الأمر الخامس: فی المراد من کلمة الضدّ.

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الرابع: فی المراد من کلمة الاقتضاء فی عنوان المسألة.ثمرة البحث فی مسألة الضدّ

فهل المراد منه معناه الفلسفی وهو «أنّ الضدّین أمران وجودیان بینهما غایة التباعد» أو المراد منه معناه اللغوی فیعمّ النقیض الفلسفی أیضاً؟

الصحیح هو الثانی لأنّ من فروعات المسألة هو البحث عن الضدّ العامّ وهو أمر عدمی ویکون نقیضاً للفعل المأمور به بمعناه الفلسفی.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الکلام فی ما نحن فیه یقع فی مقامین:

المقام الأوّل: فی الضدّ العام وهو ترک المأمور به.

المقام الثانی: فی الضدّ الخاصّ (والمراد منه أمر وجودی یزاحم الفعل المأمور به).

وقد وقع البحث عن الضدّ الخاصّ مقدّماً على البحث عن الضدّ العامّ فی کلمات القوم لکن الأولى تأخیره لسهولة البحث فیه واختصاره فنقول:

أمّا المقام الأوّل: فالأقوال فیه أربعة:

أحدها: الاقتضاء بنحو العینیة والمطابقة.

ثانیها: الاقتضاء بنحو التضمّن والجزئیّة.

ثالثها: الاقتضاء بنحو الالتزام إجمالا أعمّ من أن یکون اللزوم لفظیّاً على نحو یکون النهی عن الضدّ من اللوازم البیّنة بالمعنى الأخصّ للأمر بالشیء أو عقلیّاً على نحو یکون من اللوازم البیّنة بالمعنى الأعمّ.

رابعها: عدم الاقتضاء مطلقاً.

أمّا القول الأوّل: فلا إشکال فی فساده ثبوتاً وإثباتاً، أمّا مقام الإثبات فواضح، لأنّ المفروض أنّ الصّلاة مثلا وترکها اثنان، وإنّ الأمر دعوة إلى الشیء والنهی زجر عن الشیء، ولا معنى حینئذ للعینیة.

وبعبارة اُخرى: إنّ اللزوم ملاک الاثنینیة لا الاتّحاد والعینیة، والبعث والزجر أمران مختلفان، وأمّا مقام الثبوت فلأنّ ملاک الحرمة هو وجود مفسدة فی متعلّقها، کما أنّ ملاک الوجوب وجود مصلحة فی متعلّقه، فما لا مفسدة فیه لا حرمة له، وما لا مصلحة فیه لا وجوب له، ولا شکّ فی أنّه لیس کلّ ما کان ذا مصلحة فی فعله کان فی ترکه مفسدة، بل کثیراً ما یساوق ترکه فقدان المصلحة فقط، وهذا واضح جدّاً.

وأمّا القول الثانی: فإنّه متفرّع على قبول ترکّب الوجوب من طلب الفعل والمنع من الترک وهو ممنوع جدّاً، لأنّ الوجوب معنى بسیط، وهو البعث الشدید نحو الفعل، فی مقابل الحرمة التی هی الزجر الشدید عن الفعل.

وأمّا القول الثالث: فهو أیضاً غیر تامّ لنفس ما مرّ فی الجواب عن القول الأوّل، لأنّ وجود الملازمة بین وجب شیء وحرمة ضدّه العامّ یستلزم وجود الملازمة بین وجود المصلحة فی فعل ووجود المفسدة فی ترکه مطلقاً، فیکون فی ترک کلّ ذی مصلحة مفسدة، وهو ممنوع کما مرّ.

فظهر أنّ المتعیّن هو القول الرابع، وهو عدم الاقتضاء مطلقاً، نعم قد یعبّر بالاقتضاء مسامحة کما أنّه قد یکون من باب التلازم الاتّفاقی بأن تکون المصلحة فی الفعل مقارنة للمفسدة فی الترک، کما هو کذلک فی مثل الصّلاة والزّکاة وبعض الواجبات الاُخر.

هذا تمام الکلام فی المقام الأوّل.

أمّا المقام الثانی: وهو البحث عن الضدّ الخاصّ کالصّلاة بالنسبة إلى إزالة النجاسة عن المسجد أو أداء الدَین ففیه قولان:

أحدهما: ما ذهب إلیه بعضهم من أنّ الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه الخاصّ.

ثانیهما: ما علیه کثیر من المحقّقین المتأخّرین وهو عدم الاقتضاء.

