الأمر الثالث: هل المسألة اُصولیّة أو لا؟ وهل هی عقلیّة أو لفظیّة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الثانی: فی الفرق بین هذه المسألة ومسألة اجتماع الأمر والنهیبقی هنا شیء

لا إشکال فی أنّها لیست مسألة فقهیّة لأنّ نتیجتها لا یمکن أن تقع بید المکلّف وللعمل بها کما هو الحال فی المسائل الفقهیّة.

الجهة الاُولى: هل هی حینئذ مسألة اُصولیّة؟ ذهب بعض الأعلام فی المحاضرات إلى أنّها اُصولیّة بدعوى أنّ المسألة الاُصولیّة ترتکز على رکیزتین:

إحدیهما: أن تقع فی طریق استنباط الحکم الکلّی الإلهی.

وثانیهما: أن یکون ذلک بنفسها أی بلا ضمّ مسألة اُصولیّة اُخرى، وکلتا الرکیزتین تتوفّران فی مسألتنا هذه(1).

ولکن قد مرّت المناقشة فی کلامه هذا بأنّه کثیراً مّا یتّفق انضمام مسألة من مسائل الاُصول إلى مسألة اُخرى حتّى تستنتج منها نتیجة فقهیّة کانضمام مسألة حجّیة خبر الواحد إلى مسألة حجّیة الظواهر أو مسألة التعادل والتراجیح (فی الخبرین المتعارضین) ولعلّه ناظر فی کلامه هذا إلى ما أفاده المحقّق النائینی(رحمه الله)فی هذا المجال من أنّ المسألة الاُصولیّة ما تقع نتیجتها کبرى للقیاس بلا واسطة شیء ومن دون أن تقع مقدّمة لمسألة اُخرى وتکون من مبادئها، ولذا لیست مسألة «حقیقة المشتقّ فیما انقضى عنه التلبّس» مثلا من المسائل الاُصولیّة لأنّها لا تقع کبرى للقیاس المنتج نتیجة فقهیّة بلا واسطة بل إنّها من مبادىء مسألة حجّیة خبر الواحد مثلا، ولا یخفى أنّ کلام المحقّق النائینی(رحمه الله) هذا شیء وما ذکره فی المحاضرات شیء آخر، فالظاهر أنّه وقع الخلط بینهما.

والحقّ أنّ المسألة من القواعد الفقهیّة وإنّها لیست مسألة فقهیّة ولا اُصولیّة، وذلک لأنّ میزان القاعدة الفقهیّة ـ وهو کون النتیجة بنفسها حکماً شرعیّاً کلّیاً (لا أن تقع فی طریق استنباط الحکم الشرعی الکلّی کما فی المسألة الاُصولیّة) ـ موجود فیها حیث إنّ نتیجتها فساد العبادة مثلا وهو بنفسه حکم شرعی کلّی ـ هذا من جانب ـ ومن جانب آخر لا یمکن إیکال تطبیقه على موارده ومصادیقه فی الفقه إلى المقلّد، ولازمهما أن لا تکون المسألة اُصولیّة ولا فقهیّة بل هی قاعدة فقهیّة.

هذا کلّه بالنسبة إلى الجهة الاُولى من هذا الأمر.

أمّا الجهة الثانیّة: وهی کون المسألة عقلیّة أو لفظیّة فذهب المحقّق الخراسانی(رحمه الله)إلى إمکان عدّها لفظیّة لأجل أنّه فی الأقوال قول بدلالة النهی على الفساد فی المعاملات مع إنکار الملازمة بینه وبین الحرمة التی هی مفاده فیها، ولا ینافیه ثبوت الملازمة بین الفساد والحرمة فیما لا تکون الحرمة مستفادة من اللفظ والصیغة کالإجماع القائم على حرمة عبادة أو معاملة، لإمکان أن یکون النزاع مع ذلک فی دلالة الصیغة بما تعمّ دلالتها بالالتزام.

ولکن ذهب کثیر من الأعاظم إلى أنّها عقلیّة وذهب فی تهذیب الاُصول إلى أنّ المسألة لیست عقلیّة محضة ولا لفظیه کذلک. فالأولى تعمیم عنوانه لیشتمل العقلی واللّفظی.

أقول أوّلا: إنّ المسألة لیست لفظیّة قطعاً بل هی عقلیّة لأنّ موضوع البحث فیها هو دلالة النهی التکلیفی المولوی على الفساد لا الإرشادی، لأنّ النواهی الإرشادیّة فی باب المعاملات (کقوله (علیه السلام) «نهى النبی عن بیع الغرر» أو قوله «نهى النبی عن بیع الخمر» أو قوله «لا تبع ما لیس عندک») لا إشکال فی دلالتها لفظاً على الفساد، وأمّا النهی المولوی کما إذا نذر بأن لا یأتی بالبیع الفلانی فلا إشکال فی عدم دلالته على الفساد کما لا یخفى، فالقول بأنّ النهی یدلّ على الفساد فی باب المعاملات (کما أشار إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله)) خلط بین النهی الإرشادی والنهی المولوی، فلا یمکن الاستدلال به على کون النزاع فی ما نحن فیه لفظیاً.

وثانیاً: لا بدّ فی عدّ الدلالة الالتزامیّة من الدلالات اللّفظیّة من کون اللزوم فیها بیّناً بالمعنى الأخصّ، ولا إشکال فی عدم کونه کذلک فی ما نحن فیه وإلاّ لم تکن حاجة إلى البحث وإقامة البرهان العقلی علیه.

ثالثاً: لیس بدءاً أن لا تکون هذه المسألة مسألة لفظیّة مع کونها منسلکة فی باب الألفاظ وکم لها من نظیر کمسألة الإجزاء ومقدّمة الواجب وعدّة من الاُْمور المطروحة ضمن مبحث مقدّمة الواجب کالبحث عن الواجب المعلّق والواجب المشروط والواجب التعبّدی والتوصّلی حیث لا إشکال فی أنّها مباحث عقلیّة أُوردت فی مباحث الألفاظ، وهکذا غیرها من نظائرها کمباحث الترتّب واجتماع الأمر والنهی وحقیقة الواجب الکفائی والواجب التخییری.

وجدیر أن نشیر هنا إلى أنّ ما بأیدینا الیوم من علم الاُصول وإن انتهى فی النموّ والتکامل إلى غایته بالنسبة إلى کثیر من العلوم ولکنّه مضطرب النظام والترتیب والتبویب غایة الاضطراب، وإنّی قد لاحظت فیه هذه الجهة فبعد التأمّل فی مسائله وإعمال الدقَّة فیها من هذه الناحیة وجدت ما یقرب من أربعین إشکالا ممّا یخلّ بالنظام المطلوب فی العلوم، وللبحث التفصیلی عنه مجال آخر.

وممّا ذکرنا ظهر أن النزاع فی هذه المسألة ناظر إلى مقام الثبوت وأنّ النهی فی ذاته هل یلازم الفساد أو لا؟ سواء استفدناه من اللفظ أو من غیر اللفظ من عقل أو إجماع، ولیس ناظراً إلى مقام الإثبات کما فی بعض الکلمات.

الأمر الرابع: هل النهی فی المقام یختصّ بالنهی التحریمی أو یعمّ التنزیهی أیضاً؟

وهل هو یختّص بالنهی النفسی أو یعمّ النهی الغیری المقدّمی أیضاً (والنهی المقدّمی مثل أن یقال: «لا تصلّ فی سعة الوقت وأزل النجاسة عن المسجد»). ذهب المحقّق الخراسانی(رحمه الله)إلى عموم النزاع بالنسبة إلى التنزیهی والمقدّمی، أمّا بالنسبة إلى التنزیهی فلعموم الملاک (وهو عدم کون المنهی عنه مقرّباً إلى الله تعالى)، وأمّا بالنسبة إلى الغیری فلأنّ الفرق بینه وبین النفسی إنّما هو فی ترتّب العقوبة على الأوّل دون الثانی ولا دخل لاستحقاق العقوبة على المخالفة وعدمه فی کون النهی سبباً للفساد وعدمه، حیث إنّ الملاک على القول به هو نفس الحرمة وهی موجودة بعینها فی النهی الغیری سواءً کان أصلیّاً کالنهی عن الصّلاة فی أیّام الحیض، أو تبعیّاً کالنهی عن الصّلاة لأجل الإزالة، ویؤیّد ذلک (عموم ملاک البحث للنهی الغیری) جعل ثمرة النزاع فی مبحث الضدّ ـ کما هو المعروف ـ فساد الضدّ إذا کان عبادة کالصّلاة ونحوها مع أنّ النهی هنا غیری مقدّمی (انتهى بتوضیح).

أقول: إنّ ما أفاده بالنسبة إلى النهی التنزیهی فهو فی محلّه لنفس ما ذکره من عموم الملاک، وأمّا بالنسبة إلى النهی الغیری فهو غیر تامّ لأنّ ما لا عقاب له لا یکون مبعّداً وجداناً، وأمّا استشهاده بمسألة الضدّ ففیه ما مرّ هناک من أنّ النهی عن الضدّ لا یوجب فساد العبادة لأجل کونه غیریّاً فهذا المثال أجنبی عن المطلوب وإن کان مشهوراً.

إذا عرفت ذلک فاعلم أنّه ذهب المحقّق النائینی (رحمه الله) إلى اختصاص النزاع بالنهی التحریمی النفسی وأنّ النهی التنزیهی أو الغیری لا یدلاّن على فساد العبادة قطعاً (أمّا الأوّل) فلأنّ النهی التنزیهی عن فرد لا ینافی الرخصة الضمنیة المستفادة من إطلاق الأمر فلا یکون بینهما معارضة لیقیّد به إطلاقه، نعم إذا کان شخص المأمور به منهیّاً عنه کما إذا کان إطلاق الأمر شمولیّاً، فلا محالة یقع التعارض بین دلیلیهما، فإذا قدّم دلیل النهی فلا موجب لتوهّم الصحّة مع وجود النهىْ، لکن هذا الفرض خارج عن محلّ الکلام، لأنّ محلّ الکلام إنّما هو فیما إذا کانت دلالة النهی على الفساد هو الموجب لوقوع المعارضة بین دلیلی الأمر والنهی ولتقیید متعلّق الأمر بغیر ما تعلّق به النهی، ومن الواضح أنّ التعارض فی مفروض الکلام لا یتوقّف على دلالة النهی على الفساد أصلا، (وأمّا الثانی) أعنی به النهی الغیری فهو على قسمین:

الأوّل: ما کان نهیاً شرعیاً أصلیّاً مسوقاً لبیان اعتبار قید عدمی فی المأمور به کالنهی عن الصّلاة فی غیر المأکول فلا إشکال فی دلالته على الفساد بداهة أنّ المأمور به إذا اُخذ فیه قید عدمی فلا محالة یقع فاسداً بعدم اقترانه به وهذا خارج عن محلّ الکلام، إذ حال هذه النواهی حال الأوامر المتعلّقة بالاجزاء والشرائط المسوقة لبیان الجزئیّة والشرطیّة.

والثانی: ما کان نهیاً تبعیّاً ناشئاً من توقّف واجب فعلی على ترک عبادة مضادّة له بناءً على توقّف وجود أحد الضدّین على عدم الآخر، فلا موجب لتوهّم دلالته على الفساد أصلا وذلک لما عرفته فی محلّه من أنّ غایة ما یترتّب على النهی الغیری هذا إنّما هو عدم الأمر به فعلا مع أنّه یکفی فی صحّة العبادة اشتمالها على ملاک الأمر وإن لم یتعلّق بها بالفعل أمر من المولى (انتهى مع تلخیص)(2).

أقول: یرد علیه أنّ ما أفاده فی النهی التنزیهی فیما إذا لم یکن إطلاق الأمر شمولیاً صحیح فی محلّه، ولکنّه مبنی على عدم سرایة الأوامر من الطبائع والعناوین إلى الأفراد الخارجیّة، وأمّا بناءً على ما مرّ سابقاً من سرایتها إلى الأفراد وأنّ المطلوب واقعاً إنّما هو الأفراد لا الطبائع فلا، وعلیه یکون فرد الصّلاة فی الحمّام أیضاً مطلوباً، ومطلوبیتها تنافی النهی عنها.


1. المحاضرات: ج5، ص4.
2. أجود التقریرات: ج1، ص386 ـ 387.

 

الأمر الثانی: فی الفرق بین هذه المسألة ومسألة اجتماع الأمر والنهیبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma