الواجب التخییری

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
بقی هنا أمرانجواز التخییر بین الأقلّ والأکثر

لا إشکال فی أصل وجود الواجب التخییری فی القوانین الشرعیّة والعقلائیّة نظیر التخییر فی باب الکفّارات بین اطعام الستّین مسکیناً أو کسوتهم أو تحریر الرقبة، وفی باب الدیّات بین الاُمور الستّة المعروفة وفی باب الصّلاة بین الحمد والتسبیحات الأربعة فی الرکعة الثالثة والرابعة، وفی القوانین العقلائیّة نظیر التخییر بین المجازاة بالمال والمجازاة بالحبس، وعند الموالی العرفیّة نظیر قول المولى لعبده: «إشتر من هذا السوق أو من ذاک».

إنّما الإشکال فی بیان حقیقته وتوجیه ماهیّته، وقد توجّهت من جانب المحقّقین عدّة إشکالات وعویصات لا بدّ من حلّها.

أحدها: أنّ الواجب التخییری إن کان واجباً من الواجبات فکیف یجوز ترکه؟

ثانیهما: أنّه کیف یمکن تعلّق الإرادة التشریعیّة بعنوان أحدهما اللامعیّن مع عدم إمکان تعلّق الإرادة التکوینیّة به؟

ثالثها: قضیّة تعدّد العقاب ووحدته إذا ترک کلّ واحد من الأطراف، أو تعدّد الثواب ووحدته إذا أتى بجمیع الأطراف.

فما هو التصویر الصحیح عن الواجب التخییری بحیث یمکن ارتفاع هذه الشبهات والتخلّص عنها؟

فنقول: قد ذکر فی مقام تصویره وجوه عدیدة:

منها: أن یکون الواجب حقیقة هو الفرد المردّد، وهذا هو مختار المحقّق النائینی (رحمه الله).

ومنها: أن یکون المأمور به هو الجامع الانتزاعی، وهو عنوان أحدهما الکلّی، وهذا ما اختاره فی المحاضرات وهو الأقوى.

ومنها: أن یکون المأمور به جامعاً حقیقیّاً بین الأفراد، أی کان للافراد قدراً مشترکاً واقعیّاً یراه الشارع فقط فیأمر به ولا یراه المکلّف، فهو نظیر الحرارة التی تکون مشترکاً خارجاً وحقیقة بین الشمس والنار، وقدراً جامعاً حقیقیّاً بینهما، وهذا ممّا لم نعرف له قائلا مشخّصاً.

ومنها: أن یکون کلّ واحد من الطرفین (أو الأطراف) واجباً مشروطاً بعدم إتیان الآخر، وهذا ما یستفاد من بعض کلمات المحقّق الإصفهانی(رحمه الله).

ومنها: أن یکون لکلّ واحد من الأطراف نوع خاصّ من الوجوب إجمالا یمتاز عن الوجوب فی الواجب التعیینی، وهذا هو ظاهر کلام السیّد الیزدی(رحمه الله) فی حاشیته على المکاسب فی مباحث البیع الفاسد.

ومنها: أن یکون الواجب طرفاً معیّناً من الأطراف عند الله تبارک وتعالى، وهو نفس ما یختاره المکلّف فی مقام الامتثال، وحیث إنّ الله تعالى کان عالماً بمختار المکلّف أوجب علیه خصوص ذلک الفرد، وقد نسب هذا القول إلى الأشاعرة، وقیل أنّ کلا من الأشاعرة والمعتزلة نسب هذا الوجه إلى صاحبه لسخافته.

ومنها: التفصیل الذی أفاده المحقّق الخراسانی فی الکفایة بین ما إذا کان هناک غرض واحد قائم بکلا الطرفین (أو بکلّ واحد من الأطراف) فیکون الواجب هو القدر الجامع الحقیقی بینهما ویکون التخییر عقلیّاً، وبین ما إذا کان فی البین غرضان یقوم بکلّ واحد منهما واحد من الطرفین، فیکون الواجب حینئذ کلّ واحد من الطرفین (أو الأطراف) على نحو من الوجوب ویکون التخییر حینئذ شرعیّاً.

إذا عرفت الأقوال المختلفة والوجوه العدیدة فی المسألة فنقول: لا بدّ من طرح البحث فی مقامین: مقام الثبوت ومقام الإثبات (وقد وقع الخلط بینهما فی بیان المحاضرات).

أمّا مقام الثبوت: فالأولى فی حلّ الإشکال فی هذا المقام هو الرجوع إلى الواجبات التخییریّة الموجودة عند العرف وتحلیل ما یوجد فی الأشیاء الخارجیّة من المصالح.

فنقول: أنّ المصالح الموجودة فی الأشیاء تتصوّر على صور أربعة: فتارةً: تقوم المصلحة بشیء لا یقوم مقامه شیء آخر کما إذا کان الوصول إلى مقصد متوقّفاً على طیّ طریق خاصّ ولم یوجد طریق آخر إلیه، أو انحصر علاج مرض بدواء خاصّ.

واُخرى: تقوم مصلحة واحدة بأمرین مختلفین، فیکون مثلا لمرض خاصّ طریقان من العلاج، ویقوم أحدهما مقام الآخر کما أنّه یتّفق کثیراً مّا فی الخارج عند العرف والعقلاء فیقال: هذا مشابه لذاک.

وثالثة: توجد هناک مصلحتان مختلفتان یقوم کلّ واحدة منهما بطریق یخصّه، فیمکن استیفاء مصلحة کلّ منهما بطریقه الخاصّ به، فلا یقوم أحدهما مقام الآخر بل أحدهما یوجب اعدام أثر الآخر کداوئین مختلفین یؤثّران فی علاج مرضین مختلفین لا یمکن الجمع بینهما.

ورابعة: توجد هناک مصلحتان متلائمان لا تباین ولا تضادّ بینهما فی التأثیر بل أحدهما یقوم مقام الآخر، ولکن لا یقدر المکلّف على الجمع بینهما فی زمان واحد کإنقاذ الغریقین.

لا إشکال فی أنّ الواجب فی الصورة الاُولى واجب تعیینی وهو واضح، کما لا إشکال فی أنّ الواجب فی الصورة الثانیّة إنّما هو القدر الجامع الحقیقی بین الأمرین، أی الواجب واحد ولکن له مصداقان یوجب تخییر الإنسان عقلا.

وأمّا الصورة الثالثة والرابعة (اللتان یکون التضادّ فی أحدهما من جانب ذاتی الشیئین وفی الآخر من جانب المکلّف وعدم قدرته على الجمع بینهما فی مقام الامتثال) فیکون التخییر فیهما مولویّاً ویکون متعلّق الطلب عنوان أحدهما، أی الجامع الانتزاعی، لأنّ المفروض أنّه لیس فی البین جامع حقیقی حتّى یکون هو متعلّق الغرض والطلب، بل یکون الغرض قائماً بأحدهما، فلیکن الطلب أیضاً متعلّقاً بعنوان أحدهما الذی یکون عنواناً مشیراً إلى أحد الفردین فی الخارج ـ وهذا هو الوجه الثانی أو القول الثانی من الوجوه المذکورة آنفاً.

أمّا الوجه الأوّل: وهو أن یکون الواجب الفرد المردّد.

ففیه: أنّ الفرد المردّد لا یکون کلّیاً یمکن انطباقه على کلّ واحد من الفردین بل إنّه جزئی حقیقی یتصوّر فیما إذا تعلّق الحکم بفرد معیّن خاصّ ولکنّه تردّد بین الفردین بحصول جهل أو نسیان، وأمّا فی المقام فلم یتعلّق الطلب بفرد معیّن، بل المتعلّق فیه کلّی «أحدهما» الذی ینطبق على کلّ من الطرفین على حدّ سواء.

إن قلت: إذا علم بنجاسة أحد الإنائین، ثمّ عرض له النسیان ثمّ انکشف له کون کلّ واحد منهما نجساً فی الواقع، فلا إشکال حینئذ فی تعلّق علم الإنسان بالفرد المردّد مع عدم تعیّنه فی الخارج، فلا منافاة بین أن یکون متعلّق العلم الإجمالی الفرد المردّد وبین عدم تعیّنه فی الخارج، وإذا أمکن هذا فی الصفات الحقیقیّة کالنجاسة والطهارة أمکن فی الاُمور الاعتباریّة بطریق أولى، فیمکن أن یتعلّق التکلیف بالفرد المردّد بین الشیئین مع عدم تعیّنه فی الخارج(1).

قلنا: إنّ متعلّق العلم الإجمالی فی المثال المزبور أیضاً متعیّن فی الواقع وفی علم الله تعالى، لأنّ ما علم المکلّف بنجاسته کان إناءً خاصّاً معیّناً وحصل العلم فیه بطریق خاصّ کالرؤیة بالبصر مثلا، ولا إشکال فی أنّ متعلّق هذا الطریق ـ أی المرئیّ بالبصر ـ شیء معیّن خاصّ، فقیاس ما نحن فیه بمثل هذه الموارد قیاس مع الفارق.

هذا ـ مضافاً إلى أنّ قوام الفردیّة بالتعیین والتشخّص، أی یکون الفرد جزئیّاً حقیقیّاً وإلاّ لا یکون فرداً، وهذا لا ربط له بالواجب التخییری الذی یکون المتعلّق فیه کلّیاً وهو عنوان «أحدهما».

وأمّا الوجه الثالث: وهو أن یکون الواجب هو القدر الجامع الحقیقی.

ففیه: أنّ لازمه إنکار التخییری الشرعی وإرجاع جمیع الواجبات التخییریّة إلى التخییر العقلی، لأنّ لازم کون الواجب هو القدر الجامع الحقیقی فی جمیع الموارد وجود جامع حقیقی فیها، ومع وجوده یکون التخییر بین الأطراف هو التخییر بین مصادیق کلّی واحد کالصّلاة بالنسبة إلى أفرادها الکثیرة من حیث الزمان أو المکان، ولا إشکال فی أنّ تخییر المکلّف بین مصادیق الصّلاة، أی تخییره بین أن یأتی بها فی هذا المکان أو ذاک المکان، أو تخییره بین أن یأتی بها فی هذه الساعة أو تلک الساعة، تخییر عقلی، مع أنّ محلّ البحث إنّما هو الواجبات التخییریّة الشرعیّة أو المولویّة الموجودة فی القوانین العقلائیّة أو فی لسان الشرع.

وأمّا الوجه الرابع: وهو أن یکون وجوب کلّ واحد من الطرفین مشروطاً بترک الآخر ـ ففیه أنّه یستلزم تعدّد العقاب فی صورة ترک کلا الطرفین، لأنّ ترک کلّ واحد منهما یوجب تحقّق شرط وجوب الآخر، فیصیر وجوب کلّ منهما فعلیاً، ویکون لازم ترک کلیهما ترک الواجبین وتحقّق معصیتین، ولازمه تعدّد العقاب، مع أنّه لا نظنّ أن یلتزم به أحد.

وأمّا القول الخامس: وهو أن یکون الواجب کلاّ من الطرفین ولکن بنوع من الوجوب غیر الوجوب التعیینی، وهو بمعنى جواز ترکه إلى بدله.

ففیه: أنّ الوجدان حاکم على أنّ للوجوب نحواً واحداً لا أنحاء مختلفة لأنّه بمعنى البعث تشریعاً کالبعث التکوینی، ولا إشکال فی أنّ البعث التکوینی لا یتصوّر له أنحاء مختلفة، إنّما الفرق فی المتعلّق، فإنّ المتعلّق فی الواجب التعیینی هو أحدهما المعیّن وفی الواجب التخییری أحدهما اللامعیّن.

وأمّا القول السادس: وهو أن یکون الواجب ما یختاره المکلّف وما یکون معیّناً عند الله تعالى ـ ففیه أنّه أسوأ حالا من سائر الأقوال، ولذلک قد تبرّأ منه کلّ من الأشاعرة والمعتزلة ونسبه إلى صاحبه، وذلک لأنّ مقام الامتثال واختیار المکلّف وانبعاثه متأخّر رتبة عن مقام البعث والإیجاب، فکیف یتقدّم علیه ویکون جزءً لموضوعه؟

هذا ـ مضافاً إلى أنّ لازمه کون إرادة الله تابعة لإرادة المکلّف واختیاره ـ تعالى الله عن ذلک علوّاً کبیراًـ .

وأمّا القول السابع: وهو تفصیل المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فقد ظهر الجواب عنه ممّا مرّ فی الجواب عن القول الخامس، لأنّ لازمه أیضاً أن یکون للوجوب أنحاء مختلفة، حیث إنّ الواجب عنده ـ فیما إذا کان لکلّ واحد من الطرفین غرض على حدة لا یقوم أحدهما مقام الآخر ـ هو کلّ واحد من الطرفین بنحو من الوجوب، ولازمه أن یکون للواجب التخییری نحو من الوجوب غیر الوجوب التعیینی.

هذا ـ مضافاً إلى وقوع الخلط فی کلامه (رحمه الله) بین التخییر العقلی والتخییر الشرعی، فإنّ محلّ الکلام فی المقام إنّما هو تبیین حقیقة التخییر الشرعی، أی ما إذا کان متعلّق الخطاب أحد الشیئین أو أحد الأشیاء کما صرّح به فی صدر کلامه، فجعل المقسم فی تقسیمه وتفصیله ما «إذا تعلّق الأمر بأحد الشیئین أو الأشیاء» مع أن متعلّق الأمر فی التخییر العقلی شیء واحد، وهو القدر الجامع الحقیقی بین الأطراف.

هذا کلّه بالنسبة إلى مقام الثبوت.

وأمّا مقام الإثبات: فلا إشکال أیضاً فی أنّ المتعلّق إنّما هو عنوان «أحدهما» أو «أحدها» فی موارد العطف بکلمة «أو» لأنّ المتبادر عرفاً من هذه الکلمة أنّ الخصوصیّات الفردیّة لا دخل لها فی الحکم وأنّ الحکم تعلّق بأحد الشیئین أو أحد الأشیاء، نظیر ما ورد فی قوله تعالى فی باب الکفّارات: (فَکَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاکِینَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِیکُمْ أَوْ کِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِیرُ رَقَبَة)(2)، کما أنّ المتبادر منها أنّ الأغراض متعدّدة لأنّه لو کان الغرض واحداً وهو ما یقوم بالقدر الجامع الحقیقی کان الأولى أن یتعلّق الخطاب به من دون العطف بکلمة «أو»، فإنّ الظاهر المتبادر من قولک: «اجعل زیداً أو عمراً صدیقاً لنفسک» أنّ الخصوصیّات الفردیّة لزید وعمرو تکون دخیلة فی الغرض، وإلاّ کان الأولى أن تقول: «اجعل الإنسان صدیقاً لک» وبالجملة إنّ ظاهر العطف بکلمة «أو» عدم کون التخییر عقلیّاً إلاّ إذا قامت قرینة على الخلاف، وکذا کلّ ما یؤدّی معنى هذه الکلمة.

لا یقال: «أنّ الکلّی المنتزع کعنوان أحدهما غیر ملحوظ فی الأوامر العرفیّة ولا یلتفت إلیه»(3) لأنّا نقول: فرق بین عمل الانتزاع الذهنبی فی وعاء الذهن وتحلیل حقیقة الانتزاع والمفاهیم الانتزاعیّة الذهنیّة، والإنصاف أنّ ما یکون غیر ملحوظ عند العرف إنّما هو الثانی، وأمّا الأوّل فلا إشکال فی أنّ عمل الانتزاع یتحقّق فی ذهن العرف کثیراً من غیر إلتفات إلى حقیقته کما أنّه کذلک فی کثیر من القضایا المنطقیة کما لا یخفى.


1. راجع هامش أجود التقریرات: ج1، ص183.
2. سورة المائدة: الآیة 89.
3. فوائد الاُصول: ج1 ، ص235، طبع جماعة المدرّسین.

 

بقی هنا أمرانجواز التخییر بین الأقلّ والأکثر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma