الصحیح(2). (انتهى).

ویرد علیه: أوّلا: أنّ المرتبة العلیا أمر مجهول مبهم، فهل هی الصّلاة الرباعیّة أو الثلاثیّة أو الثنائیّة؟ فإنّ المرتبة العلیا فی کلّ واحد منها غیرها فی الآخر.

وثانیاً: أنّه أیضاً خلاف الوجدان والمتبادر العرفی، لأنّ إطلاق الصّلاة على المأتی بها جالساً إطلاق حقیقی، فهی صلاة حقیقة لا مجازاً وادّعاءً.

وثالثاً: إنّه یستلزم عدم ترتّب ثمرة إمکان التمسّک بالإطلاق وعدمه على النزاع بین الصحیحی والأعمى، وهذا ممّا لا یلتزم به المشهور، فتأمّل.

ثالثها: ما ذکره بعض الأعلام من أنّ الجامع هو مرتبة من الوجود، المحدود من طرف القلّة بکونه جامعاً للأرکان کلّها، والملحوظ من طرف الزیادة بنحو اللابشرط بحیث یشمل الأقلّ والأکثر.

توضیح کلامه: إنّ الجامع بین الأفراد الصحیحة لیس جامعاً مقولیّاً ولا جامعاً عنوانیّاً بل هو جامع وجودی، أمّا عدم کونه جامعاً مقولیّاً فلکون الصّلاة مثلا من مقولات مختلفة، فإنّ بعض أجزائها نحو الأذکار من مقولة الکیف المسموع، وبعضها الآخر نحو الرکوع والسجود من مقولة الوضع وهکذا، وحیث إنّ المقولات من الأجناس العالیة لا جنس فوقها فلا یمکن تصوّر جامع بینها، وأمّا عدم کونه جامعاً عنوانیّاً نحو عنوان «الناهی عن الفحشاء والمنکر» فلأنّه خلاف الوجدان حیث إنّ الوجدان حاکم على أنّ الصّلاة اسم لنفس الأجزاء لا لعنوان الناهی فلابدّ من جامع وجودی وهو فی الصّلاة مثلا مرتبة من الوجود شاملة لأرکان الصّلاة من جانب القلّة وتکون بنحو اللابشرط من جانب الکثرة.

ثمّ أورد على نفسه:

أوّلا: بأنّ لازم هذا وجود قدر جامع فی الأرکان مع أنّه لا جامع فیها أیضاً فإنّه لا جامع مثلا بین الانحناء من حال القیام والایماء بالنسبة إلى الرکوع.

وثانیاً بأنّ لازم کون الجامع المذکور لا بشرط فی جانب الکثرة صدق الصّلاة على الصّلاة الفاسدة من ناحیة غیر الأرکان أیضاً، وهو مخالف للقول بالصحیح.

وتخلّص عن الأوّل بأنّ المراد من الأرکان نفس الأرکان وأبدالها، وعن الثانی بإضافة قید «مع کونه مقروناً بالخصوصّیات والإضافات من جانب الشارع».

هذا تمام ما أفاده قدّس سرّه الشریف فی هذا المقام.

لکن یرد علیه:

أوّلا: أنّ الجامع هذا یستلزم عدم کون الصّلاة مثلا من الماهیّات المتساویة نسبتها إلى الوجود والعدم (لکونها مقیّدة بالوجود على الفرض) فلا یصحّ قولک: «لم یتحقّق الیوم صلاة» مع أنّه واضح البطلان فتأمّل.

وثانیاً: أنّ معنى اللابشرط فی کلامه أن یکون الجزء عند وجوده داخلا فی المسمّى وعند عدمه خارجاً عنه، وهو خلاف ما قرّر فی محلّه من أنّ معنى اللابشرط فی ماهیّة بالنسبة إلى أمر عدم مزاحمته فی صدق تلک الماهیة لا کونها جزءً للماهیة عند وجوده، مثلا إذا قلنا: «صدق مفهوم زید على مصداقه یکون لا بشرط من حیث کون عمرو معه وعدمه» لیس معناه إنّه إذا کان عمرو معه صدق اسم زید على کلیهما بل معناه إنّه لا یزاحم صدق زید على ذاک الشخص بعینه، مع أنّ من الواضح أنّ غیر الأرکان إذا وجدت کان من أجزاء الصّلاة وداخلا فی مصداقه.

وثالثاً: سلّمنا، ولکنّه مختصّ بالماهیات التی تعلّقت على خصوصیّاتها ومزایاها أوامر من جانب الشارع وصدر من جانبه بیان فیها، فلا یجری فی أبواب المعاملات والموضوعات المخترعة العرفیّة مع أنّه لا إشکال فی أنّ النزاع بین الصحیحی والأعمى جار فیها أیضاً.

رابعها: ما ذهب إلیه فی تهذیب الاُصول وإلیک نصّ کلامه: «إنّها (أی المرکّبات الاعتباریّة) وضعت لهیئة خاصّة مأخوذة على نحو اللابشرط فانیّة فیها موادّها الخاصّة من ذکر وقرآن ورکوع وسجود تصدق على المیسور من کلّ واحد، وهیئتها صورة إتّصالیة خاصّة حافظة لمادّتها أُخذت لا بشرط فی بعض الجهات»(3).

ویرد علیه أیضاً:

أوّلا: أنّ هذا الجامع مبهم جدّاً، بل مبهم فی مبهم کما لا یخفى فکیف یمکن تصوّره ووضع اللفظ له؟

وثانیاً: ما مرّ آنفاً بالنسبة إلى قید اللابشرط فی مقام ردّ کلام بعض الأعلام من أنّ حیثیة لا بشرط فی ماهیة بالنسبة إلى أمر معناها عدم مزاحمته فی صدق تلک الماهیة لا کونها جزءً لها کما مرّ بیانه.

خامسها: ما ذکره فی هامش أجود التقریرات وحاصله: إنّه لا بدّ فی تسمیّة کلّ شیء من الرجوع إلى مخترعه، وهو فی ما نحن فیه الشارع المقدّس الذی قال: «الصّلاة أوّلها التکبیر وآخرها التسلیم» وقال أیضاً: «الصّلاة ثلثها الرکوع وثلثها السجود وثلثها الطهور» فما اعتبره الشارع فی هذه الرّوایات یکون من أجزاء المسمّى وأمّا غیر ذلک من الأجزاء والشرائط فیکون المسمّى بالنسبة إلیها على نحو اللابشرط(4).

أقول: قد ظهر ممّا ذکرنا کلّه ضعف کلامه أیضاً، حیث یرد علیه أوّلا: ما مرّ فی تفسیر حیثیة لا بشرط.

وثانیاً: أنّ هذا الجامع أیضاً لا یتصوّر فی المخترعات العرفیّة التی لیس لها مخترع خاصّ حتّى نرجع إلیه فی التسمیة.

وثالثاً: أنّ لازم کلامه بطلان صلاة من لم یأت بالتسلیم سهواً لأنّ المفروض فی کلامه إنّ التسلیم جزء للمسمّى فلا تکون صلاة من لم یأت بالتسلیم صلاة وهو أوّل الکلام، وبعکسه من ترک القیام مطلقاً حتّى القیام المتّصل بالرکوع، إلاّ أنّ صلاته باطلة وإن کان ساهیاً.


1. تهذیب الاُصول: ج1، ص51، طبع مهر.
2. راجع أجود التقریرات: ج1، ص43.
3. تهذیب الاُصول: ج1، ص57 طبع مهر.
4. هامش أجود التقریرات: ج1، ص40.

 

الأمر الرابع: فیما إذا شکّکنا فی تاریخ الاستعمال وتاریخ النقلالمختار فی الجامع الصحیحی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma