الأمر الثالث: فی اتّحاد الطلب والإرادة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الثانی: فی دلالة المادّة على الوجوبدلائل الأشاعرة

وهی مسألة کلامیّة قبل أن تکون مسألة اُصولیّة وقد ذکرت ببعض المناسبات فی الاُصول، وعنوانها أنّه هل تکون الإرادة والطلب متّحدین فی المعنى، أی هل یکون مفهوم الإرادة متّحداً مع مفهوم الطلب أو لا؟

ذهبت الأشاعرة وفئة قلیلة من الإمامیّة إلى اختلاف الإرادة والطلب مفهوماً ومصداقاً، وهو المستفاد هو أیضاً من بعض کلمات المحقّق النائینی (رحمه الله)، ولکن المعتزلة وأکثر الإمامیّة على اتّحادهما، وهم طائفتان: طائفة ذهبوا إلى اتّحادهما مفهوماً ومصداقاً، واُخرى إلى اتّحادهما فی خصوص المصداق.

ولا بدّ أوّلا من تبیین أساس النزاع والجذور التاریخیة للمسألة لکی یتّضح موضع النزاع ومحلّ الخلاف، ولکن المحقّق الخراسانی(رحمه الله) حیث ورد فی المسألة من أواسطها ولم یتعرّض لمنشأ الاختلاف وقع فی بعض الإشکالات کما سیأتی.

فنقول: إن أصل هذه المسألة متفرّع من مسألة اُخرى مطروحة فی علم الکلام، وهی البحث عن وجود الکلام النفسی للباری تعالى المتفرع بدوره من البحث فی کلام الله وأنّه هل هو قدیم کسائر صفاته الذاتیّة أو حادث کسائر صفاته الفعلیّة؟

توضیح ذلک: لا شکّ فی أنّ الله تبارک وتعالى متکلّم کما تکلّم مع أنبیائه وملائکته کما نطق به الأنبیاء والکتاب الکریم فی قوله تعالى مثلا: (وَکَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَکْلِیماً) فمن صفاته جلّ وعزِ صفة «المتکلّم»، فوقع البحث حینئذ فی أنّ هذه الصفة قدیمة أو حادثة (أی أنّها من صفاته الذاتیّة أو الفعلیّة کالخلق والرزق) وهذه المسألة من المسائل التی ازدحمت فیها الآراء وکثر فیها الخلاف واریقت بسببها الدماء فی القرون الأوّلى للإسلام، بل إنّه هو الوجه فی تسمیة علم الکلام بإسم الکلام، فإنّ أکثر النزاع بین الأشاعرة والمعتزلة کان فی الکلام النفسی ـ الأمر الذی صار من أسباب التفرقة الشدیدة بین فرق المسلمین وآلة بأیدی طالبی الرئاسة والحکومة من بنی العبّاس ومثاراً لایجاد التنازع والاختلاف من جانبهم تحکیماً لمبانی حکومتهم وادامة لرئاستهم وتحقیقاً لمیولهم النفسانیّة الخبیثة، فذهب الأشاعرة إلى أنّ کلام الله قدیم، والمعتزلة وجماعة الإمامیّة إلى حدوثه لأنّ صفات الباری تعالى عندهم تقسّم إلى قسمین: صفات الذات وصفات الفعل، والقسم الأوّل قدیم بقدم الذات والقسم الثانی حادث بحدوث أفعاله تعالى، فإنّ صفات الفعل عبارة عمّا ینتزعه الذهن بعد وقوع الفعل من ناحیته کصفة الخالق والرازق من دون أن تقوم بذاته تعالى، وحکی عن الحنابلة أنّهم قالوا بأنّ کلام الله صفة حادثة قائمة بالذات القدیم، حتّى نقل فی المحاضرات عن کتاب المواقف عن بعضهم القول بأنّ جلد کلام الله حادث قائم بالذات القدیم فضلا عن النقوش والخطوط، ولکنّه کما ترى غیر لائق بالبحث.

وکیف کان: لا إشکال فی صحّة قول المعتزلة وجماعة الإمامیّة، لأنّ من الواضح أنّ کلام الباری تعالى مع موسى (علیه السلام) مثلا عبارة عن أمواج صوتیّة خلقها الله تعالى فظهرت على طور سیناء عن جانب الشجرة وسمعها موسى باُذنیه، أو عبارة عن النقوش المکتوبة فی کتابه الکریم بعد أن أوحى إلیه (صلى الله علیه وآله) جبرئیل. فکلّ من تلک الأصوات وهذه النقوش مخلوق من مخلوقاته وفعل من أفعاله الحادثة.

وأمّا الأشاعرة فوقعوا فی حیص وبیص فی تفسیر قولهم وبیان مرادهم من کلام الله، لأنّه لو کان المراد منه النقوش فلا ریب فی حدوثها، ولذلک ذهبوا إلى أنّ للکلام معنیین کلام لفظی وکلام نفسی، والکلام اللّفظی عبارة عمّا یجری على اللسان أو القلم وهو حادث، والکلام النفسی عبارة عن المعنى الموجود فی فؤاد المتکلّم (إنّ الکلام لفی الفؤاد وإنّما ـ جعل اللسان على الفؤاد دلیلا) وبالنسبة إلى الباری تعالى عبارة عمّا هو موجود فی ذاته فیکون قدیماً بتبع قدم ذاته، وحینئذ أورد علیهم من جانب الإمامیّة والمعتزلة هذا السؤال: هل یکون الکلام النفسی بهذا المعنى غیر علمه تعالى بالمفاهیم الکلّیة وغیر قدرته على إیجاد الأصوات (کما أنّ المراد بالسمیع والبصیر عبارة عن علمه بالمسموعات والمبصرات) فإن کان هو عینهما فلم تأتوا بشیء جدید، وإن کان غیرهما فما هو؟ فوقعوا فی حرج ولم یأتوا بجواب واضح بل ادّعوا أنّ لله تعالى صفة اُخرى غیر القدرة والعلم تسمّى بالکلام النفسی.

هذا کلّه فی الأخبار والجمل الخبریّة.

وأمّا فی الإنشاءات الواردة فی القرآن الکریم کقوله تعالى: (إِنَّ اللهَ یَأْمُرُکُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَْمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) فقال المعتزلة أیضاً أنّ هذه النقوش أو الأصوات حادثة وحقیقتها هی إرادته تعالى والإرادة من الصفات المعروفة، فلا یکون فی البین أیضاً صفة جدیدة قائمة بالذات غیر الصفات المعروفة.

وأمّا الأشاعرة فادّعوا أنّ هنا صفة اُخرى غیر الإرادة تسمّى بالطلب، وهو من الصفات القدیمة للباری تعالى قائمة بذاته.

فاُجیب عنهم بأنّ الطلب هو نفس الإرادة ومتّحد معها، ومن هنا وقع النزاع بینهم فی اتّحاد الطلب والإرادة.

فظهر أنّ النزاع فی ما نحن فیه نزاع میتافیزیقی، له جذور فی المباحث الکلامیّة والمشاجرات الاعتقادیّة بین الأشاعرة والمعتزلة، فلا یمکن أن یقال: «إنّ النزاع لفظی وإنّ من قال باختلافهما أراد من الإرادة الإرادة الحقیقیّة ومن الطلب الطلب الإنشائی ولا إشکال فی اختلافهما، ومن قال باتّحادهما إرادة من الإرادة الإرادة الحقیقیّة ومن الطلب أیضاً الطلب الحقیقی ولا إشکال فی اتّحادهما» فإنّ هذا بعید عمّا ذکروه ومخالف لما أودعوا فی کتبهم کما عرفت.

هذا أوّلا، وثانیاً: لیس النزاع فی لفظ الطلب والإرادة والمعنى اللغوی لهما حتّى یقال: بأنّ ما نفهم من لفظ الطلب عرفاً ولغة غیر ما نفهمه من لفظ الإرادة کذلک فیمکن حلّ المسألة بالرجوع إلى العرف واللّغة، بل النزاع فی الواقع فی مصطلح اخترعه الأشاعرة فی باب صفات الباری باسم الطلب وادّعوا أنّه غیر الإرادة فی باب الإنشائیات والأوامر الإنشائیّة الموجودة فی القرآن، کما ادّعوا فی إخباره تعالى والجمل الخبریّة الموجوة فی الکتاب الکریم وجود صفة اُخرى له تعالى باسم الکلام النفسی وادّعوا أنّه غیر علمه وقدرته.

 

الأمر الثانی: فی دلالة المادّة على الوجوبدلائل الأشاعرة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma