التفسیر الثالث

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
التفسیر الثانی: المقدّسات التشریعیة والتکوینیة المحور الثانی: المقسم له


المقصود من «الطور» هو الجبل الذی تمّ فیه نزول الوحی على موسى بن عمران(علیهما السلام)، وأمّا «الکتاب المنشور» فطبقاً لهذا التفسیر هو «کتاب الأعمال». لأنّ کلمة «منشور» لم ترد فی القرآن سوى فی موردین فقط، أحدهما فی هذا المورد فی سورة الطور، والمورد الآخر فی الآیة 13 من سورة الاسراء، حیث یراد منه کتاب الأعمال:
(وَکُلَّ إِنسَان أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِی عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ کِتَاباً یَلْقَاهُ مَنشُوراً).
وطبقاً لهذه الآیة الشریفة فإنّ کتاب أعمال الإنسان ینشر یوم القیامة وکأنّ الآخرین یستطیعون قراءة هذا الکتاب، وهنیئاً للأشخاص الذین لا یصیبهم الخوف والهلع من قراءة الآخرین لکتابهم بل یسرّون من ذلک ویفرحون به، وتعساً لأولئک الذین یخشون الفضیحة فی ذلک الیوم وانکشاف أسرارهم وسیئاتهم.
النتیجة أنّه طبقاً للآیة محل البحث فالمقصود من الکتاب المنشور، الذی یقسم الله تعالى به فی هذه الآیة، هو کتاب الأعمال.
سؤال: لماذا أقسم الله بکتاب الأعمال؟ وهل کتاب الأعمال یملک هذا المقدار من الأهمیّة؟
الجواب: إنّ أهمیّة کتاب أعمال الأبرار والصالحین واضحة ولا تحتاج إلى بیان وشرح، وأمّا أهمیّة کتاب أعمال الفجّار والمجرمین فمن جهة أنّ الناس یوم القیامة یطلعون على هذا الکتاب ویطلعون على جمیع أسرار هؤلاء المجرمین، وهذا من شأنه أن یکون عاملاً على منع هؤلاء المجرمین من ارتکاب الجرم، و الشیء الذی یعیق الإنسان عن ارتکاب الذنب والمعصیة فهو شیء مقدّس ویمکن القسم به.
سؤال آخر: ماذا یکتب فی کتاب الأعمال؟
الجواب: إنّ الله تعالى یقول على لسان الأشخاص الذین تملکهم الدهشة والحیرة یوم القیامة من دقّة هذا الکتاب:
(مَالِ هَذَا الْکِتَابِ لاَ یُغَادِرُ صَغِیرَةً وَلاَ کَبِیرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا)(1).
وعلى ضوء ذلک فإنّ کتاب الأعمال یدوّن فیه جمیع الأعمال والأقوال الصغیرة والکبیرة للإنسان طیلة عمره، حتى الأعمال التی یراها الإنسان تافهة وغیر مهمة.
السؤال الثالث: ما هی حقیقة کتاب الأعمال؟
الجواب: إنّ معلوماتنا عن مسائل الآخرة وتفاصیلها لیست سوى مفاهیم کلیة وإجمالیة، وتفاصیل وجزئیات ذلک الیوم غیر واضحة لدینا، ونحن نعلم ونؤمن بوجود الجنّة والنار والحساب والکتاب وعرض الأعمال والثواب والعقاب بشکل عام، وأمّا جزئیات هذه الأمور فغیر واضحة، ولو أنّ القرآن الکریم سعى لبیان هذا التفاصیل والجزئیات فلعلنا لا نستطیع درک هذه الأمور، لأننا نعیش فی عالم أدنى من ذلک العالم العلوی، وعلیه فنحن نعیش فی عالم محدود وضیق ولا یمکن بکلماتنا وقوالب الألفاظ واللغات البشریة والتصورات الذهنیة المحدودة فی هذا العالم، بیان وفهم المفاهیم العالیة لذلک العالم، کما أنّ الجنین فی بطن أمّه الذی لا یفهم سوى الدم وغشاء الرحم المحیط به ومقدار الاوکسجین الذی یصل إلیه من خلال الدم، غیر قادر على إدراک مفهوم الشمس المشرقة والقمر المنیر وجمال الطبیعة خارج رحم الاُم حتى لو کان من الأفراد النوابغ مثل ابن سینا، وعلى هذا الأساس فإنّ جزئیات کتاب الأعمال وسائر المفاهیم المتعلقة بعالم الآخرة غیر واضحة لنا، ولکننا نعلم إجمالاً بها ونؤمن بهذه الأمور التی تقع فی الآخرة.
النتیجة: إنّ المقصود من الکتاب المنشور هو «کتاب الأعمال».
وأمّا «الکتاب المسطور» فقد فسّر بـ «اللوح المحفوظ»، ولکن یبدو وقوع خطأ فی هذا التفسیر، فمقصودهم من ذلک «لوح المحو والإثبات». لأنّ أی إنسان حتى الأنبیاء والأئمّة(علیهم السلام) لیس لدیهم علم بما فی اللوح المحفوظ، فعلمه یختص بالله تعالى، ومن هذه الجهة سمّی باللوح المحفوظ، ومهما یکن من أمر فإنّ لوح المحو الإثبات هو لوح کتبت فیه أخبار الماضی والحاضر والمستقبل، ولکنّ هناک شروطاً فی الإثبات والمحو، ومن هنا فهو قابل للتغییر، مثلاً إذا کتب فی لوح المحو والإثبات أنّ مصیر الشاب الفلانی سیموت فی حادثة معینة فی سن الشباب، ولکنّ هذا الشاب إذا وصل رحمه وأحسن إلى والدیه ورعاهما مثلاً فإنّ هذا العمل یوجب له طول العمر ویتغیر ما کتب فی لوح المحو والإثبات ویحذف من قائمة الشبّان الذین یموتون فی سن مبکرة.
وبتعبیر آخر، فإنّ لوح المحو والإثبات هو لوح المقتضیات ولم تذکر فیه الموانع والشروط، ولهذا فإنّ الأنبیاء کان لدیهم علم بما فی هذا اللوح، وأمّا اللوح المحفوظ، فإنّه ثابت وفیه أخبار ووقائع ثابتة وغیر قابلة للتغییر و التبدیل.
الخلاصة، طبقاً للتفسیر الثالث فإنّ المقصود من الکتاب المسطور هو «لوح المحو والإثبات».
أمّا «البیت المعمور» فبعض فسّره بالکعبة، لأنّ الکعبة هی البیت الذی بناه إبراهیم الخلیل(علیه السلام)، وهذا البیت یزدهر على مرور الزمان، مضافاً إلى أنّ هذا البیت معمور بالعبادة والمعنویة.
عندما یدخل المسافر إلى مکة والمسجد الحرام ویطوف بالبیت الحرام ویفکّر بما جرى لهذا البیت طیلة سنوات مدیدة بعد بعثة النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله)وکم من العظماء والشخصیات الکبیرة والأولیاء الذین طافوا بهذا البیت وعبدوا الله عنده، فإنّه سیعیش حالة السعادة والسرور لهذا التوفیق الإلهی الذی أنعم الله به علیه فی هذه العبادة.
وبالرغم من أنّ النبی إبراهیم(علیه السلام) ترک زوجته وابنه بأمر من الله تعالى فی هذه الصحراء المحرقة وبلا ماء وکلأ (إِنِّى أَسْکَنتُ مِنْ ذُرِّیَّتِی بِوَاد غَیْرِ ذِى زَرْع)(2)ولکن الآن لیس هناک أثر لتلک الصحراء الجافة فقد عمرت وتحوّلت إلى مدینة کبیرة تزدهر بالعمران الظاهری والمعنوی بحیث إنّ أفضل الفاکهة والبضائع فی العالم تنهمر علیها من کل حدب وصوب. على أیّة حال فالمقصود بالبیت المعمور طبقاً لهذا التفسیر هو الکعبة.
أمّا کلمة «مسجور» فی الآیة «البحر المسجور» فمن مادّة «سَجَرَ»، وسَجَر فی لغة العرب لها معنیان:
1. النار المشتعلة; فعندما یشعلون النار فی التنور یقال إنّه تنور مسجور.
2. الملیء، یقولون عن الحوض الملیء بالماء إنّه مسجور، وطبقاً لهذا المعنى فإنّ «البحر المسجور» هو البحر الزاخر بالمیاه، والعجیب أنّ میاه البحار والمحیطات على رغم المدّة المدیدة والحقب الزمنیة لم تقل نسبتها أبداً، لأنّ دورة الطبیعة تجعل المیاه المتبخرة من هذه البحار والمحیطات بسبب حرارة الشمس تعود إلیها مرّة أخرى، أجل فإنّ الله تعالى جعل من هذه البحار والمحیطات مصدر الطاقة والأغذیة للبشر، فعلى رغم أنّ البشریة تنتفع من هذه البحار والمحیطات آلاف الأعوام، إلاّ أنّ خیراتها وبرکاتها لم تقلّ شیئاً.
النتیجة، وطبقاً لهذه التفاسیر المختلفة لهذه الأقسام الخمسة الواردة فی بدایة سورة الطور، والتی ذکرنا ثلاثة تفاسیر منها، فالظاهر أنّ التفسیر الثانی هو الأنسب مع سیاق الآیات والمفاهیم والأکثر انسجاماً مع المفاهیم القرآنیة، لأنّه طبقاً لهذا التفسیر فإنّ الارتباط المنطقی بین هذه الأقسام والمقسم له أوضح وأکثر معقولیة.
 


(1) . سورة الکهف، الآیة 49 .
(2) . سورة إبراهیم، الآیة 37 .

 

التفسیر الثانی: المقدّسات التشریعیة والتکوینیة المحور الثانی: المقسم له
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma