الاحتمال الخامس فی کلمة «العصر» أنّ المقصود منها هو الإنسان، لأنّ الإنسان یمثّل عصارة عالم الوجود، ولذلک أقسم الله به فی هذه السورة.
إنّ الإنسان یملک امتیازات وخصوصیات کثیرة، منها:
أ) إنّه خلیفة الله على الأرض.
ب) إنّه مسجود الملائکة. لأنّ الملائکة سجدوا له بأمر الله تعالى.
ج) معلّم الملائکة. لأنّ آدم(علیه السلام) علّم الملائکة الأسماء بأمر الله تعالى، وبذلک حصل على مرتبة المعلّم للملائکة.
د) إنّ الله تعالى نفخ فیه من روحه.
هـ ) إنّ جمیع عالم الوجود مسخّر فی خدمة الإنسان، ولو تتبعنا آیات التسخیر فی القرآن الکریم وهی 15 آیة تقریباً، فسوف نرى أنّ الله تعالى سخّر جمیع الأشیاء والکائنات للإنسان.
ومع الالتفات إلى هذه المقامات والامتیازات للإنسان فإنّ الله تعالى أقسم به، وذلک لیدرک الإنسان قیمته الوجودیة فی عالم الخلقة لئلا یغفل عن أهمیّته وقیمته ولا یبیع نفسه بثمن زهید.
إذا عرف الإنسان قدر نفسه فسوف لا یبیعها بحطام الدنیا وزخارفها ولا یتلف عمره بالملذات الرخیصة والإدمان على المخدرات وطلب الجاه والمقام والسمعة وأمثال ذلک، والأشخاص الذین یبیعون أنفسهم بأثمان زهیدة حالهم حال الأطفال الذین یلعبون بأثمن جوهرة فی العالم فی الأزقة والطرقات ثم یبیعونها لتاجر المجوهرات مقابل قطعة من الحلویات والشکولات، ویقول الإمام علی(علیه السلام)فی هذا الصدد:
(لَیْسَ لاَِنْفُسِکُمْ ثَمَنٌ إِلاَّ الْجَنَّةَ، فَلا تَبیعُوهـا إِلاّ بِها»(1).
إنّ بعض الناس یتلفون عمرهم بالسعی والفعالیة ویطلبون المال والثروة من طرق الحلال والحرام فتکون حصیلة عمرهم دار فخمة ومجللة بقیمة 500 ملیون تومان مثلاً، وبعد وفاتهم یقع الاختلاف والنزاع بین الورثة، فمثل هذا الإنسان قد أضرّ بنفسه وبأهله، لأنّه باع نفسه الغالیة ببیت ثمنه 500 ملیون تومان، فی حین أنّ أقل ثمن لنفسه هو الجنّة، ورضا الله تعالى.
 

(1) . نهج البلاغة، الکلمات القصار، 456 .