3 ـ الاطّراد وعدمه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
1 ـ التبادر4 ـ من علائم الحقیقة والمجاز نصّ أهل اللّغة

المعروف أنّ الاّطراد علامة للحقیقة وعدمه علامة للمجاز، واستشکل فیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بما حاصله: إنّ ما ذکروه من کون الاّطراد علامة للحقیقة وعدمه علامة للمجاز لعلّه بملاحظة نوع العلائق المذکورة فی المجازات حیث إنّه لا یطرد صحّة استعمال اللفظ فی نوع العلائق وإلاّ ففی خصوص العلاقة التی یصحّ معها الاستعمال یکون المجاز مطرداً کالحقیقة، مثلا استعمال لفظ الأسد فی الرجل الشجاع مطرد، ولکن فی نوع الحیوانات المشابهة له لیس مطرداً، فلا یستعمل فی الرجل الأبخر، مع أنّ کلاّ من الرجل الأبخر والرجل الشجاع مشابه له، وهکذا إسناد السؤال إلى قریة ذوی العقول مطرد، ولکن إلى نوع المحلّ والمقرّ لهم لیس مطرداً، فیصحّ أن یقال: «واسأل القریة» ولا یصحّ أن یقال «واسأل الشارع أو البساط» مع کون کلّ من القریة والشارع محلا لذوی العقول أو معبّراً لهم، فکلام المشهور إذا کان بملاحظة الصنف الخاص من العلاقة الذی یصحّ معه الاستعمال کالشجاعة من بین أصناف الشباهة أو المسکن من بین أصناف المحلّ والمقرّ فهو لیس بصحیح، لأنّ استعمال اللفظ فی المعنى المجازی أیضاً مطرد کالحقیقة، ویکون الاّطراد مشترکاً بین الحقیقة والمجاز لا مختصّاً بالمعنى الحقیقی، وإذا کان کلامهم بملاحظة نوع العلائق فهو تامّ فی محلّه.

هذا حاصل ما ذکره فی المقام.

ولکن هیهنا قول آخر ذهب إلیه المحقّق النائینی(رحمه الله) ونقله فی تهذیب الاُصول وفی المحاضرات، وهو کون الاطّراد من علائم الحقیقة فی خصوص الکلّی بالنسبة إلى أفراده، وحاصل بیانه: إنّه إذا صحّ استعمال کلّی فی عدّة من أفراده بحیث أطرد استعماله فیها نستنتج من مجموع هذه الاستعمالات إنّ معنى هذا الکلّی هو المعنى الجامع بین تلک الأفراد، وهو الموضوع لذلک المعنى، فإذا استعمل مثلا لفظ الرجل فی زید، ثمّ استعمل أیضاً فی عمرو، وثالثاً فی بکر، ورابعاً فی خالد نستکشف من هذا الاطّراد أنّ معنى الرجل حقیقة هو المفرد المذکّر، وإذا لم یکن استعمال الکلّی مطرداً فی الأفراد کما أنّ استعمال الأسد لا یکون مطرداً بالنسبة إلى کلّ فرد شجاع نستکشف من عدم الاطّراد هذا کون استعمال الأسد فی الشجاع مجاز(1).

واُجیب عنه بأمرین:

الأمر الأوّل: إنّ استعمال الکلّی فی فرده مع الخصوصیّات الفردیّة مجاز قطعاً لأنّ التشخصّات الفردیّة لا تکون جزءاً لما وضع له الکلّی، فإستعماله فیه حینئذ یکون استعمالا فی غیر الموضوع له:

إن قلت: إنّه یکون من باب التطبیق الکلّی على فرده أو تطبیق العامّ على الخاصّ بلا إرادة الخصوصیّة.

قلنا: فالعلامة حینئذ صحّة التطبیق لا اطّراد استعمال الکلّی فی الأفراد، لأنّه لم یلاحظ الخصوصیّات الفردیّة، فلم یلاحظ تعدّد الأفراد لأنّ تعدّدها یتحقّق بتشخّصها، فلا یکون الاطّراد علامة بل العلامة صحّة التطبیق، وهی لیست إلاّ صحّة الحمل، وقد مرّ أنّ صحّة الحمل ترجع إلى التبادر فإنحصرت العلامة فی التبادر.

الأمر الثانی: إنّ تطبیق الکلّی على فرده أمر عقلی لا یرتبط بعالم الاستعمال والألفاظ، فلا یمکن أن یکون علامة لکون الاستعمال حقیقة(2).

أقول: لیت شعری کیف نسوا ما یسلکونه عملا فی الفقه فی مقام کشف المعانی الحقیقیة للألفاظ المستعملة فی الأبواب المختلفة من الفقه؟ أو لسنا هناک فیما إذا أردنا فهم معنى
الغنیمة مثلا فی قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَیْء فَأَنَّ للهِِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ...) وإنّه هل یعمّ کلّ فائدة، ولو کانت فی غیر حروب أو تختصّ بما تؤخذ فی معرکة الحرب؟ نتمسّک بذیل الاستعمالات المختلفة للفظ الغنیمة فی الآیات والرّوایات ونهج البلاغة وأشعار العرب ونستدلّ بها على الخصم، ونقول إنّ اطّراد استعمالها فی الرّوایات وغیرها فی مطلق الفوائد أو فی غیر غنائم الحرب یدلّنا على کونها موضوعة لمطلق الفائدة ولو لم تحصل من ناحیة القتال، أو إذا أردنا أن نعیّن معنى فی «الکنز» فی کتاب الزّکاة وإنّه هل یختصّ بما یخرج من تحت الأرض أو یعمّ کلّ مال مذخور مستور ذی قیمة؟ نتمسّک بمثل قوله تعالى: (وَکَانَ تَحْتَهُ کَنزٌ لَهُمَ) (فی قضیّة خضر وموسى) وأشباهه ونظائره ثمّ نستدلّ بإطراده فی هذا المعنى فی استعمالات العرب على کونه حقیقة فی مطلق الأشیاء الغالیة المستورة عن النظر ولو لم یکن تحت الأرض، وهذا هو المحقّق النحریر الطبرسی(رحمه الله)فی مجمع بیانه وغیره من المفسرین لا یزالون یتمسّکون لفهم معانی الألفاظ الواردة فی القرآن بأشعار العرب وسائر موارد استعمالاتها کما لا یخفى على من راجع کلماتهم، کما إنّک ترى أیضاً رجوع کثیر من أرباب اللّغة إلى استعمالات العرب فی نظمهم ونثرهم، ولذلک کانوا یستأنسون بأهل البوادی ویعاشرونهم، فإذا رأوا اطّراد استعمال لفظ فی معنى فی محاوراتهم یحکمون بأنّه وضع لذلک المعنى، کما أنّ هذا أیضاً منهج العلماء فی مناظراتهم فهم یقنعون بأبیات من أشعار العرب وغیرها إذا عرض علیهم فی موارد مختلفة لإثبات معانی الألفاظ فیما إذا أطرد استعمال لفظ فی معنى، وسیأتی الفرق بین هذه العلامة وبین ما هو منقول عن علم الهدى(رحمه الله).

ثمّ إنّ هیهنا اُموراً لا بدّ من الإشارة إلیها:

الأمر الأوّل: إنّه کیف یدلّ الاطّراد على الحقیقة؟

وجوابه: إنّ کثرة استعمال لفظ فی معنى وصحّة ذلک الاستعمال مع کثرته دلیل على أنّ هذا الاستعمال لا یعتمد على القرینة ولا یضرّ احتمال وجود بعض القرائن الحالیّة وغیرها أحیاناً لأنّه یتصوّر فی استعمال واحد أو بالنسبة إلى موارد معدودة من الاستعمال لا بالنسبة إلى الکثیر منه، فإذا ثبت أنّ صحّة الاستعمال فی هذه الموارد لم یعتمد على القرینة نعلم بأنّها نشأت من الوضع.

فالإنصاف أنّ الاطّراد وعدمه من أحسن علائم الحقیقة والمجاز، وعلیه العمل فی کشف معانی الألفاظ، واعراض جمع من الأعلام عنه هنا قولا، مع التزامهم به فی الکتب الفقهیّة عملا، غیر ضارّ.

الأمر الثانی: أنّه لا یجری فی الاطّراد أیضاً ما مرّ من إشکال الدور، لأنّ المستعلم هنا یستعلم الوضع من کثرة استعمالات أهل اللسان ویکون جاهلا بالوضع ولا یکون المستعلم والعالم واحداً.

الأمر الثالث: أنکر المحقّق العراقی(رحمه الله) کون الاطّراد من العلائم وحاصل کلامه: إنّه إمّا أن یکون المراد من الاطّراد الاطّراد فی التبادر، أو الاطّراد فی الاستعمال، فإن کان المراد هو الاطّراد فی التبادر فمعناه تبادر معنى خاصّ من لفظ خاصّ فی موارد کثیرة، ومرجع هذا إنّه یعتبر فی دلالة التبادر على الوضع عدم إتّکائه على القرینة، وهو یحرز بإطراد التبادر، فیکون الاطّراد حینئذ شرطاً من شرائط کون التبادر علامة ولیس علامة مستقلّة، وإن کان المراد هو الثانی فهو لیس منحصراً بالمعنى الحقیقی لوجوده فی المجازات أیضاً فلا یمکن أن یکون علامة(3).

أقول: نختار الشقّ الثانی من کلامه. وأنّ المراد من الاطّراد هو الاطّراد فی الاستعمال، لکّنا نقول فی جوابه: إنّ أدنى تأمّل فی محاوراتنا الیومیّة یدلّنا على أنّ الاستعمالات الحقیقیّة أکثر من الاستعمالات المجازیّة بمراتب، وما قیل من أنّ أکثر کلمات العرب مجازات قول زور، ولا أساس له، نعم یمکن أن یقال: إنّ المجاز فی الأشعار والخطب کثیر مطّرد، ولکنّه أیضاً لا یکون بمرتبة کثرة الحقیقة فیهما، وحینئذ یکون اطّراد الاستعمال سبباً للاطمئنان بأنّه مستعمل فی المعنى الحقیقی، وأمّا فی الکلمات المتعارفة فالأمر أوضح، وإن شئت اختبر نفسک فی یوم واحد وما تتکلّم به من الکلمات، فترى أنّ أکثرها استعمالات حقیقیّة، والمجاز فیها قلیل جدّاً.

الأمر الرابع: قال المحقّق الحائری (رحمه الله) ما نصّه: «إنّ المراد من الاطّراد حُسن استعمال اللفظ فی کلّ موقع من غیر اختصاص له بمواقع خاصّة کالخطب والأشعار ممّا یطلب فیها أعمال محاسن الکلام ورعایة الفصاحة والبلاغة، بخلاف المجاز فإنّه إنّما یحسن فی تلک المواقع خاصّة»(4) انتهى.

وفیه: أنّه مشعر بأنّ الاطّراد فی الخطب والأشعار لیس دلیلا على الوضع، ولکنّک قد عرفت أنّ المجاز فیهما أیضاً لیس مطرداً وإن کان فیهما أکثر من الکلمات الیومیّة، فالاطراد فیهما أیضاً دلیل على الحقیقة (فتأمّل).

الأمر الخامس: قد ظهر ممّا ذکرناه أنّه فرق بین مختارنا فی المقام وما نسب إلى السیّد المرتضى (رحمه الله) من أنّ الاستعمال علامة الحقیقة وأنّ الأصل فی الاستعمال هو الحقیقة، لأنّا لا نقول بأنّ احتمال القرینة واحتمال المجاز ینتفی بمجرّد الاستعمال ولو فی کلام واحد، بل نقول إنّ اطّراد الاستعمال یکون نافیاً ورادّاً للمجاز ووجود القرینة، وفرق بین اطّراد الاستعمال ومجرّد الاستعمال، وما ذکره ممّا لا دلیل علیه کما أشار إلیه المحقّقون من الأصحاب.


1. راجع المحاضرات: ج1، ص121.
2. راجع المحاضرات: ص122.
3. راجع بدائع الأفکار: ج1، ص97 ـ 98.
4. درر الفوائد: ج1، ص44 طبع جماعة المدرّسین.

 

1 ـ التبادر4 ـ من علائم الحقیقة والمجاز نصّ أهل اللّغة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma