سؤال: ما هو الغرض من بیان الأقسام الأربعة فی هذه السورة مع ما تقدّم من أهمیّتها وتفسیرها؟ وبعبارة أخرى لماذا أقسم الله تعالى فی هذه السورة الشریفة بأربعة أقسام جلیلة؟ وبکلمة ثالثة ما هو المقسم له فی هذه السورة؟
الجواب: یتبیّن الجواب عن هذه الأسئلة فی الآیات التالیة:
(لَقَدْ خَلَقْنَا الاِْنسَانَ فِی أَحْسَنِ تَقْوِیم * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِینَ * إِلاَّ الَّذِینَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَیْرُ مَمْنُون).
أجل، إنّ الله عزّوجلّ ومن أجل بیان قیمة الإنسان وإفهامه بقدره واعتباره، أقسم بهذه الأقسام الأربعة، کیما نعرف أنفسنا أکثر ولا نبیعها بأبخس الأثمان، إنّ الله تعالى وبهذه الطریقة یضرب لنا ناقوس الخطر وینبهنا إلى أمر فی غایة الأهمیّة وهو أن نعرف أننا درّة تاج المخلوقات، وأنّه وهب کل هذه النعم والخیرات للإنسان وسخر له سائر المخلوقات والکائنات، حتى نستطیع أن نتحرک بالاستفادة من هذه النعم والمواهب الإلهیّة فی معراج الکمال المعنوی والوصول إلى مقام القرب الإلهی، فالإنسان، الذی یراه القرآن الکریم ویرسم ملامحه، یعتبر أفضل المخلوقات وقد خلقه الله فی أحسن تقویم، وبإمکانه أن یصل إلى مراتب عالیة ومقامات سامیة بحیث لا یرى سوى الله، وبالتالی یکون خلیفة الله، ویعیش فی مرتبة القرب من الله، ولکن إذا لم یعرف الإنسان قیمته الوجودیة وغفل عن قیمته ومکانته فی عالم الخلقة فسوف ینحدر فی القوس النزولی إلى مرتبة دانیة ومنحطة إلى درجة أنّه یضحى أحقر من الحیوانات والأنعام، ویصل فی سقوطه إلى أسفل السافلین.