معطیات تهذیب النفس فی الدنیا

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
أصل المعاقبة الثمار المعنویة لتهذیب النفس

ربّما یتصور البعض أنّ شجرة تهذیب النفس إنّما تؤتی ثمارها وأُکلها فی الآخرة فقط، والحال أنّ الأمر لیس کذلک، ومع قلیل من التأمل والدقّة یتبیّن أنّ هذه الشجرة المبارکة المثمرة تمنح برکاتها وخیراتها لصاحبها فی هذه الدنیا أیضاً، فلو أراد البشر فی العالم أن یعیشوا السکینة والطمأنینة والراحة، ویبتعدوا عن الحروب وسفک الدماء، وتکون دنیاهم خالیة من السجون والعقوبات، والمتاجرة بالمخدرات و الأسلحة الفتاکة التی تفتک بالمجتمعات البشریة، وبکلمة واحدة، إذا أراد البشر تحقیق المدینة الفاضلة المثالیة فی واقع حیاتهم ومجتمعاتهم فعلیهم بالالتزام الحقیقی والواعی بالقیم الإنسانیة وسلوک طریق الفضائل الأخلاقیة ومحاربة الأهواء والنوازع النفسانیة فی حرکة الحیاة والإنسان.
الیوم نرى أنّ المجتمعات الغربیة قد حذفت القیم الأخلاقیة من قاموسها وارتبطت بالأرض بعیداً عن آفاق السماء، وإذا تحدّثوا أحیاناً فی مجال الأخلاق فإنّهم یتحدّثون عنها على أساس کونها مسألة فردیة وشخصیة ولا ترتبط بطبیعة المجتمع وأبعاده المختلفة، ومن هنا ابتعدت هذه المجتمعات عن المُثل والقیم وباتت أبعد شیء عن المدینة الفاضلة التی دعا إلیها أفلاطون.
وعلى سبیل المثال نذکر هنا دستوراً أخلاقیاً من تعالیم الإسلام الأخلاقیة کمثال من عشرات الأمثلة فی دائرة المفاهیم والتعالیم الأخلاقیة فی الإسلام، فلو أنّ البشریة تحرکت على مستوى العمل بهذا الدستور الأخلاقی فإنّه من شأنه تغییر ملامح البشریة وإیجاد الحلول للمآزق والمفاسد العملیة التی تواجهها البشریة فی مسیرتها المعاصرة:
«جاء رجل إلى النبی(صلى الله علیه وآله) وأخذ بخطام ناقته، وقال:
«عَلِّمْنی عَمَلا أَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ».
ولعل بعض أصحاب النبی نظر إلیه شزراً لأنّ الوقت لیس وقت سؤال: ولکن رسول الله(صلى الله علیه وآله) أجابه:
«مـا أَحْبَبْتَ أَنْ یَأْتِیَهُ النّاسُ إِلَیْکَ فَأْتِهِ إِلَیْهِمْ، وَما کَرِهْتَ أَنْ یَأْتِیَهُ النّاسُ إِلَیْکَ فَلا تَأْتِهِ إِلَیْهِمْ»(1).
وکأنّ هذا الشخص کان یتوقع من النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أن یستمر فی حدیثه ولذلک ظلّ ممسکاً بلجام الناقة، فقال له النبی : «خلّ خطام الناقة». أی یکفیک هذا الدستور الأخلاقی لیقودک إلى الجنّة.
الواقع أنّ جمیع أفراد البشر فی العالم لو عملوا بهذه القاعدة الأخلاقیة فماذا سیحدث؟ لا شک فی أنّ الجنّة تتحقق على هذه الأرض وسنشاهد الجنّة فی هذه الدنیا لأنّ جمیع المصائب والمآسی وأشکال الاستعمار والتعدی على حدود الآخرین وسحق الطبقة الضعیفة، کل ذلک ناشیء من أننا لا نرى منافعنا ومنافع الآخرین بعین واحدة.
لو لم تکن أمریکا فی العالم وهی الشیطان الأکبر حقیقة، والتی أثقلت الدنیا حروباً ومآسی وأزمات کل ذلک لأنّها تفکر بمصالحها فقط، ومن أجل تحقیق هذه المصالح لا ترعوی من ارتکاب أیّة جریمة ومخالفة وتحاول نهب ثروات سائر الشعوب الأخرى، فلو تحرکت على مستوى إیجاد أوضاع مناسبة فی سائر بلدان العالم وتقویة إمکانات الشعوب الأخرى ودعم اقتصادها کما هو الحال فی داخل أمریکا وکما تهتم بنفسها، ألا تتغیر ملامح العالم بنحو أفضل؟
عندما یکون لتطبیق دستور أخلاقی واحد کل هذه البرکات والمعطیات الخیرة فی جمیع أنحاء العالم، فلا شک فی أن تطبیق جمیع تعالیم الإسلام ودساتیره الأخلاقیة، من شأنه إیجاد تحوّل عظیم فی واقع المجتمعات البشریة.
ونقرأ فی روایة أخرى قریبة من مضمون الروایة المذکورة، حیث ورد عن الإمام الصادق(علیه السلام) أنّه قال لمن سأله النصیحة:
«أوصیک بتقوى الله وبرّ أخیک المسلم وأحبّ له ما تحبّ لنفسک واکره له ما تکره لنفسک...»(2).
فإذا کنت تحب أن یدرس أبناؤک فی المدرسة، ففی صورة الإمکان ینبغی أن توفر مثل هذه الإمکانات لأطفال جارک الفقیر أیضاً، وإن کنت متألماً لمرض أولادک وأهلک فعلیک بأن تتألم وتتأسف لمرض أولاد الآخرین أیضاً، وتتحرک من موقع مداواتهم وعلاجهم بالمقدار الممکن.
النتیجة، أنّ الإنسان لا یمکنه أن یعیش الانسجام مع خط الرسالة والطاعة والقیم الإنسانیة إلاّ من خلال تهذیب النفس وتزکیتها.
 


(1) . میزان الحکمة، باب 550، ح 2550 .
(2) . بحار الأنوار، ج 71، ص 225 .
أصل المعاقبة الثمار المعنویة لتهذیب النفس
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma