السیر والسلوک

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
الأقسام القرآنیة
طریق تهذیب النفسالنظام الرباعی!

وقد ذکر بعض علماء الأخلاق عبارة «السیر والسلوک»، ومقصودهم من ذلک «تهذیب النفس». فمصطلح «السیر» یعنی الحرکة والانطلاق فی المسیرة المعنویة، ومصطلح «السلوک» یقصد به منهجیة الطریق، مثلاً نتحرک من عالم المادة باتجاه القرب إلى الله تعالى ونصل إلى مرتبة نحقق فیها رضا الله تعالى ورضانا عن الله تعالى، أی نصل إلى مرحلة ونقطة یکون فیها أهم مسألة وقضیة فی حیاتنا هی نیل رضا الله تعالى، ونصل إلى مرحلة یتوافق ویتحد فیها رضا وغضبنا مع رضا الله تعالى وغضبه.
وممّا لا شک فیه أننا إذا تحرکنا بهذا الاتجاه فی مسیرتنا المعنویة وبذلنا قصارى جهدنا وتحرینا الإخلاص فی هذا الطریق فسوف نصل فی النهایة إلى الغایة والمقصد، کما تقرر الآیة 6 من سورة الانشقاق:
(یَا أَیُّهَا الاِْنسَانُ إِنَّکَ کَادِحٌ إِلَى رَبِّکَ کَدْحاً فَمُلاَقِیهِ).
وقد طرح کل واحد من علماء السیر والسلوک المعنوی نظاماً خاصاً لهذا السفر الإلهی، والمقصد لجمیع هذه المناهج والطرق واحد وإنّ کانت الطرق مختلفة والوسائل متنوعة. وبدورنا نقبل أن یکون للإنسان السائر فی هذا الخط معلم أخلاقی یکتسب منه التعالیم التربویة والسلوکیات الأخلاقیة المستوحاة من الکتاب والسنّة.
وعلى هذا الأساس فإنّ الطرق والمسالک المنحرفة التی یطرحها بعض المدعین کالمتصوفة والتی لا تنسجم ولا تتناسب مع المعارف والتعالیم الدینیة، فإنّها لیست فقط لا توصل السالک إلى المنزل المقصود، بل من شأنها إبعاد هذا الشخص عن الله تعالى، وهذه الطرق والمناهج غیر مقبولة لدینا لأنّ أساس التصوف فکرة ضبابیة وعقیدة مشوشة ومشبوهة ویقصد بها خلق تیارات ومذاهب جدیدة فی المجتمعات الإسلامیة، فالأقوام والشعوب التی اعتنقت الإسلام کانت لدیها بعض العقائد والأفکار السابقة وقد عمل البعض على ادغامها فی تعالیم الإسلام وصناعة مذاهب جدیدة منها، فالبعض اقتبس أفکار الصوفیة من الهندوس والیونانیین، وبعد أن دخلت الشعوب المختلفة دائرة الإسلام عملوا على خلط هذه الأفکار المنحرفة بتعالیم الإسلام وأحکامه وشکّلوا منها الفرق الصوفیة، وجعلوا لهم مسلکاً خاصّاً لتهذیب النفس یخالف مسلک أولیاء الدین وأئمّة الإسلام، وقد تصدى لهذه الحرکة الإمام الصادق(علیه السلام) وأثبت بطلانها وانحرافها من خلال الأحادیث الکثیرة(1).
النتیجة، إنّ المسلک المشروع فی عملیة تهذیب النفس هو المسلک أو المنهج الذی یتوافق مع القرآن الکریم وروایات أهل البیت(علیهم السلام) ونکتفی هنا بنموذج واحد من هذه المناهج المقبولة:
هذا المنهج للسیر والسلوک یتشکل من ثلاثة أصول:
1. التوبة; فأغلب علماء الأخلاق یرون أن الخطوة الاُولى فی مسیرة السالک إلى الله تتمثّل فی التوبة من الذنوب والخطایا والعزم على إصلاح الخلل وجبران ما فات، وطبعاً للتوبة شروط مختلفة ومراحل متعددة ومقدمات عدیدة وبحوث کثیرة لا یسعنا بیانها فی هذا المختصر.
2. مکافحة الأهواء النفسانیة; الخطوة الثانیة فی هذا المنهج المعنوی یتمثّل فی «جهاد النفس» وعدم الاستسلام للأهواء والمیول النفسانیة، وهو الذی یعبر عنه رسول الله(صلى الله علیه وآله) بـ «الجهاد الأکبر»، وأحد أهم الأهواء النفسانیة والتی یولیها أرباب السیر والسلوک أهمیّة کبیرة فی مکافحتها والقضاء علیها، هی الأنانیة، وحبّ الذات، والفوقیة، والغرور وأمثال ذلک، فالأنانیة تعتبر الصنم الأکبر الذی یعیق مسیرة السالک إلى الله، وما لم یتحرک السالک على مستوى تحطیم وهدم هذا الصنم فإنّه لا یصل إلى مقصوده، ولو أنّه نجح فی ذلک وقضى على هذا الصنم فإنّ الحجب ستزول عن قلبه وبصیرته وتنکشف له أسرار الخلقة وحقائق عالم الوجود، فالأشخاص الذین نالوا التوفیق فی هذا الجهاد الأکبر فإنّهم یسمعون تسبیح الکائنات فی هذا العالم والتی یعتقد سائر الناس من أسرى عالم المادة أنّها صامتة، لأنّهم لا یملکون القابلیة على سماع هذا التسبیح الملکوتی.
عندما کان میثم التمّار فی الکوفة جالساً على شاطىء ینتظر الزورق الذی ینقله إلى الشاطىء الآخر سمع من تجاویف الریاح خبر موت معاویة، وذکر ذلک لمرافقه، فأین الکوفة وأین دمشق؟! وبعد مدّة تبیّن صحة هذا الخبر وأنّ معاویة مات فی ذلک الیوم الذی أخبر فیه میثم التمّار بهذا الخبر(2)،
وجاء فی الخبر عن إسحاق بن عمّار قال سمعت أبا عبدالله الصادق(علیه السلام)یقول: إنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) صلّى بالناس الصبح، فنظر إلى شابّ فی المسجد وهو یخفق ویهوی برأسه مصفرّاً لونه، قد نحل جسمه وغارت عیناه فی رأسه.
فقال له رسول الله(صلى الله علیه وآله): کیف أصبحت یا فلان؟
قال: أصبح یارسول الله(صلى الله علیه وآله) موقناً، فعجب رسول الله(صلى الله علیه وآله) من قوله وقال: إنّ لکل یقین حقیقة، ما حقیقة یقینک؟
فقال: إنّ یقینی یارسول الله هو الذی أحزننی وأسهر لیلی وأظمأ هواجری فعزفت نفسی عن الدنیا وما فیها حتى کأنّی أنظر عرش ربّی، وقد نصب للحساب وحُشر الخلائق لذلک وأنا فیهم، وکأنّی أنظر إلى أهل الجنّة، یتنعمون فی الجنّة ویتعارفون وعلى الآرائک متّکئون وکأنّی أنظر إلى أهل النار وهم فیها معذّبون مصطرخون وکأنّی الآن أسمع زفیر النار، یدور فی مسامعی.
فقال رسول الله: «هذا عَبْدٌ نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ»(3) إلى آخر الحدیث.
أجل، فعندما یکسر السالک صنم الأنانیة وحبّ الذات ویزیحه من قلبه، فحینئذ یتحرک فی طریق الانفتاح على الله تعالى ویواصل سعیه وحرکته فی هذا المسیر ویشاهد فی هذا الطریق العجائب، ومن الطبیعی أن یصل الإنسان إلى هذه المقامات العالیة، فکل من سار فی هذا الطریق یصل إلى هذه المقامات، سواء کان من العلماء أم من العوام، شیخاً أم شاباً، رجلاً أم امرأة، صغیراً أم کبیراً، وممّا لا شک فیه أنّ الشاب یملک قدرة أکبر على مواصلة هذا الطریق.
3. ذکر الله; الخطوة الثالثة فی منهج السیر والسلوک، الاهتمام بذکر الله، وأمّا کیفیة الذکر وما یقوله السالک من أذکار فغیر مهم، المهم هو أن یعیش هذا الشخص فی رحاب الذکر بشکل دائم، سواءً کان الذکر «الله أکبر» أم «سبحان الله» أم «لا إله إلاّ الله» أم «لا حول ولا قوّة إلاّ بالله» أم «الحمدلله» أم «الذکر الیونسی» أم أذکار أخرى، المهم أن یخرج الإنسان من أجواء الغفلة والضیاع إلى أجواء الذکر والیقظة، فالشیطان لا یجد له مجالاً للعمل فی نفس الإنسان الذی یکون دائماً یقظاً وذاکراً الله تعالى فی اللیل والنهار.
وعلى هذا الأساس فلا مانع من ذکر أی عبارة تتعلّق بذکر الله وتسبیحه، ولکن بشرط تکرار هذا التسبیح أو هذا الذکر ما أمکنک ذلک فی کل وقت وحال، فإنّ ذکر الله من شأنه تسکین خواطر الإنسان وتهدئة أمواج النفس المتلاطمة وإیصال سفینة الإنسان إلى ساحل الإیمان والوصول بالسالک إلى المقصود.
النتیجة، أنّ هذه الأصول الثلاثة للسلوک المعنوی وهی «التوبة»، «جهاد النفس والأهواء» و«ذکر الله» ضروریة فی عملیة الانفتاح على الرسالة الإلهیّة من موقع العمق الفکری والروحی والاستقامة العملیة فی خط الصلاح والخیر، وإخراج الإنسان من أجواء الغفلة والضلالة إلى أجواء المسؤولیة والإیمان والعبودیة.
 


(1) . کتبنا شرحاً مفصلاً عن العقائد الصوفیّة وانحرافها فی کتاب «علامات الحق».
(2) . سیماء میثم التمّار (بالفارسیة)، ص 75 .
(3) . أصول الکافی، ج 2، ص 53، کتاب الأیمان والکفر، باب حقیقة الإیمان والیقین، ح 2 و 3.

 

طریق تهذیب النفسالنظام الرباعی!
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma