الأمر الخامس: اختلاف المبادىء فی المشتقّ

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوَار الاُصُول (الجزء الأول)
بقی هنا شیءبقی هنا شیء

(وهو من أهمّ الاُمور وتترتّب علیه ثمرات کثیرة فی الفقه).

إنّ للمشتقّ مبدأ وتلبّساً بذلک المبدأ، ویختلف أنحاء التلبّس بالمبدأ باختلاف المبادىء، ونذکر هنا ستّة أنواع منه:

النوع الأوّل: التلبّس بمجرّد الفعل کالجالس والقائم، فإنّ الجالس مثلا یطلق على من تلبّس بالجلوس ولو مرّة واحدة.

النوع الثانی: التلبّس على نحو الحرفة کالتاجر والکاسب، فإنّ التاجر مثلا یطلق على من تلبّس بحرفة التجارة ولا یکفی فیه مجرّد تجارة واحدة اتّفاقاً.

النوع الثالث: التلبّس على نحو الصنعة کالحائک والنسّاج، ففی النسّاج مثلا تکون الذات متلبّسة بصنعة النسج.

النوع الرابع: التلبّس على نحو المنصب کالقاضی والوالی، فإنّهما یطلقان على من تصدّى الولایة والقضاء.

النوع الخامس: التلبّس على نحو الملکة کالمجتهد، فإنّه لا یطلق إلاّ على من کان عنده ملکة الاستنباط.

النوع السادس: التلبّس على نحو الشأنیّة نحو «القاتل» فی قولنا «السمّ القاتل»، فإنّ القتل لم یصدر منه فعلا بل إنّما یکون فیه شأن القتل.

ثمّ إنّه لا إشکال فی وجود هذه الأنحاء المختلفة فی الواقع والخارج، و إنّما الإشکال فی منشأ اختلافها، فهل الاختلاف فی نفس المبادىء والموادّ، أو فی الهیئة، أو فی مرحلة الجری والنسبة الموجودة فی الجملة؟

ظاهر المحقّق الخراسانی(رحمه الله) هو الأوّل، وظاهر عبارات غیر واحد من المتأخّرین هو الثانی وحیث تفهّم الشأنیّة من هیئة لفظ «المفتاح» مثلا، وظاهر بعض إنّه یستفاد من الجری والنسبة الکلامیّة.

والحقّ هو التفصیل وأنّ کلّ واحد منها صحیح فی مورد خاصّ، فمثلا «التاجر» یکون التلبّس فیه على نحو الحرفة وکذلک «الزارع»، ویستفاد هذا من مادّة التجارة والزراعة کما لا یخفى، وأمّا أسماء الآلة فیستفاد التلبّس بالشأنیّة فیها من الهیئة لا المادّة، لأنّ هیئة اسم الآلة فی مثل المفتاح وهی المفعال إنّما وضعت للشأنیّة والاستعداد القریب، وأمّا مثل القاتل فإنّما یستفاد کیفیة تلبّسها من کیفیة استعمالها، لأنّا إذا قلنا «اجتنب عن السمّ القاتل» یدلّ المشتقّ فیه على الشأنیّة، بخلاف ما إذا قلنا «زید قاتل» لأنّه یدلّ على التلبّس بالفعل لا على التلبّس بالشأنیّة کما لا یخفى.

فظهر ممّا ذکرنا أنّ الانقضاء والتلبّس فی کلّ مورد بحسبه، فإذا کان التلبّس بالشأنیّة مثلا فلیکن الانقضاء أیضاً کذلک، کالمفتاح المکسور الذی خرج من شأنیّة الفتح.

ولعلّ هذا الاختلاف والتفصیل فی أنحاء التلبّس وأنحاء المبادىء صار منشأً للخلط والاشتباه فی کثیر من کلمات القوم، والأقوال الموجودة فی المسألة نشأت منها.

الأمر السادس: إنّ کلمة «الحال» فی عنوان البحث (هل المشتقّ حقیقة فی خصوص المتلبّس بالمبدأ فی الحال أو فیما یعمّه وما انقضى عنه المبدأ) یحتمل ثلاث احتمالات:

الأوّل: أن یکون المراد منه حال التلبّس، الثانی: حال الجری والنسبة، الثالث: زمان النطق.

