المسألة الاُولى: موضوع کلّ علم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
مقدّمةملاک وحدة العلم

قال المحقّق الخراسانی (رحمه الله): «إنّ موضوع کلّ علم ـ وهو الذی یبحث فیه عن عوارضه الذاتیّة أی بلا واسطة فی العروض ـ هو نفس موضوعات مسائله عیناً ...».

فقد تصدّى للبحث عن موضوع کلّ علم من دون أن یشیر أوّلا إلى أنّه هل یحتاج کلّ علم إلى موضوع جامع بین موضوعات مسائله أو لا؟

والظاهر أنّه أرسله إرسال المسلّمات، أی کانت حاجة کلّ علم إلى موضوع عنده أمراً قطعیّاً واضحاً مع أنّه وقع مورداً للسؤال والمناقشة بین أعلام المتأخّرین عنه، فاللازم البحث فی هذا قبل تعریف الموضوع.

فنقول: هل یحتاج کلّ علم إلى موضوع واحد جامع لشتات موضوعات مسائله أو لا؟

الدلیل الوحید الذی استدلّ به للزوم وحدة الموضوع هو قاعدة «الواحد لا یصدر إلاّ من الواحد» حیث إنّ لکلّ علم نتیجة واحدة فلیکن ما تصدر منه هذه النتیجة أیضاً واحداً، ولازمه أن یکون لجمیع موضوعات المسائل جامع واحد یکون هو موضوع العلم.

وقد أورد على هذه القاعدة المحقّق العراقی (رحمه الله) وبعض أعاظم العصر باُمور:

أوّل: إنّها مختصّة بالواحد الشخصی البسیط، لا النوعی کما قرّر فی محلّه، ولا إشکال فی أنّ الأهداف والأغراض المترتّبة على علم کعلم الاُصول الذی یقع فی طریق استنباط مسائل متنوعة فی مختلف أبواب الفقه لیس لها وحدة شخصیّة.

الثانی: سلّمنا جریانها فی الواحد النوعی، لکنّها مختصّة بالواحد الحقیقی الخارجی ولا تجری فی الواحد الاعتباری کسلامة البدن التی هی غایة لعلم الطبّ، ومرکّبة من سلامة القلب والکبد والعروق والأعصاب وغیرها من سائر أعضاء البدن، ولیس واحداً فی الخارج،

وکعلم الاُصول فإنّه یدور مدار المباحث الاعتباریّة والقوانین التشریعیّة(1).

الثالث: سلّمنا جریانها فی الواحد الاعتباری أیضاً لکنّا لا نسلّم جریانها فیما یترکّب من الاُمور الوجودیّة والعدمیّة، أو من الوجودیّات التی یکون کلّ واحد منها داخلا فی إحدى المقولات التسع العرضیّة التی هی من الأجناس العالیة، ولیس فوقها جنس، وذلک لعدم إمکان تصویر جامع بین الوجود والعدم وبین الأجناس العالیة.

مثال القسم الأوّل: علم الفقه (الذی یعدّ غایة لعلم الاُصول) حیث إنّ بعض موضوعات مسائله وجودی کالصّلاة وبعضها عدمی کالصوم، ومثال القسم الثانی: الصّلاة التی تترکّب من مقولة الوضع ومقولة الکیف المسموع وهکذا ...

الرابع: أنّه لا یحصل الغرض فی کلّ علم من خصوص موضوعات مسائله، بل یحصل من النسبة الموجودة بین الموضوع والمحمول، مثلا الغرض من علم الفقه الذی هو عبارة عن العلم بأحکام الصّلاة والصّوم وغیرهما لا یحصل من موضوع «الصّلاة» أو «الصّوم» حتّى نستکشف من وحدة النتیجة وحدة الموضوع، بل إنّها تحصل من النسبة القائمة بین الموضوع والمحمول فی قولنا «الصّلاة واجبة»، وحینئذ فلیکن المستفاد من القاعدة وحدة النسبة لا وحدة الموضوع، (انتهى ما ذکره الأعلام فی المقام ملخّصاً).

أقول: الصحیح من هذه الإشکالات إنّما هو الأوّل الذی یندرج فیه الإشکال الثانی أیضاً، وحاصلهما عدم جریان هذه القاعدة ـ على القول بها ـ فی غیر البسیط الحقیقی الخارجی، ومنشأ الاستدلال بها فی ما نحن فیه هو الخلط بین المسائل الاُصولیّة التی هی من سنخ الاعتباریات وبین المسائل الفلسفیة التی تدور حول الحقائق التکوینیّة، فإنّ الفلسفة تبحث عن الحقائق الواقعیّة العینیّة، والاُصول یبحث عن اُمور اعتباریّة قانونیّة، والفرق بین الأمرین غیر خفیّ، والمشاکل المتولّدة من ناحیة هذا الخلط غیر قلیلة، أی الخلط بین الحقائق والاعتباریات فی طیّات أبواب علم الاُصول من أوّله إلى آخره، فلا تغفل.

وأمّا الإشکال الثالث: فیرد علیه إنّ الموضوعات فی جمیع مسائل الفقه اُمور وجودیّة ولیس فیها أمر عدمی، لأنّ موضوعات مسائل الفقه عبارة عن أفعال المکلّفین من دون واسطة کما فی الأحکام التکلیفیّة أو مع الواسطة کما فی الاُمور الوضعیّة، وهی وجودیّة بأسرها غایة الأمر تارةً یکون الفعل هو الکفّ کما فی الصّیام واُخرى هو الأعمال الخارجیّة.

وأمّا کونها من المقولات المتباینة ففیه: أنّ الموضوع المبحوث عنه فی المسائل الفقهیّة إنّما هو فعل هذه الأوضاع والکیفیّات، أعنی إیجاد الرکوع والسجود والقراءة وغیرها، والفعل أمر واحد من مقولة واحدة.

وأمّا الإشکال الرابع: ففیه أنّ الغرض وإن کان ناشئاً من النسبة بین الموضوعات والمحمولات، إلاّ أنّ وحدتها تنشأ من وحدتهما لأنّها قائمة بطرفیها فتکون وحدة النسب الموجودة فی المسائل دلیلا على وحدة موضوعاتها.

فتلخّص من جمیع ما ذکرنا إنّه لا دلیل على وجوب تحصیل موضوع واحد جامع لجمیع موضوعات مسائل کلّ علم حتّى یبحث عن تعریفه وتحدیده کما فعله جمع کثیر من الأصحاب.


1. توضیح ذلک: إنّ لنا نوعین من الإدراک: إدراک حقیقی وإدراک اعتباری، والإدراک الحقیقی هو ما یکون المدرک فیه موجوداً فی عالم الخارج مع قطع النظر عن الذهن المدرک له کإدراک السماء والأرض وزید وعمرو وغیرها من الاُمور الموجودة فی عالم الأعیان.
والإدراک الاعتباری ما یکون مدرکه مخلوقاً لأذهاننا ومصنوعاً لها مثل الملکیّة والزوجیّة، فانّ وجود «زید» مثلا فی قضیّة «الدار لزید» وجود واقعی فی عالم الخارج وهکذا وجود «الدار»، وأمّا النسبة الموجودة بینهما وهی نسبة الملکیّة أمر ذهنی اعتباری مصنوع لذهن من یعتبرها، وهکذا فی قضیّة «هند زوجة زید» فإنّ «زیداً» و «هنداً» کلیهما أمران واقعیّان موجودان فی الخارج، وأمّا رابطة الزوجیّة الموجودة بینهما أمر ذهنی قانونی فحسب، وکذلک فی جمیع الأوامر والنواهی، أی کلّ «افعل» و «لا تفعل» ففی مثال «لا تشرب الخمر» ـ للخمر وجود حقیقی فی الخارج، وأمّا حرمة الشرب فهی أمر اعتباری موجود فی عالم الذهن، وهکذا فی مثل «اشرب الدواء» وأمثال ذلک.
وبالجملة إنّ الاُمور الاعتباریّة اُمور فرضیّة یعتبرها الإنسان ویفرضها لرفع حاجات حیاته، ثمّ یرتّب علیها آثاراً مختلفة فی حیاته الاجتماعیّة.
ویظهر من ذلک کلّه اُمور:
الأوّل: أنّ الاُمور التکوینیّة اُمور ثابتة فی الخارج لا تتغیّر بالاعتبارات الذهنیّة، ولو کان فیها تغییر وتکامل فهو تکامل جوهری داخلی، وأمّا الاُمور الاعتباریّة فهی اُمور متغیّرة تتغیّر بتغیّر الاعتبار والجعل، کما أنّ الاُمور التکوینیّة اُمور مطلقة، فالشمس مثلا مطلق لا إنّها تکون شمساً بالنسبة إلى زید ولا تکون شمساً بالنسبة إلى عمرو، وأمّا الاُمور الاعتباریّة فهی اُمور نسبیة، فالدار المعیّنة مثلا ملک لزید ولا تکون ملکاً لعمرو، والفعل الفلانی مثلا واجب على زید وحرام على عمرو.
الثانی: أنّ الاُمور التکوینیّة تحکم علیها الاستدلالات المنطقیة والفلسفیة کقاعدة العلّة والمعلول، واستحالة اجتماع النقیضین وارتفاعهما، واستحالة الجمع بین الضدّین وتقدیم المعلول على العلّة، بخلاف الاُمور الاعتباریّة فإنّها خارجة عن نطاق القواعد المنطقیة والفلسفیة، ولذلک یمکن اعتبار نقیضین أو ضدّین أی فرضهما، فیعتبر مثلا أنّ هذا ملک لزید ثمّ یعتبر ثانیاً إنّه لیس ملکاً لزید.
نعم إنّه لغو یستحیل صدوره من الحکیم من هذه الجهة، أی من باب عدم ترتّب الأثر المطلوب من هذا الجعل والاعتبار لا من باب الاستحالة العقلیّة الخارجیّة، فإنّ المقصود من الجعل فی الاُمور الاعتباریّة إنّما هو ترتّب أثر عقلائی ورفع حاجة من الحیاة کما مرّ آنفاً، وهو لا یترتّب على مثل هذا الجعل.
الثالث: أنّه قد تصیر الاُمور الاعتباریّة منشأ لآثار تکوینیّة فی الخارج بمعنى إنّها تصیر سبباً لانقداح إرادة فعل أو کراهته فی نفس الإنسان فیفعل عملا أو یترکه، وهو یوجب إیجاد أمر تکوینی فی الخارج، فمثلا الأمر بالصیام فی شهر رمضان یوجب انقداح إرادة الصّیام فی نفس المکلّف فیصوم، والصّیام یصیر منشأً وسبباً لسلامة البدن، وهکذا اعتبار قوانین المرور مثلا فانّه یوجب انقداح إرادة مراعاتها، والمراعاة الخارجیّة توجب حفظ النفوس والأموال، کلّ ذلک للعلم بأنّ العقلاء یرتّبون آثاراً خاصّة على هذا الوجود الاعتباری، أو إنّ الشارع المقدّس یرتّب علیه آثاراً مختلفة، ففی الواقع باعث الحرکة الخارجیّة هو الآثار التکوینیّة التی نعلم بترتّبها على تلک الاُمور الاعتباریّة من ناحیة الشارع أو العقلاء فی الحال أو المستقبل، وحینئذ یکون الباعث لحدوث أمر تکوینی فی الخارج فی الحقیقة هو أمر تکوینی سابق علیه لا الاعتبار الذهنی.
إذا عرفت هذا کلّه فنقول: إنّ من أقسام الاُمور الاعتباریّة التشریعیات التی منها مسائل الفقه (أو الحقوق) وهکذا اُصول الفقه فلا سبیل إلیها للقواعد المنطقیة والفلسفیة الجاریة فی خصوص الحقائق الخارجیّة کقاعدة الواحد أو أحکام العرض والمعروض (بأن یقال: الصّلاة مثلا معروض والوجوب عرض) أو استحالة اجتماع الضدّین (بأن یقال مثلا: اجتماع الأمر والنهی محال لاستحالة اجتماع الضدّین).
نعم اجتماع الضدّین وأشباهه باطل فی الاُمور الاعتباریّة لکن لا من جهة الاستحالة بل من باب کون اعتبارها لغواً، واللغویّة شیء والاستحالة شیء آخر.
والإنصاف أنّ الخلط بین المسائل الاعتباریّة والاُمور الحقیقیّة وإدخال الثانیّة فی الاُولى أورد ضربة شدیدة على مسائل علم الاُصول بل مسائل الفقه أیضاً، کما أنّ إدخال الاُولى فی الثانیّة وتصوّر إنّه لا حقیقة مطلقة فی الخارج بل جمیع الاُمور حقائق نسبیّة (کما توهّمه النسبیّون من الفلاسفة المادّیین) أوجب إرباکاً عظیماً فی مسائل الفلسفة.
وبالجملة فإنّ قاعدة الواحد لا ربط لها بالعلوم الاعتباریّة التی منها علم الاُصول بل لا دخل لها حتّى فی العلوم الحقیقیّة کعلم الطبّ لأنّ وحدة مسائل کلّ علم أمر اعتباری وإن کانت موضوعات مسائله اُموراً واقعیة خارجیّة.

 

مقدّمةملاک وحدة العلم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma