الثانی: تقسیم الواجب إلى المنجز والمعلّق

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الرابع: هل أنّ العلم من الشرائط العامّة للتکلیف؟ثمرة المسألة

وقد عرّف الواجب المنجّز فی کلام صاحب الفصول المبتکر لهذا التقسیم بما یتعلّق وجوبه بالمکلّف ولا یتوقّف حصوله على أمر غیر مقدور له کالمعرفة، وعرّف الواجب المعلّق بما یتعلّق وجوبه به ویتوقّف حصوله على أمر غیر مقدور کالحجّ (بالنسبة إلى حلول زمانه) فإنّ وجوبه یتعلّق بالمکلّف من أوّل زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة، ویتوقّف فعله على مجیء وقته وهو غیر مقدور له(1).

نعم أنّه عمّم المعلّق فی ذیل کلامه إلى ما یتوقّف على أمر مقدور أیضاً، وقال: «واعلم أنّه کما یصحّ أن یکون وجوبه على تقدیر حصول أمر غیر مقدور وقد عرفت بیانه، کذلک یصحّ أن یکون وجوبه على تقدیر حصول أمر مقدور فیکون بحیث لا یجب على تقدیر عدم حصوله، وعلى تقدیر حصوله یکون واجباً قبل حصوله، وذلک کما لو توقّف الحجّ المنذور على رکوب الدابة المغصوبة»(2).

ولکن یمکن النقاش فی تمثیله للمقدور بالحجّ المنذور المتوقّف على رکوب الدابّة المغصوبة لأنّ رکوب الدابّة المغصوبة غیر مقدور شرعاً والمنع الشرعی کالمنع العقلی، وکان یمکن له التمثیل بأمر مقدور مباح لا یترشّح إلیه الوجوب وهو ما إذا أخذه المولى قیداً للواجب بنحو لا یجب تحصیله کما إذا قال المولى: «حجّ عند إستطاعة». أو «صلّ عند ما تتطهّر» فإنّ ظاهرهما وجوب الحجّ والصّلاة فعلا مع أنّ وجود الحجّ متوقّف على حصول الاستطاعة إتّفاقاً مع کونها أمراً مقدوراً للمکلّف، کما أنّ وجود الصّلاة متوقّف على حصول الطهارة إتّفاقاً مع کونها أمراً مقدوراً للمکلّف.

نعم قد ظهر ممّا ذکرنا أنّه لا یرد علیه ما أورده المحقّق الخراسانی(رحمه الله) علیه بقوله: «لا وجه لتخصیص المعلّق بما یتوقّف حصوله على أمر غیر مقدور بل ینبغی تعمیمه إلى أمر مقدور متأخّر» فکأنّه (رحمه الله) لم یلاحظ ذیل کلامه.

کما ظهر أنّه لا فرق بین الواجب المشروط على مبنى الشّیخ الأعظم (رحمه الله)والواجب المعلّق على التعریف المزبور حیث إنّه أخذ فی الواجب المعلّق جمیع ما أخذه الشّیخ فی الواجب المشروط من کون القید فیه راجعاً إلى المادّة لا الهیئة وکونه ممّا لا یترشّح علیه الوجوب، مع أنّه شرط للوجود لا الوجوب إلاّ إذا أخذنا بصدر کلامه الذی حصر الواجب المعلّق فیه بما یتوقّف حصوله على أمر غیر مقدور، حیث إنّ کلام الشّیخ (رحمه الله) فی الواجب المشروط یکون أعمّ منه وممّا یتوقّف حصوله على أمر مقدور.

نعم، الفرق بین الواجب المعلّق والواجب المشروط على مبنى المشهور واضح فإنّ القید عندهم فی الواجب المشروط راجع إلى الهیئة والوجوب لا الواجب والوجود کما مرّ.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ذهب جماعة من الأعلام إلى إمکان الواجب المعلّق وجماعة آخرون إلى استحالته، واستدلّ القائلون بالاستحالة باُمور:

الأمر الأوّل: ما أفاده الشّیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) من أنّه لا یمکن تصوّر شیء ثالث فی الواجب غیر المطلق والمشروط.

ولا یخفى أنّ کلامه فی محلّه ولکن بناءً على مختاره فی الواجب المشروط، حیث إنّه حینئذ یرجع أحدهما إلى الآخر کما مرّ آنفاً ولیس الواجب المعلّق قسماً ثالثاً للواجب، وأمّا بناءً على مبنى المشهور، فالفرق بین الواجب المعلّق والمطلق والمشروط واضح فإنّه إن لم یکن الواجب مقیّداً بقید سمّی بالواجب المطلق وإن کان مقیّداً ورجع القید إلى الهیئة سمّی بالواجب المشروط وإن کان مقیّداً ولکن رجع القید إلى المادّة کان على قسمین: فإمّا أن یترشّح الوجوب من ذی المقدّمة إلى المقدّمة فیسمّى منجزاً، وهو فی الواقع قسم من الواجب المطلق، وإمّا أن لا یترشّح منه إلیه فیسمّى معلّقاً.

الأمر الثانی: لزوم انفکاک زمان الوجوب عن زمان الواجب وهو محال ببیانین:

أحدهما: مقایسة التشریع بالتکوین، فإنّ الطلب الإنشائی فی التشریعیات إنّما هو بإزاء الإرادة المحرّکة للعضلات فی التکوینیات، فکما أنّ الإرادة فی التکوینیات لا تنفکّ عن المراد (وهو حرکة العضلات) وإن کان المراد متأخّراً رتبة فلیکن الطلب الإنشائی فی التشریعیات أیضاً غیر منفکّ عن المطلوب وإن کان المطلوب متأخّراً رتبة، وعلیه فلا یمکن أن یکون الطلب فی الواجب المعلّق حالیاً والمطلوب استقبالیاً متأخّراً عن الطلب زماناً.

ثانیهما: الرجوع إلى حقیقة بعث المولى، فإنّها عبارة عن إیجاد ما یکون داعیاً إلى العمل، فلو بعث المولى إلى الحجّ، أی أوجد الداعی إلیه فی نفس العبد، فیستحیل أن لا ینبعث إلیه العبد.

ویمکن الجواب عنه أیضاً نقضاً وحلا، أمّا النقض فلانّه ینتقض بالواجبات المطلقة فیما إذا کانت لحصولها فی الخارج مقدّمات عدیدة لا بدّ فی تحصیلها من زمان طویل.

وأمّا الحلّ فلأنّ الإرادة لیست بمعنى الشوق المؤکّد المحرّک للعضلات من دون تخلّل شیء بین الشوق وحرکة العضلات لأنّ لازمه الجبر کما لا یخفى، بل یتخلّل بینهما شیء آخر یسمّى بالاختیار، فللمکلّف المنع عن حرکة العضلات، ولا إشکال فی أنّ لازمه إمکان الانفکاک بین البعث والانبعاث وبین الطلب والمطلوب.

وإن شئت قلت: یمکن المناقشة فی المقیس علیه وهو الإرادة التکوینیّة بأنّها کما تتعلّق بأمر حالی فلا تنفکّ عن المراد زماناً کذلک تتعلّق بأمر استقبالی متأخّر فتنفکّ عنه زماناً، کما إذا تعلّقت الإرادة بالسفر إلى بلاد بعیدة بعد أشهر، فیکون فعلا بصدد مقدّمات السفر وتحصیل معدّاتها، فتعلّقت الإرادة من الآن بالسفر بعداً (وإلاّ لم یکن المرید فعلا بصدد تحصیل المقدّمات) ولازمه انفکاک الإرادة عن المراد زماناً.

الأمر الثالث: عدم قدرة المکلّف على المکلّف به فی حال البعث على المفروض فی المقام مع أنّها من الشرائط العامّة.

ویمکن الجواب عنه أیضاً نقضاً: بأنّه ینتقض بالواجب المطلق إذا کان له مقدّمات تحتاج إلى الزمان وبوجوب أجزاء الواجب جمیعاً حین الشروع فی العمل مع أنّ المکلّف لیس قادراً مثلا على التشهّد والتسلیم حین تکبیرة الإحرام فإنّ قدرته على الأجزاء تحصل شیئاً فشیئاً، وما لم یأت بالتکبیر لا یکون قادراً على القراءة فی محلّها المفروض وهکذا.

وحلا: بأنّه لا دلیل على اعتبار القدرة على المکلّف به قبل مجیء زمان العمل بل القدرة المعتبرة فی التکلیف عقلا هی القدرة على المکلّف به فی زمان المکلّف به فإنّه کثیراً ما یتّفق أنّ العبد لا یکون قادراً على الإتیان بالمأمور به حین البعث ولکنّه یصیر قادراً علیه بنفس البعث والتحریک، فلا إشکال حینئذ فی أنّ العقل لا یمنع عن بعثه بمجرّد عدم قدرته على العمل فعلا.

الأمر الرابع: ما أفاده المحقّق النائینی (رحمه الله) وحاصله: أنّ امتناع الواجب المعلّق فی الأحکام الشرعیّة التی تکون على نهج القضایا الحقیقیّة بمکان من الوضوح بحیث لا مجال للتوهّم فیه، لأنّ معنى کون القضیّة حقیقیّة هو أخذ العنوان الملحوظ مرآة لمصادیقه المفروض وجودها موضوعاً للحکم فیکون کلّ حکم مشروطاً بوجود الموضوع بما له من القیود، ولا فرق بین أن یکون القید هو الوقت أو أمر آخر، وحینئذ ینبغی أن یسأل ممّن قال بالواجب المعلّق أنّه أی خصوصیّة للوقت حیث قلت بتقدّم الوجوب علیه ولم تقل بذلک فی سائر القیود من البلوغ والاستطاعة مع اشتراک الکلّ فی أخذه قیداً للموضوع(3).

أقول: لا یخفى أنّ هذا الوجه مبتن على مبنى المحقّق النائینی(رحمه الله) فی أنّ جمیع القیود المأخوذة فی الأحکام ترجع حقیقة إمّا إلى الموضوع أو إلى المأمور به، مع أنّه قد مرّ عدم تمامیّة المبنى وأنّ الاشتراط فی الواجب المشروط یکون من قبیل التعلیق والتقدیر لا التقیید، أی أنّ المولى إذا لم تکن شرائط مطلوبه حاصلة فی الحال فأوّلا یفرض تلک الشرائط، ثمّ یحکم فی وعاء ذلک الفرض بمطلوبه، فیکون إیجابه وحکمه إیجاب وحکم على فرض، فیرجع شرطه وفرضه إلى الحکم، أی «یجب مثلا على المکلّف الحجّ إن استطاع» لا إلى الموضوع حتّى یکون مآل تعبیره «یجب على المستطیع الحجّ»، فعلى المبنى المختار فی حقیقة الواجب المشروط الحقیق بالتصدیق لا یتمّ ما ذکره.

الأمر الخامس: ما هو المختار فی مقام الإشکال على الواجب المعلّق وهو أنّ الواجب المعلّق مستبطن لنوع من التضادّ فی إنشائه حیث إنّ المولى یقول یوم الاثنین: «یجب علیک غسل یوم الجمعة أو صیامه. فإمّا أن یکون هو کنایة عن وجوب تهیئة المقدّمات، فلا بأس به کما سیأتی، ولکن حینئذ لا یکون الواجب معلّقاً بل أنّه من مصادیق الواجب المشروط، لأنّ المفروض عدم وجوب ذی المقدّمة، وإمّا یکون دالا على أنّ غسل یوم الجمعة أو صیامه واجب من یوم الاثنین مع أنّ ظرف امتثاله هو یوم الجمعة، فهو متضمّن لنحو من التضادّ، لأنّ کلّ بعث یطلب من العبد انبعاثاً وکلّ طلب یتعقّب امتثالا، فلو کان الوجوب فعلیّاً یوم الاثنین کان معناه وجوب الامتثال فی ذلک الیوم مع أنّ المفروض أنّ زمان الامتثال هو یوم الجمعة فلازم وجود الطلب یوم الاثنین هو فعلیة الوجوب فی ذلک الیوم، ولازم عدم وجوب امتثاله یوم الاثنین عدم فعلیّة الوجوب فی ذلک الیوم، ولیس هذا إلاّ التضادّ.

والشاهد على ما ذکرناه ما تسالم علیه الفقهاء على أنّه لو مات المکلّف بعد استطاعته فی الطریق فلا یجب قضاء الحجّ عنه مع تصریحهم بأنّ الوجه فی ذلک أنّ الاستطاعة هی أعمّ من الاستطاعة المالیّة والبدنیّة والطریقیة والزمانیّة، فإنّ هذا أقوى شاهد على أنّ ارتکازهم
الفقهی والمتشرّعی یکون على أنّ جمیع هذه الأربعة شرط لوجوب الحجّ لا خصوص الاستطاعة المالیّة، ولذلک أوّلوا ما ورد فی بعض الرّوایات ممّا ظاهره وجوب القضاء باُمور اُخرى، وذکروا فی توجیهه وجهان: أحدهما: حمله على الاستحباب، والثانی: حمله على من استقرّ علیه الحجّ من قبل.

إن قلت: إنّ مثل هذا التعبیر (أی یجب علیک من هذا الیوم إکرام زید یوم الجمعة) شائع عند العرف.

قلنا: شیوع مثل هذا التعبیر عند العرف یحتمل فیه وجوه اُخرى:

منها: أن یکون من قبیل الواجب المشروط، فترجع القضیّة المزبورة إلى قولک: إذا کان یوم الجمعة کان علیک إکرام زید) ویرجع مثل قولک «أکرم ضیوفی یوم الجمعة» إلى قولک: «إذا کان یوم الجمعة وقدم ضیوفی فأکرمهم» خصوصاً بملاحظة ما مرّ من أنّ الأحکام القانونیّة ترجع إلى قضایا حقیقیّة، والقضایا الحقیقیة أیضاً ترجع إلى قضایا شرطیّة.

ومنها: أن یکون مجازاً بعلاقة الأوّل والمشارفة کما إذا قلت «جاء زید» مع أنّه لم یجیء بعدُ، بل سیأتی عن قریب.

ومنها: أن یکون کنایة عن إیجاب تهیئة المقدّمات، بأن یکون مراد المولى من تصریحه بوجوب إکرام ضیوفه یوم الجمعة من هذا الیوم وجوب تهیئة مقدّمات الإکرام من هذا الیوم، وأمّا الاحتمال الآخر الذی یکون احتمالا رابعاً فی المسألة وهو أن یتعلّق الوجوب من الآن بذی المقدّمة (لا المقدّمة) الذی یأتی فیما بعد فمردود لاشتماله على التناقض کما مرّ، ولیت شعری کیف یرضى القائل بالواجب المعلّق بمثل هذا التناقض الواضح بأن یقول المولى للعبد: «أیّها العبد اُرید منک الآن إکرام زید فی یوم الجمعة» فله أن یقول فی جوابه: «إن کنت ترید الآن فلماذا تقول یوم الجمعة؟ وإن کنت ترید یوم الجمعة فلماذا تقول الآن؟» إلاّ أن یکون مرادک تهیئة المقدّمات من الآن.


1. الفصول: ص79.
2. المصدر السابق: ص 80 ـ 81.
3. فوائد الاُصول: ج1، ص186.

 

الرابع: هل أنّ العلم من الشرائط العامّة للتکلیف؟ثمرة المسألة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma