الأمر الرابع: الکلام فی الطهارات الثلاث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الثالث: کیفیة الثواب والعقاب الاُخروییننکتتان

وقد اشتهر فیها الإشکال من ثلاثة جوانب:

الأوّل: أنّها تعدّ من العبادات ویترتّب علیها الثواب، فکیف یجتمع مع القول بعدم ترتّب الثواب على المقدّمة؟

الثانی: أنّه یشترط فیها قصد التقرّب مع عدم إمکان التقرّب بالأمر الغیری المقدّمی.

الثالث: أنّ عبادیّة هذه الطهارات متوقّفة على قصد أمرها الغیری مع أنّ قصد الأمر فیها أیضاً متوقّف على عبادیتها، لأنّ قصد الأمر متفرّع على تعلّق أمر بالمقدّمة بما هی مقدّمة، والمقدّمة فی المقام هی الطهارات الثلاث بوصف أنّها عبادة، فیلزم الدور.

وقد اُجیب عنها بوجوه:

الوجه الأوّل: ما هو المختار فی الجواب عن الأوّل والثانی من إمکان التقرّب بالمقدّمة وترتّب الثواب علیها إذا أتى بها بقصد التوصّل إلى ذی المقدّمة.

وأمّا الإشکال الثالث، أی إشکال الدور.

ففیه: إنّا نسلّم کون عبادیّة الطهارات متوقّفة على قصد الأمر، ولکن توقّف قصد الأمر على عبادیّة الطهارات إنّما یوجب الدور فیما إذا کان المتوقّف علیه عبادیتها فی الرتبة السابقة على الأمر أو المقارنة معه، مع أنّه عبارة عن اجتماع شرائط العبادة حین الامتثال، أی إن تعلّق أمر المولى بها لا یحتاج إلى کونها عبادة حین الأمر بل إنّه یأمر بها لاجتماع شرائط العبادة فیها حین الامتثال، وذلک نظیر توقّف الأمر على قدرة المکلّف على الفعل، فإنّه لیس معناه لزوم القدرة على الفعل حین الأمر بل تکفی قدرته حین الامتثال، فلو کان العاجز ممّن یقدر على العمل بعد أمر المولى وحین الامتثال کان للمولى أن یأمره. ولذلک قد یقال: إنّ القدرة شرط للإمتثال لا للتکلیف.

هذا کلّه بناءً على شرطیّة قصد الأمر فی عبادیّة العبادة، وأمّا بناءً على ما مرّ فی مبحث التعبّدی والتوصّلی من أنّها لیست منوطة بقصد الأمر فالأمر أوضح وأسهل.

الوجه الثانی: ما أفاده الشّیخ الأعظم(رحمه الله) وتبعه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) وکثیر من الأعاظم (وهو جیّد لا غبار علیه) وحاصله: أنّ الطهارات عبادات فی أنفسها مستحبّات فی حدّ ذاتها، فعبادیتها لم تنشأ من ناحیة الأمر حتّى یلزم الدور.

ولکن قد أورد علیه بوجوه أهمّها وجهان:

الأوّل: أنّ هذا تامّ فی الوضوء وقد یقال به فی الغسل أیضاً، وأمّا التیمّم فلم یقل أحد باستحبابه النفسی.

ویمکن الجواب عنه: بأنّه بعد أن لم یکن إجماع على عدم مطلوبیّة التیمّم ذاتاً یکفی فی إثباتها له ما ورد فی الرّوایات من «أنّ التراب أحد الطهورین» إذا انضمّ إلى ما یستفاد من إطلاقات الباب من أنّ المستحبّ إنّما هو الکون على الطهارة فی نفسه.

توضیح ذلک: أنّه قد ذکرنا فی محلّه فی الفقه من أنّ معنى کون الوضوء مستحبّاً نفسیّاً لیس هو مطلوبیّة الغسلتان والمسحتان فیه، بل المطلوب ذاتاً إنّما هو الکون على الطهارة الذی یترتّب على الغسلتان والمسحتان، ویعدّ غایة للوضوء، وأنّه هو المقدّمة والشرط للصّلاة فی الحدیث المعروف «لا صلاة إلاّ بطهور»، ولا إشکال فی أنّ مقتضى قوله (علیه السلام)«إنّ التراب أحد الطهورین» أنّ وزان التیمّم هو وزان الوضوء وأنّ کلّ ما یترتّب على الوضوء یترتّب على التیمّم أیضاً، ومن الغایات المترتّبة على الوضوء هو الکون على الطهارة، فیترتّب هو على التیمّم أیضاً ونتیجته کون التیمّم أیضاً، مستحبّاً نفسیّاً بنفس المعنى فی الوضوء.

الثانی: أنّ الأمر النفسی الاستحبابی المتعلّق بها کثیراً مّا یکون مغفولا عنه ولا سیّما للعامی، بل ربّما یکون الشخص معتقداً عدمه بإجتهاد أو تقلید أو نحو ذلک، ومع هذا یکون الإتیان بها بداعی التوصّل بأمرها الغیری صحیحاً، فلو کان منشأ عبادیتها ذلک الأمر النفسی لم تقع صحیحة.

واُجیب عنه: بأنّ الاکتفاء بقصد أمرها الغیری إنّما هو لأجل أنّه لا یدعو إلاّ إلى ما هو عبادة فی نفسه، فإنّها المقدّمة والمتعلّق للأمر الغیری، فإذا أتى بالطهارات بداعی أمرها الغیری فقد قصد فی الحقیقة إتیان ما هو عبادة فی نفسه إجمالا فیکون قصد الأمر الغیری عنواناً إجمالیاً ومرآتاً واقعیاً لقصد ما هو العبادة فی نفسه.

الوجه الثالث: أنّ اعتبار قصد القربة فی الطهارات لیس لأجل أنّ الأمر المقدّمی ممّا یقتضی التعبّدیّة (أی عدم حصول الغرض منه إلاّ إذا أتى بالفعل بداعی القربة) بل لأجل أنّ ذوات تلک الحرکات الخاصّة فی الوضوء والغسل والتیمّم لیست مقدّمة للصّلاة بل هی بعنوان خاصّ تکون مقدّمة لها، وحیث لا نعلم تفصیل ذلک العنوان المأخوذ فیها فنأتی بتلک الحرکات بداعی أمرها الغیری کی یکون إشارة إلى ذاک العنوان، فإنّ الأمر لا یدعو إلاّ إلى متعلّقه، فإذا أتینا بتلک الحرکات بداعی وجوبها الغیری فقد أتینا بها بعنوانها الخاصّ المأخوذ فیها، والحاصل أنّ قصد الأمر هنا إنّما هو لتحصیل العنوان القصدی لا للحصول على القربة الذی یتمکّن منها بقصد الطاعة.

ولکن یرد علیه إشکالات عدیدة:

منها: أنّ لازمه کفایة تحقّق مجرّد العنوان فی تحقّق الامتثال وعدم اعتبار عبادیّته مع أنّ عبادیّة الطهارات إجماعیّة.

وإن شئت قلت: أنّه لو کان وجه اعتبار قصد الأمر فی الطهارات الثلاث هو الإشارة إلى العنوان الخاصّ المأخوذ فیها لجازت الإشارة إلیه بقصد الأمر وصفاً أیضاً بأن کان أصل الداعی لإتیانه شیئاً آخر غیر قربى فیقول مثلا: إنّی آت بالوضوء الواجب لأجل التبرید أو التنظیف ونحوهما من الدواعی النفسانیّة، فیکون قصد الأمر حینئذ بنحو التوصیف کافیاً کالغائی کما إذا قال مثلا: إنّی آت بالوضوء لوجوبه شرعاً، بل قصد الأمر بنحو التوصیف یکون أظهر فی الإشارة إلى العنوان الخاصّ المأخوذ فیها من قصده غایة، مع أنّه لا یکفی مثل هذا القصد قطعاً.

منها: أنّ هذا غیر واف بدفع إشکال ترتّب المثوبة علیها کما لا یخفى.

الوجه الرابع: ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) وحاصله: أنّه لا وجه لحصر منشأ عبادیّة الطهارات الثلاث فی الأمر الغیری والأمر النفسی الاستحبابی لیرد الإشکال على کلّ منهما، بل هناک منشأ ثالث وهو قصد الأمر النفسی الضمنی الذی نشأ من جانب الأمر النفسی على ذی المقدّمة، لأنّ الأمر النفسی المتعلّق بالصّلاة مثلا کما ینحلّ إلى أجزائها کذلک ینحلّ إلى شرائطها وقیودها.

ثمّ أورد على نفسه بأنّ لازم ذلک هو القول بعبادیّة الشرائط مطلقاً من دون فرق بین الطهارات الثلاث وغیرها لفرض أنّ الأمر النفسی تعلّق بالجمیع على نحو واحد.

وأجاب عن ذلک بأنّ الفارق بینهما هو أنّ الغرض من الطهارات الثلاث (وهو رفع الحدث) لا یحصل إلاّ إذا أتى المکلّف بها بقصد القربة دون غیرها من الشرائط، ولا مانع من اختلاف الشرائط من هذه الناحیة بل لا مانع من اختلاف الأجزاء أیضاً بالعبادیّة وعدمها فی مرحلة الثبوت وإن لم یتّفق ذلک فی مرحلة الإثبات (أی أنّ أمر اعتبار قصد القربة وعدمه بید المولى الآمر، فله أن یلغى اعتباره حتّى عن بعض الأجزاء فضلا عن الشرائط)(1).

أقول: یرد علیه ما ذکرنا سابقاً من أنّ الأمر النفسی المتعلّق بالصلاه مثلا إنّما تعلّق باجزائها وتقیّدها بالشرائط، وأمّا نفس الشرائط فهی خارجة عن ذات المأمور به، (کما قیل: التقیّد جزء والقید خارجی) فلا یمکن حلّ المشکل من هذا الطریق لأنّه یعود إلى الأمر المقدّمی لا محالة.

فقد تلخّص من جمیع ما ذکرنا فی هذا المجال أنّ لتصحیح عبادیّة الطهارات الثلاث طرق ثلاثه:

أحدها قصد الأمر الغیری.

ثانیها قصد الأمر النفسی الاستحبابی.

ثالثها قصد الأمر النفسی الضمنی، والطریق الأوّل بنفسه یتصوّر على صورتین:

الصورة الاُولى: قصد الأمر الغیری بقصد التوصّل إلى ذی المقدّمة.

الصورة الثانیّة: قصده لتحصیل عناوین الطهارات الثلاث، فصارت الطرق أربعة، وقد ناقشنا فی اثنین منها ووافقنا على اثنین منها:

أحدهما: قصد الأمر الغیری لما مرّ من کفایته فی العبادیّة.

ثانیهما: قصد الأمر النفسی الاستحبابی.


1. أجود التقریرات: ج1، ص175 ـ 176.
الأمر الثالث: کیفیة الثواب والعقاب الاُخروییننکتتان
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma