وطائفة أخرى من المفسّرین، ذهبوا إلى أنّ الأقسام المذکورة ناظرة إلى العلماء والمفکّرین، فقد أقسم الله تعالى بهؤلاء العلماء وهم فی حالات وصفوف مختلفة لتقدیم الخدمة الفکریة والثقافیة للمجتمع البشری، فأقسم الله تعالى بالعلماء الذین یطردون الشیاطین من المجتمع البشری، ویعملون على القضاء على مؤامراتهم وإفشال مخططاتهم وإبطال وساوسهم، وبذلک یخلّصون الناس من شرّهم ویحفظونهم من مؤامراتهم، فالآیة تقسم بالعلماء الذین یذکرون الله دائماً ویسبحونه.
إنّ الرسالة الالهیّة التی قد نستوحیها من هذه الآیات الثلاث،: وطبقاً للتفسیر الثالث، هی أنّ العالِم لا ینبغی له أن یقف مکتوف الأیدی أمام مؤامرات قوى الظلام والانحراف، بل یجب أن یصدح بکلمة الحق ویعلّم الناس الفکرة الصائبة والعقیدة الصحیحة والسیرة الحسنة ویقودهم فی خط الهدایة والصلاح،
یجب علیه أن یستخدم سلاح القلم ویجیب عن شبهات المغرضین وزیغ الجاهلین وینقذ الشبّان المسلمین من متاهات الضلالة ومنزلقات الأفکار الهدامة، یجب علیه أن یتحرک على مستوى تدریس العلوم الإلهیّة التی استقاها من القدماء ونقلها إلى الأجیال اللاحقة، ویجب على العالِم أن یتحرک فی خط التصدی للشرور والآثام المعنویة والدینیة ولا یختار السکوت علیها، بل یبذل جمیع ما اُوتیَ من قوة وجهد وعلم فی سبیل التصدی لأشکال الانحراف والزیغ فی وعی الاُمّة وفی حرکة الحیاة والمجتمع.