واستدلّ للقول الأوّل بوجهین:

الوجه الأوّل: ـ وهو العمدة ـ ما هو مبنی على مقدّمیّة ترک الضدّ للفعل المأمور به، فیقال:

1 ـ إنّ ترک الضدّ مقدّمة للفعل المأمور به.

2 ـ إنّ مقدّمة الواجب واجبة.

3 ـ والأمر بالشیء یقتضی النهی عن ترکه الذی هو الضدّ العامّ، فلازم المقدّمة الاُولى والثانیّة وجوب ترک الصّلاة لازالة النجاسة عن المسجد فی المثال المعروف، ولازم المقدّمة الثالثة حرمة فعل الصّلاة ونتیجتها بطلانها.

ولا یخفى أنّ النکتة الأصلیة فی هذا البرهان إنّما هی المقدّمة الاُولى ولذلک تدور کلمات الأعاظم کالمحقّق الخراسانی والمیرزا النائینی والمحقّق العراقی (رحمهم الله)مدارها، وقد ذکر لإثباتها وجهان:

الوجه الأوّل: أنّه قد قرّر فی محلّه أنّ عدم المانع من أجزاء العلّة التامّة، وحیث إنّ العلّة مقدّمة على معلولها فیکون عدم المانع أیضاً مقدّماً على وجود المعلول، والمعلول فی ما نحن فیه فعل الواجب المأمور به کالازالة فی المثال، والمانع هو الصّلاة، فیصیر ترک الصّلاة مقدّمة لفعل الإزالة، وهو المطلوب فی المقدّمة الاُولى من البرهان.

ویجاب عن هذا بعدّة أجوبة:

الجواب الأوّل: أنّ التمانع إنّما هو بمعنى عدم الاجتماع فی الوجود، وهو لا یلازم مقدّمیّة أحد المتمانعین للآخر وتقدّمه علیه رتبة، بل غایة ما یقتضیه إنّما هو کون وجود أحدهما مع عدم الآخر فی رتبة واحدة.

هذا حاصل ما أفاده المحقّق الخراسانی (رحمه الله) فی الکفایة، وقد قرّره المحقّق النائینی (رحمه الله)ببیان أوفى وهو «إنّ مرتبة مانعیة المانع متأخّرة عن وجود المقتضی وعن وجود جمیع الشرائط، بمعنى أنّ الرطوبة مثلا لا یمکن أن یقال: أنّها مانعة عن احتراق الجسم إلاّ بعد وجود النار ومماسّتها مع الجسم القابل للاحتراق، نعم یمکن أن یکون وجود الرطوبة فی الجسم القابل للاحتراق قبل وجود النار وقبل مماسّتها لذلک الجسم ولکن اتّصافها بصفة المانعیة وفعلیة هذه الصفة فیها لا یمکن إلاّ بعد وجود المقتضی للاحراق وجمیع شرائطه، وعلى هذا الأساس ینکر إمکان کون شیء شرطاً لشیء، ضدّه مانعاً عنه لأنّ مانعیة الضدّ لا تتحقّق إلاّ بعد وجود الشرط الذیی هو عبارة عن الضدّ الآخر، وبعد وجود ذلک الضدّ الذی هو شرط یمتنع وجود هذا الآخر الذی یدّعی أنّه مانع، وإلاّ یلزم اجتماع الضدّین، ومع امتناع وجوده کیف یمکن أن یکون مانعاً؟ ... (إلى أن قال): إذا تقرّر ذلک. فنقول: توقّف وجود الإزالة على عدم الصّلاة ـ مثلا ـ لا بدّ وأن یکون من جهة عدم المانع، أی حیث إنّ وجود الصّلاة مانع عن وجود الإزالة، وعدم المانع من أجزاء علّة الشیء، والعلّة لا بدّ وأن توجد بجمیع أجزائها وخصوصّیاتها حتّى یوجد المعلول ومن جملتها عدم المانع، وقد تبیّن أنّ کون الصّلاة مانعة عن وجود الإزالة لا یمکن إلاّ بعد وجود المقتضی للازالة ووجود جمیع شرائطها، وقد عرفت ممّا تقدّم أنّه إذا وجد المقتضی للازالة لا یمکن أن یوجد المقتضی للصّلاة أصلا لما ذکرنا من عدم إمکان اجتماع المقتضین للضدّین فی عالم الوجود، ففی هذا الفرض (أی فرض وجود المقتضی للازالة) لا بدّ وأن تکون الصّلاة معدومة لعدم وجود المقتضی لها ومع انعدامها کیف تکون مانعة عن وجود الإزالة؟»(1).

هذا هو الجواب الأوّل عن الوجه الأوّل وهو تامّ فی محلّه.

الجواب الثانی: أنّ مقدّمیّة عدم أحد الضدّین یستلزم الدور، لأنّه بناءً على المقدّمیّة یکون عدم أحد الضدّین مقدّمة لوجود الضدّ الآخر، ومن جانب آخر وجود أحد الضدّین مقدّمة لعدم الآخر، فعدم القیام مثلا مقدّمة لفعل الجلوس، وفعل الجلوس أیضاً مقدّمة لعدم القیام، وفی المثال المعنون فی المقام یکون عدم الصّلاة مقدّمة لفعل الإزالة وفعل الإزالة أیضاً سبب لترک الصّلاة، وهذا دور محال.

إن قلت: إنّ المقدّمیّة هنا أمر فعلی من أحد الطرفین وشأنی من طرف آخر، بینما لا بدّ فی تحقّق الدور من کون المتوقّف والمتوقّف علیه فعلیین، وبیان ذلک أنّ ترک الصّلاة مثلا مقدّمة للازالة فعلا، ولکن الإزالة مقدّمة لترک الصّلاة فیما إذا لم یکن فی البین صارف عن الصّلاة کعدم إرادتها لا مطلقاً، أی عدم الصّلاة فی صورة عدم إرادتها یستند إلى عدم المقتضی ووجود الصارف، ولا یستند إلى الإزالة حتّى تکون الإزالة مقدّمة له.

قلنا: أنّه یکفی فی تحقّق الدور مجرّد الشأنیّة للمقدّمیّة، بل یتحقّق الدور حتّى فیما إذا کان الطرفان کلاهما شأنیین، فلا یمکن أن یکون کلّ من «الألف» و «الباء» مقدّمة للآخر حتّى شأناً.

الجواب الثالث: أنّ شأن وجود أحد الضدّین مع عدم الآخر شأن وجود أحد النقیضین مع ارتفاع الأخر، فکما لا ترتّب ولا توقّف وجداناً بین وجود الإنسان مثلا وارتفاع اللاإنسان بل إذا حصل سبب وجود الإنسان حصل الإنسان وارتفع اللاإنسان فی رتبة واحدة من دون أن یرتفع اللاإنسان أوّلا ثمّ یحصل الإنسان فی المرتبة المتأخّرة، کذلک إذا حصلت إرادة المأمور به حصل هناک أمران فی عرض واحد بالوجدان فعل المأمور به وترک ضدّه، فیکونان إذاً معلولین لعلّة واحدة لا تقدّم لأحدهما على الآخر.

وإن شئت قلت: أنّه لا ریب فی کون وجود أحد الضدّین فی رتبة وجود الضدّ الآخر، ولا ریب أیضاً فی کون وجود کلّ من الضدّین فی رتبة عدم نفسه لأنّهما متناقضان، ولازمه أن یکون وجود کلّ واحد من الضدّین فی رتبة عدم الضدّ الآخر، لأنّ مساوی المساوی مساو، فإذا کان وجود أحد الضدّین مساویاً لوجود الضدّ الآخر رتبة وکان وجود کلّ واحد منهما مساویاً لعدمه رتبة ـ کان وجود أحدهما مساویاً لعدم الآخر أیضاً رتبة، وحینئذ لا ترتّب ولا توقّف بینهما وهو المطلوب.

الجواب الرابع: ما أفاده فی تهذیب الاُصول وحاصله: «أنّ العدم مفهوم اعتباری یصنعه الذهن إذا تصوّر شیئاً ولم یجده شیئاً إذا رجع إلى الخارج فهو مسلوب عنه أحکام الوجود والثبوت، إذ لا شیئیة له، فلا تقدّم له ولا تأخّر ولا مقارنة، بل کلّ الحیثیات مسلوبة عنه سلباً تحصیلیّاً لا بمعنى سلب شیء عن شیء بل السلب عنه من قبیل الإخبار عن المعدوم المطلق بأنّه لا یخبر عنه، فما یتکرّر بین کلمات المشاهیر من أهل الفنّ من عدّ عدم المانع من أجزاء العلّة مرجعه إلى أنّ وجوده مانع عن تحقّق المعلول لا أنّ عدمه دخیل، إذ العدم مطلقه ومضافه أقصر شأناً من أن یحوم حوله التوقّف لأنّه البطلان واللاشیئیة»(2).

أقول: وهذا الجواب أیضاً متین فی محلّه.

إلى هنا تمّ الکلام عن الوجه الأوّل من الوجهین اللّذین استدلّ بهما للقول الأوّل فی المقام.

الوجه الثانی: مسلک التلازم واتّحاد المتلازمین فی الحکم، (وهو غیر الوجه الأوّل الذی کان مبنیاً على مقدّمیّة ترک أحد الضدّین لوجود الآخر) وهو أیضاً یتوقّف على ثلاث مقدّمات:

1 ـ إنّ وجود أحد الضدّین ملازم لعدم الآخر وإلاّ یستلزم ارتفاع النقیضین، لأنّ عدم الضدّ الآخر یکون نقیضاً لوجوده، فإذا لم یکن وجود الضدّ الأوّل ملازماً لا لوجوده ولا لعدمه یستلزم ارتفاع النقیضین، وهو واضح (بل هذا هو معنى التضادّ).

2 ـ إنّ المتلازمین متساویان فی الحکم فتتساوى مثلا الإزالة وترک الصّلاة فی الوجوب.

3 ـ أنّ وجوب ترک فعل یقتضی النهی عن ضدّه وهو وجوده بمقتضى ما سبق فی الضدّ العامّ. فیستنتج من هذه الثلاثة أنّ الأمر بالإزالة یقتضی حرمة فعل الصّلاة من دون حاجة إلى إثبات مقدّمیّة ترک الصّلاة لفعل الإزالة کما فی الوجه الأوّل.

وأجاب عنه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بالنقاش فی المقدّمة الثانیّة، وحاصل بیانه أنّ غایة عدم اختلاف المتلازمین عدم اختلافهما فی الحکم بحیث یکون کلّ واحد منهما محکوماً بحکم فعلی مغایر لحکم الآخر لا أن یکونا متّحدین فی الحکم بل یجوز أن یکون الملازم
محکوماً إنشاءاً بحکم مخالف لحکم ملازمه لکن قد سقط فعلیّته بفعلیة الأهمّ الملازم له، کما إذا وجب انقاذ الغریق وحرم إنشاءاً ترک الصّلاة الملازم له لکن قد سقطت حرمته الفعلیّة لأهمّیة الانقاذ.

لا یقال: إنّه إذا لم یجب أن یکون الملازم محکوماً بحکم ملازمه لزم خلوّه عن الحکم.

لأنّا نقول: أنّ عدم جواز خلوّ الواقعة عن الحکم إنّما هو بالنسبة إلى الحکم الواقعی ولو کان إنشائیّاً لا الحکم الفعلی، والملازم وإن لم یکن محکوماً فعلا بحکم ملازمه، ولکنّه محکوم واقعاً بحکم إنشائی ولو کان مخالفاً لحکم ملازمه.

أقول: ونضیف إلى ذلک: أنّه لا إشکال فی جواز خلوّ الواقعة عن الحکم إنشاءً وفعلا إذا لم تکن الواقعة ذات شأن کاللعب بالسبحة مثلا، أو یکون جعل الحکم فیها لغواً أو شبه ذلک، بل لا بدّ للشارع جعل الحکم بالنسبة إلى الوقائع التی یبتلی به المکلّفون وتکون ذات شأن فی الخارج، وإلاّ یستلزم نقصان الشریعة المقدّسة، وما نحن فیه من القسم الأوّل، لأنّ جعل الوجوب لترک الصّلاة الملازم لفعل الإزالة لغو لا حاجة إلیه مع وجوب الإزالة لأنّه یحصل بفعل الإزالة قهراً سواء أراده المکلّف أو لم یرده وسواء کان واجباً أو مباحاً.

إن قلت: ظاهر بعض الرّوایات والآیات أنّه ما من واقعة إلاّ ولها حکم فی الشرع.

قلنا: هذه الرّوایات أو الآیات ناظرة إلى القسم الثانی من الوقائع، أی الوقائع التی تکون ذات شأن فی الواقع ویبتلى به المکلّف ممّا له فائدة.

ثمّ إنّه یمکن المناقشة فی هذا الوجه بالنسبة إلى المقدّمة الثالثة أیضاً حیث إنّها مبنیّة على اقتضاء الأمر بالشیء النهی عن ضدّه العامّ، لأنّ ترک الصّلاة ضدّ عام لفعل الصّلاة، وقد مرّ فی المقام الأوّل عدم نهوض دلیل على ذلک.

فظهر أنّ السالم من الإشکال إنّما هو المقدّمة الاُولى، وهی وجود التلازم بین وجود أحد الضدّین وعدم الآخر، ومن العجب إشکال تهذیب الاُصول فی هذه المقدّمة أیضاً حیث قال: «إنّ نقیض کلّ شیء رفعه لا إثبات هذا الرفع فنقیض قولنا «یصدق علیه السواد» هو «أنّه لا یصدق علیه السواد» لا أنّه یصدق علیه عدم السواد، وکم فرق بین السالبة المحصّلة وبین الموجبة المعدولة أو الموجبة السالبة المحمول، کما إذا قلت: «یصدق علیه أنّه لیس بسواد»(3).

وفیه: أنّ من المعلوم أنّ الضدّین لا یجتمعان فی الوجود بلا إشکال، وإذا لم یجتمع وجود أحد الضدّین مع وجود الضدّ الآخر، یجتمع لا محالة مع عدمه لأنّ النقیضان لا یرتفعان، ولیس فی البین قضیّة حتّى یتکلّم عن أنّ نقیضها سالبة محصّلة أو موجبة معدولة.

وإن شئت قلت: وجود البیاض ملازم لعدم السواد إلاّ أنّه یصدق علیه عدم السواد، وکم فرق بین الملازمة وبین صدقه علیه.

هذا، وقد ظهر إلى هنا أنّه لا یمکن إثبات أنّ الأمر بالشیء یقتضی النهی عن ضدّه الخاصّ لا من طریق مقدّمیّة ترک أحد الضدّین للضدّ الآخر ولا من طریق وجود التلازم بینهما، ولکن لنا فی المسألة بالنسبة إلى مسلک المقدّمیّة تفصیل فنقول: ربّما یکون الضدّان فعلین قائمین بشخص واحد، فلا إشکال فی أنّ ترک أحدهما لیس مقدّمة لوجود الآخر بل إرادة أحدهما یلازم ترک الآخر قهراً، فمثلا حصول الجلوس لیس متوقّفاً على ترک القیام بل یحصل الجلوس وینعدم القیام فی عرض واحد وفی رتبة واحدة بإرادة الجلوس فقط، کما أنّ تحقّق النوم لا یکون متوقّفاً على اعدام الیقظة فی الرتبة السابقة بل تنعدم الیقظة ویحصل النوم بإرادة النوم فقط.

وإن شئت قلت: إذا حصل الداعی لأحدهما یحصل الصارف عن غیره فی رتبة واحدة.

وهذا بخلاف ما إذا کان الضدّان فعلین قائمین بشخصین کإشغال محلّ خاصّ من المسجد، فإنّه لا یمکن إشغال زید له إلاّ بترک إشغال عمرو له، أو کانا فعلین قائمین بشخص واحد ولکن المحلّ واحد وموضوع خارجی فلا یمکن أن یملأ إناء الماء مثلا من اللبن بدون فراغه من الماء، وهکذا کتابة شیئین فی لوح واحد فلا یمکن کتابة أحدهما إلاّ بعد محو الآخر، فهنا یکون عدم أحدهما مقدّمة للآخر.

إن قلت: لازم هذا ـ التفریق بین الضدّین اللّذین کان أحدهما موجوداً من قبل، وما لیس کذلک، فالمقدّمیّة حاصلة فی الأوّل دون الثانی، أی أنّها موجودة رفعاً لا دفعاً.

قلنا: عدم وجود أحد الضدّین من قبل فی القسم الأخیر لا یلازم عدم کونه مقدّمة، بل لازمه حصول المقدّمة من قبل، ففراغ الإناء من الماء لقبول اللبن لیس دلیلا على أنّ عدم الماء فیه لا یکون مقدّمة للبن، بل معناه حصول المقدّمة من قبل، وهو واضح.

وإلى ما ذکرنا یشیر ما هو المعروف فی محلّه من «أنّ التخلیة قبل التحلیة»، نعم إنّ الأمثلة المتداولة فی کلمات القوم فی المقام کمثال الصّلاة والإزالة إنّما هی من القسم الأوّل، ولعلّ ملاحظة هذه الأمثلة أوجبت إنکار المحقّقین للمقدّمیّة فی مطلق الأضداد، فتدبّر جیّداً حتّى تعرف الفرق بین الموردین فإنّه دقیق.


1. راجع منتهى الاُصول: ج1، ص308، للمحقّق البجنوردی (رحمه الله).
2. راجع تهذیب الاُصول: ج1، ص232، طبع مهر.
3. تهذیب الاُصول: ج1، طبع مهر، ص234 ـ 235.

 

الأمر الرابع: فی المراد من کلمة الاقتضاء فی عنوان المسألة.ثمرة البحث فی مسألة الضدّ
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma