سؤال: ما حکم القسم فی نظر القرآن الکریم والروایات الإسلامیة؟ وإذا کان هذا العمل غیر لائق للإنسان المسلم، فلماذا أقسم الله تعالى وفی موارد کثیرة فی القرآن الکریم؟
الجواب: إنّ القسم من أجل الأمور الشخصیة، إذا کان کاذباً فهو حرام، ویعد من الذنوب الکبیرة، وإذا کان صادقاً فهو مکروه کراهة شدیدة(1).
ولهذا السبب وردت توصیات عدیدة فی التعالیم والآداب الإسلامیة تنهى عن القسم مهما أمکن، وأساس هذا الحکم ما ورد فی الآیات القرآنیة، ومنها الآیة الشریفة 224 من سورة البقرة:
(وَلاَ تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لاَِیْمَانِکُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَیْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ).
فالآیة الشریفة هذه تنهى المسلمین عن القسم حتى فی أعمالهم الحسنة وتوصیهم بترک هذا العمل.
وقد ورد فی شأن نزول هذه الآیة الشریفة أنّه حدث نزاع بین صهر أحد الصحابة وابنته، وهذا الصحابی هو «عبدالله بن رواحة» ـ وقد توسط عبدالله عدّة مرات للصلح بینهما، ولکن فی هذه المرّة شعر بالارهاق والتعب من ذلک ـ حیث أقسم أن لا یتدخّل فی الإصلاح بین الزوجین، فنزلت الآیة تنهى عن هذا اللّون من القسم وتلغی آثاره(2).
لا ینبغی للوالدین أن یتدخلا فی جمیع شؤون أولادهم ویعرّضوا استقلالهم وشخصیتهم للخطر، ولکن عندما تحدث هناک مشاکل مهمّة فی حیاتهم بحیث لا یستطیع هؤلاء الأبناء لوحدهم حلّ هذه المشاکل، فلا ینبغی للوالدین أن یقفا موقف المتفرج، بل یجب علیهما مد ید العون لهم وتقدیم الحلول لتلک المشاکل فی حرکة الحیاة، على أیة حال فقد نزلت هذه الآیة بعد قسم عبدالله بن رواحة وعاتبته على ما صدر منه من القسم.
 

(1) . رسالة توضیح المسائل لسماحة آیة الله العظمى مکارم الشیرازی، المسألة 2304.
(2) . التفسیر الأمثل، ذیل الآیة المذکورة، نقلاً عن تفسیر مجمع البیان، ذیل الآیة مورد البحث; وتفسیر القرطبی، ج3، ص 97.