الأمر الأوّل: فی أدلّة القولین

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
الأمر السابع: الحقیقة الشرعیّةبقی هنا شیء

فاستدلّ النافون بأصالة عدم النقل، حیث إنّه أصل من الاُصول العقلائیّة فی باب الألفاظ التی تکون بحکم الأمارات ولیست من الاُصول التعبّدیّة الشرعیّة لأنّ بناء العقلاء استقرّ على حمل الألفاظ على معانیها الأوّلیّة إلاّ إذا ثبت نقلها بدلیل.

واستدلّ المثبتون بوجوه عمدتها التبادر، والمراد منه تبادر المعانی الخاصّة من تلک الألفاظ إلى أذهان معاصری النبی (صلى الله علیه وآله) عند استعمالها من دون قرینة، والتبادر علامة الحقیقة.

توضیحه: أنّ فهم الأصحاب المعانی الجدیدة من هذه الألفاظ المستعملة فی کلمات الرسول (صلى الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام) ممّا لا ریب فیه، وذلک لا یخلو من أحد وجوه ثلاثة: فإمّا أن یکون لوجود قرائن لفظیّة فی البین، أو لوجود قرائن حالیّة، أو أنّه ناش من ناحیة الوضع، ولا إشکال فی أنّ لازم الأوّلین القول بأنّ القرائن ضاعت فلم تصل إلینا وهذا أمر مستبعد جدّاً، فیتعیّن الأخیر وهو المطلوب.

نعم هاهنا «سؤال» وهو أنّ منشأ هذا التبادر ما هو؟ فهل هو الوضع التعیینی أو التعیّنی؟

وجوابه: إنّ الوضع التعیینی یستلزم الالتزام بأنّ النبی (صلى الله علیه وآله) کان یصرّح وینصّ بأنّی وضعت هذا لهذا، وذاک لذاک، وهذا أیضاً أمر مستبعد جدّاً، لأنّه لو کان لبان، ونقل إلینا، لتوفّر الدواعی على نقله، فیتعیّن تکون المنشأ الوضع التعیّنی، وحینئذ یقع البحث فی زمان تحقّق هذا الوضع، أی زمان صیرورة المعنى المجازی حقیقیّاً لأنّه یحتاج إلى کثرة الاستعمال، فیقع السؤال عن إنّه هل یکفی عصر الرسول (صلى الله علیه وآله) لهذه الکثرة حتّى نلتزم بکونه زمان الوضع، أو لا یکفی حتّى نلتزم بأنّ الوضع والتعیّن حصل فی عصر المعصومین (علیهم السلام)؟

هذا إذا کان نوع الوضع منحصراً فی القسمین المذکورین (التعیّنی والتعیینی)، لکن المحقّق الخراسانی(رحمه الله) أبدع هنا قسماً ثالثاً یمکن تسمیته بالوضع التعیینی العملی فإنّه قال: ربّما یکون الإنسان بصدد الوضع من دون أن یصرّح به فلا یقول: «وضعت هذا لهذا» بل یستعمل اللفظ عملا فی معناه فیقول مثلا: «ایتنی بالحسن» وهو یرید به وضع لفظ الحسن لهذا المولود، من دون أن ینصب قرینة على المجاز بل إنّما ینصب القرینة على کونه بصدد الوضع (ولعلّه من هذا القبیل قول الرسول (صلى الله علیه وآله) «صلّوا کما رأیتمونی اُصلّی»)، ثمّ قال: لا یبعد کون هذا النوع من الوضع هو منشأ التبادر فی الحقائق الشرعیّة، لکن أورد علیه جماعة ممّن تأخّر عنه منهم المحقّق النائینی(رحمه الله) «بأنّ حقیقة الاستعمال کما بیّناه إلقاء المعنى فی الخارج بحیث یکون الألفاظ مغفولا عنها فالاستعمال یستدعی کون الألفاظ مغفولا عنها وتوجّه النظر إلیه بتبع المعنى بخلاف الوضع فإنّه یستدعی کون اللفظ منظوراً إلیه باستقلاله، ومن الواضح إنّه لا یمکن الجمع بینهما فی آن واحد»(1).

ثمّ وقع الأعاظم بعده فی حیص وبیص فی مقام دفع هذا الإشکال وأجاب کلٌّ بجواب، فأجاب بعض من تأخّر عنه بما حاصله: إنّ المستحیل هو اجتماع اللحاظین فی ملحوظ واحد، وفی ما نحن فیه متعلّق أحد اللحاظین غیر متعلّق الآخر، لأنّ اللحاظ الآلی متعلّقه شخص اللفظ، واللحاظ الاستقلالی متعلّقه نوع اللفظ من أی متکلّم کان(2).

ولکن یرد علیه: أنّ المفروض استعمال لفظ الحسن مثلا مرّة واحدة لا مرّتین، فیکون النوع والشخص موجودین بوجود واحد، فیبقى محذور اجتماع اللحاظین على حاله.

وأجاب بعض الأعلام فی تعلیقته على أجود التقریرات بما حاصله: إنّ هذا الإشکال وارد على مبنى کون حقیقة الوضع إنشاء، لأنّ الوضع حینئذ یتحقّق بنفس التلفّظ والإنشاء، وأمّا بناءً على مختارنا من کونه هو التعهّد والالتزام فیقع الوضع قبل الاستعمال بطبیعة الحال، لأنّ الالتزام یتحقّق قبل التکلّم، فلا یکون فی نفس الاستعمال لحاظان(3).

وفیه: أوّلا: ما مرّ من الإشکال فی أصل مبناه فی حقیقة الوضع.

وثانیاً: سلّمنا ـ إلاّ أنّ التعهّد المحض من دون الإبراز والإظهار لا أثر له لعدم إیجابه التفاهم فی الألفاظ الذی هو الغایة فی الوضع، ولا إشکال فی أنّ الالتزام مع الإبراز یحتاج إلى اللحاظ الاستقلالی مضافاً إلى اللحاظ الآلی، لأنّ إبراز الالتزام باللفظ یحتاج إلى النظر إلیه مستقلا، فیبقى الإشکال على حاله.

وأجاب عنه: فی تهذیب الاُصول بأنّه «یمکن أن یکون من باب جعل ملزوم بجعل لازمه ویکون الاستعمال کنایة عن الوضع من غیر توجّه إلى الجعل حین الاستعمال وإن التفت إلیه سابقاً أو سیلتفت إلیه بنظرة ثانیّة، وهذا المقدار کاف فی الوضع»(4).

أقول: کلامه هنا مناف لما صرّح به فی باب حقیقة الوضع، لأنّه قال هناک: إنّ الوضع نوع من الإنشاء، وإلیک نصّ کلامه: «الوضع هو جعل اللفظ للمعنى وتعیینه للدلالة علیه»(5).

ووجه التنافی إنّ الإنشاء والجعل یحتاج إلى تصوّر المجعول والمجعول له والنظر الاستقلالی إلیهما، فکیف یمکن أن یکون الاستعمال الموجب للوضع کنایة بحیث یصیر اللفظ الموضوع مغفولا عنه؟

فظهر ممّا ذکرناه عدم تمامیّة شیء من هذه الأجوبة الثلاثة، والتحقیق فی الجواب أن یقال: إنّ الإشکال فی المقام متوقّف على کون اللفظ آلة ومرآة للمعنى وفانیاً فیه، وهو ممنوع جدّاً لأنّ کلّ مستعمل للکلمات والألفاظ ینظر أوّلا إلى کلّ واحد من اللفظ والمعنى نظراً استقلالیاً، ثمّ یستعمل اللفظ فی المعنى کما هو واضح بالنسبة إلى من هو حدیث العهد بلغة، فإنّه إذا أراد مثلا استعمال لفظ «الخبز» فی معناه باللغة العربیّة یتفحّص ابتداءً فی ذاکرته الحافظة، ویختار من بین الألفاظ المخزونة فیها لفظ «الخبز» فینظر إلیه بالطبع نظراً استقلالیّاً کما ینظر إلى معناه أیضاً کذلک ثمّ یستعمل اللفظ فی معناه بعد ذلک ویقول: «هل عندک خبز؟». نعم یحصل له الغفلة عن اللفظ بعد استعمالات کثیرة وحصول السلطة على الاستعمال ولکن هذه الغفلة المترتّبة على تلک السلطة لیس معناها دخلها واعتبارها فی حقیقة الاستعمال وفناء اللفظ فی المعنى حین الاستعمال.

أضف إلى ذلک أنّ الاستعمال لیس من الاُمور الآنیّة بالدقّة العقلیّة بل یمکن إحضار معان متعدّدة فی الذهنّ أوّلا ثمّ ذکر اللفظ لإفادتها کما ذکرناه فی مبحث جواز استعمال اللفظ المشترک فی المعانی المتعدّدة، فظهر من جمیع ذلک أنّ هذا النوع من الوضع ممّا لا غبار علیه.


1. أجود التقریرات: ج1، ص33.
2. راجع مجمع الأفکار: ج1، ص70.
3. راجع أجود التقریرات: ج1، ص33.
4. تهذیب الاُصول: ج1، ص46، طبع مهر.
5. المصدر السابق: ص8، طبع مهر.

 

الأمر السابع: الحقیقة الشرعیّةبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma