هل الأمر متعلّق بالطبائع أو بالأفراد؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
بقی هنا اُموربقی هنا اُمور

وهی مسألة معروفة بین الاُصولیین، وقد أعطاها بعض الأعاظم(1) شکلا فلسفیّاً ببیانات عدیدة منها: «أنّ الکلّی الطبیعی هل یکون بنفسه موجوداً فی الخارج أو أنّه موجود بوجود أفراده؟».

ولکن الإنصاف أنّها مسألة عرفیّة کما هو الغالب فی المسائل الاُصولیّة، توضیح ذلک: أنّه لا إشکال فی أنّ کلّ طبیعة إذا وجدت فی الخارج یکون لها لوازم قهریّة خارجیّة بحسب الزمان والمکان أو الکمّ والکیف وغیرها من العوارض کالجهر والاخفات وخصوصیّة الوقوع فی أیّ زمان ومکان بالنسبة إلى طبیعة الصّلاة التی هی عبارة عن الرکوع والسجود والقیام والتکبیر والتسلیم وغیرها من الأذکار الواجبة، وحقیقة البحث فی المقام هی أنّه هل تکون هذه اللوازم القهریّة والخصوصیّات الخارجیّة داخلة تحت الطلب، أو أنّ متعلّق الطلب هو طبیعة الصّلاة مجرّدة عن هذه اللوازم، ولا ریب أنّ هذا بحث عرفی عقلائی، ویکون عنوان البحث حینئذ أنّ الخصوصیّات الفردیّة الخارجیّة التی لا تنفکّ عن الطبیعة فی الخارج هل هی داخلة تحت الطلب، أو لا؟ ولا یخفى أنّ محلّ النزاع ما إذا لم یصرّح المولى بخصوصیّة فردیّة فی کلامه، وإلاّ فلا إشکال فی أنّها داخلة تحت الطلب کما إذا قال مثلا: «صلّ فی أوّل الوقت».

إن قلت: «إنّ تشخّص الوجود بذاته لا بالخصوصّیات التی تلحق به، وبعبارة اُخرى: إنّ الوجود عین التشخّص ویکون لکلّ واحد من العوارض مثل الزمان والمکان والکمّ والکیف وجود آخر مضافاً إلى وجود الجوهر وقائماً علیه، فیکون لکلّ واحد من هذه الوجودات تشخّص بذاته وامتیاز بنفسه عن غیره، سواء کان جوهراً أو عرضاً، ولا یکون وجود عرض مشخّصاً لوجود عرض آخر، وکذلک وجود جوهر بالإضافة إلى وجود جوهر آخر، أو وجود عرض بالنسبة إلى جوهره الذی یقوم به، بل العرض إنّما یکون ملازماً لجوهره فی الخارج ولا ینفکّ عنه، لا أن یکون مشخّصاً له بل تشخّصه بذاته، وبناءً على ذلک: فإنّ الاُمور المتلازمة للوجود الجوهری خارجاً التی لا تنفکّ عنه کأعراضه من الکمّ والکیف وغیرهما لا یعقل أن تکون مشخّصات لذلک الوجود، فإطلاق المشخّصات على تلک الأعراض مسامحة جدّاً، وعلیه فلیست هذه الأعراض واللوازم متعلّقة للأمر سواء قلنا بتعلّق الأمر بالطبائع أو بالأفراد.

وبعبارة اُخرى: إنّ تلک اللوازم کما أنّها خارجة عن متعلّق الأمر على القول بتعلّقه بالطبیعة، کذلک هی خارجة عن متعلّقه على القول بتعلّقه بالفرد»(2).

قلنا: الإنصاف أنّه لا سبیل لهذه التدقیقات الفلسفیة فی محلّ البحث، فإنّا نقبل أنّ الوجود متشخّص بذاته لا بعوارضه، لکن الکلام فی أنّ هذه العوارض بملاحظة عدم انفکاکها عن الطبیعة فی الخارج هل یسری الأمر من الطبیعة إلیها على البدل عند العرف أو لا، سواء کان تشخّصها بتلک العوارض أو لم یکن؟ فالمسألة عرفیّة لا فلسفیة.

ثمّ إنّ ثمرة المسألة تظهر فی موارد عدیدة:

منها: باب اجتماع الأمر والنهی کالصّلاة فی الدار المغصوبة فإنّه قد یقال: بأنّه إذا تعلّق الأمر بالطبائع کانت النتیجة جواز الاجتماع، لأنّ الأمر المتعلّق بالصّلاة لا یسری إلى الخصوصیّات الفردیّة کغصبیة الدار فی المثال، وإن قلنا بتعلّقه بالافراد کانت النتیجة الامتناع، لأنّ الخصوصیّة المزبورة (أی الغصبیة) تصیر أیضاً منهیاً عنها ویستحیل تعلّق الأمر بالمنهی عند الآمر والمبغوض عنده (فتأمّل).

منها: حکم الضمائم المباحة فی الوضوء وغیره من أبواب العبادات کالوضوء بالماء الحارّ فی الشتاء والبارد فی الصیف، فلو توضّأ مثلا بالماء البارد مع قصد التبرید وقلنا بتعلّق الأمر بالطبیعة، فلا إشکال فی صحّة الوضوء لأنّ المأمور به إنّما هو مجرّد الطبیعة، وقد وقعت بقصد القربة، وأمّا إن قلنا بتعلّق الأمر بالافراد یقع الوضوء باطلا، لأنّ الخصوصیّة أیضاً وقعت متعلّقة للأمر العبادی فلابدّ من إتیانها أیضاً بقصد القربة.

وهکذا إذا أتى بالصّلاة فی مکان حارّ فی فصل الشتاء.

إذا عرفت ذلک فنقول: ذهب المحقّقون إلى أنّ الأوامر متعلّقة بالطبائع واستدلّوا له بوجوه:

الوجه الأوّل: الوجدان کما صرّح به فی الکفایة بقوله: «وفی مراجعة الوجدان غنىً وکفایة عن إقامة البرهان على ذلک حیث یرى إذا راجعه أنّه لا غرض له فی مطلوباته إلاّ نفس الطبائع ولا نظر له إلاّ إلیها من دون نظر إلى خصوصّیاتها الخارجیّة وعوارضها العینیة بحیث لو کان الانفکاک عنها بأسرها ممکناً لما کان ذلک ممّا یضرّ بالمقصود أصلا».

الوجه الثانی: أنّ الطلب سعة وضیقاً تابع للغرض فیدخل فیه ما یکون دخیلا فی الغرض، ولا ریب أنّ الغرض قائم بطبیعة الصّلاة مثلا فحسب لا خصوصّیاتها الزمانیّة أو المکانیّة.

نعم لا یخفى أنّ هذا الوجه فی الواقع تصویر برهانی لدلیل الوجدان ولا یکون دلیلا مستقلا عنه.

الوجه الثالث: التبادر فإنّ المتبادر من الأوامر والنواهی إنّما هو طلب إیجاد الطبیعة أو ترکها فقط، وهذا کاف فی إثبات المقصود.

واستدلّ لتعلّقها بالافراد بوجهین:

أحدهما: إنّ الموجود فی الخارج هو الفرد لا الطبیعة، وحینئذ یکون تعلّق الأمر بالطبیعة بلحاظ أنّها مرآة إلى الخارج لا بلحاظ نفسها، وینتقل الأمر من طریق الطبیعة إلى الأفراد، وهو المقصود.

ولکن اُجیب عنه: بأنّ هذا مبنی على عدم وجود الکلّی الطبیعی فی الخارج مع أنّه قد قرّر فی محلّه أنّ الطبیعی موجود فی الخارج ضمن أفراده، فیکون وجود الطبیعة متعلّقاً للأمر دون ضمائمه.

ثانیهما: إنّ المتلازمین فی الوجود لا یختلفان فی الحکم، وحیث إنّ اللوازم الخارجیّة والخصوصیّات الفردیّة تکون من لوازم الوجود فی الخارج فیسری الحکم إلیها.

والجواب عنه ما مرّ فی بعض الأبحاث السابقة من أنّ غایة ما یقتضیه التلازم إنّما هو عدم اختلاف المتلازمین فی الحکم بأن یکون أحدهما محکوماً بالوجوب والآخر محکوماً بالحرمة مثلا لا اتّحادهما فی الحکم أیضاً فإنّه لا دلیل علیه البتة.


1. وهو المحقّق الإصفهانی(رحمه الله) فراجع نهایة الدرایة: ج1 ص248، من الطبع القدیم.
2. راجع المحاضرات: ج4، ص18 ـ 20.

 

بقی هنا اُموربقی هنا اُمور
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma