الأوّل: قد یقال بأنّ المسألة لیست اُصولیّة لأنّ ملاکها وقوع المسألة کبرى الاستنباط مستقلّة من دون ضمّ مسألة اُصولیّة اُخرى، ومسألة الصحیح والأعمّ لا یتمّ الاستنباط بها إلاّ بعد ضمّ مسألة الأقلّ والأکثر الارتباطیین إلیها کما لا یخفى.
ولکن فیه: أنّ لازم هذا خروج أکثر المسائل الاُصولیّة عن علم الاُصول لعدم وقوعه کبرى فی الاستنباط مستقلّة، فإنّ حجّیة خبر الواحد (التی هی من أهمّها) مثلا لا تقع کبرى الاستنباط إلاّ بضمیمة حجّیة الظواهر إلیها.
نعم الحقّ خروج مسألة الصحیح والأعمّ من مسائل الاُصول من جهة اُخرى، وهی أنّ البحث فیها یکون فی أنّ الألفاظ الشرعیّة هل وضعت للصحیح فقط أو للأعمّ منه ومن الفاسد، أی أنّ الصّلاة مثلا ظاهرة فی الصحیح أو فی الأعمّ؟ ولا إشکال فی أنّ هذا بحث صغرى لمسألة حجّیة الظواهر.
الثانی: ربّما یقال بأنّ ثمرة النزاع فی المقام تظهر فی النذر، فإنّه إذا نذر أن یعطی دیناراً لمصلّی رکعتین مثلا فبناءً على القول بالأعمّ ـ یجزی اعطائه لمصلّیهما ولو کانت صلاته فاسدة، وعلى القول بالصحیح لا یجزی ذلک.
وفیه: إنّ لازم هذه الثمرة رجوع البحث فی الصحیح والأعمّ إلى تشخیص موضوع النذر فیما إذا تعلّق بماهیة من الماهیات الشرعیّة، ولا یخفى أنّه لیس حکماً فرعیّاً کلّیاً لکی تکون المسألة من المسائل الاُصولیّة التی ثمرتها استنباط الحکم الکلّی الفرعی، بل لیست من المسائل الفقهیّة أیضاً لأنّها بحث فی أنّ هذه الصّلاة مثلا صلاة، أم لا؟ وهو بحث موضوعی خارج عن شؤون الفقیه کما هو المعروف، کما إذا تعلّق النذر مثلا بوقوع الصّلاة فی مسجد الکوفة، وشککنا فی أنّ هذا المسجد هل هو مسجد الکوفة أو لا؟ وهذا أمر جار فی جمیع موارد النذر، أضف إلى ذلک أنّه یعتبر فی صحّة النذر إحراز رجحان المتعلّق ولا رجحان للصّلاة الفاسدة.
الثالث: ربّما قیل بأنّ ثمرة المسألة تظهر فی مسألة محاذات المرأة للرجل حال الصّلاة، فبناءً على القول بالأعمّ تصیر صلاة الرجل منهیّاً عنها وإن علمنا بفساد صلاة المرأة المحاذیة للرجل أو المتقدّمة علیه، لصدق عنوان الصّلاة حینئذ على ما أتت بها المرأة، فیصدق «أنّه صلّى وبحذائه امرأة تصلّی» بینما لا یصدق هذا بناءً على القول بالصحیح فیما إذا علمنا بفساد صلاة المرأة.
ولکنّه یردّ بأنّ الأدلّة الناهیة عن المحاذات منصرفة إلى الصّلاة الصحیحة وإنّ المنهیّ عنها هی محاذات المرأة حین إتیانها بها کذلک.
