ولکن علم الاُصول رغم هذا التوسّع والدقّة والظرافة فی طرح المسائل ـ مضافاً إلى التعمق التوغّل فی استکناه الحقائق ـ مازال بفتقد للنظام اللازم اللائق فی کیفیّة الورود والخروج فی المسألة ومنهج عرض المباحث.
ومن جانب آخر: فإنّ الکثیر من مسائله لم توضع موضعها الأصلی المناسب، الأمر الذی یثیر مشکلة جدیدة على مستوى تحریر محلّ النزاع فی المسألة والاستدلال علیها.
ومن جانب ثالث: هناک بعض النواقص والتفریعات الزائدة فی هذا العلم الشریف کانت مطروحة فی سالف الزمان، ممّا یُلزم المحقّقین الکرام فی الحوزات العملیّة بذل الجهد لرفعها وإصلاحها، فکأنّ الغواصّین فی هذا البحر (أعلى الله مقامهم الشریف) على رغم احاطتهم بمسائل هذا العلم وإعمال الدقّة والسعی الوافر فی تنقیحها کانوا ـ لشدّة اهتمامهم بالاُصول ـ یطرحون فی علم الاُصول کلّ مسألة مهمّة مرتبطة بالفقه والاستنباط بنوع من الارتباط ولم یبحث عنها فی موضعها المناسب، والذی أثار هذه المشکلة وشدّدها هو التنوّع البالغ والتفریع العجیب للمسائل الاُصولیّة، واختلاف مبادئها العقلیّة واُصولها النقلیّة.
ولکن هؤلاء الأعاظم ـ تغمّدهم الله تعالى فی رحمته وعنایاته، وجزاهم الله عن الإسلام وأهله خیر الجزاء ـ قد حرّموا علینا التقلید فی طلب الحقائق العملیّة، وأوصونا بأشدّ الجهاد وأوفر السعی لتفعیل هذا العلم وتطویره، ولذا نستمدّ من المولى سبحانه ونعمل على البحث عمّا فی مسائل هذا العلم کما یظهر فی رأینا القاصر.
