ما ذکرنا من الوجوه الأربعة لإثبات وجوب المقدّمة آنفاً لا ینافی مفاد التامّ منها ـ وهو الثلاثة الاُولى ـ ما اخترناه سابقاً من وجوب المقدّمة الموصلة، أمّا دلیل الوجدان فلأنّه حاکم على أنّ الإنسان المرید لإتیان ذی المقدّمة إنّما یرید مقدّماته لایصالها إلى ذیها کما لا یخفى، وأمّا الأوامر الغیریّة الواردة فی لسان الشرع فالقدر المتیقّن منها أیضاً وجوب الموصل من المقدّمات، فالقدر المتیقّن من مفاد قوله تعالى: (فَاسْعَوْا إِلَى ذِکْرِ اللهِ) إنّما هو وجوب السعی الموصل إلى ذکر الله لا مطلق السعی، وأمّا مقایسة التشریع بالتکوین فکذلک، لأنّ المباشر لذی المقدّمة فی الإرادة التکوینیّة إنّما یرید المقدّمات التی توصل إلى ذیها، وهو واضح فلیکن کذلک فی الإرادة التشریعیّة.
أضف إلى ذلک ما مرّ بالنسبة إلى المقدّمة المحرّمة للواجبات حیث قلنا هناک أنّ حرمة المقدّمة إنّما ترتفع فیما إذا کانت المقدّمة موصلة فقط، فکذلک فی غیرها.