أی «قاعدة الشیء ما لم یجب لم یوجد» بیانه: أنّه لا إشکال فی أنّ کلّ معلول ما لم تتحقّق علّته التامّة لم یوجد، بل یمتنع وجوده، فإذا تحقّقت علّته التامّة فلابدّ من تحقّق المعلول، ولا یمکن تخلّفه عنها، فکلّ فعل عند تحقّق علّته واجب وجوده، وعند عدم تحقّق علّته ممتنع وجوده، فأمره دائماً دائر بین الوجوب والامتناع، أی أنّه إمّا ضروری الوجود، أو ضروری العدم، وهذا هو معنى الجبر، فلا اختیار فی البین.
والجواب عنه: أنّ الوجوب بالاختیار لا ینافی الاختیار کما أنّ الامتناع بالاختیار لا ینافیه أیضاً وتوضیحه: إنّا نقبل قاعدة «إنّ الشیء ما لم یجب لم یوجد» ولکن نقول أیضاً: إنّ الجزء الأخیر للعلّة التامّة فی الأفعال الاختیاریّة هو الإرادة والاختیار، ولا إشکال فی أنّ الوجوب الذی ینشأ من العلّة التی یکون جزؤها الأخیر الاختیار لا ینافی الاختیار، بل یؤکّد الاختیار.