أمّا الاحتمال الأوّل: فلا یمکن تصویره إلاّ على نحو سیأتی بیانه فی مقالة المحقّق العراقی(رحمه الله) ممّا توجب تغییر عنوان البحث فانتظر، لأنّه لا معنى لقولنا: هل المشتقّ حقیقة فیما تلبّس بالمبدأ فی حال التلبّس ...؟

وأمّا الاحتمال الثانی: فیمکن الاستدلال لکونه هو مراد الأعلام بوجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: إنّه لا إشکال فی کون الاستعمال فی قولک «زید کان ضاریاً أمس» أو «زید سیکون ضارباً غداً» مثلا حقیقة لا مجازاً مع أنّ زمان التلبّس فیهما لیس هو زمان النطق، فلو کان المراد من الحال فی العنوان هو حال النطق، کان المثال الأوّل داخلا فی محلّ الخلاف، والمثال الثانی مجازاً قطعاً.

الوجه الثانی: أنّ المشتقّ اسم من الأسماء ولا یدلّ الاسم على الزمان کما علیه اتّفاق أهل العربیّة، فلو کان المراد من الحال فی عنوان المسألة هو حال النطق کان النزاع لا محالة فی دلالة المشتقّ على زمان النطق وعدمه.

لا یقال: إنّ حال النسبة والجری أیضاً زمان فلا یدلّ علیه المشتقّ.

لأنّا نقول: المراد من عدم دلالة المشتقّ على الزمان عدم دلالته على الزمان الخاصّ على نحو الجزئیّة، وأمّا مطلق الزمان إجمالا فلا ننکر دخالته فی معنى المشتقّ وتقییده به، لأنّه لا بدّ للنسبة الموجودة فیه من ظرف وهو مطلق الزمان لا خصوص زمان الحال والنطق، فالدخیل فی المشتقّ هو کلّی الزمان سواء کان ماضیاً أو حالا أو مستقبلا.

الوجه الثالث: لزوم المجاز فی الموارد التی لا یکون فیها زمان کما فی الصفات المنسوبة إلى الله تعالى وفی ما ینسب إلى نفس الزمان نحو «الله عالم» أو «الأمس ماض».

أقول: لا تمکن المساعدة على الوجه الثالث لما مرّ من کون الاستعمال فی الصفات المنسوبة إلى ذات الباری من باب التجرید وفوق المجاز، فالعمدة فی الاستدلال هو الوجه الأوّل والثانی، وکلّ منهما تامّ فی محلّه.

أمّا الاحتمال الثالث وهو کون المراد من کلمة الحال زمان النطق فیمکن أن یستدلّ له بوجهین:

أحدهما: الاتّفاق على أنّ مثل «زید ضارب غداً» مجاز فهو دلیل على أخذ حال النطق فی قولک «زید ضارب» وإن قیّد «غداً» یوجب استعمالها فی غیر ما وضع له فیصیر مجازاً.

ثانیهما: إنّ إطلاق الکلام فی مثل «زید ضارب» یتبادر منه حال النطق، والتبادر دلیل على کونه مأخوذاً فی الموضوع له.

أقول: یمکن الجواب عن الوجه الأوّل بأنّا لا نسلّم کونه مجازاً إذا اتّحد زمان التلبّس مع زمان النسبة، نعم إذا کان زمان الجری فیها هو زمان النطق، وزمان التلبّس هو الغد فلا إشکال فی مجازیته، فإذا کان معنى الجملة إنّ زیداً متّصف بالضاربیّة الآن بملاحظة ضربه فی الغد کان مجازاً، وإن کان المراد من جملة «زید ضارب غداً» أنّ زیداً یضرب غداً، فیکون زمان النسبة والتلبّس کلاهما غداً، فهو حقیقة بلا إشکال.

ویمکن الجواب عن الوجه الثانی بأنّه سیأتی أنّا وإن قلنا بکون المشتقّ حقیقة فی المتلبّس بالمبدأ فی حال النسبة لا حال النطق إلاّ أنّه لا کلام لنا فی أنّ الظاهر فی صورة عدم القرینة اتّحاد حال النسبة مع زمان النطق وانطباقه علیه.

ومنشأ الانصراف إلى زمان النطق اتّحاده غالباً مع زمان النسبة، وإلاّ فإنّ المأخوذ فی الموضوع له هو زمان النسبة، والشاهد علیه کون الاستعمال حقیقة فی صورة افتراقها عن زمان النطق، کما إذا قلنا «زید کان قائماً» أو «سیکون قائماً».

إن قلت: إنّ تبادر زمان النسبة یتصوّر فیما إذا وجدت نسبة فی الکلام کما توجد فی «زید ضارب»، وأمّا فی مثل «أکرم العالم» فلا، لعدم وجود نسبة زمانیّة فی الإنشائیات، فلا یصحّ أن یقال إنّ المنصرف إلیه والمتبادر مطلقاً هو زمان النطق، وهذا یکشف عن کون المراد من الحال فی العنوان هو زمان النطق لأنّ الإنشائیات أیضاً داخلة فی محلّ النزاع، ویمکن أن یجعل هذا دلیلا ثالثاً للقول بأنّ المراد من الحال حال النطق.

قلنا: إنّ النسبة المبحوث عنها فی المقام هی الأعمّ من النسبة التامّة والنسبة الناقصة، وفی مثل «أکرم العالم» توجد الناقصة بین الإکرام والعالم، ویشهد علیه أنّ جملة «أکرم العالم» عبارة اُخرى عن جملة «إکرام العالم واجب» ولا إشکال فی أنّ نسبة الإکرام إلى العالم نسبة المضاف إلى المضاف إلیه، وهی نسبة ناقصة فاللازم على القول باعتبار النسبة أن یکون من یقع علیه الإکرام موصوفاً بصفة العلم فی حال الإکرام.

وهیهنا کلام للمحقّق العراقی (رحمه الله) وإلیک نصّه: «التحقیق أنّ الزمان سواء اُضیف إلى النطق أم إلى النسبة الحکمیة أم إلى التلبّس أم إلى الجری خارج عن مفهوم المشتقّ، لأنّ المشتقّ کسائر الألفاظ موضوع للمعنى من حیث هو بلا تقیید بالوجود أو بالعدم فضلا عن زمانهما، ویدلّ علیه أیضاً ما عرفت من أنّ المشتقّ مرکّب من مادّة وهیئة وأنّ المادّة تدلّ على الحدث، والهیئة تدلّ على نسبة ذلک الحدث إلى ذات ما، فلم یبق فی البین ما یمکن أن یدلّ على الزمان، مضافاً إلى أنّ أخذ التقیّد بحال النسبة والجری فی المفهوم یستلزم أخذ ما هو متأخّر عن المفهوم برتبتین فیه، ضرورة تأخّر رتبة الجری والنسبة عن المفهوم» (انتهى)(1).

أقول: کأنّه قد وقع خلط فی المقام، فإنّه لم یقل أحد بأنّ الزمان (بأی معنى کان) مأخوذ فی مفهوم المشتقّ الذی هو مفهوم اسمی، بل الکلام فی أنّه لا ریب فی وجود نسبة ناقصة فی المشتقّ، فإنّ العالم هو بمعنى «الذی ثبت له العلم» وحینئذ یأتی الکلام فی أنّ هذه النسبة لا بدّ أن تقع فی زمان مّا، فهل هذا الزمان الذی هو ظرف للنسبة الناقصة یجب أن یکون مطابقاً لزمان النسبة الکلامیّة أم لا؟، فإذا قیل: «رأیت عالماً أمس» هل یجب أن یکون تلبّس الذات بالعلم (أی النسبة الناقصة) أیضاً فی أمس الذی هو فی النسبة التامّة أم لا؟ فالقائل باعتبار حال التلبّس یقول: بوجوب مطابقة الزمانین زمان النسبة الناقصة وزمان النسبة التامّة، والقائل بالأعمّ یقول: بعدم وجوب التطابق.

وأمّا حدیث تقدّم اللحاظ وتأخّره فقد ذکرنا مراراً أنّه لا مانع من لحاظ المراتب المتأخّرة فی عالم التصوّر ثمّ وضع اللفظ للمطلق أو المقیّد، والتقدّم والتأخّر فی الوجود الخارجی لا دخل له بالتقدّم والتأخّر فی اللحاظ الذهنی.


1. بدائع الأفکار: ج1، ص165.

 

بقی هنا شیءبقی هنا شیء
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma