الأوّل: فی مسألة الأمر بین الأمرین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الآیات الدالّة بصراحتها على نفی الجبرالثانی: دوافع القول بالجبر

وهو مذهب أهل بیت العصمة الذین لا یزالون یدعون إلیه فی مقابل مذهبی الجبر والتفویض، وقد وردت من جانبهم فی هذا المجال روایات کثیرة فی الجوامع المعتبرة للحدیث، وحیث إنّ بعض القائلین بهذا المذهب انسحب بالمآل إلى مذهب الجبر کمن یقول: بأنّ العلّة النهائیّة فی إرادات الإنسان إنّما هی حسن سریرته أو سوئها، کما أنّ بعضاً آخر انجرّ إلى مذهب التفویض کذلک، فلابدّ أوّلا من تفسیر الأمر بین الأمرین وبیان حقیقته ثمّ إیراد جملة من تلک الرّوایات المأثورة عنهم (علیهم السلام).

فنقول: إنّ «الأمر بین الأمرین» عبارة عن الجمع بین الأصلین: التوحید الأفعالی (أی فاعلیته تعالى فی الأفعال کلّها) والعدالة، فإنّ حقیقة هذا المذهب أنه لا یخرج الباری تعالى عن سلطانه المطلق فی جمیع الأشیاء حتّى فی الأفعال الاختیاریّة للإنسان، هذا من جانب، ومن جانب آخر لا یتّهمه بإجباره العباد على المعاصی ثمّ أخذهم بالعذاب.

وقد ورد عن أبی بصیر عن أبی عبدالله (علیه السلام) قال: «من زعم أنّ الله یأمر بالفحشاء فقد کذب على الله ومن زعم أنّ الخیر والشرّ إلیه فقد کذب على الله»(1). قال: «الله أکرم من أن یکلّف الناس ما لا یطیقون والله أعزّ من أن یکون فی سلطانه ما لا یرید»(2). سألت هذا القدری فکان من جوابه کذا وکذا، فقال: «لنفسه نظر أمّا لو قال غیر ما قال لهلک»(3)، (والمراد منه أنّه بسبب هذا الجواب أنجى نفسه من هلکة الکفر والعذاب لأنّ کلّ واحد من الأمرین الجبر والتفویض ینتهی إلى الکفر أحدهما یوجب سلب العدالة عنه تعالى عن ذلک وثانیهما یوجب الشرک فی الأفعال).

وعن هشام بن سالم عن أبی عبدالله (علیه السلام)

فلا یخفى أنّه جمع فی هذین الخبرین بین عدالته تعالى وعدم ظلمه على العباد بإجبارهم وتکلیفهم بما لا یطیقون ولا یقدرون على إتیانه أو على ترکه وبین سلطانه وتوحیده فی جمیع الأفعال.

وعن اسماعیل بن جابر قال: کان فی مسجد المدینة رجل یتکلّم فی القدر والناس مجتمعون قال: فقلت یاهذا أسألک؟ قال: سل قلت: قد یکون فی ملک الله تعالى ما لا یرید؟ قال: فأطرق طویلا ثمّ رفع رأسه إلیّ فقال: یا هذا لئن قلت أنّه یکون فی ملکه ما لا یرید أنّه لمقهور، ولئن قلت لا یکون فی ملکه إلاّ ما یرید أقررت لک بالمعاصی قال: فقلت لأبی عبدالله(علیه السلام)

فقد ظهر لک أنّ معنى الأمر بین الأمرین أنّ أفعال العباد تکون باختیارهم وإرادتهم ولذلک یکونون مسؤولین ویجزون بالثواب أو العقاب فی مقابل طاعتهم أو معصیتهم، ولکن فی نفس الوقت ومن جانب آخر تستند أفعالهم إلى الباری تعالى حقیقة لأنّ اختیارهم من جانب الله وتفاض إرادتهم من ناحیته تعالى إلیهم فی کلّ لحظة لحظة وهو القیّوم علیهم وعلى أفعالهم وجمیع الأشیاء، ولیس شیء منها خارجاً عن سلطانه وسطوته، فاختیار الإنسان وإرادته ینشأ من اختیاره تعالى الذی أفاضه علیه وحیث إنّ أفعال الإنسان الاختیاریّة ناشئة من اختیاره وإرادته تعالى فهی ناشئة حقیقة من اختیار الله وإرادته، لأنّ إرادة الملزوم لا تنفکّ عن إرادة اللازم، فهذا هو الأمر بین الأمرین.

فهو کما ذکره بعض الأعلام نظیر ما إذا فرضنا أنّ ید العبد مشلولة لا یتمکّن من تحریکها إلاّ مع إیصال الحرارة إلیها بالقوّة الکهربائیّة، فأوصل المولى القوّة إلیها بوساطة سلک الکهرباء الذی یکون زرّه بید المولى فقام العبد باختیاره بفعل حسن أو قبیح، والمولى کان یعلم بذلک فحینئذ یکون الفعل اختیاریّاً للعبد ویستند إلیه حقیقة لأنّه صدر منه باختیاره، ویستند إلى مولاه أیضاً حقیقة لأنّ السلک بید المولى وهو الذی یعطی القوّة للعبد آناً فآناً.

نعم ما یستند إلى العبد إنّما هو نسبة المسؤولیّة، وما یستند إلى المولى إنّما هو نسبة الخالقیة کما لا یخفى.


1. الوافی: ج 1، ص 539، ح 2، من الطبع الحدیث.
2. المصدر السابق: ص 540، ح 4.
3. المصدر السابق: ص 540، ح 5.
الآیات الدالّة بصراحتها على نفی الجبرالثانی: دوافع القول بالجبر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma