ونستعرض هنا روایتین من الروایات الکثیرة الواردة فی ذم البخل:
1. یقول النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله):
«تَقُولُ لِلْغَنِیِّ: یـا مَنْ وَهَبَهُ اللهُ دُنْیـا کَثیرَةً واسِعَةً فَیْضاً، وَسَأَلَهُ الْفَقیرُ الْیَسیرَ قَرْضاً فَأَبى إِلاّ بُخْلا! فَتَزْدَرِدُهُ»(1). أی أنّ نار جهنم تقول یوم القیامة للثری البخیل: إنّ الله قد وهب لک ثراءً فاحشاً ودنیا واسعة إلاّ أنّک لم تساعد المحتاج ولم تعن الفقیر الذی طلب منک المساعدة، ثم إنّ النار تبتلعه.
2. وجاء فی روایة أخرى عن الإمام الهادی(علیه السلام) یقول:
«الْبُخْلُ أَذَمُّ الاَْخْلاقِ»(2).
فطبقاً لهذا الحدیث الشریف فمن بین الصفات الذمیمة والرذائل الأخلاقیة فإنّ البخل یعتبر أنکاها وأسوأها، ولهذا فلیس فقط أنّ المسلم لا ینبغی أن یکون بخیلاً، وأنّ المجتمع الإسلامی أیضاً لاینبغی أن یکون بخیلاً، بل یجب أن یکون متصفاً بصفة السخاء والجود والکرم، وطبعاً السخاء لا ینحصر ببذل المال للفقراء والمحتاجین بل إنّ هذا العمل المهم یعتبر مصداقاً وا حداً من مصادیقه، فالثری الذی یستثمر أمواله فی إنشاء مصانع أو شرکات أو مستشفیات وبذلک یساهم فی خلق فرص العمل للشبّان العاطلین وفی شفاء المرضى فهو أیضاً من أهل الجود والسخاء، وعمله هذا یعتبر نوعاً من أنواع السخاء، والعالم الذی یجیب عن أسئلة الناس وعن شبهاتهم ویحلّ لهم مشکلاتهم الدینیة وما یواجهونه من علامات الاستفهام فی حرکة الحیاة والواقع، فهو أیضاً متصف بصفة السخاء، والشخص الذی یملک جاهاً ومکانة اجتماعیة ویستخدم هذا الجاه وهذه المنزلة الرفیعة فی طریق رفع مشاکل الناس والتقلیل من معاناتهم وآلامهم فهو أیضاً سخی وجواد.
والخلاصة أنّ کل شخص یساهم فی مد ید العون للآخرین بالمقدار الممکن له، فإنّه إنسان سخی.
 

(1) . میزان الحکمة، باب 322، ح 1605 .
(2) . المصدر السابق، باب 231، ح 1581 .