الأمر الثالث: فی إمکان أخذ قصد الأمر فی المأمور به

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الثانی: فی أنحاء قصد القربةهل الأصل فی الأوامر هو التعبّدیّة أو لا؟

فقد وقع الخلاف فی أنّه هل یجوز أخذ قصد الأمر فی متعلّقه شرعاً أو لا؟ ذهب جماعة من الأعلام إلى عدم الإمکان وإنّ قصد الأمر ممّا یعتبر فی العبادات عقلا لا شرعاً ولهم بیانات مختلفة فی إثباته:

منها: ما أفاده المحقّق الخراسانی; من لزوم الدور، وبیانه: إنّ قصد الأمر متأخّر عن الأمر، والأمر متأخّر عن متعلّقه فلو اعتبر قصد الأمر المتأخّر عن الأمر فی المتعلّق السابق على الأمر لزم تقدّم الشیء على نفسه برتبتین وهو محال.

ثمّ أورد على نفسه:

أوّلا: بما حاصله، إنّ قصد الأمر متأخّر عن الأمر خارجاً فما لم یتحقّق الأمر فی الخارج لم یمکن قصده، وأمّا تأخّر الأمر عن متعلّقه (کتأخّر الأمر بالصّلاة عن وجود الصّلاة خارجاً) فهو باطل لأنّه تحصیل للحاصل، نعم الأمر متأخّر عن وجود متعلّقه ذهناً لأنّه ما لم یتصوّر الصّلاة لا یأمر به.

وأجاب عنه: بأنّ الإتیان بالصّلاة بداعی الأمر غیر مقدور للمکلّف حتّى بعد الأمر إذ لا أمر للصّلاة کی یأتی بها بداعیه فإنّ الأمر حسب الفرض قد تعلّق بالمجموع أی بالصّلاة المقیّدة بداعی الأمر لا بنفس الصّلاة وحدها کی یمکن الإتیان بها بداعی أمرها، والأمر لا یدعو إلاّ إلى ما تعلّق به (وهو المجموع) لا إلى غیره (وهو الصّلاة وحدها).

ثانیاً: بقوله، نعم إنّ الأمر تعلّق بالمجموع ولکن نفس الصّلاة أیضاً صارت مأموراً بها بالأمر بها مقیّدة (أی بالأمر الضمنی).

وأجاب عنه بقوله: کلا، لأنّ ذات المقیّد لا یکون مأموراً بها، فإنّ الجزء التحلیلی العقلی (وهو ذات «المقیّد» و «التقیّد» حیث إنّهما بعد تعلّق الأمر بمجموع الصّلاة المقیّدة بداعی الأمر جزءان تحلیلیّان نظیر الجنس والفصل) لا یتّصف بالوجوب أصلا إذ لا وجود له فی الخارج غیر وجود الکلّ الواجب بالوجوب النفسی الاستقلالی کی یتّصف بالوجوب ضمناً کما هو الشأن فی الجزء الخارجی.

ثالثاً: بقوله، نعم، لکنّه إذا أخذ قصد الأمر شرطاً وقیداً وأمّا إذا أخذ شطراً وجزءً فینبسط الأمر حینئذ على الأجزاء ویتّصف کلّ من الصّلاة وقصد الأمر بالوجوب النفسی الضمنی أی یکون تعلّق الوجوب بکلّ جزء بعین تعلّقه بالکلّ ویصحّ أن یؤتى به بداعی ذاک الوجوب، ضرورة صحّة الإتیان بکلّ جزء من أجزاء الواجب بداعی وجوبه.

وأجاب عنه:

أوّلا: بأنّ تعلّق الأمر بإرادة الأمر وقصده ممتنع لأنّ اختیاریّة الأفعال تکون بالإرادة وهی القصد، فلو کانت اختیاریّة الإرادة بإرادة اُخرى لتسلسلت.

وثانیاً: بأنّ الإتیان بالجزء إنّما یمکن فی ضمن الإتیان بالمجموع بداعی الأمر المتعلّق بالمجموع، وإتیان المجموع بداعی أمره لا یکاد یمکن فی ما نحن فیه، لأنّه یلزم الإتیان بالمرکّب من قصد الأمر وغیره بقصد الأمر وهو محال. (انتهى کلامه بتوضیح منّا).

أقول: وفی کلامه مواقع للنظر:

الأوّل: أنّ جوابه عن الإشکال الأوّل بمنزلة تغییر لموضع البحث وقبول حلّ مسألة الدور والدخول فی مسألة اُخرى فکأنّه اعترف برفع إشکال الدور بمسألة اللحاظ فإنّ اعتباره فی المتعلّق یحتاج إلى تصوّره ذهناً فقط لا إلى وجود الأمر خارجاً.

الثانی: أنّه اعترف أیضاً ضمن الإشکالین الأخیرین بإمکان أن یکون قصد الأمر جزءً للمأمور به مع أنّ الجزء داخل فی ذات المأمور به وفی قوامه کأحد الأجزاء فی المعاجین وکالرکوع والسجود فی الصّلاة، بینما قصد الأمر لیس فی عداد الأجزاء وإنّما هو یعرض الأجزاء ویکون من قبیل الحالات التی تعرض الشیء فهو من سنخ الشرط لا الجزء، نظیر الاستقبال أو الطهارة فی الصّلاة.

الثالث: أنّه أنکر وجود الأمر الضمنی النفسی بالنسبة إلى الشرائط وحصر وجوده فی الأجزاء مع أنّه یمکن تصوّر الأمر الضمنی فی الشرائط أیضاً، غایة الأمر أنّ متعلّقه هو الأجزاء وتقیّدها بالقید، حیث إنّ التقیّد أیضاً جزء کسائر الأجزاء المطلوبة وإن کان القید خارجاً، فإنّ تقیّد الصّلاة بالطهارة أیضاً متعلّق للأمر النفسی الضمنی وإن کانت نفس الطهارة خارجة عنها.

الرابع: أنّه أشار فی مقام الجواب عن الإشکال الثالث إلى ما مرّ منه سابقاً من أنّ اختیاریّة سائر الأفعال بالإرادة، وإرادیّة الإرادة لیست بها للزوم التسلسل، وقد مرّ الجواب عنه فی البحث عن اتّحاد الطلب والإرادة فراجع.

الخامس: الوجدان أصدق شاهد على إمکان أخذ قصد الأمر فی المأمور به کأن یقول المولى: «کبّر واسجد وارکع ... مع قصد هذا الأمر» وکلّ ما ذکر من الأشکال شبهة فی مقابل الوجدان لا یعتنى به، فمثلا اشکاله بأنّه «یلزم منه وجوب إتیان المأمور به المرکّب من قصد الأمر بقصد الأمر، أی یلزم أن یتعلّق قصد الأمر بقصد الأمر وهو محال» یمکن الجواب عنه بأن لا إشکال فی أنّ المحتاج إلى قصد القربة إنّما هو الأجزاء، وأمّا الشرائط فالذی یحتاج من بینها إلى قصد القربة إنّما هو الطهارة عن الحدث فقط حین تحصیلها لا حین تقیّدها وأمّا سائر الشرائط کالاستقبال والستر والطهارة عن الخبث وقصد القربة نفسه فلا حاجة فیها إلى قصد القربة بل یکفی تحقّق ذواتها بأی نحو حصلت ولو بدون قصد القربة.

وحینئذ نقول: لو فرضنا کون الأجزاء فی الصّلاة تسعة وتعلّق الأمر بها فیصیر عشرة مع تقیّدها بقصد الأمر، فینبسط الأمر على الجمیع فیأتی بها بقصد الأمر الضمنی، وهو یرى أنّ الجزء العاشر یحصل بمجرّد ذلک، فیکون الأمر الضمنی فی ضمن الکلّ، والمحتاج إلى قصد الأمر هو الأجزاء لا الشرائط لعدم قیام دلیل علیه.

السادس: سلّمنا إستحالة أخذ قصد الأمر فی متعلّق الأمر ولکن الطریق فی جعل عبادیّة العبادات وأخذ قصد التقرّب بها فی المتعلّق لیس منحصراً فی أخذ قصد الأمر فیه بل یمکن لذلک أخذ قصد المحبوبیّة أو قصد المصلحة المعنویّة فی المتعلّق فیقال مثلا «صلّ بقصد المحبوبیّة أو قصد المصلحة المعنویّة» فإذا لم یأخذه المولى فی المتعلّق وأطلقه نتمسّک بإطلاقه لعدم اعتبار قصد القربة وعدم کون الواجب تعبّدیّاً.

ثمّ إنّه قد ذُکر هیهنا طریق آخر لأخذ قصد الأمر فی المأمور به، وهو ما أفاده الشّیخ الأعظم (رحمه الله) على ما فی تقریراته، ثمّ ذکره المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فیما أورده على نفسه رابعاً، وهو عبارة عن تصحیح اعتبار قصد الأمر فی المأمور به من طریق أمرین: أحدهما: یتعلّق بذات العمل، والآخر: بإتیانه بداعی أمره، فلو لم یعتبر المولى قصد القربة بواسطة أمر ثان وکان هو فی مقام البیان نستکشف عدم اعتباره.

ثمّ أجاب المحقّق الخراسانی(رحمه الله) عنه:

أوّلا: بأنّا نقطع بأنّه لیس فی العبادات إلاّ أمر واحد کسائر الواجبات التوصّلیة.

وثانیاً (وهو العمدة) بأنّ الأمر الأوّل المتعلّق بأصل الفعل إن کان توصّلیاً یسقط بمجرّد الإتیان بالفعل ولو بداعی أمره فلا یکاد یبقى مجال لموافقة الأمر الثانی، لسقوط الأمر الأوّل بمجرّد الإتیان بالفعل لا بداعی أمره، وإن کان تعبّدیّاً لا یسقط بمجرّد الإتیان بالفعل بغیر داعی أمره، فلا وجه لعدم السقوط إلاّ کون الواجب عبادیّاً لا یحصل الغرض منه إلاّ مع الإتیان به بداعی أمره، ومع کون الواجب کذلک یستقلّ العقل لا محالة بوجوب إتیانه على نحو یحصل به الغرض أی بداعی أمره وعلى وجه التقرّب به من دون حاجة إلى أمر آخر بإتیانه کذلک.

أقول: یرد على جوابه الأوّل: بأنّه یوجد فی باب العبادات أمران: أحدهما: متعلّق بذات العمل وهو واضح، والآخر: بإتیانه بداعی أمره، وهو ما یستفاد من إجماع الفقهاء على اعتبار قصد القربة فإنّه کدلیل منفصل وارد بعد الأوامر العبادیّة.

فإنّ المقصود من الأمر إنّما هو الدلیل الکاشف عن قول المعصوم (علیه السلام) ولا إشکال فی أنّ الإجماع دلیل شرعی یوجب القطع بصدور أمر من المعصوم (علیه السلام)یدلّ على اعتبار قصد القربة.

ویرد على جوابه الثانی: أنّا نختار الشقّ الثانی من کلامه وهو کون الأمر الأوّل تعبّدیّاً لا یسقط بمجرّد الإتیان بالفعل بغیر داعی أمره ولکن مع ذلک لا یکون الأمر الثانی لغواً، لأنّ الکاشف عن تعبّدیّة الأمر الأوّل وعدم حصول الغرض منه إلاّ بداعی أمره إنّما هو الأمر الثانی، ولیس هناک دلیل آخر فی مقام الإثبات إلاّ الأمر الثانی.

ثمّ إنّه لو فرضنا استحالة أخذ قصد الأمر فی المأمور به بأمر واحد وانحصار طریق أخذه فی أمرین، فلا إشکال فی أنّ الإطلاق الذی یتمسّک به فی صورة عدم أخذ قصد الأمر بأمر ثان لیس إطلاقاً لفظیّاً لأنّ المفروض عدم إمکان تقیید الأمر الأوّل بقصد الأمر حتّى یتصوّر فیه الإطلاق، بل هو إطلاق مقامی، وهو عبارة عن کون المولى فی مقام بیان حکم أفراد کثیرة من دون أن یصوغه فی قالب لفظی شامل لجمیع الأفراد بل یذکر حکم کلّ فرد
فرد بصیغته الخاصّة فیقول مثلا: «کبّر، اسجد، ارکع ...» فحینئذ لو شککنا فی وجوب جزء خاصّ أو قید خاصّ فلیس هنا لفظ کان من الممکن أن یقیّده بذلک الجزء، ومثل أن یقول السائل: «بیّن لی الأغسال الواجبة» وأجاب الإمام (علیه السلام) غسل الجنابة والحیض و... من دون ذکر غسل الجمعة، فیعلم منه بمقتضى الإطلاق المقامی عدم وجوبه، أی أنّ المولى کان فی مقام لو تعلّق غرضه بجزء آخر لذکره، وحیث إنّه لم یذکره فلم یقل مثلا «اقنت» فی عرض سائر الأجزاء نستکشف عدم وجوبه، وهذا نظیر ما إذا قام الدائن فی مقام تصفیة الدیون فأحصى کلّ مورد مورد من موارد الدین وترک المجلس بعنوان التصفیة فلو شکّ المدین بعدئذ فی وجود طلب آخر فله أن یتمسّک بإطلاق المقام ویقول: حیث إنّ الدائن کان فی مقام التصفیة ولم یذکر هذا المورد فهذا دلیل على عدم بقاء مورد آخر لدینه، فهذا إطلاق مقامی من باب أنّه لیس فی البین لفظ صدر من جانب الدائن کقوله «لا دین لی علیک» حتّى یتمسّک بإطلاقه.

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا أنّه یمکن أخذ قصد القربة فی المأمور به بثلاثة طرق: 1 ـ أخذ قصد الأمر فی متعلّق الأمر الأوّل، 2 ـ أخذ قصد الأمر فی الأمر الثانی، 3 ـ أخذ مطلق قصد القربة فی المتعلّق الأعمّ من قصد الأمر وقصد المحبوبیّة وغیرهما، وقد عرفت جواز الجمیع.

الأمر الثانی: فی أنحاء قصد القربةهل الأصل فی الأوامر هو التعبّدیّة أو لا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma