الأمر الثانی: فی دلالتها على الوجوب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر الأوّل: فی مفادها فی الجملةالجمل الخبریّة

لا ینبغی الإشکال فی أنّه إذا اجاءت صیغة الأمر مطلقة وبدون القرینة فانّه یفهم منها الوجوب کما علیه سیرة الفقهاء فی الفقه فی مقام العمل والاستنباط فإنّهم یعدّون صیغة الأمر حجّة على الوجوب إذا استعملت فی الکلام مجرّدة عن القرینة، وعلیه بناء العقلاء عموماً فی أوامر الموالی إلى من تحت حکمهم، إنّما الکلام والإشکال فی منشأ هذا الظهور وهذه الدلالة، وفیه أربع احتمالات:

الاحتمال الأوّل: ما ذهب إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فی الکفایة، فإنّه أسندها إلى التبادر وقال: لا یبعد تبادر الوجوب عند استعمالها بلا قرینة.

ولکن اشکاله واضح فإنّه یستلزم المجاز عند استعمال الصیغة فی الندب، مع أنّ الوجدان یحکم بخلافه، فإنّا لا نرى فی استعمالها فی الندب عنایة ولا رعایة علاقة من علاقات المجاز (بناءً على القول بها) ففی قول المولى تعالى «أحسن کما أحسن الله إلیک» أو قوله تعالى: (وَلْیَکْتُبْ بَیْنَکُمْ کَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) (بناءً على استحباب الکتابة فی الدَین کما هو المشهور والمعروف) لا یصحّ سلب معنى الأمر منهما وجداناً، فلا یصحّ أن یقال أنّه لیس بأمر مع أنّ المجازیّة تستلزم صحّة السلب کما لا یخفى.

الاحتمال الثانی: ما ذهب إلیه المحقّق النائینی (رحمه الله) وهو «أنّ الوجوب إنّما یکون حکماً عقلیّاً ومعناه أنّ العبد لا بدّ أن ینبعث عن بعث المولى إلاّ أن یرد منه الترخیص بعد ما کان المولى قد أعمل ما کان من وظیفته وأظهر وبعث وقال مولویّاً «افعل» ولیس وظیفة المولى أکثر من ذلک، وبعد إعمال المولى وظیفته تصل النوبة إلى حکم العقل من لزوم انبعاث العبد عن بعث المولى، ولا نعنی بالوجوب سوى ذلک»(1).

والإنصاف عدم تمامیته أیضاً، لأنّ حکم العقل بوجوب الانبعاث فی مقابل مطلق بعث المولى أوّل الکلام، بل أنّ وجوبه أو استحبابه متفرّع على کیفیة إرادته واستعماله لصیغة الأمر، فإن استعملها فی الوجوب یحکم العقل بوجوب الانبعاث وإن استعملها فی الندب یحکم العقل باستحباب الانبعاث، فوجوب الإطاعة والعمل على وفق مراد المولى مسلّم، إنّما الکلام فی مراد المولى من أمره.

الاحتمال الثالث: ما ذکر فی تهذیب الاُصول، وهو «أنّها کاشفة عن الإرادة الحتمیة الوجوبیّة کشفاً عقلائیّاً ککاشفیة الأمارات العقلائیّة، ویمکن أن یقال أنّها وإن لم تکن کاشفة عن الإرادة الحتمیة إلاّ أنّها حجّة بحکم العقل والعقلاء على الوجوب حتّى یظهر خلافه»(2).

أقول: کلا الوجهین قابلان للمناقشة جدّاً، لأنّه لا حجّة للعقلاء فی باب الألفاظ إلاّ من طریق الدلالة حیث إنّه لا معنى لأماریّة الألفاظ إلاّ من ناحیة دلالتها على معنى، والبناءات العقلائیّة والحجج المعتبرة عندهم فی باب الألفاظ لها مجار خاصّة، فهی إمّا أن تکون من باب الوضع أو من باب مقدّمات الحکمة أو القرینة، وإذاً لا بدّ من تعیین أحد هذه الطرق حتّى نعیّن کیفیة الدلالة ومنشأها.

والحاصل: أنّ بناء العقلاء على الوجوب فرع دلالة هذا اللفظ علیه بأحد أنحاء الدلالة، وبدونها لا معنى لبنائهم على الوجوب.

الاحتمال الرابع: ما أفاده المحقّق العراقی (رحمه الله) وهو نفس ما ذهب إلیه فی المقام الأوّل، أی فی مبحث مادّة الأمر من أنّ دلالتها على الوجوب إنّما تنشأ من قضیّة الإطلاق ومقدّمات الحکمة ببیانین:

أحدهما: أنّ الطلب الوجوبی لمّا کان أکمل بالنسبة إلى الطلب الاستحبابی فلا جرم أن کان مقتضى الإطلاق عند الدوران هو الحمل على الطلب الوجوبی إذ الطلب الاستحبابی باعتبار ما فیه من النقص یحتاج إلى نحو تحدید وتقیید.

ثانیهما: أنّ الأمر بعد أن کان فیه اقتضاء لوجود متعلّقه فی الخارج (ولو باعتبار منشئیته للحکم بلزوم الإطاعة والامتثال) یکون اقتضاؤه تارةً بنحو یوجب مجرّد خروج العمل عن اللااقتضائیّة بحیث کان حکم العقل بالإیجاد من جهة الرغبة لما یترتّب علیه من الأجر والثواب فحسب، واُخرى یکون اقتضاؤه لتحریک العبد بالإیجاد بنحو أتمّ بحیث یوجب سدّ باب عدمه حتّى من طرف العقوبة على المخالفة علاوة عمّا یترتّب على إیجاده من المثوبة الموعودة، وفی مثل ذلک. نقول: إنّ قضیّة إطلاق الأمر یقتضی کونه على النحو الثانی لأنّ النحو الأوّل فیه جهة نقص فیحتاج إرادته إلى مؤونة بیان(3). (انتهى مع تلخیص فی عبارته).

أقول: أمّا بیانه الأوّل ففیه: أنّ غایة ما یقتضیه هو کون الطلب ذا مراتب: خفیفة وهی الاستحباب، وشدیدة وهی الوجوب، کما أنّ الوجوب أو الاستحباب أیضاً ذا مراتب کثیرة، ومجرّد ذلک لا یوجب انصراف الطلب إلى أحدها دون الآخر کما أنّ النور ذو مراتب مختلفة ولا یکون إطلاقه منصرفاً إلى بعض أفراده وهو النور الشدید، بل کلّ واحد یحتاج إلى البیان فإنّ کلّ واحد له حدّ.

وأمّا بیانه الثانی: فإن کان المراد منه الانصراف إلى الفرد الأکمل فهو أیضاً قابل للمناقشة، لأنّ الانصراف إلى الفرد الأکمل ممّا لا دلیل علیه، فلذا لا ینصرف «العالم» إلى أعلم العلماء، وإن کان المراد ما ذکرناه فی مادّة الأمر فهو حقّ لا ریب فیه.

توضیح ذلک: أنّ صیغة الأمر تدعو إلى إیجاد الفعل فی الخارج من دون أن یتطرّق إلیه الترک، أی إن طبیعة الطلب لا یتطرّق إلیها الاذن بالترک فهی بظاهرها تقتضی الانبعاث، ولا سبیل لعدم الانبعاث إلیها ما لم یصرّح الآمر المولى بالترخیص فتنصرف حینئذ إلى الوجوب واللزوم، ویشهد على ذلک عدم قبول اعتذار العبد بأنّی کنت أحتمل الندب، بل یقال له «إذا قیل لک افعل فافعل».

فظهر أنّ منشأ انصراف صیغة الأمر إلى الوجوب ودلالتها علیه إنّما هو طبیعة الطلب الظاهرة فی سدّ جمیع أبواب العدم (عدم الطلب) فیها، وإن هو إلاّ نظیر الدفع بالید نحو الخروج فإذا دفعت إنساناً بیدک نحو الخروج لا مجال فیه لاحتمال استحبابه، وکذا البعث بصیغة الأمر (اخرج) فإنّه شبیه البعث التکوینی، أی الدفع بالید، ولا فرق فی هذا الظهور بین کون الطلب من العالی أو المساوی أو الدانی، نعم بینها فرق فی وجوب الإطاعة وعدمه، وهذا بحث کلامی لا دخل له بما نحن فیه من البحث اللّفظی.

إن قلت: أیّة ثمرة تترتّب على هذا البحث، مع العلم بأنّ المستفاد من صیغة الأمر هو الوجوب على جمیع هذا الأقوال ومن أیّ منشأ کان.

قلنا: إنّ ثمرة هذا البحث تظهر فیما إذا علمنا بعدم کون المتکلّم فی مقام البیان حیث تدلّ صیغة الأمر حینئذ على الوجوب بناءً على کونها من باب الوضع ولا تدلّ علیه بناءً على کونها من باب الإطلاق ومقدّمات الحکمة فإنّ من المقدّمات کون المتکلّم فی مقام البیان، إلى غیر ذلک.

هذا کلّه فی الفصل الأوّل من الفصول التی یبحث عنها فی مبحث الأوامر.

الفصل الثانی:


1. فوائد الاُصول: ج1، ص136، طبع جماعة المدرّسین.
2. تهذیب الاُصول: ج1، ص105، طبع مهر.
3. نهایة الأفکار: ج1، ص161 ـ 163، طبع جماعة المدرّسین.

 

الأمر الأوّل: فی مفادها فی الجملةالجمل الخبریّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma