(وَالنَّازِعَاتِ غَرْقاً); قسم بمجامیع المجاهدین فی سبیل الله الذین ترکوا دورهم ومعیشتهم وزوجاتهم وأبناءهم وجمیع ملذات الدنیا وعزموا على الاشتراک فی الجهاد وقتال الأعداء.
(وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطاً); قسم بالمجاهدین الذین تحرکوا بعد العزم على الجهاد باتجاه میادین الحرب والقتال ونیل رضا الله تعالى.
(وَالسَّابِحَاتِ سَبْحاً); قسم بالمجاهدین الذین نشطوا فی حربهم وضاعفوا من سرعتهم وخطواتهم فی مواجهة الکفّار وقوى الانحراف والضلالة.
(فَالسَّابِقَاتِ سَبْقاً); قسم بالمجاهدین الذین تحرکوا لیس فقط من موقع اختیار طریق الخیر والفلاح بعزم قوی، بل یتسابقون فی مواجهة قوى الضلال والتقرب إلى الله تعالى والحصول على مرضاته.
(فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً); قسم بالمجاهدین المخلصین الذین ینطلقون فی حرکتهم الجهادیة من موقع التدبیر والتخطیط للمعرکة والعمل بمقتضیات میدان الحرب واستخدام التکتیک الخاص بکل منطقة وکل معرکة، وتقویة المتاریس لصد هجوم الأعداء ووضع نقاط مراقبة فی أطراف معسکر المسلمین، وکذلک نصب کمائن فی طریق العدو لمعرفة قواه وإلحاق أکبر الضرر بجنوده واستنزاف طاقته. والخلاصة أنّهم یتحرکون فی معرکتهم وجهادهم من موقع التخطیط والتدبیر لا من موقع التسرع والإنفعال.
وطبقاً لهذا التفسیر الثانی فإنّ الأقسام الخمسة ناظرة للمجاهدین فی سبیل الله وسلوکیاتهم وکیفیة جهادهم للأعداء.
وذهب البعض إلى أنّ الأقسام المذکورة ناظرة لخیل المحاربین المجاهدین فی سبیل الله، فهذه الخیل وعلى أثر دخولها میدان القتال وحملها لجنود الإسلام الشجعان ومشارکتها فی میادین القتال والشهادة، فإنّها تمتلک قیمة وأهمیّة کبیرة بحیث إنّ الله تعالى أقسم بها فی حالاتها المختلفة، کما ورد مثل هذا المضمون فی سورة العادیات حیث أقسم الله تعالى بخیل المجاهدین فی سبیل الله.
ولکننا نعتقد بأنّ الأقسام المذکورة لا سیما ما ورد فی القسم الأخیر منها (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) یرتبط بالمجاهدین المضحین فی سبیل الله لا بخیولهم، لأنّ الخیول لیست قادرة على التدبیر، بل إنّ المجاهدین هم الذین یتحرکون فی قتالهم للأعداء من موقع التدبیر، وبما أنّ الإسلام یعیر للجهاد فی سبیل الله أهمیّة بالغة، فإنّ الله تعالى لیس فقط أقسم بالمجاهدین بل أقسم بحالاتهم وأوضاعهم المختلفة فیما یخلقونه من مواقف ویسجلونه من بطولات فی میادین القتال.