فلو أنّ المسلمین یتحدون فی مواقعهم واطروحاتهم وأهدافهم ویضعون أیدیهم بأیدی إخوانهم، ویتخذون قرارات مشترکة ویوحدون مسیرتهم فی حرکة الحیاة والواقع، فإنّ ذلک من شأنه ارعاب أعداء الإسلام واهتزاز أدواتهم وتفتیت قواهم، وقد قال سیاسی غربی: «الویل للمسلمین إذا لم یفهموا معنى الحج، والویل لأعدائهم إذا فهم المسلمون معنى الحج»(1) أجل! فإنّ الحج بإمکانه إلحاق الهزیمة بالعدو وتفکیک قواه ودحر مؤامراته.
ولکنّ للأسف فإنّ المسلمین لم یلتفتوا إلى هذا الجانب المهم من الحج، بل أکثر من ذلک فقد منعوا طرح المسائل السیاسیة فی هذا المؤتمر العظیم!
إنّ أکبر صلاة جمعة فی العالم من حیث عدد المشارکین، صلاة الجمعة قبل توجه الحجاج إلى عرفات، والمتوقع من خطیب الجمعة فی هذه الصلاة الملیونیة أن یطرح قضایا المسلمین المصیریة، من قبیل احتلال فلسطین وجرائم إسرائیل وأمثال ذلک، ویدعو المسلمین إلى التفکیر فی هذه المسائل ویبیّن لهم وظیفتهم الإنسانیة والدینیة فی قبال هذه التحدیات التی تفرضهاقوى الظلم والظلام على المسلمین فی واقع الحیاة.
ولکن مع کثیر الأسف نرى أنّه لا أثر للبحوث السیاسیة فی خطبة الجمعة هناک، بل تطرح أحیاناً مسائل فی غایة التفاهة وقلّة الأهمیّة، من قبیل کراهة أکل البصل قُبیل التوجه إلى المسجد، وبعض البحوث التی تتعلق بالجنس ومسائل من هذا القبیل، ولو کان مکبّر الصوت فی صلاة الجمعة هناک بأیدی خطباء من الشیعة فإنّهم بطرحهم مسائل أساسیة وقضایا مصیریة فی تلک الخطبة الحساسة، یثیرون الأرض تحت أقدام أعداء الإسلام ویسلبونهم لذة النوم المریح وبخاصّة لأمریکا وإسرائیل.
 

(1) . مناسک جامع حج، ص 24 (بالفارسیة).