أنّه لا إشکال فی دلالة النهی على الحرمة (کما أنّ الأمر کان دالا على الوجوب) إنّما الإشکال فی أنّ هذه الدلالة هل هی مقتضى الوضع فتکون استعمال النهی فی الکراهة مجازاً، أو أنّها مقتضى الإطلاق ومقدّمات الحکمة فیکون الاستعمال فی الکراهة أیضاً استعمالا حقیقیاً؟
الحقّ هو الثانی، أی یستفاد الوجوب من الإطلاق ومقدّمات الحکمة کما مرّ نظیره فی مبحث الأمر، فإنّ الکلام هنا هو الکلام هناک، فکما أنّ دلالة الأمر على الوجوب کان من باب أنّ معناه هو الطلب مطلقاً (الذی یعبّر عنه بالفارسیّة بـ «خواستن») ولا سبیل لعدم الطلب (الذی یعبّر أیضاً عنه بالفارسیّة «نخواستن») فیه، فیکون الوجوب مقتضى هذا الإطلاق، ولازمه أن لا یکون استعمال الأمر فی الاستحباب مجازاً مع احتیاجه إلى قیام قرینة على الاستحباب، کذلک دلالة النهی على الحرمة، فإنّ معناه الزجر والمنع عن الفعل مطلقاً من دون تطرّق عدم الزجر فیه، وهذا یقتضی الحرمة وأن لا یکون استعماله فی الکراهة بضمّ القرینة مجازاً، لأنّه لیس من قبیل استعمال اللفظ فی غیر ما وضع له.