مضمون الأقسام الخمسة والمقسم له

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
المقسم له 1. أقسام سورة الذاریات


ما نستوحیه من الآیات المذکورة هو رسالة تربویة للإنسان، لأنّ أمر التربیة، وبخاصّة تربیة الإنسان، ولاسیما إذا کان الهدف تربیة المجتمع البشری بعامة، یحضى بأهمیّة بالغة، فالإنسان عندما یتأمل فی مضمون هذه الآیات الشریفة یعیش الإحساس العمیق بأنّ الله تعالى ناظر إلیه دائماً ومشرف على سلوکیاته وأعماله وأقواله، وحتى أنّه یعلم ما یجری فی خاطره وذهنه من العقائد والأفکار المختلفة، وهذا المعنى له أثر تربوی کبیر على سلوک الإنسان ومحتواه الداخلی فیما یفرضه من ضبط لکلامه وسلوکیاته وأن لا یتصرف بما یخالف التعالیم الإلهیّة والقیم الأخلاقیة، ولا یصادق أی شخص کان، ولا یقرأ أی مجلة أو صحیفة کانت، وأن لا یتناول أی طعام کان، ولا یسمع کل کلام، ولا ینظر لکل مشهد ومنظر، لأنّ جمیع حرکاته وسکناته مرصودة من قِبل ربّ العباد.
واللافت أنّ الله تعالى فی هذه الآیة (إِنَّ رَبَّکَ لَبِالْمِرْصَادِ) أشار إلى ثلاثة نماذج تاریخیة کمصادیق یستوحی منها الإنسان دروساً تربویة کثیرة.
وبدایة أشار إلى قوم عاد وقال:
(أَلَمْ تَرَ کَیْفَ فَعَلَ رَبُّکَ بِعَاد * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِی لَمْ یُخْلَقْ مِثْلُهَا فِی الْبِلاَدِ)(1).
وفی 34 آیة من آیات القرآن الکریم تحدّث القرآن عن قوم عاد، ویتحدّث فی کل مورد من هذه الموارد عن زاویة خاصّة لهؤلاء القوم، وطبعاً فإنّ هذه القصّة لم تسلم من أیدی الوضاعین والقصاصین وحالها حال سائر قصص الأنبیاء فی اختلاطها بالأساطیر والخرافات والموهومات، فلو أننا تحرکنا من موقع حفظ تاریخ الماضین من التلوث بهذه المجعولات المزیفة فسوف تبقى ناصعة ومتألقة وتتحول إلى سراج مضیء للسالکین فی مطاوی التاریخ وتتبدل إلى دروس ثمینة للأجیال البشریة فیما تفرزه من معطیات ومکتسبات إیجابیة فی حرکة الإنسان والمجتمع.
على أیّة حال فإنّ قوم عاد أقدم الأقوام البشریة التی عاشت فی هذه الدنیا، وکانوا یملکون أجساماً قویة وأبداناً ضخمة، وکانوا أصحاب حضارة راقیة، وأحد ملوکهم وسلاطینهم یسمى «شداد» والمعروف بجنّته، بل إنّه أراد مواجهة نبی زمانه وعزم على بناء جنّة على الأرض ودعوة الناس إلیها، لیعرضوا عن دعوة الأنبیاء الإلهیین وعن جنّتهم الاُخرویة.
فدعا إلیه مائة بنّاء ومهندس من أهل الخبرة والتجربة وحشد إلیهم ألف عامل من عمّال البناء والفلاحین، وأمرهم أن یبنوا له بستاناً عظیماً لا مثیل له وفیه من القصور والمبانی الجمیلة والرائعة، کیما یعتقد الناس بأنّ شداد هو إلههم وأنّ هذه الجنّة هی جنّته.
وهکذا أوشک بناء جنّة شداد على النهایة بعد أن أنفق فیها أموالاً طائلة، ولکنّه قبل أن یدخل إلیها کان الله له بالمرصاد، فأمر الریاح العاصفة بهدم هذه الجنّة وتخریبها، فما کانت إلاّ لحظة وهبت العواصف والأعاصیر على هذه الجنّة وقصورها الشاهقة وبقیت تعصف بها لمدّة سبعة أیّام بلیالیها، وقد کان الإعصار إلى درجة من الشدّة أنّهم بالرغم من قوّة أبدانهم وضخامة هیاکلهم کانت العاصفة ترفعهم فی الجو کالقشة فی مهب الریح وتلقی بهم فی مکان بعید.
أجل إنّ الله تعالى الذی جعل فی الریاح برکات کثیرة ومعطیات وفیرة لجمیع الأحیاء، فإنّه أمر هذه الریاح بإفنائهم وهلاکهم، وتشیر الآیة 6 من سورة الحاقة إلى سبب هلاک قوم عاد.
وانتهى عصر قوم عاد وحلّ عصر قوم ثمود، فتتحرک الآیات القرآنیة من موقع الحدیث عنهم وبیان تفاصیل حیاتهم وتقول:
(وَثَمُودَ الَّذِینَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ)(2).
ویتحدث القرآن الکریم فی 26 مورد عن هؤلاء القوم ویعکس زوایا مختلفة من حیاتهم، فهؤلاء کانوا إلى درجة من القوّة والقدرة أنّهم یقتطعون الصخر من الجبال الشاهقة وینحتون بیوتهم داخل هذه الجبال، لا من قبیل الغارات والکهوف بل یبنون قصوراً مجللة وفارهة: (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُیُوتاً فَارِهِینَ). وهذا یعنی أنّهم کانوا یعیشون تمدناً زاهراً وحضارة راقیة.
ولکنّهم تحرکوا فی خط الظلم والجور وسحقوا حقوق الضعفاء والبؤساء، فکان الله تعالى لم بالمرصاد، فأمر الصاعقة بإهلاکهم، وهکذا جاءت قطع السحب من السماء وهی تحمل معها الطاقة الکهربائیة من النوع الموجب، وأمرها بالاقتراب من مکان وموطن قوم ثمود، وبما أنّ الأرض ذات شحنة سالبة، فعندما اتصلت قطع السحب هذه بالأرض تولدت صاعقة عظیمة ورهیبة وأهلکت جمیع قوم ثمود. وتشیر الآیة 5 من سورة الحاقة إلى کیفیة عذاب هؤلاء القوم وإهلاکهم.
المورد الثالث من الأقوام الذین ذکرهم الله تعالى کمصداق للطغاة الذین استحقوا عذاب الله، قوم فرعون، وتتحدّث الآیات القرآنیة عن هؤلاء القوم:
(وَفِرْعَوْنَ ذِى الاَْوْتَادِ * الَّذِینَ طَغَوْا فِی الْبِلاَدِ * فَأَکْثَرُوا فِیهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَیْهِمْ رَبُّکَ سَوْطَ عَذَاب).
إنّ اسم فرعون ورد فی القرآن الکریم 76 مرّة، وفی کل مرّة تعکس الآیات الکریمة زاویة خاصّة ومفهوماً معیناً یستوحى منه الدروس والعبر.
«أوتاد» جمع «وتد» المسمار الکبیر الذی یستخدم فی تثبیت أطراف الخیمة، وقد ذکر له تفسیرین:
أ) إنّ فرعون الظالم کان یشدّ مخالفیه بأربعة أوتاد على الأرض، وقد کان الظالمون وحکّام الجور فی الأزمنة القدیمة یضعون مخالفیهم فی الصحراء الجافة وتحت أشعة الشمس المحرقة ویشدون أیدیهم وأقدامهم بالمسامیر ویترکونهم على حالهم هذا إلى أن یموتوا، أی أنّهم یستخدمون أشدّ أنواع التعذیب فی حق مخالفیهم إلى أن یموتوا، فی حین أنّ التعذیب حرام فی الشریعة الإسلامیة، ونقرأ فی النصوص التاریخیة أنّ الإمام علیّاً(علیه السلام)قال لأبنائه وکان رأسه الشریف مشقوقاً بسیف ابن ملجم:
«أُنْظُرُوا إِذَا أَنَامِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَة، وَ لاَ یُمَثَّلُ بِالرَّجُلِ، فَإِنِّی سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللّهِ(صلى الله علیه وآله) یَقُولُ: «إِیَّاکُمْ وَالْمُثْلَةَ وَ لَوْ بِالْکَلْبِ الْعَقُورِ»(3). فأین هذا الإمام العادل وأین حکّام الجور وسلاطین الظلم والظلمة؟
ب) إنّ فرعون کان یملک معاونین أشدّاء ووزراء أکفاء، وکان هؤلاء المعاونون والوزراء بمثابة الأوتاد القویة التی تثبّت حکومة فرعون وتحفظ تماسکها.
إنّ الله تبارک تعالى فی هذه المرّة أمر الماء، الذی یعدّ منشأ حیاة جمیع الکائنات الحیّة، بإهلاک هذا الظالم، وهکذا أقدم نهر النیل، الذی یعتبر مصدر تمدن المصریین وحضارتهم، وکان فرعوع یفتخر ویباهی الأمم بماء النیل، أقدم على اهلاک فرعون بأمر الله تعالى، وعندما رأى فرعون فی آخر لحظات حیاته معالم الموت أمام عینیه، أذعن للحق تعالى واستسلم لقدرته وأعلن عن استعداده للإیمان بموسى ودینه، ولکننا نعلم أنّ التوبة فی حین مشاهدة العذاب الإلهی أو ملک الموت لا تنفع شیئاً وتوصد أبوابها فی هذه اللحظات المصیریة، فینبغی قبل تحقق هذه اللحظات أن یفکر الإنسان بالتوبة والعودة إلى الله تعالى والإنابة إلیه.
إنّ الله عزّوجلّ عندما أشار إلى هذه القصص لهؤلاء الظالمین الثلاثة وعاقبتهم المخزیة ومصیرهم الألیم فإنّه یحذر جمیع المسلمین من سلوک طریق الظلم والعدوان والتحرک فی خط الانحراف والشر، لأنّه سیکون مصیرهم مثل مصیر هؤلاء الظالمین.
وینقل العالم المشهور ابن عباس، وهو المقبول لدى الشیعة والسنّة، حدیثاً شیّقاً ومثیراً عن موضوع المرصاد، وبالرغم من أنّ ابن عبّاس لم ینسب هذا الحدیث بصراحة إلى النبی الأکرم(صلى الله علیه وآله) أو أمیرالمؤمنین علی(علیه السلام)، ولکن ممّا لا شک فیه أنّه ینقل عنهما، لأنّ شخصاً مثل ابن عباس لا ینقل مثل هذه الأمور المهمّة عن غیر المعصوم، یقول:
«إِنَّ عَلى جِسْرِ جَهَنَّمَ سَبْعَ مَحـابِسَ، یُسْئَلُ الْعَبْدُ عِنْدَ اَوَّلِها شَهادَةُ اَنْ لا اِلْهَ اِلاَّ اللهُ، فَاِنْ جاءَ بِها تـامّةً جـازَ إِلَى الثّـانی، فَیُسْأَلُ عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنْ جـاءَ بِهـا تـامّةً جـازَ إِلَى الثّـالِثِ فَیُسْأَلُ عَنِ الزَّکـاةِ، فَإِنْ جـاءَ بِهـا تـامَّةً جـازَ إِلَى الرّابِعِ فَیُسْأَلُ عَنِ الصَّوْمِ، فَإِنْ جـاءَ بِهـا تـامَّاً جـازَ بِهـا إِلَى الْخـامِسِ فَیُسْأَلُ عَنِ الْحَجِّ، فَإِنْ جـاءَ بِهـا تـامّاً جـازَ إِلَى السّـادِسِ فَیُسْأَلُ عَنِ الْعُمْرَةِ، فَإِنْ جـاءَ بِهـا تـامَّةً جـازَ إِلَى السّـابِعِ فَیُسْأَلُ عَنِ الْمَظـالِمِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهـا...»(4).
ومع الأخذ بالحسبان مضمون هذا الحدیث الشریف، فإنّ دخول الجنّة لا یعتبر أمراً سهلاً ومیسوراً، بل یجب التحرک والسعی فی مسیرة الحیاة من موقع الإتیان بالأعمال الصالحة والأفعال الحسنة لنتمکن من قطف ثمار هذه الأعمال هناک.
 


(1) . سورة الفجر، الآیات 6 ـ 8 .
(2) . سورة الفجر، الآیة 9 .
(3) . نهج البلاغة، الکلمات القصار، 47.
(4) . بحار الأنوار، ج 8، ص 64 .

 

المقسم له 1. أقسام سورة الذاریات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma