المقام الثالث ـ إجزاء الأوامر الظاهریّة الشرعیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
بقی هنا شیءالمختار فی مسألة إجزاء الأوامر الظاهریّة الشرعیّة

 

ویبحث عنه أیضاً فی مباحث الاجتهاد والتقلید (فی البحث عن تبدّل رأی المجتهد) وله نتائج کثیرة فی الفقه، وقد فصّل المحقّق الخراسانی (رحمه الله) فیه بین الاُصول والأمارات، وبین ما کان منهما جاریاً فی إجزاء الواجب وشرائطه وموانعه (سواء فی الشبهات الحکمیة والموضوعیّة) وما کان جاریاً منهما لإثبات أصل التکلیف، وذهب إلى الإجزاء فی القسم الأوّل (أی ما کان جاریاً منهما فی الإجزاء والشرائط والموانع) فی خصوص موارد الاُصول دون الأمارات (إلاّ بناءً على مبنى السببیّة فی الأمارات فذهب فیها أیضاً إلى الإجزاء فی الجملة) وإلى عدم الإجزاء فی القسم الثانی (ما کان جاریاً منهما لإثبات أصل التکلیف) مطلقاً سواء فی الأمارات والاُصول.

وعلى هذا لا بدّ من البحث فی موردین:

المورد الأوّل: الأحکام الظاهریّة من الاُصول والأمارات التی تجری فی إجزاء واجب أو شرائطه وموانعه، أی تجری لتنقیح موضوع تکلیف آخر سواء کانت من الشبهات الحکمیة أو الموضوعیّة نظیر قاعدة الفراغ مثلا بالنسبة إلى من شکّ فی إتیان جزء أو شرط أو مانع، ونظیر استصحاب العدم لمن شکّ فی إتیان جزء فی محلّه، ونظیر البیّنة القائمة على إتیان جزء أو عدم إتیانه مثلا (هذا فی الشبهات الموضوعیّة) ونظیر حدیث الرفع الدالّ على رفع جزئیّة السورة أو الاستعاذة، وقاعدة الطهارة الدالّة على طهارة الحیوان المتولّد من طاهر ونجس مثلا المقتضیة لجواز الصّلاة مع ملاقاة البدن له (فی الشبهات الحکمیة).

المورد الثانی: الأحکام الظاهریّة التی تجری لإثبات تکلیف مستقلّ، وتکون بالطبع جاریة فی الشبهات الحکمیة فقط، ولا تتصوّر فی الشبهات الموضوعة نظیر ما إذا کان مفاد الأمارة أو الأصل وجوب صلاة الجمعة أو عدم وجوب الدعاء عند رؤیة الهلال أو حرمة شیء أو عدم حرمته.

أمّا المورد الأوّل: فحاصل ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فیه (مع توضیح وتحریر): أنّ الحکم الظاهری على قسمین:

الأوّل: حکم ظاهری مجعول فی ظرف الشکّ والجهل بالواقع حقیقة من دون نظر إلى الواقع أصلا فهو یجری فی تنقیح ما هو موضوع التکلیف وتحقیق متعلّقه، ویکون بلسان تحقّق ما هو شرطه أو شطره.

الثانی: حکم ظاهری مجعول أیضاً فی ظرف الشکّ فی الواقع والجهل به إلاّ أنّه ناظر إلى الواقع وکاشف عنه ویکون بلسان أنّه ما هو الشرط واقعاً.

والأوّل مفاد الاُصول العملیّة کقاعدتی الطهارة والحلّیة أو استصحابهما، والثانی مفاد الأمارات.

ولا إشکال فی أنّ مقتضى کیفیة الجعل فی القسم الأوّل حکومة الاُصول العملیّة على الأدلّة الواقعیّة فی مرحلة الظاهر وتوسعة دائرتها حیث إنّ ما دلّ على شرطیّة الطهارة أو الحلّیة للصّلاة مثلا ظاهر فی الطهارة أو الحلّیة الواقعیّة ولکنّها جعلت الشرط أعمّ منها ومن الطهارة أو الحلّیة الظاهریّة، ومقتضى هذه الحکومة أنّه کما أنّ المکلّف إذا کان واجداً للطهارة الواقعیّة کان واجدا للشرط حقیقة، فکذلک إذا کان واجداً للطهارة الظاهریّة، فلو صلّى معها ثمّ انکشف الخلاف لم ینکشف أنّ العمل فاقد للشرط بل هو واجد له حقیقة فیجزی.

کما أنّ مقتضى کیفیة الجعل فی الأمارات هو عدم الإجزاء فإنّ المجعول فیها إنّما هو حجّیتها بلحاظ نظرها إلى الواقع وإثباتها له على ما هو علیه من دون جعل شیء آخر فیها فی مقابل الواقع، فلو کانت خاطئة وغیر مطابقة له لم تؤدّ إلى حکم شرعی أصلا لا واقعی ولا ظاهری، ونتیجته عدم الإجزاء.

هذا بناءً على ما هو الأظهر الأقوى فی الطرق والأمارات من أنّ حجّیتها لیست بنحو السببیّة، وأمّا بناءً علیها فیجزی لو کان الفاقد کالواجد فی کونه وافیاً بتمام الغرض، ولا یجزی لو لم یکن کذلک، فیجب الإتیان بالواجد لاستیفاء الباقی إن وجب، وإلاّ لأستحبّ. (انتهى کلامه).

وقد أورد علیه المحقّق النائینی (رحمه الله) بالنسبة إلى بیانه فی الاُصول العملیّة باُمور خمسة:

1 ـ «إنّ الحکومة عند هذا القائل (المحقّق الخراسانی(رحمه الله)) لا بدّ وأن تکون بمثل کلمة «أعنی» و «أردت» وأشباه ذلک، ولأجله لم یلتزم بحکومة أدلّة نفی الضرر على أدلّة الأحکام الواقعیّة ولا بحکومة الأدلّة الاجتهادیّة على الاُصول العملیّة، ومن الواضح عدم تحقّق الحکومة بهذا المعنى فی المقام».

أقول: للمحقّق الخراسانی(رحمه الله) أن یقول: أنّ مفاد «أعنی» وأشباهه تارةً یستفاد من الأدلّة الحاکمة بمدلولها المطابقی واُخرى یستفاد منها بمدلولها الالتزامی، ولا إشکال فی أنّ مثل قول الشارع «کلّ شیء لک طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» یکون مدلوله الالتزامی بالنسبة إلى قوله (علیه السلام): «لا صلاة إلاّ بالطهور» عبارة عن قولک «أعنی أنّ الطهارة المشروط بها فی الصّلاة هی الأعمّ من الطهارة الواقعیّة والظاهریّة» بحیث لولاه لم تکن فائدة فی قوله «کلّ شیء طاهر ...».

2 ـ إنّ وجود الحکم الظاهری لا بدّ وأن یکون مفروغاً عنه حین الحکم بعموم الشرط الواقعی للطهارة الواقعیّة والظاهریّة أو بعمومه للاباحة کذلک، ومن الواضح أنّ المتکفّل لإثبات الحکم الظاهری لیس إلاّ نفس دلیل قاعدة الطهارة أو أصالة الإباحة، فکیف یمکن أن یکون هو المتکفّل لبیان کون الشرط أعمّ من الواقعیّة والظاهریّة منهما؟».

ویرد علیه أیضاً: أنّه یمکن أن تکون دلالة أدلّة الاُصول کدلیل قاعدة الطهارة أو الحلّیة على الحکم الظاهری (أی الطهارة الظاهریّة أو الحلّیة الظاهریّة) بالدلالة المطابقیة، وأمّا دلالتها على کون الشرط أعمّ من الواقعیّة والظاهریّة منهما فهی بالدلالة الالتزامیّة.

3 ـ «إنّ الحکومة فی المقام وإن کانت مسلّمة إلاّ أنّها لا تستلزم تعمیم الشرط واقعاً، فإنّ الحکومة على قسمین: قسم یکون الدلیل الحاکم فی مرتبة الدلیل المحکوم ولا یکون الشکّ فی المحکوم مأخوذاً فی الدلیل الحاکم کقوله(علیه السلام) «لا شکّ لکثیر الشکّ» الحاکم على أدلّة الشکوک فی الصّلاة فلا محالة یکون الدلیل الحاکم موجباً لعموم الدلیل المحکوم أو مخصّصاً له بلسان الحکومة، ویسمّى هذا القسم حکومة واقعیة.

وقسم آخر یکون الشکّ فی المحکوم مأخوذاً فی الدلیل الحاکم، فلا محالة یکون الدلیل الحاکم متأخّراً عن المحکوم لأخذ الشکّ فیه موضوعاً فی الدلیل الحاکم، فیستحیل کونه معمّماً أو مخصّصاً له فی الواقع، فتکون حکومته ظاهریّة لا محالة، ویترتّب على ذلک جواز ترتیب آثار الواقع ما لم ینکشف الخلاف، فإذا انکشف الخلاف ینکشف عدم وجدان العمل لشرطه ویکون مقتضى القاعدة هو عدم الإجزاء کما فی الأمارات، وإذا انقسمت الحکومة إلى قسمین مختلفین فی الأثر فإثبات الإجزاء یتوقّف على إثبات کون الحکومة فی المقام واقعیة مع أنّها مستحیلة، ضرورة أخذ الشکّ فی موضوع أدلّة الاُصول ومعه تکون الحکومة ظاهریّة غیر مستلزمة للإجزاء قطعاً».

ویمکن تقریر هذا الإشکال ببیان أوضح وأقصر، وهو أنّ غایة ما یستفاد من دلیل أصالة الطهارة مثلا ثبوت أحکامها لموردها ما دام الشکّ موجوداً ولازمه عدم وجود تعمیم فی الحکم الواقعی.

وهذا الإشکال جیّد فی الجملة.

4 ـ «إنّ الحکومة المدعاة فی المقام لیست إلاّ من باب جعل الحکم الظاهری وتنزیل المکلّف منزلة المحرز للواقع فی ترتیب آثاره، وهذا مشترک فیه جمیع الأحکام الظاهریّة سواء ثبتت بالأمارة، أم بالأصل، محرزاً کان أم غیر محرز، بل الأمارة أولى بذلک من الأصل فإنّ المجعول فی الأمارات إنّما هو نفس صفة الإحراز وکون الأمارة علماً تعبّداً، وأمّا الاُصول فلیس المجعول فیها إلاّ التعبّد بالجری العملی وترتیب آثار إحراز الواقع فی ظرف الشکّ».

ویرد علیه: أنّه إشکال مبنائی لا یرد على المحقّق الخراسانی (رحمه الله) حیث إنّ مبناه فی باب الأمارات هو المنجزیّة والمعذریّة، (نعم قد یستفاد من بعض کلماته فی الکفایة أنّه قائل بجعل الحکم المماثل کما سیأتی فی باب الأمارات وحینئذ یکون الإشکال هذا وارداً علیه).

أضف إلى ذلک ما قد مرّ سابقاً من الإشکال فی المبنى من أنّه لا معنى محصّلا لتعلّق الجعل بالعلم، فلا یمکن أن یکون المجعول فی باب الأمارات کون الأمارة علماً تعبّداً لأنّه من الاُمور التکوینیّة التی لا تصل إلیها ید الجعل بل مجاله الاُمور الاعتباریّة کما لا یخفى.

5 ـ «إنّ الحکومة لو کانت واقعیة فلابدّ من ترتیب جمیع آثار الواقع لا خصوص الشرطیّة، فلابدّ وأن لا یحکم بنجاسة الملاقی لما هو محکوم بالطهارة ظاهراً ولو انکشف نجاسته بعد ذلک، ولا أظنّ أن یلتزم به أحد»(1).

أقول: ویمکن الجواب عنه أیضاً بأنّ صاحب الکفایة لم یدّع حکومة أصالة الطهارة على ما دلّ على أنّ کلّ شیء لاقى نجساً فقد تنجّس، بل هی حاکمة على أدلّة الواجبات وشرائطها، وأمّا الأحکام الوضعیة مثل النجاسة بالملاقاة فهی تابعة لواقعها، فلو انکشف الخلاف وجب التطهیر.

فلم یبق من الإشکالات علیه إلاّ الثالث، وهو کون الحکومة هنا ظاهریّة ما دام الشکّ موجوداً.

ثمّ إنّ هیهنا کلام أفاده فی تهذیب الاُصول یشبه مقالة المحقّق الخراسانی(رحمه الله)فی المقام، حیث إنّه فصّل أیضاً بین الاُصول والأمارات وقال بالإجزاء فی الاُصول بدعوى حکومة أدلّة الاُصول على أدلّة الشرائط والإجزاء، وبعدم الإجزاء فی الأمارات وقال: «التحقیق عدم الإجزاء فیها بناءً على الطریقیة کما هو الحقّ وفاقاً لجملة من المحقّقین سواء قلنا بأنّ الطرق التی بأیدینا کلّها طرق وأمارات عقلائیّة ولیس للشرع أمارة تأسیسیة بل لم یرد من الشارع أمر باتّباعها وإنّما استکشفنا من سکوته وهو بمرآه، رضائه، ومن عدم ردعه إمضائه، أم قلنا بورود أمر منه بالاتّباع لکنّه بنحو الإرشاد إلى ما هو المجبول والمرتکز فی فطره العقلاء، أم قلنا بأنّ الطرق المتعارفة فی الفقه ممّا أسّسها الشارع کلّها أو بعضها وصولا إلى الواقع، ولم یکن عند العقلاء منها عین ولا أثر.

توضیح ذلک: أمّا على الوجهین الأوّلین فلأنّ المتّبع فیهما حکم العقلاء وکیفیة بنائهم، ولا شکّ أنّ عملهم لأجل کشفها نوعاً عن الواقع مع حفظ نفس الأمر على ما هو علیه من غیر تصرّف فیه ولا انقلابه عمّا هو علیه، ومع هذا کیف یمکن الحکم بالإجزاء مع انکشاف الخلاف؟ وأمّا على الوجه الأخیر على فرض صحّته فلا شکّ فی أنّ لسان أدلّة حجّیتها هو التحفّظ على الواقع لا التصرّف فیه وقلبه إلى طبق المؤدّى، أضف إلى ذلک أنّ معنى کون شیء أمارة لیس إلاّ کونه کاشفاً عن الواقع عند المعتبر، فلو تصرّف مع ذلک فیه وقلب الواقع على طبق مؤدّاه لدى التخلّف لخرجت الأمارة عن الأماریّة ... ومعه لا معنى للإجزاء(2).

ولکن یمکن أن یناقش فیه:

أوّلا: بما مرّ من عدم حکومة لأدلّة الاُصول على أدلّة الإجزاء والشرائط.

ثانیاً: بأنّه لا فرق بین الأمارات والاُصول فی کون کلّ واحدة منهما من المخترعات العقلائیّة، فإنّ البراءة بل الاستصحاب أیضاً ممّا استقرّ علیه بناء العقلاء، وإن کانت دائرتهما فی الشرع أوسع أو أضیق منه، والعقلاء لیس بناؤهم إلاّ على العمل بها ما دام الشکّ موجوداً لا على توسعة الأحکام الواقعیّة.


1. أجود التقریرات: ج1، ص198 ـ 199.
2. تهذیب الاُصول: ج1، ص146 ـ 147، طبع مهر.

 

بقی هنا شیءالمختار فی مسألة إجزاء الأوامر الظاهریّة الشرعیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma