الأمر الثانی: فی ترتّب الثواب على الواجب الغیری وعدمه

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الأوّل: هل أنّ هنا واجباً آخراًالأمر الثالث: کیفیة الثواب والعقاب الاُخرویین

والتحقیق فی المسألة وتنقیح المقال فیها یحتاج إلى رسم مقدّمة قبل الورود فی أصل البحث، وهی أنّ الثواب المترتّب على الواجب النفسی هل هو من باب الاستحقاق، أو التفضّل؟

اختلفت فیه کلمات الفقهاء والمتکلّمین، والمشهور والمعروف أنّه من باب الاستحقاق، ولکن حکی عن الشّیخ المفید (رحمه الله) وجماعة أنّه من باب التفضّل من الله سبحانه، ولا إشکال فی أنّ الظاهر من آیات الکتاب هو الأوّل حیث تعبّر عن الثواب بالأجر فی عدد کثیر منه(1)وأکثرها مربوطة بمسألة الجزاء فی یوم القیامة، ومن المعلوم أنّ کلمة «الأجر» ظاهرة عند العرف فی الاستحقاق لا التفضّل فلا یعبّر عرفاً عن الضیافة والاطعام تطوّعاً وتقرّباً إلى الله تعالى مثلا بأجر الضیوف کما لا یخفى، کما أنّ ظاهر المقابلة بکلمة الباء فی مثل قوله تعالى: (سَلاَمٌ عَلَیْکُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ)(2) وقوله تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ)(3) أیضاً هو الاستحقاق، بل وقوع المقابلة بین الأجر والفضل فی مثل قوله تعالى: (لِیُوَفِّیَهُمْ أُجُورَهُمْ وَیَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)(4) ظاهر فی هذا المعنى أیضاً فإنّ الأجر والفضل إذا اجتمعا افترقا.

هذا ـ ولکن الإنصاف أنّ الاستحقاق هنا لیس من قبیل استحقاق العامل الأجیر لاُجرة عمله، فإنّ المکلّفین هم العبید والله تعالى هو المولى، ومن المعلوم أنّه یجب على العبید اطاعة موالیهم لحقّ المولویّة والطاعة، فإنّ العبد بجمیع شؤونه وأمواله ملک للمولى، فلا اختیار له فی مقابله حتّى یطلب منه شیئاً بإزاء عمله بل أن الوجود کلّه هو من ساحته ویفاض على الموجودات آنفاً فآناً.

هذا ـ مضافاً إلى أنّ التکالیف الشرعیّة الصادرة من جانب المولى الحقیقی مشتملة على مصالح ترجع إلى العباد أنفسهم، فهی بحسب الحقیقة منّة من جانبه تعالى علیهم فکیف یستحقّون بإطاعاتهم وامتثالهم الأجر والاُجرة؟ وکیف یستحقّ المریض أجراً من الطبیب بإزاء عمله بأوامر الطبیب؟ (ولعلّ هذا هو مراد المفید (رحمه الله) وأمثاله حیث ذهبوا إلى أنّه من باب التفضّل لا الاستحقاق) بل الاستحقاق هنا بمعنى اللیاقة لقبول التفضّل من جانب الباری تعالى، أی أنّ من کان مطیعاً کان إنساناً کاملا، والإنسان الکامل یلیق بإنعام الله تعالى وتفضّله علیه بمقتضى حکمة الباری فإنّ التسویة بین المطیع والعاصی والمؤمن والفاسق مخالف للحکمة.

وبعبارة اُخرى: الاستحقاق للاُجرة والاستعداد لها (بحیث یعدّ عدم اعطائها ظلماً) شیء، واللیاقة للتفضّل شیء آخر، والاستحقاق فی ما نحن فیه بالمعنى الثانی لا الأوّل، فلا یعدّ ترک الثواب حینئذ من مصادیق الظلم، نعم أنّه ینافی حکمه الباری الحکیم لأنّ لازمه التسویة بین المطیع والعاصی.

وبهذا یظهر أنّ الاستحقاق فی المقام لا ینافی التفضّل بل أنّه بحسب الحقیقة من مصادیقه.

نعم، قد یجتمع مع تفضّل أکثر یعبّر عنه فی لسان الآیات بالفضل کما یعبرّ عن الأوّل بالأجر، ویدلّ علیه قوله تعالى: (لِیُوَفِّیَهُمْ أُجُورَهُمْ وَیَزِیدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)(وقد مرّ آنفاً) واختلاف التعبیر ناظر إلى اختلاف مراتب الفضل فحسب، فالتعبیر بالأجر مخصوص بمرتبة من التفضّل یعطى على أساس الکسب والعمل ولیاقة اکتسبها العبد بالطاعة وترک المعصیة، والتعبیر بالفضل مختصّ بمرتبة اُخرى ولیس على أساس العمل مباشرة.

ومع ذلک کلّه فالأصل فی کلّ واحد منهما إنّما هو رحمة الربّ لا سعی العبد فلا یکون مقدارهما بمقدار العمل، «وما قدر أعمالنا فی جنب کرمک، وکیف نستکثر أعمالا نقابل بها کرمک»(5).

نعم أنّه مع حفظ النسبة بین أعمال العباد أنفسهم.

وما ذکرنا فی المقام هو أحد طرق الجمع بین ما ورد فی باب ثواب الأعمال التی یکون بعضها معارضاً بحسب الظاهر مع بعض آخر فی تعیین مقدار الثواب حیث یکون الدالّ على الثواب الأکثر مشیراً إلى مرتبة الأجر والفضل معاً ویکون الدالّ على الأقلّ مشیراً إلى خصوص مرتبة الأجر فقط، فتأمّل جیّداً.


1. قد تکرّرت مادّة الأجر فی القرآن الکریم أربعین مرّة بصیغة «أجر» و «أجرٌ» وسبع وعشرین مرّة بصیغة «أجراً» وأکثرها واردة فی أمر القیامة.
2. سورة الرعد: الآیة 24.
3. سورة النحل: الآیة 32.
4. سورة فاطر: الآیة 30.
5. من دعاء أبی حمزة الثمالی.

 

الأمر الأوّل: هل أنّ هنا واجباً آخراًالأمر الثالث: کیفیة الثواب والعقاب الاُخرویین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma